منتديات فرسان الثقافة - Powered by vBulletin

banner
النتائج 1 إلى 2 من 2

العرض المتطور

  1. #1

    نحو تأسيس مفهوم جديد للنقد النسوي /أحمد أنيس الحسون

    نحو تأسيس مفهوم جديد للنقد النسوي
    دمشق
    تشرين الثقافي
    ابواب
    الاحد 11 نيسان 2010
    أحمد أنيس الحسون
    يضع النقد الثقافي الفنَ ضمن سياقاته (أنساقه) الاجتماعية السياسية والفكرية، وقد تشرّب هذا النقد من منابع معرفية عديدة، تاريخية وثقافية، ويأتي النسق عنصراً مهماً من عناصر النقد الثقافي، ويتم النظر إلى النص بوصفه إنتاجاً ثقافياً لا بلاغياً، فالمجاز – مثلاً – يحمل بُعداً ثقافياً غير البعد البلاغي الجمالي، وينطوي على مضمر نسقي عريق القدم في الذاكرة الثقافية، ومن ثَم يأتي الاعتناء بالمضمرات النسقية وبالجمل الثقافية كإحدى مقولات النقد الثقافي، ونقاط رئيسية في تبنّي النقد الثقافي كبديلٍ عن النقد الأدبي، وتأتي مهمته كشف الحيل الثقافية المستترة تحت عباءة البلاغي الجمالي، وقد ساعد هذا البلاغي بالتوازي مع الممارسة النقدية الأدبية في غرس الأنساق الثقافية وتغلغلها، وهذه الأنساق تحمل مضامين ثقافية تخريبية، وقد أفرز النقد الثقافي مصطلحات نقدية جديدة تهدف إلى تشريح المنغرس النسقي، فنشأت مقولات جديدة على الساحة النقدية من إنتاج النقد الثقافي الذي عنى بأنساق ثقافية متسربة إلينا عبر الأدب كـالذكورة (الفحولة) – تهميش المرأة... وغير ذلك، ومن هذه المصطلحات (النقد النسوي) ويُعد فرعاً من النقد الثقافي، وقد أطلقته الناقدة النسوية (إيلين شوآلتر) في كتابها (أدبهن المستقبل) عالجت فيه التجربة النسائية من حيث الإشكالية التي أنتجها المجتمع البشري؛ إذ أظهر المرأة عنصراً وضيعاً دونياً، ومن الدرجة الثانية، فجاء الوعي النسائي الجديد ليجابه المجتمعات الذكورية (الأبوية) وإعلان المساواة بين الرجل وبين المرأة في جميع المجالات، وتصحيح المسار الخاطئ الذي أوجد المرأة حضوراً جسدياً لا إبداعياً، واهتم النقد النسوي بالمرأة بوصفها علامة ثقافية في التكوين المجتمعي، فتصدّى لاستغلال المرأة جسدياً، والتسلّط الذكوري الممارس عليها بحماية المؤسسات الثقافية الاجتماعية، فانطلق هذا النقد من فكرة أن أكثر المجتمعات هي مجتمعات أبوية، والقوة الذكورية هي المحور الرئيسي فيها، وأن العلوم الاجتماعية منحازة للرجل، والإعلام بشكل عام لم يقدم موقفاً فلسفياً للمرأة، وظل النظر إليها برؤية ذكورية.
    أشار إدوارد سعيد إلى إشكالية مصطلح النقد النسوي، فسمى الأدب الذي تكتبه المرأة بالأدب النسوي، والأدب الذي يعالج فيه كاتبه سمات خاصة بالأنثى ورؤيتها للعالم، سماه الأدب الأنثوي الموازي، فالنقد الأنثوي يكتبه رجل أو أنثى، أما النسوي فهو من إنتاج المرأة. لقد شاع مصطلح النقد النسوي في الكتابات التي تناولت قضايا المرأة بأقلام المرأة نفسها، فحللت النصوص من وجهة نظرها، واعتُبر هذا المصطلح غامضاً لم يخلُ من إشكالية في المصطلح والإجراء، وجاء معه مصطلحات كـ(الجنوسة) التي تعني المساواة أو وحدة النوع البشري وتطوره بركنيه (الرجل – المرأة)، واستبعد مصطلح (الجنس) لأن الرجل أعطاه أبعاداً ودلالات تحطّ من قيمة المرأة، ومن ثَم اعتُبرت الجنوسة أشمل، وتمثل المساواة، وهي أقدم من مصطلح الجنس؛ لكونه يمثل انطلاقة الحياة الأولى (آدم – حواء)، ودار جدال حول هذين المصطلحين (الجنوسة – الجنس)، وأفرز هذا الجدال بدوره مفهومات جديدة كـ(الاختلاف) إشارة إلى اختلاف الكتابة النسوية عن الكتابة الذكورية، وبرزت كتابات تبرز خصوصية المرأة الإبداعية، وتعيد برمجة المفاهيم التي أسسها الرجل عن المرأة تاريخياً، والنظر إلى خصوصية المرأة الذاتية الإبداعية الخاصة، أو كما سمته جوليا كريستيفا بـ (كتابة الجسد) الذي ينطلق من مستويين، الأول سيميوطقي يعبّر عن انفعالات المرأة (غضب – رفض – قهر...) وهو غائب (ماوراء اللغة)، لغته إيقاعات لا معانٍ ودلالات، والمستوى الثاني هو الرمزي بلغته القواعدية (ضمن معايير التركيب)، وباندماج المستويين ستتولد كتابة مختلفة عن الكتابة الذكورية، وتعبّر المرأة عن ذاتها جسداً وروحاً كما ترى هي لا كما أقرّ الرجل وكتب عنها. ‏
    إن إبداعات المرأة في جميع حقول المعرفة، وخاصة في الغرب، أثبت أن تقصير المرأة تاريخياً لم يكن بسبب قصور أو عجز أو ضعف بقدر ما هو بسبب فرض حياة سطحية عليها، وطردها خارج نطاق الفعل الحضاري؛ بممارسة القهر والقمع والاستغلال الجسدي والفكري لها، فالتاريخ لم يسجل لنا إلا ما ندر من أسماء المبدعات – وإن كان ضمن معايير ذكورية – بسبب سياسة الإلغاء للمرأة. انطلقت حركة النقد النسوي مع الحركة الطلابية في فرنسا، تمرداً على سلطة الأب السياسي، والأب الذكوري، واعتمدت الحركة النسائية على مقولات (دريدا – جاك لاكان) فاستلهمت آراء دريدا التفكيكية التي تقوّض الثنائيات الراسخة، ورأت في عمل (لاكان) أساساً لدعم الأنوثة، إذ اعتبرها قائمة على أساس غير بيولوجي، وانطلقت الممارسات النسائية لتساهم في رسم الخارطة الثقافية للعالم، وبدأت في مراحل متتابعة منذ المرحلة التأسيسية، ففي السبعينيات من القرن المنصرم بدأت القراءات النسوية تتبلور، وبحثت في النصوص التي كتبها الرجل عن النساء ومدى تأثيرها الذي بدا مرتبطاً بمعايير أبوية ذكورية، ولمعت أسماء عديدة في فرنسا مثل [لويس إيريغاري – جوليا كريستيفا]، وفي بريطانيا [توريل موي – وإيلين شو آلتر]، وجاءت المراحل اللاحقة (الثمانينيات والتسعينيات) لتوطيد هذا المنهج النقدي، وهدم الفرضيات الذكورية، فتحدثت المرأة عن حياتها في مجتمع يرزح تحت موروثات ثقافية مفروضة، فدخلت المرأة معترك الحياة، فكتبت في اللغة، والنقد، والإبداع، ,أظهرت قدرتها على تغيير الأفكار السائدة إن في كتاباتها أو في تأثيرها بكتابات الرجل، واستنهاضه، وتحريك الرأي العام تجاهها، وتغيير مفاهيم مهيمنة، فجاء مشروع النقد النسوي مرحلة مهمة في النضال الفكري، يقول رامان سلدن: (بعض ناقدات الحركة النسائية لا ترغب في تبنّي نظرية على الإطلاق، فالنظرية مذكرة دائماً بالمؤسسات الأكاديمية، وتتضمن صفات الفحولة). خطت الدراسات النسوية في تصحيح نظريات فرويد الجنسية، وقد سخرت ماري آلمن من النظريات الجنسية بقولها: (النقد القضيبي)، فهذا التاريخ الذكوري أبعد المرأة عن الإبداع بسبب الخوف الذي ينتابها من عالم صنعه الرجل، فجاءت بعض كتاباتهن معبرة عن المعاناة بتقديم التضحيات أمام الهرم الذكوري السائد، ومن جهة ثانية جاءت بعض الكتابات لتخلخل هذا الهرم، ولتثوير القيم الاجتماعية بتأكيد خصوصية المرأة بلغة مواجهة وتحدٍ وثقة، بعد زمن طويل بضريبته الباهظة للازمة البيولوجية التي لا يجوز الخروج عنها، هذه اللازمة البيولوجية المقررة تاريخياً وثقافياً عن تكوين المرأة منذ العصر الوثني الأثيني، حيث احتقر المرأة كما بدا جلياً في فلسفات أفلاطون وأرسطو، فقد اعتبرت هذه الفلسفات المرأة ضرورة أسرية تعمل على إنجاب الورثة وتربيتهم، وهذا التحيز الذكوري موجود في الأساطير التي صورت المرأة غوايةً وشراً وغدراً، والتشكيك فيها، كل ذلك بغلاف تبريري بيولوجي لترسيخ صورة المرأة تصويراً هامشياً ضعيفاً. ‏
    هذا التاريخ وحتى عصرنا أنتج الحركة النسوية الفكرية الاجتماعية السياسية، فتفجرت نظراً للاحتباس الطويل، لتتزامن ثورتها مع أي ثورة فكرية سياسية كالثورة الفرنسية، فخاضت غمار الفكر لإسقاط الحتمية البيولوجية، وتوالت الأسماء البارزة والمؤثرة كـ(هاربت تايلور) حيث أثّرت في الفكر النسوي عموماً، والليبرالي خصوصاً، وكذا (كولنتاي) في كتابها (المرأة الجديدة)، وبرزت الرواية النسوية أمثال [كاترين مانسفلد – ريتشاردسن]، وقد صوّرت (ريتشاردسن) في روايتها (الحج) الوعي النسوي، وجاءت الدراسات النقدية النسوية في المراحل الأولى مع [فرجينا وولف – كاثرين سمبسون]، وقد أشارت كاثرين إلى فرجينا وولف بأنها أسست للكتابة النقدية النسوية، وفتحت باب الإبداع النقدي، وجاء كتاب سيمون دي بوفوار (الجنس الثاني) لينقض المسلّمات البيولوجية، تقول: (إن المرأة لا تولد امرأة بل تصبح امرأة). وكانت مرحلة الثمانينيات متوزعة بين أكثر من مدرسة فكرية؛ 1- المدرسة الأميركية (شوآلتر وغيرها)، 2 – المدرسة الفرنسية (جوليا كريستيفا – لوسي إيريغاري، وغيرهما) 3 – المدرسة البريطانية (توريل موي)، وقد سجلت هذه الأخيرة اعتراضها على المدرسة الفرنسية متهمة إياها بالتواطؤ مع الجمالية المكرّسة للأبوية بانفتاح نصي غير محدود الدلالة (وهذا يرجع إلى أن المدرسة الفرنسية استلهمت نظرية (جاك دريدا) التفكيكية). ‏
    لقد انبنت الثقافة الغربية – ولا نبرّأ هنا التاريخ الثقافي العربي أبداً - على مبدأ (الأبوة – الذكورة)، وهذه الهيمنة أنتجت الأنثى المضطهدة ثقافياً، فتمردت على الموضوعية الذكورية الماكرة، وانطلقت صيحات فكرية ثقافية نسوية أسست لمشروع نقدي يسهم في الفعل الحضاري، ويثوّر القيم الاجتماعية وينقضها منذ (أوديب) قبل الميلاد وحتى عصرنا الراهن، فتحقق النقد النسوي بإنجازاته التي أدخلت الإنتاج النسوي بفاعلية إلى الحركة الفكرية.‏


    http://www.tishreen.info/_book.asp?F...20100411091244
    جريدة تشرين السورية
    [align=center]

    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    ( ليس عليك أن يقنع الناس برأيك ،، لكن عليك أن تقول للناس ما تعتقد أنه حق )
    [/align]

    يارب: إذا اعطيتني قوة فلاتأخذ عقلي
    وإذا أعطيتني مالا فلا تأخذ سعادتي
    وإذا أعطيتني جاها فلا تأخذ تواضعي
    *******
    لم يكن لقطعة الفأس أن تنال شيئا ً من جذع الشجرة ِ لولا أن غصنا ً منها تبرع أن يكون مقبضا ً للفأس .

  2. #2

    رد: نحو تأسيس مفهوم جديد للنقد النسوي /أحمد أنيس الحسون

    مرور وتحية يسعدني التعرف عليك أستاذ أنيس وحضوري للامسية الفرسانية التي عرفتنا بك كشاعر كبير
    شكرا لنشر الموضوع وبانتظار أديبنا الفاضل.
    فراس

المواضيع المتشابهه

  1. صدر حديثا/أغنية الرماد/أحمد أنيس الحسون
    بواسطة ريمه الخاني في المنتدى فرسان المكتبة
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 05-06-2010, 01:01 PM
  2. موت المؤلف/أحمد أنيس الحسون
    بواسطة ريمه الخاني في المنتدى فرسان المقالة
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 04-10-2010, 05:34 AM
  3. مقدمة في اتجاه التحليل السيميولوجي/احمد أنيس الحسون
    بواسطة ريمه الخاني في المنتدى فرسان الأبحاث والدراسات النقدية
    مشاركات: 3
    آخر مشاركة: 03-31-2010, 04:59 PM
  4. الراحلون .. بصمت !/أحمد أنيس الحسون
    بواسطة ريمه الخاني في المنتدى منقولات قصصية
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 06-13-2009, 06:58 AM
  5. مفهوم جديد للعولمة...
    بواسطة ريمه الخاني في المنتدى فرسان الخواطر
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 07-26-2007, 03:57 PM

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •