منتديات فرسان الثقافة - Powered by vBulletin

banner
النتائج 1 إلى 3 من 3

الموضوع: سطو

العرض المتطور

  1. #1
    سطو
    في ظهيرة شديدة القيظ من أيام حزيران ، خرجت من منزلي في الرباط ، قاصدة المدرسة ، الشارع طويل موحش يخلو من أي مخلوق ، في وسطه أشجار باسقة تتدلى أغصانها ، كنت أمشي الهوينى ، فما زالت دقائق تفصلني عن موعد بدء الدرس الأول ، والمدرسة على بعد خطوات قصار
    في الليل ، في شارع طويل موحش تتوسطه أشجار ، كنا نسير وحيدين ، أنا وأنت يا حبيبي ، كفك حمامة تحط في يدي ، كلماتك غيث ، تتشربه روحي ، وأنا جذ لى أزغرد
    - أحببني ، أرجوك
    تكبر كفك في يدي ، أمواج من الحنان تحيط بي وتبعث في أعماقي البهجة
    - عانقني ، طوقني بساعديك
    أحلامي سهلة محبطة ، مهيضة الجناح ، وأنا نشوى ، حديثك عذب يحييني وينقذني من وهدتي ، كلي أذان تصغي لئلا يضيع حرف من حروفك الرائعات
    تحدثني عن أمالك والتطلعات ، وأنا أتشبث عل اللحظة تكبر وتستطيل ، أشعر أنني أسير بين النجوم ، أنا بقربك مليكة هذا الكون وأنت مولاي
    صوتك ساحر يجعل الأماني تتناسل وتنمو ، تتفرع منها الأغصان ، وتزهر الثمار
    لم أستمريء الفرح يا حبيبي ، ولم أعتد البهجة ، فسرعان ما تعاونت مجموعة أياد لتغتال مني الألق وتخنق في نفسي الوهج
    أأنت غاضب ؟؟ يعصف بي غضبك هذا وتزداد حيرتي ويشتد قلقي ، لم الغضب ذاك ؟ ولم أجن إثما .... ماذا نقلوا لك ؟ وأي نوع من الآثام اقترفت يداي ، يشلني شعوري بالظلم ، أتصدق كل ما يقولونه عني وتقسو وانت بحر حنان ؟ يستمر غضبك ويتضخم وأنا حيرى ، لم تدع لي مجالا للدفاع عن نفسي ، أمن غير ذنب تعاقبني ؟ تهرب مني وأنا أجري خلفك أناديك أن عد يا حبيبي فلا يخرج صوتي ، لم أعد أرى إلا إياك ، وأنت ضنين علي بالتحية ، غضبك رهيب ، ما أقساه ، يتسلط على نفسي ويفقدني توارني
    شيء بارد يقف على رقبتي ، سكين حاد نصلها تقطع حقيبتي اليدوية وهي على كتفي ، صوت قهقهة مكتومة يسخر مني
    - بمن تحلمين أيتها العجوز ؟؟
    أسمع صوت الدراجة البخارية يبتعد ، ألحظ راكبها من الخلف ، يبدو مجعد الشعر أسوده ، يرتدي الجينز ، لم أستطع تسجيل رقم الدراجة ، كل ما فعلته أنني صرخت :
    -أيها اللص ، أعد إلي حقيبتي
    أنت جميل في كل الأمور ...... في حديثك وسكوتك ، في ابتسامتك
    وعبوسك ، أفزعني غضبك ذاك وأيقنت أنني قد فقدتك
    أعدو خلف الدراجة ، ولكن عبثا ، تدخل في أحد الفروع الجانبية ،
    أبقى لوجدي مرعوبة ، سرقوا أوراقي وهويتي وجنسيتي والمفاتيح
    كل شيء سرقوه يا حبيبي
    الوطن ، الأهل ، الأصدقاء ، الهوايات ، الاهتمامات ، الشعور بالأمان ، لم يبق لنا ألا الخيال
    - كيف تمكنوا منك أيتها البلهاء ؟ يسرقونك في عز النهار ؟
    خيالي يكبر ،، أراك في يقظتي والمنام ، أي قدرة لك على الظهور ؟
    رؤيتك تبعث في نفسي السرور ، فجأة تنبع لي ، لاشيء قربي ، وإذا بي أراك ، أحالمة أنا ؟ أدعك عيني علني وسنى ، لكنك حقا هنا .....
    أهرع لأسلم عليك ، منذ دهور لم تكحل عيني طلعتك ، أمسك نفسي ، وانظر وإذا بك تبتعد ، أما زلت غاضبا مني ؟
    - أي شيء فقدت يا آنسة ؟؟؟
    - كل شيء
    - عفوا ؟؟
    - فقدت حقيبتي ...
    - - هل استطعت رؤية السارق ؟؟؟
    - رأيت ظهره فقط
    جئت مودعا ، ألحظ طيف ابتسامة على محياك ، أدرك بأنني لن أراك بعد اليوم
    تمضي السنون وآنت تظهر لي ثم تختفي ، أحقا أنك تظهر أم يتراءى
    لي ؟ كل شيء أصبح بمقدوري أن أصنعه ، وبالخيال ، فما أعظم طاقتي وما أفظع جنوني
    -ماذا أضعت ياعانسة ؟
    - ضاع عمري كله بنصل السكين
    صبيحة شبر

  2. #2
    مزاوجة بين خيال السارق وخيال بطل القصة كانت ممعتة ورائعة وتقنية ناجحة..
    وتثبيت
    [align=center]

    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    ( ليس عليك أن يقنع الناس برأيك ،، لكن عليك أن تقول للناس ما تعتقد أنه حق )
    [/align]

    يارب: إذا اعطيتني قوة فلاتأخذ عقلي
    وإذا أعطيتني مالا فلا تأخذ سعادتي
    وإذا أعطيتني جاها فلا تأخذ تواضعي
    *******
    لم يكن لقطعة الفأس أن تنال شيئا ً من جذع الشجرة ِ لولا أن غصنا ً منها تبرع أن يكون مقبضا ً للفأس .

  3. #3
    قصة رائدة وشامخة وتستحق التثبيت , استمتعت بها وشكراً

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •