السلام عليكم
سؤال مشروع يضع حدا فاصلا في عالم التربية الصعب والذي يحسم سؤالا أهم:
لم لا يملك فلان قرارا يخص حياته وحده؟ هل هذا ينطبق على الحالات التربوية الفردية ؟أم تعداها لنسيج مجتمع كامل هرب لمسارب اخرى هربا من الضغط والفرض؟
ففي عالم اتخاذ القرارات الحاسمة والهامة ,تظهر عيوب الشخصيات وخفاياها.
يقول محمد بن علي المحمود
يعاني الإنسان المتفرد، في المجتمعات التقليدية خاصة، من سلوكيات الوصاية الثقافية بأطيافها المتعدد، والمتباينة أحياناً، بحيث تصبح هذه السلوكيات المتعينة في الحراك الاجتماعي، والآخذة بتلابيب الوعي الجمعي، وسائل قمع، واضطهاد، ونفي، وإلغاء.
إن هذه الجناية تطال - بلا ريب - العقل الإنساني، حينما تمنعه من ممارسة حقه المشروع في التلقي والتفكير، ومن تشكيل رؤاه الخاصة، وفق طبيعته الخاصة المتفرد بها من بين جميع البشر.[1]
********
وهنا تظهر علامة مهمة:
-إن كان القرار غير مصيري وحساس لم لانترك النشء يتخذون قراراتهم بأنفسهم كي يجنون نتائجها ويتعلمون منها؟.
وهناك حد فاصل رقيق ما بين الوصاية والعناية من بعيد؟.
ان نترك لمن ربيناه حرية القرار في حياته وإشراف من بعيد, لكن أن نحجر على رأي من نربي فنجعله أسيرا لنا لأننا ربيناه هذا هو الجرم الحقيقي.
كم من الضحايا الذين باتوا :إما متمردين متأخرين تاهو عبر دهاليز الحياة وقبلوا بهزيمتهم تجاه تخبطهم, وبين من رضي بان يكون أسيرا للأهل يشرب قيدهم وشيق أفقهم برضى!!!وهذه هي الكارثة الكبرى.
أمثلة:
إرغام الولد على ترك مدرسته ودخول عالم العمل بالسخرة لإعالة العائلة.
إرغام الطالب على دخول جامعة لا يحبها.
إرغامه على الزواج ممن لا يحب ويفضل.
ترك ما تعلق به على مدى زمني طويل بلا سبب وجيه مقنع له على الأقل.
ترك الطفل لعوادي ازمان والإهمال, واهتزاز الثقة بالنفس من علامات الإهمال العاطفي والتربوي.
لا تظهر علائم هذا المرض إلا عندما يكون الشاب قد فقد المقدرة على اتخذا القرار بعيدا هن الأهل, وهذا عيب نفسي محبط يجعله يترك حياته نهبا لقرارات الأهل الذي لا يدركون حاجته وما يفيده بعد ان يكبر.
واحيانا يرزقه الله بزوجة تفطن لعيوبه وتحاول مساعدته لكن عندما يفقدها مثلا, ستترك الأثر الذي لم يكن موجودا بحضورها وهذا ينطبق دوما على الفرص التي يضيعها قبل أن يفطن لأهميتها.
تقول الخبيرة التربوية: ميسم الحكيم:
- عندما يغيب أمر أو شخص كان قد تعلق به هذا النوع من الأفراد, يكون هو العامل المؤثر فيه ,أكثر منه عندما كان حاضرا وبقوة في حياته.
-وقالت: عندما نتخذ قراراتنا بعاطفتنا فقط, إما أن نندم لاحقا, او نكون غائبين عن دراسة العواقب التي قد تحدد مصيرنا حال القرار المتسرع(وهذا ينطبق على الاهل والاولاد عموما في سلوكياتهم).
وهنا نتفهم أبعاد هذا السلوك التربوية العاطفي بغير موضوعية ولا منطق...
وهذا نطلق عليه: دروس الحياة التي تعلمنا بمطباتها التي ستصقل عوجنا وتجعلنا إما أفضل او أسوا بقدر ردة فعلنا تجاهها.
عموما شخصيات مورست عليها الوصاية تظهر لنا أبعادها كالتالي:
هي شخصية فاقدة لحس المبادرة, للمقدرة على حل مشكلاتها بنفسها, على حل خلافات تجري حولها, متمردة في موضع لا يحتاج إلا للحكمة, مستكينة في موضع يحتاج للشجاعة.[2]
تحمل متناقضات في داخلها نزاع لا يهدأ بين ما تريد وما يريدون.. وفي النهاية يتمته بجلد الذات وبالنقد المقصود منه تجريحه, لأنه لا يملك ثقة عالية بالنفس وقد ادمن الاستعانة بظل من حوله مهما ظهر عليه قوة الشخصية شكلا كحضور شكلاني.
هي شخصية اتكالية عموما, تابعة, متكئة عمن تجد منه فرجا ومخرجا, وشخصية كتلك تضمر أكثر مما تفصح, معرضة لأمرين, إما الفشل او الانحراف, وفي كلا الحالتين هي تنشد التميز, ولا تميز إلا بالإنجاز والنجاح الذي تفتقد له.
لذا نجدها في شطر من حياتها لا استقرار فيها ولا راحة ولا أمان, هي شخصية مترددة لا دواء لها سوى الدفع لاتخاذ قرارها بنفسها بتركها تواجه مصيرها بنفسها وتقبل ما ينتج عنها, ولو وصلت لطريق مؤلم لكنها كما أسلفنا ستجد في الوقوع او الإنجاز تجربة جديدة متفردة تزيد من حالة الاستقلالية المنشودة.
كانت هذه قراءة انطباعية عن الشخصية غير المستقلة والتي كانت نتاج الوصاية القاسية بهدف نبيل, فالهدف النبيل لا يعني ان أدواتنا مناسبة أبدا, وفي حين يعتقد الأهل انهم اعتنوا بها بينما هم مارسوا الوصاية لدرجة السحق والاستعباد حتى بات الخروج عنهم من قبل الضحية ذاتها من المصاعب.
فرفقا ببعض جيل لا يغرنك انطلاقه اللافت ,فقد يكون هروبا أو ثأرا لقديم أو ....
الخميس 30-2013
[1]http://www.alriyadh.com/2004/04/01/article16094.html
[2] لمراجعة موضوع حل المشكلات شخصيا تابع الرابط:
http://www.omferas.com/vb/showthread.php?t=44812&p=178938#post178938