وزير الثقافة والإعلام وعد بإصدار لائحة تفصيلية توضح النظام..
جمعية حقوق الإنسان تناشد الملك "إعادة النظر" في تعديلات نظام المطبوعات وقانونيون وإعلاميون يتحدثون عن "التقييد" ويصفون العقوبات بالمخيفة جداً..
ناشد نائب رئيس الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان الدكتور صالح الخثلان خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز بإعادة النظر في نظام المطبوعات والنشر الجديد، والتعديلات التي طرأت عليه من أجل المصلحة العامة.
وأكد بحسب صحيفة الحياة أن خادم الحرمين الشريفين «هو من بدأ المشروع الإصلاحي الكبير، ومن المفترض أن ينظر على ما يجري على الساحة المحلية أو الدولية في إطار هذا المشروع الإصلاحي، ويجب أن تتخذ إجراءات داعمة للأنظمة والسياسات لما يخدم الإصلاح».
وأضاف أن جميع الأنظار تتجه إلى السعودية دائماً، «ومثل تلك القرارات التي تقيد حرية التعبير عن الرأي في هذه الظروف التي يعيشها العالم كله بمزيد من هامش الحرية وهامش التعبير سينعكس سلباً على سمعة السعودية، وسيكون له الأثر غير الإيجابي على محاربة الفساد وتصحيح الأخطاء والممارسات الخاطئة في كثير من الجهات الحكومية لدينا».
وتخوف الخثلان من أن تؤدي التعديلات إلى تحفظ الكثير من كتاب الأعمدة الصحافية عن مناقشة الكثير من الملفات خشية الوقوع تحت مخالفات معنوية أو مادية، مشيراً إلى انه «كان من المفترض ألا تستعجل اللجنة المكلفة بتعديل نظام المطبوعات والنشر، كما كان من المفروض اخذ وجهات النظر الأخرى كجمعية حقوق الإنسان وهيئة الصحافيين السعوديين وبعض الجهات الأخرى للمشاركة في إعادة الصياغة.
ورأى نائب رئيس الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان أنه من خلال متابعة الجمعية في الفترة السابقة للصحف والمواقع الالكترونية الإخبارية «لم نسجل ما يسيء إلى شخصيات أو علماء في الدولة»، واستطرد: «إن وجدت في المنتديات فهذا أمر خاص ليس له علاقة بالنشر»، مشيراً إلى أن ما جاء في التعديلات على نظام النشر هو محل استغراب وسيقيد إصلاح المؤسسات الحكومية «كونك لن تناقش ولن تسائل المسؤولين بصفتهم».
وأشار إلى أن مكانة العلماء وهيئة كبار العلماء وكبار المسؤولين في الدولة محفوظة «ولن يقبل أحد المساس بشخصهم»، مؤكداً أن النقد الموجه بهدف الإصلاح، ويفترض أن يتم تشجيعه وإعطاؤه مساحة خصوصاً في هذا الوقت، مشيراً إلى انه في الوقت الذي نجد فيه المنطقة كلها تتوجه إلى مزيد من الانفتاح «نأخذ نحن في السعودية مساراً معاكساً، وهذا الأمر لا يخدم السعودية لا داخلياً ولا إقليمياً ولا دولياً».
من جهة أخرى أجمع قانونيون على أن التعديلات الجديدة التي طاولت نظام المطبوعات والنشر «مقيدة»، وتحد من الحرية الإعلامية بشكل كبير، معتبرين أنها تحتوي على الكثير من السلبيات والثغرات القانونية، موضحين أن الكثير من الناس يصعب عليهم توصيل شكاواهم ضد بعض الجهات الحكومية إلى الجهات العليا، وبالتالي يتّجهون إلى الصحافة والإعلام عموماً، إلا أن التعديلات قد تصعّب وصول الشكاوى حتى عن طريق الإعلام.
واعتبر المستشار القانوني عبدالعزيز القاسم التعديلات «انتهاكاً لحريّة التعبير، فهي مخالفة صريحة لمبادئ الحرية»، وقال : هذه التعديلات تتجاهل المبادئ الإعلامية، لذا فهي لا تعد تشريعاً، لكونها تفتقر إلى المعايير الواضحة التي ارتكزت عليها، والأساس الذي بنيت عليه العقوبات». ورأى المستشار القانوني محمد السنيدي أن التعديلات بحاجة إلى تحديد بعض الضوابط وإصلاح بعض الثغرات، مشيراً إلى أنها احتوت على نقاط غير واضحة وجاءت بشكل عام.
وأضاف لـ«الحياة»:» البنود عامة وغير واضحة، وعلى اللائحة التنفيذية أن تفصّل كل مادة صادرة بشكل دقيق وواضح، ولا بد من أن تعطى الأمثلة على كل منها، فمثلاً ما المقصود بمنع نقل وقائع التحقيقات والمحاكمات؟ هل منع تصويرها أو صكوكها أو التصريح حولها.
وتساءل عن كيفية محاسبة السعودي الذي يرتكب مخالفة إعلامية خارج المملكة، «إذا كان القاضي ليس له ولاية على أملاك مواطن خارج السعودية، فكيف تتم محاسبة من يكتب خارج السعودية؟،
فمن غير المعقول محاسبة كل من يتحدث في الخارج، كما يجب تحديد ضوابط النقد البناء وغير البناء، فالآراء مختلفة حول ذلك، وفي حال تفسير اللائحة التنفيذية للتعديلات، وأوردت أموراً إضافية ومخالفة لنص الأنظمة الصادرة، فإنه يجوز الاعتراض عليها، وبالإمكان أن تطلب الصحافة إعادة النظر في ذلك»، منوّهاً بأن من حق أي مطبوعة أن تنشر ما يدين أي جهة، طالما أن لديها الوثائق الرسمية.
بدوره، اعتبر المستشار القانوني عبدالله الحبردي أن التعديلات «جاءت بشكل متسرع ومن دون دراسة متأنية»، لافتاً إلى أنها بحاجة إلى مزيد من الدرس. وأضاف: «هذه التعديلات جاءت امتداد للأمر الملكي الذي نص على تعديل نظام المطبوعات، ولا شك أن نظام المطبوعات والنشر يختلف من دولة لأخرى بحسب الخصوصية.
من جانبه أبدى رئيس تحرير صحيفة الوطن سابقاً جمال خاشقجي «تخوّفه» من بعض بنود التعديلات الجديدة على نظام المطبوعات والنشر التي أعلنت أول من أمس، مشيراً إلى أن مضاعفة الغرامات إلى عشرة أضعاف تعتبر أمراً «مخيفاً جداً».
وأكد أن رؤساء التحرير يحتاجون إلى مزيد من المعلومات حول الغرامة المالية التي ارتفعت عشرة أضعاف، «لأن الصحف السعودية تغرّم سنوياً، ومضاعفتها بهذا الشكل سيقضي عليها»، مشيراً إلى احتمال أن يعقد اجتماع بين رؤساء التحرير ووزير الإعلام لإعادة النظر في أمر المخالفات.
وعن نظرته لمستقبل الصحافة السعودية بعد التعديلات، قال: «اعتقد أن التخوّف سيكون موجوداً، لأن بإمكان المدعي العام أن يستخدم ما شاء من هذه القرارات».
مضيفاً: «ربما يفهم من مقالة تتعرض للفقر في أحد مناطق المملكة على أنها تهدد الوحدة الوطنية، وهذا شيء يحتاج إلى النظر فيه».
وشدد على أن البنود الجديدة ستزيد التوسع في قراءة السطور أثناء نشر الأخبار والمقالات، وزاد: «على رغم هذا لا أتوقع أن تتراجع حرية الصحافة في المملكة، لأن خادم الحرمين الشريفين مؤمن بدورها وأهميتها».
لكن خاشقجي يرى أن جانباً إيجابياً في التعديلات الجديدة «القرار أكد على حقوق الناس الاعتبارية، ولا فرق بين مفتي البلاد وشخصية عادية، لأن من يخطئ سيتعرض للمحاسبة».
وأشار إلى أنه استخلص من القرار أن «لا حرج في مناقشة المفتي أو أي موظف في البلاد بشكل محترم، بحيث لا يتعرض لشخصه بالمساس أو الإساءة، وإنما يكون حواراً بناءً وهادفاً، بخلاف ما هو متصور من أن الانتقاد ممنوع».
من جهتها، ترى الكاتبة الصحافية سارة الخثلان أن تعديلات قانون المطبوعات والنشر التي أعلنت أمس، عادت بالصحافة والإعلام إلى ما وصفته بـ «المربع القديم»، وأكدت أنها «تحدّ من حرية الإعلاميين وتثير التخوّف من الانتقاد خشية تعرضهم لعقوبات غليظة».
واعتبرت أن التعديلات تضع الصحف الورقية في مأزق، «نحن في عصر الإعلام الجديد الذي يتمتع بالحرية المنفتحة من دون تقييد، ما يجعل الصحافة الورقية تقع في مأزق كبير، وبخاصة أن تسلسل العقبات سيقضي عليها، في الوقت الذي تصارع فيه للبقاء والمنافسة».
وأضافت: «أنا متفاجئة من هذه التعديلات، وبخاصة أن سقف الحرية ارتفع في الأعوام الأخيرة الماضية بشكل كبير في الصحافة السعودية، ونحتاج إلى المزيد من الحرية لا إلى التضييق».
لافتة إلى أنها تتمنى أن يعاد النظر في بعض المواد حتى لا تتلاشى الصحافة الورقية نهائياً.
وزير الثقافة والإعلام الدكتور عبدالعزيز خوجة من جهته رفض وصف تعديلات نظام المطبوعات والنشر بـ«المقيدة» للإعلاميين، وقال: «أتحدى أن تكون تعديلات نظام المطبوعات والنشر مقيدة للعاملين في الإعلام»، مؤكداً أنه «لن يكون هناك مستقبلاً أي تقييد، بل على العكس؛ ستكون التعديلات مساعدة وحامية للجميع».
وكشف خوجة عن عزم الوزارة إصدار لائحة تفصيلية حول التعديلات التي أجريت على نظام المطبوعات والنشر، مؤكداً أنها «سترى النور قريباً.
نحن منكبون حالياً مع عدد من المستشارين القانونيين على إعداد اللائحة، ليصبح النظام أكثر وضوحاً للجميع».
منقول