الاثار الاجتماعية والنفسية للعدوان الاسرئيلي على النساء الاطفال في قطاع غزة
بقلم:عماد موسى
إنه مما لا شك فيه،ان للعدوان الاسرائيلي الاخير على قطاع غزة كان له اهدافا متعددة، متعلقة بتدمير البنية وتدمير الصواريخ،تدمير الانفاق، وقتل اكبر عدد من عناصر المقاومة الفلسطينية العسكرية، ولكن العدوان خلف اثارا نفسية واجتماعية وهي الاهداف والاثار المؤجلة والتي تظهر خلال العدوان وبعده،وهي الاشد قسوة وايلاما لانها تلحق دمارا جزئيا اوكليا بالذات الفلسطينية (الذات المرأوية والذات الطفلية).
ومن ابرز نتائج العدوان على الصعيد المادي والوجودي هو تدمير الفضاءات المكانية والمشكلة للبيئة المكانية والاجتماعية (تدمير المسكن والمستشفى والمدرسة والشارع وشبكة المياه والكهرباء،واما الوجودي فيتمثل: في انهاء حيوات اكثر من عشرة الاف فلسطيني غالبيتهم من النساء والاطفال وجعل اكثر من 12 الف جريح منهم 6000الاف يعيش باعاقة دائمة بانصاف او ارباع حياة اي خارج نطاق الحياة.
الاثار النفسية على الاطفال:
بات من المعروف ان العدوان المسلح والحصار يؤثران تأثيرا قويا على نظرة المراة والطفل للحياة المستقبلية،لكونها مجهوله في ظل العدوان المتكرر والحصار المضروب على غزة مما يترك اثاراَ سلبية على الذات المرأوية والطفلية.
ومن ابرز الاثار النفسية والاجتماعية على الطفل مايلي:
1- الشعور بفقدان الامن
2- عدم التركيز والتشوش وفقدان التركيز وعدم القدرة على ترتيب الاولويات
3- قلة النوم او النوم المتقطع(اضطرابات) نتيجة الكوابيس المرعبة والاحلام المزعجة جراء مشاهد الترويع والقتل والتدمير.
4- القلق ،التوتر ،الهيجان والميل للعنف اللفظي والجسدي والعراك والشجار الكلامي او الجسدي. والمشادات الكلامية والجسدية.
5- فقدان السيطرة والقدرة على التحكم نتيجة الضغط النفسي الذي احدثته الحرب الاسرئيالية المدمرة فحدث تغيير على النظام الوجداني والانفعالي عند الاطفال بحيث اصبحت ردود افعالهم غير محسوبة،وعادة ما تكون عنيفة وعدوانية للاطفال على الاطفال بالضرب او باستعمال الالفاظ البذيئة والتحقيرية.
6- الميل للتكيف عبر اليات التعويض بالمشاركة في المناسبات الاليمة وحضورالمناسبات الدينية ،بحيث تصبح ملاذا نفسيا واجتماعيا مؤقتا للاطفال والنساء على السواء،بوصفها ايضا اليات نفسية للتفريغ عن حالة الكبت والاحتقان والضغط المتراكم طيلة ايام العدوان.
وتكشف بعض البحوث والدراسات النفسية والاجتماعية عن الاثار النفسية والاجتماعية التي خلال العدوان وبعده على النساء والاطفال أبرزها:
• الشعور بالفقد(الفقدان) فقد ام او اب او حد افراد الاسرة ،او فقد منزل مما يجعل النساء والاطفال يشعرون بالاسى والحزن والقلق، وذرف الدموع والاحساس بالوجع.
واما الاطفال فينتابهم حالة من عدم التركيزو اضطراب الذاكرة وضعف التحصيل العلمي.
وفقدان الفضاء المكاني يؤدي الى فقدان الخصوصية للاطفال والنساء على السواء ويؤدي الى اضطرابات نفسية واجتماعية ويحدث تغييرا سلوكيا عند الطرفين وسيفضي الى خلق مشاكل جديدة في المجتمع الفلسطيني.
• الشعور بالصدمة النفسية نتيجة تدمير الفضاء المكاني الخاص(المنزل) وتدمير الفضاءالتعليمي والصدمة النفسية كما يعرفها الدكتور . درداح الشاعر أستاذ علم النفس في جامعة الأقصى الصدمة النفسية بأنها أي حادث يهاجم الإنسان , ويخترق الجهاز الدفاعي لديه مع إمكانية تمزيق حياة الفرد بشدة , و قد ينتج عن هذا الحادث تغيرات في الشخصية , أو مرض عضوي, إذا لم يتم التحكم فيه , و التعامل معه بسرعة , مشيرا إلى أن الصدمة تؤدي إلى نشأة الخوف العميق و العجز و الرعب .
والصدمة: هي حدث خارجي و فوجائي و غير متوقع يتسم بالحدة و يفجر الكيان الإنساني و يهدد حياته , بحيث لا تستطيع و سائل الدفاع المختلفة أن تسعف الإنسان للتكيف معه .
وأوضح الدكتور الشاعر أن تأثير الصدمة النفسية لا يتوقف على سن الشخص , بقدر ما يتوقف على مدار صمود الجهاز العصبي و الاستعداد النفسي لذلك الشخص للتعاطي مع هذه الصدمة , و أن الصدمة لا تأثر ذاتية على الشخص إلا إذا كان مهيئا لها مشيرا إلى أن الدراسات الحديثة أثبتت أن العامل الأهم في تحديد ردود الكائن الحي ليس الحدث الصدمي بحد ذاته و إنما القدرة على مواجهة هذا الحدث .
فالصدمة النفسية تولد الشعور بالخوف والقلق عند الاطفال والنساء ،والتي تؤدي الى ردود فعل جسمية ونفسية مثل الخوف والقلق،والتبول اللارادي اثناء النوم
مصحوبا بالاحساس بانعدام الامن الفردي والجمعي.
• الشعور بالعجز والاحباط وفقدان الامل نتيجة تدمير الفضاء المكاني والذي يفضي إلى اليأس متزامنا مع الالم والحزن والحرمان والشعور بالاقصاء القسري الذي فرضته الة الدمار الاسرائيلية، والتهميش والتي تبحث الذوات النسوية والطفلية عن متنفس لها عبر العنف اللفظي والجسدي.
وكشف تقرير لمؤسسة سوار في غزة عن أن الآثار النفسية على الأطفال تنقسم إلى شقين،
الشق الاول: الأطفال الذين يتأثروا بشكل مباشر بعد الحرب، من فقدان: أهل، بيت، مأكل، مشرب، مكان آمن، والخوف والهلع المصاحب للحرب، ومن ناحية الحدث نفسه وهذا ما يسمى بالصدمة، فهذه الآثار لها ردود فعل مثل خوف، تبول لا إرادي، اضطراب، توتر، عدم تركيز، وغيرها، ففي فترة الحدث يكون الجسم عندهم بحالة حرب نفسية، أو حالة تأهب، وهذا ما يسمى بصراع البقاء.
أما الشق الثاني: حسب ما اورده التقرير، ويسمى آثار ما بعد الصدمة فهي إنكار الحادث، وعدم التعامل مع الأزمة الناتجة عن الحدث، ما يؤدي إلى اختلال التوازن أو خلق تشويش نفسي لدى الضحية لعدم القدرة على التعامل مع أزمة الحدث، وتتراوح العوارض من قلق مؤقت وخوف إلى اضطرابات طويلة الأمد، مثل القلق الشديد، الاكتئاب، والتراجع والانسحاب والغضب'.
* التاثير على البنى اللغوية عند الاطفال:
د. فضل أبو هين _ مدير مركز التأهيل المجتمعي , إدارة الأزمات في مدينة غزة قال : أن إقدام الأطفال على التلفظ بهذه المفردات , مثل ( ح:حرب ...ص : صاروخ ... ج:جنود )
" ع " عرب ... عاجل
" غ " غارة ... غزة ...غراد
" ي " يهود ...( و )...وطن ..."ش"...شهيد "د"...دبابة
ما هو إلا تجسيد للواقع المؤلم الذي عاشوا تفاصيله على مدى الأسابيع و الأيام الماضية .
و أضاف الدكتور أبو هين طبيعة أن ينسى الطفل كل الصورة الجميلة و المفردات الهادئة , و تستبدل بها أخرى عنيفة تحكي عن الدم و الحرب , فالطفل وليد بيئته و وليد ما يسمعه و يشاهده تعكس تأثرهم نفسية بالعدوان .
و لفت أبو هين إلى أن الطفل الفلسطيني من دون أطفال العالم يتحدث بلغة اكبر منه مشددا على أن الحرب ألقت بضلالها على لغتهم و ألعابهم و حتى نظرتهم للمستقبل،
فالتأثير على اللغة يؤثر على بنى التفكير والوعي ،فالنمو اللغوي عند الاطفال يصبح مرتبطا بالمفردات والجمل التي خزنها في الذاكرة والتي تصبح مع الوقت جزءا من حياته، وهويته، وشخصيته، وتؤثر على سلوكه.
العلاج:
وأوضح تقرير سوار، أن العدوان الإسرائيلي نظرا لقسوته وتداعياته، يتطلب تقديم الدعم النفسي للبالغين، والتركيز عليهم، وعلى مشاعرهم، لكي يستطيعوا أن يحتضنوا الأطفال، ويكونوا بجانبهم أكثر،وأن يتيحوا لهم التعبير عن مشاعرهم، وعدم تعنيفهم، وإلقاء اللوم عليهم، لذا يتطلب من الأهل التواصل مع المؤسسات الاجتماعية والنفسية،، لأخذ الإرشادات الأولية اللازمة لتساعدهم على كيفية التعامل مع أطفالهم، ويتطلب ايضا من المؤسسات النسوية والمؤسسات الطفلية ان تطور برامجها ومشاريعها بما يتلاءم مع الاوضاع النفسية والاجتماعية الجديدة، بدلا من الغرق في برامج التمكين والدمقرطة .