أخي وأستاذي الكريم
مشاركتك هذه أسعدتني أسعدك الله
تمنيت هذه المشاركة وتوقعتها ، ذاك أنك الأجدر بين العروضيين بالتوصل إلى وجود مضمون للرقمي يتعدى الشكل إلى المضمون.
أنت الأجدر والأجذر بذلك بين العروضيين لوجود بذرة الرقمي لديك التي تشبه إلى حد كبير ما كان لدي لدى بدئي بالرقمي.
توقعت توصلك إلى هذا إلأ أنه جاء أبكر مما توقعت.
إن مجرد إدراك وجود جديد في مضمون الرقمي يتخطى مألوف الطرح هو المطلوب فهو كإطلاق التيار نقطة البدء ولا بدء بدونه. لأن استطلاع هذا المضمون كفيل بالباقي من تصويب وتوضيح وإثراء وارتقاء كما تفضلت في موضوعك الجميل.
الآن يتحقق تفاؤلي بوجودك وأوقن أن دخولك للرقمي بهذا الفهم سيكون بركة على الرقمي فيما نتفق فيه وفيما نختلف فالهدف هو الصواب.
أما مقولتك :" ولكني كنت أتمنى أن يبدأ طريقته الشمولية هذه بمقدمة واضحة محددة يعلن فيها أهدافه بجلاء تام ، ويبين أسس هذه الطريقة ومبادئها بطريقة الحصر ، ويعرف هذه الأسس وتلك المبادئ والأهداف بوضوح تام ؛ ويجعل لكل منها فصلا أو بابا مستقلا بشرح مختصر واف مستقل عن دروس الدورات والتمارين التي تناسب جمهور الطلبة والتلاميذ ولا تناسب المتخصصين والباحثين الذين يريدون الوصول إلى أهدافهم دون المرور على شرح مستفيض وأمثلة وتمارين ؛ وذلك حتى يدخل إليها من يريد التعرف عليها من الباحثين والمتخصصين على ضوء هذه الأهداف والأسس والمبادئ المحددة والتي تم حصرها ؛ فيبحث عنها عارفا أين يجدها وأين يجد الإجابات عن تساؤلاته بشأنها."
فلها وعليها
هي مقولة صحيحة تنطبق على من يوقن أن هناك مضمونا ما في الرقمي جديدا عما سبقه، وأنه ليس مجرد نقل للتفاعيل من شكل إلى آخر. وهذا أمر أراك توصلت له بسرعة بخلاف كثير من العروضيين الذين أعياني توصيل هذه المعلومة إليهم، وأذكر منهم أستاذيّ الأخوين
1- فريد البيدق وإليه وجهت رسالتي هذه :
http://arood.com/vb/showthread.php?t=887
2- محمود مرعي الذي يرى أن الرقمي هو مجرد تعبير عن التفاعيل لا غير كالعروض رياضيا
http://arood.com/vb/showthread.php?t=115
حيث يرى أن كل ما في الأمر هو تغير شكل الرموز ليس إلا دون أي مضمون إضافي. فمثلا.
مستفعلن = 2 2 3 = × × >× حيث 2 = × ، 3 = >×
ذكر ذلك ولم أهتد إلى رابطه.
وأنا أجد لهما ولسواهما العذر في ذلك، فإن التفاعيل وحدودها تقوم كالسدود في الذهن دون أن تدع مجالا لأي تصور آخر، وغاية ما تسمح للعقل أن يدركه هو تقديم الشكل بصورة مختلفة
وأنا عانيت من ذلك ولا أزال وجاهدت كثيرا للتحرر من أسوار حدود التفاعيل القائمة في ذهني لأنطلق إلى الأشمل.
همسة : كم منا يستطيع أن يتخيل أمتنا في دولة واحدة دون حدود فضلا عن تخيل معايشة ذلك؟
إن من لم يعرفوا التفاعيل هم المرشحون للإيداع في الرقمي، ومن عرف التفاعيل فإنها تشد تصوره الكلي إلى الخلف الأمر الذي يتطلب بصيرة أوسع لمن ألف التفاعيل تخترق حجب حدودها لتستوعب شمولية الرقمي.
أنقل لك من الرابط :
http://arood.com/vb/showthread.php?p=32761#post32761
الشمولية في مجال الفكر
يقال إن فلانا ذو تفكير شمولي إذا كان ينطلق في نظرته للأشياء والأمور كافة من القناعة المسبقة بأن لا فوضى في هذا الكون وأنه بجميع ما فيه من خلائق وما يتم فيه من أمور يسير وفق نظام محكم هو سنة الخالق سبحانه وتعالى.
وعندما يتعلق الأمر بناحية معرفية معينة فإن قناعة الشخص بوجود سنّة شاملة تحكمها سواء أدرك أبعادها أو لم يدركها تجعله ذا تفكير شمولي. ولا يعدوالأمر أن يكون في أحد اتجاهين أو هما معا : إدراك الشمولية ثم تفسير الجزئيات على أساسها، أو إدراك الجزئيات ودراستها على أساس أنها أجزاء أو مظاهر لشمولية تأطرها، والسعي من خلال تجميعها ودراسة خصائصها ووشائجها إلى الوصول إلى تلك الشمولية.
والعروض لا يشذ عن هذا السياق، والشمولية فيه ذات بعدين :
الأولى فيما يخص أوزان الشعر، حيث يكشف الرقمي عن وجود برنامج أشبه ما يكون بالرياضي يكشف قوانين وضوابط ومحددات أشبه ما تكون بالرياضية، هذا البرنامج أودعه الله الوجدان العربي وتجلى في ذائقته التي أنشد عليها شعره قبل أن يعرف العروض، وجاء الخليل بعبقريته الفذة ليكتشف هذا البرنامج بشموليته ثم ليصوغه تسهيلا للفهم على جزئيات اصطلاحية توصيفية كأدوات تحدد مواقع المقاطع من أسباب وأوتاد. شغل الناس بالأدوات عن منهج الخليل، وما لبثت أن أصبحت حدودها الاصطلاحية حدودا إسمنتية تصوغ التفكير على مقاسها التجزيئي فانقلبت من أدوات من شأن ربطها بمنهج الخليل أن يظهر عبقرية الخليل في المنهج والتوصيف إلى وبال طمس فكر الخليل وأضر بعقول العروضيين ومنهم كبارهم فلم يدرك بعضهم وحدة الحكم في الظاهرة ذاتها لاختلاف صيغ التفاعيل، وراح بعضهم يصفّ التفاعيل جنبا إلى جنب ( على عماها - خبط عشواء ) متصورا أنه يبدع بحورا مستعملا تفاعيل الخليل لهدم منهجه.
ومن رائع ما يتعلق بما تقدم قول الأستاذ يقول الأستاذ ميشيل أديب في مجلة الموقف الادبي العدد 373 أيار 2002:"وأكثر ما يعيب كتب العروض القديمة والحديثة، أنها، على الرغم من مظاهر العبقرية، التي لم يكشف الخليل عن أسرارها، لم تحاول تحليل العملية الذهنية التي مكَّنت الخليل من بلوغ هذه القمَّة الرياضية التي لا تتأتَّى إلاَّ للأفذاذ."
أما المواضيع التي تتناول التوصيف الشامل للذائقة العربية في مجال وزن الشعر كما أبدع الخليل صياغتها فهي:
1- ساعة البحور
2- القواعد العامة للعروض العربي ( محصورة ومرقمة )
3- التخاب ( بعد فهم أن الخبب إيقاع مستقل )
4- الاستئثار
5- هرم الأوزان
وقد تم تضمين الدورات مفاتيح لهذه المواضيع بحث يتوسع فيها من يمون مهتما.
والمظهر التطبيقي الآخر للشمولية خارج مجال وزن الشعر من خلال التوصيف الرقمي له أبواب كثيرة بعضها على الرابط الذي ذكرته أستاذتي إباء أعلاه
http://sites.google.com/site/alarood/r3/Home/lematha
حسب ما ورد في التقديم والتفصيل يصح أن نقول إن للعروض الرقمي رسالة قوامها عرض مثال على التفكير الشامل في مجال وزن الشعر شأن من يأخذ بها في العروض أن يكون أهلا للأخذ بها في سواه مما هو أهم وأخطر.التفكير الذي لا يهمل الجزئيات ولكنه لا يتركها تضوغ له تفكيره الذي يتوجه به دوما إلى استجلاء القواعد والغايات الكلية التي من شأن إدراكها فهم التفاصيل كتحصيل حاصل، والنجاة من الغرق في تفاصيلها، الغرق الذي يحيق بالفكر في كل مقاربة جزئية لا تتوخى وجود مفهوم كلي يشمل الجزء، مفهوم تدركه أو تسعى إلى إدراكه.
عناوين هذه المواضيع معظمها في منتدى الشمولية :
http://arood.com/vb/forumdisplay.php?f=102
وفي الدورة العاشرة كثير من العناوين ذات العلاقة :
http://arood.com/vb/showthread.php?t=1836
نقطة في غاية الأهمية تتعلق بأن مقاربة الرقمي وما تقتضيه من نطرة فكرية شمولية كالتيار ينطلق أو لا ينطلق بغض النظر عن قوة ذلك التيار أو ضعفه، وإنما تصلح المقارنة بين تيارين حقيقيين وليس بين تيار سار وتيار يمكن أن يسري ولكنه واقعا غير سار أصلا.
لا شك أن دارسي الرقمي يتفاوتون في استيعاب رسالته، ولكن تيار الشمولية لديهم منطلق بتفاوت بين هذا وذاك ولذا يمكن المقارنة بينهم في هذا المجال.
معظم الخبراء والمختصين يملكون كما هائلا من المعلومات ولكنها تبقى معلومات قائمة على الحفظ والتجمع الكمي، ولو هيئ لأصحابها أن يقتنعوا برسالة الرقمي ونظرته لكونت مددا لتيار دافق. ولكن هذا بعيد كما لاحظت.
قلت في مقدمة دورات العروض :
https://sites.google.com/site/alarood/
" ربما يتراوح قراء هذه المقدمة بين من يسمع من خلالها بالعروض لأول مرة وبين من يتقن العروض بالتفاعيل سواء كان شاعرا أم لا، وبين عروضي يتقن العروض بالتفاعيل. وكلما كان الراغب في فهم الرقمي ذا معرفة أكثر بعروض التفاعيل ازدادت ضرورة أن يدرس هذه الدورات بالتسلسل بدءا من دروس الدورة الأولى على سذاجتها.فالرقمي ذو منطقي رياضي متكامل تقوم كل مرحلة فيه على ما قبلها وتمهد لما بعدها بهدف رسم تصور شامل.
ذلك أن التفاعيل توصيف لوحدات مصطلحية يفترض أن توصيف علاقاتها من تناوب وتجاور وتنافر يتم حسب منهج الخليل الكلي، ولكن دراستها تتم بمعزل عن كلّيّته، ومن توصل إلى شيء من شمولية منهج الخليل فذلك بنفاذ بصيرة مكنه من اختراق قتامة حدود التفاعيل، وقليل جدا من العروضيين من تمكن من ذلك في حدود متواضعة على الأغلب."
أجل إن إطلاق تيار الرقمي لدى من لا معرفة سابقة لديه بالعروض أسهل من إطلاقه لدى من تقوم التفاعيل وحدودها عوائق دونه.
أكرر ترحيبي بك في الرقمي متوقعا الخير الكثير له ولي ولنا جميعا بتشريفك، ووقوفك على وجود مضمون للرقمي يتخطى شكل الأرقام. وأكرر أن ما عليه الرقمي هو مجهود جماعي سيزداد ثراء بوجودك
والله يرعاك
http://www.arood.com/vb/showthread.php?p=33251#post33251