الاخت الفاضله
ام فراس الموقره
احترامي
فنون الاعداد والالقاء من جنس العمل التليفزيوني والاعلامي عموما
لكل مقام مقال
---------------------------------
عندما تخترق ذهن الإنسان كلمة جديدة , يحاول البحث عن معناها , وإدراك قيمتها اللفظية ..
والعقل الإنساني هو استقبال وانتباه وإدراك ..
ودرجات الاستقبال والانتباه لدى كل فرد منا تختلف عن الآخر بمقدار الاختلاف في الطبائع , والاختلاف في مدى الحساسية بالكلمة وتحريفها وتصريفها ,
هو نفسه الاختلاف في استقبال الكلمة والانتباه لمعناها وإدراك خلفياتها ,
ودرجات الاختلاف متباينة بين فرد وآخر , ولكنها تجد لدى المفكر أو المبدع صدى أعمق وحساسية أقوى .
وقد تخلق لدى المبدع حالة من حالات الإبداع .
وهذا ما يحدث لكثير ممن يحسون بقيمة الكلمة أن الكلمة إن كانت تخلق شعرا أو نثرا .
ومن هنا وجد الشاعر , ووجد الروائي , كما وجد المتذوق للكلمة ايا كان ناقدا أو صحفيا أو معلقا ..
ولكن اهتمام كل هؤلاء بقيمة اللفظة ومعناها , يختلف باختلاف مدى الحساسية ومحتوياتها النفسية .
فالشاعر تهزه شفافية الكلمة , أو قوتها الانفعالية ,
أما الناقد فيجد في الكلمة وجهة نظر يحللها
وأما الصحفي فإنها تشد انتباهه لسبق صحفي يحرزه .. الخ
ولنأخذ مثالا حيا في لفظة حياتية تعاني منها المئات من الأسر اليوم , والكلمة هي إيجار
إن هذه الكلمة مجردة من الشفافية بل هي اقرب إلى الرتابة , ولكنها ستشد الشاعر إذا كان يعانى منها , ستجعله يكتب الشعر مثل شعراء المهجر , وكأنه يحدث بيته وطفولته في ما يملكه بوطنه أو ينصب نفسه داعية ضد مالكي العقارات في قصائد منظومة عن التشكيل الاجتماعي بصورة أو بأخرى أما الناقد فانه يجد في الكلمة وجهة نظر يدعو الجميع لتبنيها في أعمال أدبية لدراسة المشكلة من مختلف جوانبها , أما الصحفي فيسعى وراء هذه الكلمة من مختلف مصادرها ليقدمها في تحقيق صحفي .. ويبقى الروائي بين هؤلاء جميعهم , فان الكلمة تخلق لديه جملة والجملة تجر وراءها صفحات والصفحات تدون الوقائع في سلاسة تثير جوانب حياتية متعددة وتقدم انماطا مختلفة من البشر ...
فان كلمة " إيجار " تعنى وجود شخصيتين , شخصية المالك وما ترسمه الكلمة من صفحات شخصية فيه وشخصية المستأجر وما ترسمه الكلمة ومن جوانب حياتية معينة , كما إن الكلمة تعنى حياة مجتمع بأكمله يعانى من أزمة سكن , تبحث في نظام اقتصادي واجتماعي كامل , وهذا يظهر كله من خلال علاقات اجتماعية يبدع الروائي في إعطائها الصبغة الواقعية بخيال خصب وكلمات مؤثرة وعميقة .. وقد تكون العلاقات الاجتماعية الواضحة في الرواية تنقل إلينا صورة المعاناة التي يعيشها أبناء المجتمع من غلاء الحياة متمثلة في الإيجارات , وان هذا الغلاء سيعطينا صورة عن العازب الغير قادر على الزواج بسبب أزمة المساكن , وتعنى للمتزوج ان يعيش دون مستواه أو أن يستدين . وهذا كله يقوم الروائي بإخراجه في عمل ادبى يحدد فيه نقاط الخير والشر في مثل هذه القضية .. من هنا فان الرواية تتخذ شكلا من أشكال الشمولية التي قد تكون محدودة أو لا محدودة , وهذا مالا يستطيعه الشاعر في قصيدة , و الناقد في مقالة , أو الصحفي في مجرد تحقيق وإذا تمكن اى منهم أن يبحث الموضوع من جميع جوانبه التحليلية , إلا انه سيعجز أن يجد فيه الرابطة والصلة الموضوعية ذات النغمة الواحدة والمشتركة , التي قد نجدها من خلال العمل الروائي .