السلام عليكم
هوس الأعلانات الجنسية في شبكة الأنترنيت
صباح محسن جاسم
دأبت المواقع الإلكترونية ومنذ فترة " رقمية" بالتزاحم على صناديق المشتركين في الياهو بخاصة وهي تزف آخر مبتكرات حبوب الفياكرا المنشطة للقلب لشحذ ذكورة الرجل وآخر ما توصلت إليه بدع تجميل الأعضاء التناسلية وكأن الجنس - هذا المستوى الراقي من العلاقة الإنسانية - يقضي أن يكون فيه العضو الذكري (إرهابيا) وليفرد له بابه الخاص الذي يبدو أمر معالجة حجمه قد أقض على الكثير مضجعهم فباتوا لا يهمهم أمرا قدر تحقيق حلم فحولة أكبر ، إذكاءً لنشاط ذكوري مفترض.
أغلب تلك الشركات التجارية - سيما وقت الحروب المهيمنة بأشكالها - لا تجد في نصرتها للإنسان خيرا أفضل من تفعيل نشاط وسائلها الجديدة المواربة كي تجعل من الجنس مادة تجارية لإعلاناتها مستغلة وجود ( التابوات) الجنسية ، النفسية منها والاجتماعية في مجتمعات الدول الفقيرة والنامية بغية تحقيق مصالح نفعية دونما مبالاة بما تحدثه من تأثيرات سلبية لمفهوم الجنس بخاصة لدى نسبة كبيرة من الشبيبة في مثل هذه البلدان بغياب مناهج الثقافة الجنسية ، مبررة قبول أو رفض ذلك رجوعا لرغبة المشترك (الحرة) وخياره (المستقل) لمسوغ التطفل الإعلاني. ذلك أسلوب من أساليب الرأسمالية التي تتركز مساعيها النفعية في استغلال الإنسان بأقصى ما يتاح لها من فرص تعود عليها بربحية عالية .
لا غرابة إذا ما تفاجأ بعناوين رسائل تنصح من قبيل:
Lola McNamara Increase your penis width (Girth) by up to 20%
Carol Baird : Bigger then it's better
Jordan Maloney :She/He will love this eu
Deborah Sizemore HOW TO GET BIGGER?
Darcy Hill Gain Up to 4+
Sophie Rose 2007, the year of enlargement dzfibbb
Eloise Rasmussen bigger pen1s in 3 weeks omp
هذه الرسائل وأشباهها هي جزء يسير منفلت من آلاف بل ملايين الرسائل الموجهة إلى بريد كل مشترك رغم تعزيزه للحاسبة ببرامج مضادة لمنع ما يتسلل إليها من فيروسات ومواد غريبة مدسوسة بغايات استخباراتية وتجارية. ولولا نظام الحماية المتجدد لمايكروسوفت والذي يستقطب ما نسبته 80-90% منها لتعذر فتح الصندوق البريدي وتصفية كل ما يماثل الرسائل أعلاه.
لقد أوجد مركز السيطرة في الإنترنيت مستقبل نظام بريدي تترشح فيه معظم الرسائل الغريبة أو المشكوك فيها يعرف بـ (Bulk) لغرض استقطاب ما يفلت من أغلب الرسائل العابرة من نظام السيطرة وليحفظ أيضا تلك الرسائل التي تحمل عناوين بريدية أقرب إلى هوية المشتغل ID. فليس كل ما يتوفر في هذا الصندوق هو بسيئ ، فقد يمنع نظام الحماية الموجود في حاسبتك رسائل بعض أصدقائك الجدد فيزيحها إلى سلة الـ Bulk .
في أحيان كثيرة تعرض نظم الإعلانات إمكانية بث إعلان دعائي لما يقارب الأحد عشر مليون عنوانا بريديا مقابل مبلغ 120 دولارا. وهو أمر يفيد لمن يهتم بنشر إعلانه التجاري أو حتى الموقع الشخصي. فلا غرابة إذن من أن تفد إلى البريد الشخصي بعض تلك الرسائل يوميا على الأغلب مما يتطلب العمل على معالجتها وإلغائها.
أصبح لهاجس الطول والنشاط الجنسي الشأن في ما تسعى تلك الشركات التأكيد عليه وتبني برامجها النفعية فتتذاكى لإيجاد عناوين جذابة لمبيعاتها وتبحث في كل ما يقلق المشتغلين وكأن هذا ( المشكل) هو الهم الشاغل للتخفيف من مشاكل إنساننا المعاصر. في الواقع تبني هذه الشركات تصوراتها النفعية لاستغفال الملايين من أشباه مبتدئين قد دخلوا الشبكة العالمية للإنترنيت مبهورين بما تحمله من سحر في تقنية المعلومات.
وعملا بإعلانات تعلم اللغة الأجنبية التي ملأت صحفا ومن ثم كتيّبات ملونة تروّج لتعلم لغة بعينها دون معلم بسبعة أيام بنتائج مخيبة للآمال ، صرنا نواجه بغزو إعلاني رديف يتحدث وينصح في كيفية تحسين حجم عضو الذكورة بفترة لا تتجاوز الثلاثة أسابيع!
هكذا وبسرعة كونية صار صندوق بريد المشتركين نهبا للعديد من الرسائل عاكفة ًعلى تكريس هكذا إعلانات مخترقة كل تحوّطات المشتركين من تجنيد وسائل لمنعها وتجنبها. على أنها سرعان ما تجد لها مكانا في ما يعرض بصندوق المهملات يفيض بها ويتقيأها إلى أماكن أخرى تتكيف متسللة إلى مقترب الإرسال Send .
في شبكة الإنترنيت كل المشتركين والمشتغلين هم تلاميذ في المنظومة مكشوفين للصانع الأمهر مهما بلغوا من ذكاء في التخفي.
ولكي نكون في الصورة فأن الغالبية من المبتدئين على الإنترنيت سيجدون أنفسهم بطريقة وأخرى منجذبين لاكتشاف ذلك الكم من الرسائل الذي دخل بريدهم الإلكتروني فيدفعهم فضولهم أو حتى غضبهم إلى فض بعض تلك الرسائل مما سيوفر للآخر في كل الأحوال من استغلال وقتهم واستثماره لصالح دعايته أو بغرض استقراءات توجدها مخابرات العلوم النفسية التي تكرس بحوثها الخاصة لمسح ردود الفعل المناطقية لمجتمعات مقصودة بعينها.
أنت إذن بحكم مجال رقمي قد أخضعت لوسائل الدعاية فلا مناص من الانصياع لجملة من التجارب المخبرية الوضعية سواء تقوم بتنفيذ برنامج ربحي على حساب وقتك أو تقدم دلالة في أقل بساطتها تكون جزء من نظام بياني مبيت له.
عليه فأن من يعمل على شبكة الإنترنيت لن يملك زمام السريّة أو التحرك كيفما يحلو له.
ولكي تسلم على فضاء حراكك بالحد الأقصى من خيارك بعيدا عن إشكاليات التأثر بمصائد الفيروسات والمشاريع التي تخدم فيها متنفذين مجهولين ما عليك سوى تجنب فتح تلك الرسائل التي تشك في مرسلها أو مصدرها ، وأعمل على إلغائها وتنظيف سلة مهملاتك (Bulk) بشكل دوري. كما يفضل لسلامة معلوماتك البريدية من تسلل ما يعرف بقراصنة الكمبيوتر - ******* - أن تغيّر كلمة الترخيص ( Pass Word) الخاصة ببريدك الإلكتروني بين فترة وأخرى ، فهناك من الأنظمة ما يستطيع أن يسرقها بسهولة ويتطفل على كل خزين رسائلك.
هذا النوع من الرسائل يظهر كالموجة تتبعها أخرى بمضامين أخرى كأن تبشر بفوزك في يانصيب الياهو بجائزة مالية مغرية تفوق الخيال. وفي حال الاستجابة والدخول في اللعبة فلن تجني عدا خسارتك المادية وضياع جهدك ووقتك.
نستدل مما سبق جملة من أمور تنصب للإيقاع بفرائس انترنيتية نلخصها :
- الخضوع لبرامج تجارية هدفها الابتزاز.
- الدخول في برنامج يكون المشترك مجرد رقما من بين أرقام أخرى في الرقعة الجغرافية المعينة من بيانات يراد لها خدمة استقراء تجاري - استخباراتي يدخل في توجه إعلامي نفسي محسوب له.
- الكشف عن المخزون البريدي من خلال سرقة كلمة الترخيص.
- أن تكون ساحة لإعلانات من نوع آخر.
- استغلال البريد الإلكتروني لأغراض البث الإعلاني يقابلها تقديم خدمة تدفع بفارق الجهد في الوقت والمادة والتبرع لخدمة مجانية لجهة غير معروفة الهوية.
- التحفيز بغاية البحث والتقصي ومحاولة التعرف على ما يقدمه الإنترنيت من علوم وفنون وحضارة الخ بحسب آخر تحديث للمعلومات مما يضيف فترات زمنية للاشتغال على الشبكة بنية محسوبة الفوائد وما يرافق ذلك من إعلانات.
- فسح المجال أمام الملوّثات الفيروسية لتدمير ذاكرة الحاسوب وبالتالي ضمان شراء البرامج المعالجة وقطع الغيار الأخرى وبذلك تسعى مثل تلك البرامج لتطبيع المشترِك على تلك المتغيرات التي تضاف كبدائل تقنية حديثة لأجهزة الحاسوب والتي توجب شراء ما يستجد من تقنيات وبرامج متطورة وهذه بدورها تفرض حسابات جديدة لها هامش ربحي تراكمي سيما حين يمسي الحاسوب جزءً مكملا لحياة من انبهر بهذه الخدمة المعلوماتية التي أضحت جزءً مكونا من مدنيّته .
تلك الإعلانات التجارية على الأغلب لا تهتم أصلا بالثقافة الجنسية الأسمى من كل ما يروجون له من إعلانات هابطة.
لقد أعطت الطبيعة في كائناتها من الملاطفة الحميمة ما يعلم الإنسان سر جمال عملية الخلق والإبداع للقادم الجديد. فالعلاقة الجنسية هي ليست تلك العملية الميكانيكية التي وظّفها أولئك التجار مشترطين لها أدوات بمواصفات خاصة بعيدة عن كل ما هو حسي وإنساني.
يبقى سؤال تقوله الشاشة : هل أن من يدير هذه المنظومة والعارف بتلك البرامج النفعية مستقل وحيادي وخارج عن أية مساءلة قانونية كونه يتمتع بصفة الصانع الأمهر؟