أريد حلا(2)
كنت سارحة في خيالاتي....أجتر مسيرتي ..وأعرضها وأقيمها من جديد....
كثيرة هي المواقف التي محوتها وعدلتها وأضفت إليها....
وكثيرة هي المرات التي عزمت ولم أفعل....
رن الهاتف وفرضت علي زيارة لم استطع رفضها...
كنت بحاجة فعلا لم أحدثه....
مظهرها المحترم وصوتها الدافئ أنعشني....
وبعد مراحل الدماثة المعتادة وفنجان قهوة بطعم عائلي وبوح رقيق...
جاءني سؤالها كالصاعقة المحببة
- لماذا تركتيهم؟ لمن تتركي منبرك؟
-من؟
-تلميذاتك؟
-هناك بدائل لن يتوقف الزمن عندي...
عبست وقطبت واستنكرت على مضض....
-دعيني ارتب ما وصل إلي ربما أمر غاب عني ووضحته لي
-أن ترفعي قيما وتربي قدوة صالحة في زمن الفتنه كيف نترك بعدها ما صنعنا لتأخذه الريح وتهدم ما بنيناه؟
أهي غيرة النجاح؟ أم تقاعس المتعبين؟ أم ظروف خارجه عن إرادتنا؟
تمنيت أن اعرف تماما وإلا لا داعي للعطلة....ما عرفته هو وحدتك في عملك في وسط روتيني..لم يتجدد...
ابنتي تغيرت تماما ولا أريد لها الرجوع لما كانت عليه تقدم خطوة وتراجع خطوتين؟
كيف طاوعك قلبك كيف فعلت كيف حدث؟
كانت تجرني لأوصلها للمدرسة في قمة مرضها حتى لا تفوتها قصة ما بعد الدرس...
أو مناقشة حيوية..
نظرت إلي نظرة فولاذيه متألمة...
تنتظر تحديدا جوابا فاصلا...
-مشواري كان قمة متعتي..قمة عطائي وتوقي للأفضل...أعطيتهم كل ما أملك عصارة جهودي ودراستي...
لم أكن أرى غير متعطشين للخير أمامي..رغم فوارق الطباع والعادات...ورغم من صنفهم لي بين تاجر ومستوى خاص إلا أنني قيمت بوجداني...
حاولت أن أكون أما مربية ..مرشدة ...منارة ترشدهم طريقهم الموحش...
وأحسست بضآلة ما أعطيت....وضرورة الاستمرار...
كنت وحيدة وسط قوالب قديمه لم تكسر...
متعبه وسط غيرة هدامة....
وسط فهم خاط~ للحداثة...
-كنت صمام الأمان...
- لا هكذا لا يكفي...
-عادت الجوالات تسبح في العقول تبخر كل منهج صائب..تفسد كل صلاح من أين جاءتنا؟
-يحسبون أنهم ملكي أو احتكرتهم...الأمهات اعتقدت أنني أنافسهم عبر أمومتهم!
-مهما يكن وجودك ضوء أحمر ..نحتاج أمثالك الكثير...
-لن اكفي وحدي...
-مهما يكن يجب ألا أن نترك منابرنا....
مضت وخوف عينيها تسبقها من خوف الخيبة والشتات..من خوف ضياع جيل نخسره كل يوم...
من خوف أن نضيع أنفسنا نحن....
رحلت وسؤالها مازال يلح في عينيها....
نظرت في المرآة...
وأيقنت أنني حرمتها من البوح الذي خنقني...
وبدأ سؤالها يرن في عقلي يدق بقوة
-لماذا تركتيهم؟مهما يكن يجب ألا نترك منابرنا....
أم فراس