قصيدة:
السفر إليك
لأحمد الرجواني/ المغرب
حيث تدفن صومعة مؤذنها
ألتفت إلى هذا الفضاء الزائغ
قطعة من ثلج وصلصال
أتذوق طعم السير في ثنايا المدن الملحية
أكتب حينها
عبر قلبك الطيب
هذا المساء الجميل
أرسم على وجنتيك
بسمة تطل من فوق تل متجمر
وعلى شفتيك أضع قلبي العليل
لتتبسم ظلال، طيور وأنهار
فقد أضحى الحبر في قلمي
سراجا منيرا.
ينتعش في الكون عراي
ينبثق الصبا من جسدينا
فتحرك شفتانا خفاي
لنقدم للقلوب، بدون استثناء
صبرا، صخرا وصبرا
نضرب دفا
نتمدد أقواسا
ونصرخ في كل القبائل
خزرجا وأوسا
نتلو آيات الحانات والعهارة
لأشتاق عبرك تقبيل البراعم والابتسامات
والأسماء المزهرة
ليمتد فينا العمر كله
ونبقى في هذا الوطن دون انتماءات.
صدرك متسع قابل للتفويت
فهبيني حبيبتي الوجود
لن أدرأ السجود
للقوافل الآتية من نهديك.
الحلم يتبعثر فوق الأشياء
أبديا كالموت يطفو
كما صراخ الصخب الوثني
على وجهي الصيني الصغير
وتبدو فحمية كل البيارق والبيادق
وسحنات ركاب المقبرة
سرادق الهوى ينتشر طللا
ضحكاته سرد مستديم
ولكل فينا روايته الأخيرة
تلقى عند كل الآذان.
أيها الوجه المترقرق
سآتي إليك
كما الموج وبقايا القديسين
آتي إليك
فهل للقمر النائم على صدري
مهدا بين منكبيك؟
أوصورة للحلم الأبدي لديك
مرآة للنازحين إلى قلبي
آتي إليك
فقد أضحى الكون
صمتا ترميه عيناك
في ثنايا هواجس الأسرار
فهل أمست شرفاتي جسورا لديك؟؟
هذه قصائدي معتقات
اجعليها إن شئت
خزائن لحروف الوطن
لأحلامك وانتمائي إليك
لأسمال السماء
لأصوات الراكعين عند قطرات الصدى
لطيفك
لبحار العالم
لعروق دمي
لكل الناس
فكل الناس سواسية
فقط بين شفتيك.
نجيع العالم هاهنا
بين الحلم الضائع
وصوت الغربان الذائع
طريقا لقافلة القدسية
والعشق والسلم المبهم
يسطع بين شدقيك.
هي لحظات تائهة
لا شيء فيها غير أمواج المحيط
الصدى فيها يستلقي
على صدر الوجود
كلمات وصفحات لا تدري نهايتها
كما أي شيء كان يوما
يدفن الآهات في الأحزان
نشوة عارية
تشنق النغمة
تخنق اللعنة
ترسمني طيفا
وتنام في أمان.
يخضر كلما اتسعت عيوننا البحر
والبحر.......هناك
عجوز تسربلت بخطى الريح
تجملت بتقوى دامعة
ورحلت بعيدا
شفتاها زرقة في السماء
الشفق الأحمر لون خديها
وحلمها كان البحر
لأعلم حينها
أنه كان المساء.
لا شيء غير ظل العاصفة
لا شيء غير الرياح المتراكمة في سرايا الزمن
لا شيء يهم غير ابتسامة
تأتي متعبة من بين براثن شمس الأصيل
تسكنها ابتهالات القتيل.
دمعة هي ذي رموشي
تنبذ العويل
شمعة هي ذي عروشي
تتسع لكل غسيل
في راحتي سر الكون
من راحتي يتيمم الكون
على راحتي يصلي لكل الأطفال الجائعين
لكل الضائعين
وحتى للمندسين
وربما لكل المستبدين
وأنت يا أنت
أيتها الملتحفة صدري
أنت حبيبتي
حتى ولو رشفت دمي
وجعلت للدنيا في كفيك
وللعصافير مثلي
دموعا وسكاكين
لن تكوني إلى يوم الدين سوى حبيبتي
فاسرقي إن كنت تقدرين
استبدادي وادخلي العرين
اعصفي بأجدادي
كل أرض ودين
لن تكوني بالرغم مني سوى
هذا القلب الحزين
لن تكوني إن شاء رب العالمين.
سوى حبيبتي.