أمام الحدود
شعر: ا.د. محمد اسحق الريفي
وقفت طويلاً أمام الحدودِ=أفتّش عن كُنه هذا الوجود
يداعب وجدي خيالٌ بديعٌ=فيهنأ ذهني بحلمٍ فريد
سرحت بعيداً كطيرٍ بريءٍ=يحلِّق في الجوِّ دون قيود
فودّعْت أمسي وجُرحَ فؤادي=ورحت أنادي غدي من بعيد
رأيت زماناً كئيباً يعاني=بدنيا تغصُّ بظلمٍ شديد
فأرسلت طرفي تجاه بلادي=أنادي رُباها بصوتٍ خريد
رأيت نقاطاً وألفَ جدارٍ=لضربِ حصارٍ وطوقٍ شديد
رأيت جريحاً وطفلاً يتيماً=حزنت لثكلى وشيخٍ قعيد
وطفل يجوبُ ركامَ المباني=يفتشُ عن أيِّ شيءٍ مفيد
يبيع بقايا حطامِ بُيوتٍ=ليكسبَ منها فتاتَ نقود
يتوق إلى أكل قطعةِ حلوى=وكرَّاسِ رسمٍ ولعبةِ عيد
وهذا عجوز تَقمَّمَ صبحاً=لينجوَ من جوعِ ليلٍ عنيد
وأسرى وجرحى وقتلى ودَقْعى=وثكلى تَلاعُ كطفلٍ شريد
وهذا مُعيلٌ يكابدُ فقراً=لقوتِ العيالِ بخبزٍ ثريد
رأيت قبوراً تضمُّ زهوراً=حلُمن طويلاً بعيشٍ رغيد
وذاك ضريحٌ طوى حلمَ جدٍّ=وآخرُ يطوي رفاتَ وئيد
رأيت خِصاماً يمزق شعبي=ويحجب صبحي كغولٍ مَريد
وهذي لصوصٌ تبيع دمائي=وقدسَ بلادي بمالٍ زهيد
وتذبح شعبي ليرضى عدوِّي=وتنعمَ زوراً بحكمٍ وطيد
وهذا عدوي يعيثُ فساداً=يدنسُ أرضي سَليلُ القرود
فضجَّ خيالي وسافرَ طرفي=يناشدُ قومي لهجرِ الصدود
توسلت قومي وأبناء ديني=وصحت عليهم بصوتٍ هديد
فتحتم بلادي لكل الأعادي=خذلتم فلسطينَ أرضَ الجدود
فتحتم مواخير عُهرٍ ليأوي=إليها بأمنٍ عتاةُ اليهود
فيا ويح قومي وماذا دهاهم=أضنُّوا علينا بتلك الحشود
أطعت ضميري سللتُ سيوفي=ورحتُ أكسِّر ذلَّ القيود
تسنَّمت وحدي صِهَاءَ المعالي=تسوَّرت أسوارَ تلك الحدود
ألملمُ شملي وأوقظُ قومي=وأرنو إلى صبح يومٍ جديد
4/5/2010