رسالة من طالب علم إلى أستاذ
بسم الله الرحمن الرحيم
سلام الله عليكم أستاذي الكريم ورحمته عز وجل وبركاته
وبعد ...
الظاهر أن عدو الله إبليس قد نزغ بيني وبينكم أستاذي الكريم في هذا الباب .. إنه عدو مبين ...
ولتعلموا أستاذي الكريم أن الوضوح في سائر أعمالي منذ تذكري لنفسي هو غايتي، أما الغموض والتعمية والمراوغة، فأفعال أكرهها كرها شديدا، وأبغضها بغضا لا مزيد عليه، وهي بعيدة من طبعي بعد السماء عن الأرض، ثم ليس من عادتي أو هوايتي أن أكون سببا في خلق المتاعب لغيري، وليس من خصالي أن أسيء إلى من أحسن إلي ...
ولا أخفيك أستاذي الكريم ما شعرت به من ظلم جارف، وألم شديد، وأنا أقرأ ما حرصتم على صياغته بعناية من كلمات في رسالتكم، فقد تبادر إلى ذهني فور انتهائي من قراءتها بيت الشاعر طرفة بن العبد، عندما أنشد يقول:
وظلم ذوي القربى أشد مضاضة*على الفتى من وقع الحسام المهند
والذي آلمني كثيرا هو ما عمدتم إليه في حقي من رجم بالغيب، فذهبت بكم الظنون مذاهب شتى، في حين كان من باب الإنصاف والعدل أن تتبينوا حقيقة الأمر، قبل أن تستسلموا لسوء الظن بي، وأنتم أستاذي الكريم أعلم مني بمنطوق ومفهوم الآية الكريمة الثانية عشرة من سورة الحجرات، إذ يقول العليم الخبير:
"يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيراً مِّنَ الظَّنِّ، إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ"
وكم أحببت أن أراكم في هذا الموقف متمسكين بالحلم والتأني والروية، بدلا من جنوحكم إلى العجلة في الظن والتقدير، وبدل إسراعكم إلى تبني سوء النية، وكفى بالله شهيدا بيني وبينكم في مجريات وملابسات ما حدث ...
ولتعلموا أستاذي الكريم أنكم لو اطلعتم على صفاء طويتي وخالص نيتي، منذ أن حرصت الحرص الشديد على حضوركم مناقشة أطروحتي الجامعية، ومنذ أن سعيت السعي الأكيد لأوفر لكم تكلفة تذاكر السفر في القطار ذهابا وإيابا، على الرغم من ضيق ذات اليد، لرجوتم الله عز وجل أن يعود بكم إلى اليوم الثالث من شهر محرم عام 1426 من الهجرة، وهو التاريخ الذي حررتم فيه رسالتكم غير المنتظرة منكم، حتى تتمكنوا من استدراك ظنكم السيء في شخصي بعدم كتابتها، لكن الذي حدث حدث، وما شاء الله جل وعلا كان، وقد سبق في علمه ...
أما عزائي في ما لحقني من أذاكم أستاذي الكريم، فهو أني سأحتفظ برسالتكم المميزة بمحتواها ودلالاتها للذكرى، على الرغم من قسوة ما بسطتم فيها آثمين من عبارات وكلمات، ذلك لأنني أعتبرها بعضا من معاناتي الإنسانية وتجربتي الذاتية مع جميع ألوان الإكراهات التي تحف البحث الجامعي من كل جانب، وتكدر صفو الباحث الجاد، ومع مختلف أصناف العقبات الكأداء التي تقف وجها كريها في سبيلهما معا، وحسبي الله ونعم الوكيل، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم ...
لن أطيل عليك بدوري أستاذي الكريم، وأكتفي في متم هذه الرسالة بتقديم جزيل الشكر لكم على ما لقيتموه من نصب السفر وعناء المناقشة، والدعاء لكم بالهداية والرشاد، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
د. عبد الفتاح افكوح -
أبو شامة المغربي
aghanime@hotmail.com