منتديات فرسان الثقافة - Powered by vBulletin

banner
النتائج 1 إلى 3 من 3

العرض المتطور

  1. #1

    ورود من النظرة الاولى...عاقل محمد الخوالدة

    ورود من النظرة الأولى
    قصة قصيرة
    عاقل محمد الخوالدة
    سيغادر وصفي البيت الذي استأجره في احد احياء مدينة حمص السورية عائدا الى عمان وبما انه طالب جامعي فقد سمح لزميله كريم الأردني الآخر بالإقامة في البيت الذي يشكل الطابق الأرضي من بناية ذات ثلاثة طوابق .
    اخذ كريم المفتاح من وصفي المسافر وتوادعا وأوصاه زميله ان يغادر البيت يوم الجمعة إذ سيحضر هو وأهله الى هنا .
    دخل كريم الى البيت .... ألقى بنفسه على الكنبة في الممر المؤدي الى شرفة خارجية ،مالبث ان قام الى الداخل وغير ملابسه، خرج الى الشرفة :
    - ما أجمل هذا المكان وكم هو هادئ ، يلزمني فنجان من القهوة ..
    دخل الى المطبخ وحضر قهوته ذات الوجه السميك الثقيلة ، لقد تعلم تحضيرها بهذا الشكل في بيروت العام الماضي ،خرج ثانية الى الشرفة حاملا ركوة القهوة والفنجان ذو اللون الذهبي و جلس على كرسي القش وبدأ الغناء .
    كان الطابق الثاني يطل بشرفة اصغر على الشرفة التي يجلس فيها وفجأة نظر الى الاعلى ،ثلاث فتيات جميلات يبدو أنهن شقيقات انسدلن من على الشرفة ليسمعن غناءه،تفاجأ واضطرب لكن بادر بشرب فنجانه وكأنه لم ينغم حرفا قبل قليل.قالت إحداهن بصوت رقيق منحدر تماما كشعرها البحري المتدفق:"أين وصفي"
    أجاب :"ذهب الى عمان"
    فاجأته الفتاة الأصغر واسمها أسيل بسؤالها عن اسمه وقف كريم وتعلقت عيناه بزاوية الشرفة الى الأعلى ثم خرجت الحروف من فمه بشكل متقطع:" اسمي كريم ، زميل وصفي في كلية الآداب في قسم اللغات الشرقية ".
    كانت أسيل بدرا على الشرفة وكانت عيناها تتلألأن كنجمتين تبعثان بنورهما الى كل الكون بينما صوتها ترنيمة شرقية الأوزان..
    فجأة اختفت الفتيات ومعهن أسيل واطل رجل في العقد الخامس من العمر نظر الى كريم نظرة ازدراء بينما اسقط كريم بصره على الأرض وتضاءلت خطواته من الشرفة الى الداخل (كان هذا والد الفتيات الثلاث).
    في صبيحة اليوم التالي وأثناء توجه كريم الى الكلية صادف أسيل في طريقها الى المدرسة الثانوية كانت ترتدي زي البكالوريا وتخطر بقامتها الجميلة برشاقة تدمرية وبشموخ زنوبي الملامح ،عبر لها عن شعوره لأول نظرة بينما تفاعلت معه وعينيها تراعي خطواتها خجلا رفعت رأسها بعد ان سألها عن أي شيء تحب ان يهديها فقالت:" اهدني وردة ،أطلقها من شرفتك الى شرفتنا " وتفارقا كل في طريقه.
    في المحاضرة كان كريم ينظر الى المحاضر بعينيه بينما يشرد ذهنه الى عالم آخر هو عالم أسيل والوردة التي سيهديها إياها كان يرى جميع الفتيات في المحاضرة بوجه أسيل وعاد من الكلية ملهوفا الى بائع الورود ،طلبه وردة جورية حمراء مخملية تماما كلون قلبه عندما نبض بحب أسيل منذ النظرة الأولى، وفي البيت اخرج الزهرة من غلافها ووضعها في كأس ماء طويل ،كانت الزهرة تشع بالحياة يكتفي الناظر إليها بلمحة واحدة تملأ روحه بالهناء فكيف وكريم يجلس على كرسي القش في الشرفة واضعا وردته الحبيبة بجواره في كأسها .
    هذه الوردة وردة أسيل....... وردة النظرة الأولى ،يتأملها كريم ليصبح في عالم آخر هو عالم العبق والندى والنسمات العليلة فقط لا عالم صخب المدينة ولا ضوضائها وأبواق السيارات عندما تنفتح الإشارات الضوئية فجأة........ هنا الحب والمودة فقط.
    أطلت الفتاة الأصغر وقالت :أعطني وردة أسيل فهي قالت لي ان آخذها منك ادفعها الى الأعلى سآخذها"
    وقف واخذ الوردة من الكأس أراد رفعها اندفعت يده باتجاه الشرفة ...لا لقد اختفت الفتاة .....علم ان الأمر ليس على ما يرام، أخفى الوردة وانتبه الى الظل فرأى خيال والدها وقد انحنى من الشرفة إليه فتظاهر بعدم رؤيته وتوجه الى الداخل وبعد قليل أعاد الوردة الى كأسها وأودعها عتبة النافذة الشرقية المغلقة.
    ومضت ثلاثة أيام كلما أراد كريم إيصال الوردة إلى أسيل تحول بينه وبينها الضروف ويفاجئه الوالد بقطع خيوط الحرير التي لا تريد إلا إيصال الوردة.... تلك التي أصبحت تتحامل على نفسها بينما تتقطع داخليا.
    جاء يوم الجمعة وبكّر كريم بتجهيز نفسه لمغادرة المنزل فقد وعد وصفي أن يخلي هذا البيت لان أهله سيأتون معه هذه المرة ،لكن كريم لازال مصرّا على إيصال وردة النظرة الأولى ...
    قبل أن يخرج إلى الشرفة جلس أمام الزهرة وقال :كم أنت جميلة أيتها الوردة وكم أنت رقيقة كأسيل وهذه المسحة المخملية تجعلني يا زهرتي العنيدة أتذكر دفء أمي في منزلنا في الأردن، عندما كنت طفلا وكانت تغسل رؤوسنا أنا وأخوتي بالترتيب وهي تلف راسي بالمنشفة ..قرب موقد الكاز في ذروة ليل الشتاء البارد...... تماما أنت دافئة كيديها أيتها الوردة .
    خرج كريم وأطلت أسيل من الشرفة قالت:كريم.... هات الوردة ، أبي لازال نائما وأنت ستغادر..... هاتها لا تؤجلها أبدا"
    احضر كريم الوردة.. حاول ان يدفعها الى الأعلى وهذه المرة سقطت واحدة من بتلاتها المخملية الحمراء ...حركها بيده وإذ بها تتفتت وتتناثر هنا وهناك على الأرض لم يبق في يده سوى عودها وقلبها الذي لا لون له... نظر إليها وقد اضطربت وبدت الدمعة تتدفق بهدوء من طرف عينيها ثم قال وهو يحمل حقيبته على كتفه :
    "أسيل، حبيبتي....لن اتاخر.... سأعود وسأحظر لك في المرة القادمة باقة من الورد الذي لا يتناثر... اجل لا يتناثر "

  2. #2

    رد: ورود من النظرة الاولى...عاقل محمد الخوالدة

    هناك قصصا لاتنسى بمرور الزمن...

    قرات قصة عاطفية رائعة وربما عنصر الزمن جاوز الممكن في القصة تلك.
    وسأحظر =وسأحضر
    تحيتي لك ولقلمك
    تعددت يابني قومي مصائبنا فأقفلت بالنبا المفتوح إقفالا
    كنا نعالج جرحا واحد فغدت جراحنا اليوم ألوانا وأشكالا

  3. #3
    قاص ومترجم
    تاريخ التسجيل
    Oct 2009
    الدولة
    المغرب
    المشاركات
    1,153

    رد: ورود من النظرة الاولى...عاقل محمد الخوالدة

    القصة مفعمة بزخم عاطفي جميل
    سرد سلس وانسيابي بلا تكلف في الصياغة
    شكرا لإبداعك المميز

المواضيع المتشابهه

  1. ثلاث قنابل يدوية من أجل الحب.....عاقل محمد الخوالدة
    بواسطة عاقل في المنتدى فرسان القصة القصيرة
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 11-05-2011, 05:35 PM
  2. وداعا أبو علي... عاقل محمد الخوالدة
    بواسطة عاقل في المنتدى فرسان الخواطر
    مشاركات: 4
    آخر مشاركة: 06-02-2011, 09:34 AM
  3. الحب في سلة المهملات... عاقل الخوالدة
    بواسطة عاقل في المنتدى فرسان القصة القصيرة
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 04-21-2011, 02:36 PM
  4. شرقية غربية.....عاقل الخوالدة
    بواسطة عاقل في المنتدى الشعر العربي
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 12-26-2010, 07:19 PM
  5. على درج الصحيفة.........عاقل محمد الخوالدة
    بواسطة عاقل في المنتدى فرسان القصة القصيرة
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 06-09-2010, 11:07 AM

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •