منتديات فرسان الثقافة - Powered by vBulletin

banner
النتائج 1 إلى 2 من 2

العرض المتطور

  1. #1

    أين الدليل؟ : قيد العقل

    أين الدليل؟ : قيد العقل
    خبر سار لكل من يقرأ هذه الأسطر ..
    لا أكتب في "صحيفتك"بل أكتب في صحيفتي .. والبشرى لي أيضا .. أن قارئ هذه الأسطر لا يكتب في صحيفتي .. وهذه نعمة كبيرة .. لله الحمد والمنة.
    ثانيا : ليست هذه الأسطر نقدا لأحد .. ولا تخطيئا لأحد .. ليس الأمر أكثر من دعوة للتفكير .. للتدبر ..
    "العقل" .. هذه الطاقة الجبارة التي ميز الله – سبحانه وتعالى – به الإنسان .. طاقة هذا"العقل" مظاهرها أكثر من أن تحصى .. تلوح في كل ما أنتجته "الحضارة" على امتداد تاريخها .. وصولا إلى الحضارة التي نعيش في ظلها ..
    هذا العقل .. الذي يصنع المركبات الفضائية .. قد يهبط حتى يسجد لصنم – إشارة إلى صورة منشورة مؤخرا لرئيس وزراء الهند ساجدا .. بل منطرحا أمام تمثال!- دون أن يجد حرجا من ذلك.
    الوسيلة الوحيدة للسيطرة على هذا"العقل" وجعله لا ينحرف أو يطغى .. تتلخص في تلك المقولة التي كنتُ أرى أن إخواننا – وأنا منهم – من السلفيين .. يبالغون في تكرارها .. ما الدليل؟
    أي أين الدليل من كتاب الله – سبحانه وتعالى – أو من سنة رسوله صلى الله عليه وسلم.
    هذا الحضور .. والاستحضار لدليل من الكتاب الكريم .. أو من السنة النبوية المطهرة .. يصنع "حاجزا"أو"سدا"بين "العقل" أو بين"جنوح العقل".
    فصلٌ (1):
    آية من كتاب الله – سبحانه وتعالى – كلما قرأتها "تشَّاير أخلاقي" كما يقول الشناقطة .. أي "ترفرف روحي" .
    تلك الآية الكريمة هي قوله تعالى :
    "إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرَادُّكَ إِلَىٰ مَعَادٍ ۚ قُل رَّبِّي أَعْلَمُ مَن جَاءَ بِالْهُدَىٰ وَمَنْ هُوَ فِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ (85)" 85"القصص"
    أما سبب ذلك فهو أن أمي – رحمها الله ورحم أبي – كنتُ إذا أردت سفرا و جئتها مودعا .. تقرأ عليّ هذه الآية الكريمة .. وكنتُ أتعجب – في نفسي- ولكنه . . كتاب الله سبحانه وتعالى.
    فصلُ (2) :
    كنتُ أشاهد فيلما عن أحد رموز الشعر في بلاد شنقيط .. وهو عالم طغى عليه شعره – الفصيح والشعبي - كان الضيف قريبا للشاعر من أبنائه أو من أحفاده ..
    تحدث المذيع أكثر من مرة .. من كون "اغنى" – وهو الشعر الشعبي الشنقيطي – الشاعر "يُحَجَّبْ بيه" أو يرقى به .. وهذا أقرب تفسير لمصطلح"الحجاب"!
    كرر المذيع العبارة .. وأكدها الضيف !!
    سيل من التعجب هاجم عقلي .. هذا الكلام لا يتحدث به"جهلة" بل أبناء بيئة ثقافية إسلامية .. عريقة .. رصينة ..
    ترحمت على أمي – رحمها الله ورحم أبي – وشطح بي الخيال .. تخيلتها على قيد الحياة وقد جئتها مودعا .. فبدلا من أن تقرأ عليّ : آية الكرسي .. والفاتحة والمعوذات .. و"إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرَادُّكَ إِلَىٰ مَعَادٍ ۚ قُل رَّبِّي أَعْلَمُ مَن جَاءَ بِالْهُدَىٰ وَمَنْ هُوَ فِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ (85)"
    بدلا من ذلك تقرأ عليّ :
    يا العقل انتزلولك دارين = توزع قلبك بين منزلين
    معدن للتلياع الثنتين = كلاهما مكمن للوعة الحب
    وحده شرق افقطع اعليبين = منزل في الشرق بين تلين
    وَّحْده ساحل فيها واحل = والأخرى جهة الساحل متورط فيها
    يالله لي ما اثقل غيونين = ما أثقل عشقين
    واحد شرق و واحد ساحل = أحدهما في الشرق والآخر في الساحل.
    ذكر الضيف أن"اغنا"و"شعر"الشاعر يحمل معاني دفينة ..!!
    قلتُ: هذه"الطلعة" لا أظنها قد تُحمل على"التوحيد"!
    وأتصور .. شخصا ضلت له ضالة .. فبدلا من أن يدعو الله – سبحانه وتعالى – ويقول :
    اللهم يا جامع الناس ليوم لا ريب فيه اجمعني بضالتي ... أو غير هذا من الأدعية ..يقول :
    أتمسك دمع العين وهو ذروف * وتأمن مكر البين وهومخوف
    تكلم منا البعض والبعض ساكت * غداة افترقنا والوداع حتوف
    فآلت بنا الأحوال آخر وقفة * إلى كلمات ما لهن حروف
    حلفت يمينا لست فيها بحانث * لأني بعقبى الحانثين عروف
    لأن وقف الدمع الذي كان جاريا *لثم أمور ما لهن وقوف
    !!!!!
    ولتقريب الصورة .. أعني نتاج عدم تقيد جموح "العقل" بقيد"الشرع" ...
    فإذا حُكي لنا بأن أشخاصا نزلوا بقبر "رجل" .. فطلبوه الضيافة .. فأحضر لكل ضيف ما طلبه ..فعلينا أن نتذكر مباشرة قول الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم :
    "931- عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله تعالى عنه: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ قَالَ: إِذَا مَاتَ ابنُ آدم انْقَطَعَ عَنْهُ عَمَلُهُ إِلَّا مِنْ ثَلَاثٍ: صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ، أو عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ، أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ. "رَوَاهُ مُسْلِمٌ."
    ونختم – ختم الله سبحانه وتعالى لنا ولكم بالسعادة – بومضتين من الشيخ محمد يحيى الولاتي ،وهو علم .. عالم . حافظ .. متصوف .. "تيجاني" قح أيضا .. ولا يذكر "شيخه" – على امتداد الكتاب- إلى بهذه الصيغة،أو ما يقرب منها :
    ( زاوية شيخنا أحمد التيجاني رضي الله عنه وأرضاه وعنّا به ){ ص 156}.
    الومضة الأولى :
    كتب "الولاتي" متحدثا عن "الأقطاب" :
    (بخلاف ما يدعيه جهلة المتصوفة في القطب فإنهم يدعون أنه هو المدبر لأمر السماء والأرض ومن فيهما وما فيهما،وأنه لولاه لسقطت السماء على الأرض. ومعلوم ضرورة أن الله عز وجل لم يكلفه بذلك قطعا. بل لم يرد في الكتاب ولا في السنة أنه تعالى كلف مرسلا أو نبيا أو ملكا مقربا بأمر السماء والأرض ومن فيهما بدليل قوله تعلى حكاية عن نبيه محمد صلى الله عليه وسلم سيد الأولين والآخرين "وما أدري ما يُفعل بي ولا بكم إن أتبع إلا ما يوحى إليَّ" { الآية 9 من سورة الأحقاف} (..) فمن ادعى أن القطب هو المدبر لأمر السماء والأرض وما فيهما فقد افترى على الله فِرية عظيمة يُخاف عليه من الكفر – أعاذنا الله منه – بسببها){ ص 320}.
    ويُكمل ..(وقد حمل بعض الجهلة من المتصوفة المدبرات في قوله تعالى"والمدبرات أمرا"على النفوس الفاضلة بعد مفارقتها لأبدانها بالموت،أي نفوس الأولياء فقالوا هي المدبرة لما يكون غي عالم الكون،وهذا أيضا كالقول في القطب فهو أيضا ضلال مبين){ص 322 – 323 (الرحلة الحجازية ) / محمد يحيى الولاتي / تحقيق : الدكتور محمد حجي / دار الغرب الإسلامي / الطبعة الثانية 2009 }.
    الومضة الثانية :
    كتب"الولاتي" ناقلا عن تفسير "روح المعاني" (ثم قال في آخر المسودة ما نصه : (..) الثاني أن الناس قد أكثروا من دعاء غير الله تعالى من الأولياء الأحياء والأموات،مثل يا سيدي أغثني،وليس ذلك من التوسل المباح في شيء. واللائق بحال المؤمن عدمُ التفوه بذلك وأن لا يحوم حول حماه،وقد عده ناس من العلماء شركا وإن لا يَكُنْهُ فهو قريب منه،ولا أدري أحدا ممن يقول ذلك ,إلا وهو يعتقد أن المدعو الحي الغائب أو الميت المغيب يعلم الغيب ويسمع النداء ويقدر بالذات أو بالغير على جلب الخير ودفع الأذى،وإلا لما دعاه ولا فَتح فاه "وفي ذلكم بلاء من ربكم عظيم"فالحزم التجنب عن ذلك وعدم الطلب إلا من الله تعالى القوي الغني الفعال لما يريد. ومن وقف على سر ما رواه الطبراني في معجمه من أنه كان في زمن النبي صلى الله عليه وسلم منافق يؤذي المؤمنين فقال الصديق – رضي الله عنه – قوموا بنا نستغيث برسول الله – صلى الله عليه وسلم – من هذا المنافق،فجاؤوا إليه فقال : إنه لا يستغاث بي وإنما يُستغاث بالله تعالى،لم شيك في أن الاستغاثة بأصحاب القبور الذين هم بين سعيد شغله نعيمه وتقلبه في الجنان عن الالتفات إلى ما في هذا العالم،وبين شقي ألهاه عذابه وحبسه في النيران عن إجابة مناديه،والإصاخة إلى أهل ناديه،أمر يجب اجتنابه ،ولا يليق بأرباب العقول ارتكابه ){ ص 334 (الرحلة الحجازية ) / محمد يحيى الولاتي / تحقيق : الدكتور محمد حجي / دار الغرب الإسلامي / الطبعة الثانية 2009 }.}.
    ويا لله من هذه الإشارة لأصحاب القبوروأنهم :
    (( بين سعيد شغله نعيمه وتقلبه في الجنان عن الالتفات إلى ما في هذا العالم،وبين شقي ألهاه عذابه وحبسه في النيران عن إجابة مناديه،والإصاخة إلى أهل ناديه،أمر يجب اجتنابه))
    وما حذر منه الشيخ"الولاتي" – رحم الله والديّ ورحمه – ناتج عن عدم تقييد"العقل" بـ"الشرع" .. والتهويم وراء سحر الأخيلة .. والخوارق ...
    تلويحة الوداع :
    يحكى أن رجلا زار "شيخا" وبينما هو يجلس في الخيمة .. إذ مرت زوجة"الشيخ" وقد ابتلت ملابسها !!
    وبعد قليل جاء "الشيخ" وسأل ضيفه :
    هل رأيتَ فلانة؟
    قال : نعم. وقد ابتلت ملابسها .. فغضضت بصري.
    قال "الشيخ" : لقد كانت في بحر كذا تنقذ "سمكة"استنجدت بها.
    قال الضيف : سبحان الله وسافرت دون محرم!!
    رزقنا الله وإياكم .. التمسك بما في كتاب الله – سبحانه وتعالى – وسنة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم .. وهذه دعوة للتأمل .. وكما يقول الشناقطة : ما نك لا هي تحكم بيدي يوم القيامة.
    أصلح الله النوايا والأحوال.

    أبو أشرف : محمود المختار الشنقيطي المدني – المدينة المنورة 22 / 12 / 1441هـ = 12 أغسطس 2020م.

  2. #2

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •