منتديات فرسان الثقافة - Powered by vBulletin

banner
النتائج 1 إلى 4 من 4

العرض المتطور

  1. #1

    بلاد العقلاء " قصة قصيرة "

    بلاد العقلاء
    قصة قصيرة واقعية
    أيمن خالد دراوشة - الدوحة – قطر
    *************
    جاء بعد طول انتظار ... هرول إلى الدنيا باكراً فلم يقض في بطن أمه سوى سبعة شهور ، قُذِفَ به إلى الدنيا وهو ما يزال بحاجة إلى المزيد.
    أمضى شهرين في بيت زجاجي يرعاه الأطباء باهتمام منقطع النظير ، وحنان الممرضات جعله قادراً على الاستمرار. صمد وقاوم كل أنواع الفيروسات وهزمها.
    خرج من المستشفى ولم يتجاوز وزنه وزن طائر صغير.
    مَرَّتْ سنتان ، نما كأجمل زهرة . عانى الكثير ، وحتى الآن لا يستطيع المشي . لكنه ما زال قادراً على الابتسام ، وإخراج لسانه لكل بليد وكسول ، فهو يضج بالحيوية والعنفوان كسمكة.
    فـي المستشفى الحكومي حيث وُلد وترعرع . اضطررنـا للعودة ، وهذا ما كان ، أما الطبيب فيراه خاملاً كسولاً ، ليس كعادته ، فيقول الطبيب أحتاج صورة طبقية لتحديد الحالة ، وبعد عمل الصورة غالية التكاليف ألقى الطبيب المعتد بنفسه نظرة على الصورة وقال وقد بانت على محياه ابتسامة الانتصار : كما توقعت ، ليست هناك أية فائدة منه ، فلا تضيعوا أموالكم هباء منثورا ثم هرول إلى خارج الغرفة متذمراً حيث يتكدَّس المرضى بالعشرات ؟!!!!
    عند هذا الحد حملت طفلي بعد أن أخذت صورتــــه الطبقيـة ، وعدت أجر أذيال الخيبة والانكسار...
    بعد هذه الحادثة الأليمـة قررت اصطحاب طفلي إلـــى الخارج ، فالأطباء هناك أكثر رحمة ، وأكثر تفاؤلا...
    رآه البروفيسور فرويد الذي شرع يفحص كل جزء فيه ، وكانت علامات الدهشة والحيرة ترتسم على وجهه ، والاضطراب والارتباك يسيطران عليه.
    توجَّست خيفة وصرخت بألم : ماذا هناك يا طبيب ؟ أحقا ما قاله ذاك الطبيـب البغيــض ، طفق فرويد يضحك بشكــل هستيري ، ويشير بأصبعـه إلى طفلي ويقول : طفـلك مجنـون ، مجنون ، مثلي تماماً!!
    عدنا إلى أرض الوطن ، وهبطنا إلى ديارنا كطائرين متحابين .
    في اليوم التالي عزمت على أن أقدم شكوى وأحصل على بعض الاستفسارات من دائرة العلاج . انطلقت ، وعند المدخل قابلتني موظفة مهذبة ، قالت لي : توجه إلى الطابق الثاني حيث الموظفة المسؤولة عن ذلك.
    دلفت إلى الداخل :
    - صباح الخير.
    لم تجب ، قلت : أريد أن أسأل سؤالاً واحداً فقط إذا أمكن.
    احتدَّتْ وصرختْ ورمتني بسيلٍ من الشتائم ، ثم قالت متذمرة : أنا لا أنظر إلى أية أوراق ، ولا أجيب عن أية استفسارات قبل يوم السبت.
    ابتسمت ، ونزلــت من خلال السلالم باحثاً عــن المدير ، فاليوم هو السبت على أية حال.
    وجدته يجلس على كرسيه المتحرك باعتزاز وأنفه ، وما أن بدأت أتكلم حتى نهض وشرع يزمجر : مها حق.
    قلت : كل ما طلبته إجابة عن سؤال لم أسأله بعد.
    - ماذا تريد ؟ لو كل مواطن يريد أن يسأل سؤالاً ، لامتلأ المبنى بالدهماء. هنا يوجد نظام ، وسيادتك ترغب في إضاعة وقـت الموظفين الثمين فـي أسئلة لا تهمني بشيء ، حقا إنكم شعب من المتسولين والمتحذلقين. أنا سئمت منكم كما أنني متعب ومرهق ، ....
    رجعت إلى بيتي ، وأخذت ما يكفي من النقود ، واشتريت تذاكر سفر.
    بعد أيام رحلت من بلاد العقلاء إلى بلاد المجانين.
    بعد شهور ، وبينما كنت ألقي درساً على طلابي ، اتصلت معلمة الطفل وهي تصرخ : ابنك يا أستاذ صعد إلى أعلى شجرة السنديان ، حاولنا بالترغيب والترهيب أن نجعله يهبط دون جدوى ، ضحكت وقلت لها : دعوه ، سيهبط حين يشعر بالحاجة إلى البحر.

    النهاية

  2. #2

    رد: بلاد العقلاء " قصة قصيرة "

    حاولنا بالترغيب والترهيب أن نجعله يهبط دون جدوى ، ضحكت وقلت لها : دعوه ، سيهبط حين يشعر بالحاجة إلى البحر.

    تحت بحاجة للحديث عمن لانوليهم الاهتمام الكافي...
    بورك القلم
    تثبيت
    [align=center]

    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    ( ليس عليك أن يقنع الناس برأيك ،، لكن عليك أن تقول للناس ما تعتقد أنه حق )
    [/align]

    يارب: إذا اعطيتني قوة فلاتأخذ عقلي
    وإذا أعطيتني مالا فلا تأخذ سعادتي
    وإذا أعطيتني جاها فلا تأخذ تواضعي
    *******
    لم يكن لقطعة الفأس أن تنال شيئا ً من جذع الشجرة ِ لولا أن غصنا ً منها تبرع أن يكون مقبضا ً للفأس .

  3. #3
    قاص ومترجم
    تاريخ التسجيل
    Oct 2009
    الدولة
    المغرب
    المشاركات
    1,153

    رد: بلاد العقلاء " قصة قصيرة "

    أخي أيمن
    أهلا بك وبإبداعك .
    تخلى الأب عن سؤاله ، وبقي سؤال النهاية ....
    نهاية تقول القليل والكثير ، وكأني بالأب بدوره أدرك أشياء لم يصرح بها لأحد، ولعله حقق السعادة وهو يرى الطفل سليما معافى ويتطلع للأعالي...
    نص مثير ولافت .
    تحيتي لك

  4. #4

    رد: بلاد العقلاء " قصة قصيرة "

    الأخت الأديبة ريمة الخاني والأخ حسن لشهب شكراً لكم على المرور والمتابعة المستمرة فمنكم أستفيد ومن إبداعكم استمد العزيمة والكتابة لكم تحياتي عسى أن أكون عند حسن الظن دوماً.

المواضيع المتشابهه

  1. "فرنسا 24" و"الحرة" … أو حين تتنكر "الدبابة" في ثوب "الميديا" كتبه شامة درشول‎
    بواسطة محمود المختار الشنقيطي في المنتدى فرسان المقالة
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 02-18-2015, 10:36 AM
  2. كتاب " الموكوس فى بلاد الفلوس" لـ محمود السعدنى
    بواسطة أسامه الحموي في المنتدى فرسان المكتبة
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 05-06-2013, 04:21 AM
  3. مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 09-13-2012, 08:03 AM
  4. مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 08-09-2012, 09:43 AM
  5. "فيسبوك" أكبر أداة تجسس عالمية.. و"ياهو" و"جوجل" واجهتان لـ"cia"
    بواسطة شذى سعد في المنتدى فرسان التقني العام.
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 10-21-2011, 07:52 AM

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •