الجزء الثانى من حلقة تفريج الكربات- هذا ديننا
هل الكروب تكون نعمة من الله سبحانه وتعالى أم تكون انتقاماً من الله عز وجل للعبد جراء صنيعه في الحياة إذا كان مذنباً، ويذهب للفحشاء.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أولا: نحن في هذه الدنيا، والدنيا كلها لا تساوي عند الله جناح بعوضة، لكن المؤمن لما يتقي الله هو أعظم حرمة من الكعبة، كعبة الرحمن التي يتوجه إليها القصار على مر الزمن إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، ابن عمر ينظر إليها ويقول: يا كعبة الرحمن ما أبهاك وما أجملك وما أعظم حرمتك ولكن حرمة المؤمن عند الله أعظم من حرمتك، تخيل المؤمن هذا.
قال سيدنا علي: وتحسب أنك جرم صغير وفيك انطوى العالم الأكبر.
لما أهديت مناديل حرير من اليمن إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم تعجب الصحابة، ما ألينها وما أنعم هذا الحرير قال: والله والذي بعثني بالحق نبيا لمناديل سعد بن معاذ في الجنة ألين وأنعم من هذا الحرير، أتضحكون من دقة ساق ابن مسعود والذي بعثني بالحق نبياً لساق ابن مسعود في الميزان يوم القيامة أثقل عند الله من جبل أحد.
الكرب تطهير ورفع درجات وتنبيه للغافل وإعانة للذاكر ثم رحمة من الله عز وجل وإن كان العبد ظالماً فالله عز وجل أكرم من أن ينتقم من عبده لأن العبد كما قال أحد الصالحين يا رب أنا أنا وأنت أنت، أنا العواد إلى الذنوب وأنت العواد إلى المغفرة، الله يغضب من العبد إذا لم يسأله، يقبل الله من المحب مالا يقبله من غيره، كيف؟ الإنسان الذي له دلال عند الله، الزوجة الصالحة عندها 9 بنات مات زوجها فدخل تابعي التابعين يعزونها (جيرانها): ماذا تصنعين؟ من أين تأكلين ومن أين تطعمين البنات من أين؟ هذه المرأة تجدها صناعة أخرى قالت كلمتين (ولو أخذها المشاهدون عنوانا، سبحان الله قالت عهدت زوجي أكالاً لا رزاقًأ فإن ذهب الأكال فقد بقي الرزاق، هذه كيمياء السعادة، إنسان يصير له هذا القلب.
الكرب ذات الشيء، كان العلماء يعلموننا حين كنا صغار ومازلنا صغار نحن على مدارج العلم نتعلم، يقولون في شئ اسمه حنان الألم، الألم عندما يأتي، الله عز وجل يعطي المصيبة ويعطي بجوارها الصبر، يلهم العبد اليقين.
الحسن البصري دخل يعزي الرجل في ابن وحيد قد مات، فوجده صابراً محتسباً مبتسماً مرحباً، قال يصنع العاقل ما يصنعه الجاهل بعد 10 أيام، فهم الموضوع من أوله. ماذا صنعت زوجة الصحابي لما مات ابنها غطته (القصة المعروفة) الأمانة وضع جيراننا الأمانة- أصحاب الأمانة هذه قلوب موصولة بالله.
الكربات ليست انتقاماً وإنما هي تطهير وتذكير وإعانة للمؤمن ولغير المؤمن أن يفتح باباً مع الله عز وجل أو أن يفتح طريقاً أو أن يعلو درجة نحو رب العباد عز وجل ففي كلها خير.
انظر إلى الحديث: يقول الحديث القدسي أنه من جاءني تائباً (مرحباً بالتائبين) تلقيته من بعيد ومن ذهب منهم عاصياً ناديته من قريب إلى أين تذهب أوجدت رباً غيري أم وجدت رحيماً سواي أهل ذكري أهل شكري، أهل طاعتي أهل محبتي أهل معصيتي لا أقنطهم من رحمتي.من تاب إليّ منهم فأنا حبيبهم ومن لم يتب فإني طبيبهم وأنا إليهم أرحم من الأم بأولادها، أي جمال هذا أي رحمة بعد هذا.
حتى أضرب لك مثال بسيط، كان لنا علماء فضلاء رحمهم الله كان أحدهم يقول يا بني عندما يصيبك الهم والكرب، لا تقل يا رب عندي هم كبير قل يا هم عندي رب كبير، لا كبير مع الله، وهذا الهم وهذا الغم إما مني وأنا السبب أو أنه ابتلاء من الله عز وجل.
جعفر الصادق كان يعزي الحسن البصري يقول له أطع من أحسن إليك وإن لم تطعه فلا تعص له أمراً. يعني يجب أن تطيع الأوامر، لم تطع خليك على الصفر لا تذهب نحو السالب.
يا حسن أطع من أحسن إليك فإن لم تطعه فلا تعص له أمراً، وإن لم تطعه وعصيت أمره فلا تأكل من رزقه، وإن لم تطعه وعصيت أمره وأكلت من رزقه وسكنت داره فأعد له جواباً وليكن صواباً ( جهز نفسك ماذا سوف تفعل؟).فلما يجيء الكرب على قلب يتعلم هذا التعليم يصير القلب مصقولا.
قلب المؤمن: قطعة ذهب قد اختلطت بها معادن خسيسة أخرى من عجب ورياء وغش وتدليس، ولما تدخل في آتون الاختيارات والابتلاءات تخرج ذهباً خالصاً ابريزاً تسر الناظرين من الملائكة والصالحين.
إذا كان هذا الابتلاء من الله سبحانه وتعالى والكربات حب من الله على اختلاف درجات الحب أو منع المعصية، إذا أصابني مكروه وأصابتني مصيبة استسلم أم أطرق أسباب الخير والدعاء من هذه المصيبة والمكروه؟