لقاء بلا نهاية ،، للشاعر : عبد الرحيم محمود
مولاتي مهلا مولاتي=امتزج الماضي بالآتي
شريانك أصبح ينبضني=وغدت من عينك مرآتي
أحببتك حبا أبديا=يملأ في قلبي ساعاتي
يسري في شرياني نهر=من حبك يحرق نبضاتي
فلتهدأ أعصابك إني=لن ترحل أبدا همساتي
إني أعشق وردا حلوا=بنداه تعيش فراشاتي
مولاتي أنت ويذبحني=بعدك يا شريان حياتي
وغرامك يسري منه دمي=وبدونك أشرب أناتي
يا قمرا بسمائي يسري=ونجوما تسمع أصواتي
أوتاري دونك تهجرني=وتصير نواح غرابات
واللحن الهامس ينشزه=لو غبت مني مولاتي
ومليكة قلبي لو تدري=بهواها أنشد أبياتي
وأساقي أشجاري منها=حبا فتبوح نباتاتي
يا أحلى أنثى بالدنيا=هل تسمع نوح رباباتي
فأنا عصفور دوري=يسكن شباك الآهات
لن يترك شعرك يطردني=من ليل مجنون شاتي
أو يترك قلبك يلفظني=فبلقبك صبحي ومباتي
من رمشك كحل لعيوني=من شعرك نسج عباءاتي
يكفينا بعدا يا عمري=فليجمع قلبك أشتاتي
فأنا في مملكة فيها=كليوبترا أنت ولوعاتي
هل ترحم أنثى تأسرني=تذبحني بجمال عات
أم تغرق زورق أحلامي=وتقطع غضبا مرساتي
يا أحلى امرأة في الدنيا=منها تأتيني كلماتي
منها بحر الشعر ومنها=محبرتي تسقي ريشاتي
فيها أغمس حرفي فإذا=لامسها هبت موجاتي
وغدا لؤلؤ بحري عجبا=وأذابت فيك محاراتي
يا ظبية ساحل أمواجي=من أجلك كانت موجاتي
وجداول عشقي منبعها=من عينيّ أنوار مهاتي
كوني شمسا كوني قمرا=وأنيري بالحب سباتي !!
أو كوني إعصارا يسفي=لن ترحل ذاتك من ذاتي
عبد الرحيم محمود
http://www.omferas.com/vb/showthread.php?t=22209
*******
تتميز قصائد الشاعر الكبير عبد الرحيم محمود بحرارة العواطف ومباشرة المعنى وتواضع النفس من خلالها الخالية من التعالي.وهو عنصر وقاسم مشترك فيها.
ناهيك عن الثقة بالنفس البادية بين السطور لعاشق ولهان يتقن ترتيب الحروف ليسلب المخاطب فكره وعواطفة فيخطفها من خلال الصور البديعة والجميلة الفريدة.
العناوين تكشف غالبا المعنى المراد وتفصح عن الهدف والمغزى منها. بسيطة متارجحة بين إقبال وإدبار في التعبير من خلالها عن عواطف مؤلمة او مشرقة وهي في الغالب الثانية.
يبدأ النص بكلمة مولاتي...وهي تضمن الهيام والحب العميق الممتزج بالتواضع بعكس بعض شعراء يتشدقون بالكبر من وراء وقوع المحبوب بخيوط حبهم مثلا...
تملك قصائد الشاعر عبد الرحيم محمود لغة سهلة ممتنعة قريبة من المتلقي عاطفة وتعبيرا رغم ان محورها دوما يحوم حول الحب الذي ربما يفتقد له الشاعر ضمنا في حياته الخاصة.
ويكمل الفكرة في البيت الثاني:
مولاتي مهلا مولاتي=امتزج الماضي بالآتي
شريانك أصبح ينبضني=وغدت من عينك مرآتي
ليعبر عن امتزاج العواطف التي يراها في قلبه ربما أو يوقن بها ضمنا...
وقد ارتفع الخط البياني في البيتين ليصل الى:1 في البيت الأول و 1,5 في البيت الثاني وهو خط متصاعد بوضوح.
ويعود في الثالث إلى:1 عندما يعبر على تمكن الحب من قلبه:
أحببتك حبا أبديا=يملأ في قلبي ساعاتي
يرتفه في البيت الذي يليه قليلا ليصبح:1,7
وهذا صمود عاطفي فريد في نصوص شاعرنا هنا من محافظته على حرارة العواطف هنا.
في البيت الخامس يرتفع الخط من جديد عند قوله:1.75
فلتهدأ أعصابك إني=لن ترحل أبدا همساتي
حيث يظهر عنادا وإصرارا على المرابطة على باب المحبوب كي يلين له ويستجيب..وهو هنا إنما يعكس مفاهيما كانت في الشعر العربي القديم العذري الذي نعرف.
فلم نعد نرى مثاله في واقعنا والمراة غدت من السهولة بشكل باتت تبادله العواطف بطرق لم تكن في السابق ربما وربما أيضا هو من النوع الذي يستمتع بعناد المحبوب ويبحث عن كسر الجدار والحواجز رغما.
يعد هنا لحرارةمعتدلة نسبيا رغم ارتفاع نسبتها في معظم القصيبدة:1
إني أعشق وردا حلوا=بنداه تعيش فراشاتي
وهنا وصف ضمني للمحبوب ...ورقته غن كان كفراشة او وردا شذيا.
في الأبيات التالية رغم هبوط حرارة العواطف نسبيا إلا انها تبقى متأججة بشكل لافت جدا:
تمثل بكلمة : يذبحني-شريان حياتي-يسري منه دمي-تهجرني -نواح.
مولاتي أنت ويذبحني=بعدك يا شريان حياتي
وغرامك يسري منه دمي=وبدونك أشرب أناتي
يا قمرا بسمائي يسري=ونجوما تسمع أصواتي
أوتاري دونك تهجرني=وتصير نواح غرابات
***
يرتفع الخط نسبيا هنا لليونة التعبير:1,6
واللحن الهامس ينشزه=لو غبت مني مولاتي
فاالتعبير هنا هامس لكنه مازال يعبر عن البعد بألم..
تنخفض نسبة الحراةر في البيتين التاليين لليونة التعبير وفتوره:خاصة في أساقي ...حيث يشكل اخفض نسبة في القصيدة: 0,33
ومليكة قلبي لو تدري=بهواها أنشد أبياتي
وأساقي أشجاري منها=حبا فتبوح نباتاتي
فالتعبير هنا جاء عاديا لا بريق فيه ولا حيوية واضحة تظهر من خلال : أشجاري-نباتي-هواها-أنشد.
يرتفع من جديد في تعبيره القوي الصريح في هذا البيت:1
يا أحلى أنثى بالدنيا=هل تسمع نوح رباباتي
رغم ان النوح صوت الحزن إلا انه عناه للوعة البعد لديه.
***
فأنا عصفور دوري=يسكن شباك الآهات
هنا تصوير للوعة التي يعاني منها الشاعر من ألم البعد المرير.رغم ان الخط البياني كان منخفضا ولم يرتفع .فهو تعبير بسيط جميل وكان العصفور تحول بشرا يرابط على الشباك !
لن يترك شعرك يطردني=من ليل مجنون شاتي
يعتبر هذا البيت من أشد واعلى خط بياني في القصيدة حرارة وتعبيرا وقد بلغ: 2 وكذا البيت الرابع بعده.
فأنا في مملكة فيها=كليوبترا أنت ولوعاتي
تمثل في كلمة يطردني-مجنون -
زبنخض تباعا فيما يليه.تمثل بكلمة : يلفظني -ومابعده.وبقيت الصور تحافظ على مستواها العاطفي اللطيف.
أو يترك قلبك يلفظني=فبلقبك صبحي ومباتي
من رمشك كحل لعيوني=من شعرك نسج عباءاتي
**********
تتردد الأبيات بين انخفاض وارتفاع متذبذب :
من رمشك كحل لعيوني=من شعرك نسج عباءاتي
يكفينا بعدا يا عمري=فليجمع قلبك أشتاتي
فأنا في مملكة فيها=كليوبترا أنت ولوعاتي
هل ترحم أنثى تأسرني=تذبحني بجمال عات
أم تغرق زورق أحلامي=وتقطع غضبا مرساتي
يا أحلى امرأة في الدنيا=منها تأتيني كلماتي
وهي هنا شبه تكرار لبعض أفكار تعيد تمثيل الفكرة وعكس العواطف بصور جديدة بسيطة لاتعقيد فيها.
****
هنا ينحفض في البيت الأول ويرتفع نسبيا في الثاني:
منها بحر الشعر ومنها=محبرتي تسقي ريشاتي
فيها أغمس حرفي فإذا=لامسها هبت موجاتي
تمثل الأول في كلمة : بحر ومحبرة يوحي بانهماكه بحالة الكتابة تقريبا.أما الثاني فيعود ليقول: أغمس هبت -موجاتي ..وهنا الارتفاع.
***
ويستمر بالارتفاع فيما يليه:
وغدا لؤلؤ بحري عجبا=وأذابت فيك محاراتي
خاصة في تنويع الصور الذي يلون عواطفه من خلالها ليجعلها بوحا فريدا ولافتا فيها, وخاصة في تعبير : أذابت ..وهل تذوب المحارات إلا من عنف العاطفة؟
تبقى مرتفعة نسبيا هنا:
يا ظبية ساحل أمواجي=من أجلك كانت موجاتي
رغم حرارتها...
وتعود للارتفاع في هذا البيت:
وجداول عشقي منبعها=من عينيّ أنوار مهاتي
فكلمة انوار دليل الإشعاع والضياء المبهر...
لكن نجد ارباكا في موسيقا كلمة : عيني فقد وضع لها شدة ولاندري غن كان يعنيها فعلا فالبحر خببي لايحتمل الشدة على الياء فيكسره.
ينخفض المعدل هنا قليلا :
كوني شمسا كوني قمرا=وأنيري بالحب سباتي !!
ليرتفع اخيرا في النهاية:
أو كوني إعصارا يسفي=لن ترحل ذاتك من ذاتي
وهذا قمة الإبداع فقلما انتهت قصيدة بنفس حرارة البداية.خاصة أنه يصر رغم صد الحبيب على كلمة: لن ترحل ذاتك من ذاتي
وهنا قمة الإصرار على تليين موقف الحبيب والإصرار على جعله أسيرا لدية وأثيرا...
اخيرا وربما لم نف النص حقه من الرؤية إنما بعض إضاءة أردنا ان نظهر مافيه من فرائد الجمان.
تحيتي وتقديري
أم فراس 4-5-2010