الرد المهم

تهافت مقال : الزنادقة الذين قامت على أكتافهم الحضارة العربية الإسلامية ...
كتب أحدهم مقالاً بعنوان ( الزنادقة الذين قامت على أكتافهم الحضارة العربية الإسلامية )، وفي طريقة هذا المقال تضليل وتحريف وجب أن نرد عليه، وذلك من خلال النقاط الآتية :
1_ إن صاحب هذا المقال قد كتب مقاله بعقلية اليوم (المتخلفة) ولم يستطع أن يضعنا بصورة عقلية زمن الحضارة العربية الإسلامية .. عقلية ذلك الزمن الزاهر الذي كان ينظر للآخرين من البشر مشاركين له في مشروعه الحضاري العظيم .. عقلية : لكم دينكم ولي دين ... عقلية جعفر الصادق الذي كان يقول: (من لم يكن أخي في الدين فهو أخي في الإنسانية) .. عقلية البيروني الفارسي الذي كان يقول: (لئن تهجوني بالعربية أحب إلي من أن تمدحني بالفارسية) .. إن هذا التعايش الرائع هو الذي أبهر علماء الغرب، فلم يكن يُنظر للمبدع على أنه يعتقد كذا أو كذا، وإنما كان يُنظر لإبداعه ...
وليعلم صاحب المقال أن هذا التعايش هو الذي جعل أوروبة وأمريكا ترتقيان في سلم الحضارة، فاليوم يعيش في الغرب مختلف الملل، وعلماء الغرب من ديانات واعتقادات شتى، ولا يُنظر للشخص إلا من خلال إبداعه ...
2_ ثم إن صاحب المقال بيَّن رأيه في أن هؤلاء زنادقة، وبكلمة واحدة وبسهولة عجيبة، وجزم بذلك، مع العلم _ وهذا أمر فاته _ أن كتباً كثيرة قد كُتبت عن هذه القضية، فبينت أن القضية تتعلق بالفلسفة وأن أفكارهم هذه تحتمل عشرات التآويل، فإذن أفكارهم تأويلية أكثر منها حقيقية، فمالذي تجزم به يا صاحب المقال وهل قرأت سطراً من هذه الكتب حتى تختصرها بكلمة واحدة (زنادقة) ؟!! ...
3_ ثم هل عرف بطل المقال أن معظم المترجمين في الحضارة العربية الإسلامية ما كانوا من المسلمين بل كانوا من ملل ونحل مختلفة، ولم يُنظر إليهم من هذه الزاوية ...
4_ إن هذا المقال قدَّم خمسة علماء وحكم من خلالهم أن الحضارة العربية العربية الإسلامية قامت على أكتافهم! فأين ذكره لمئات العلماء الآخرين الذين لم يكونوا كذلك ...
5_ إن هذا المقال يدل (من حيث لا يشعر صاحبه) على تلك الحرية الفكرية وذلك التعايش المشترك الذي اتصفت به الحضارة العربية الإسلامية ..
6_ واضح جداً أن صاحب المقال في عقله شيء أراد أن يثبته فاختار نماذج تتناسب مع ذلك، وأنه لم يرد الحقيقة مطلقاً ...
7- لو كلف صاحب المقال نفسه قليلاً في البحث في سيرة ابن سينا أو في سيرة ابن الهيثم لما كتب ما كتب..
ابن الهيثم كان يقول : (( سعيت دوماً في طلب العلم وتفضيل الحق، وآمنت بأنه ليس ينال الناس من الدنيا شيئاً أفضل وأقرب إلى الله من طلب العلم وتفضيل الحقيقة.. )) وقال في آخر أيامه وهو على فراش الموت : (( إليك المرجع وإليك المصير يا رب، عليك توكلت وإليك أنبت)) .
أما ابن سينا فكان يقول أنه كلما استعصت عليه مسألة كان يلجأ للمسجد للمسجد ويصلي لله فتنكشف له أسرار المسألة ...
المشكلة تكمن أنه في تلك المدة تم تكفير كل من يشتغل بالفلسفة ولك في ذلك مثال كتاب تهافت الفلاسفة ..
لكن ابن الهيثم وغيره من العلماء المسلمين كان يتقربون إلى الله بعلمهم واكتشاقاتهم ، خذ مثلا على ذلك العالم الفلكي الشهير البتاني الذي اعتمد كوبرنيكوس على أعماله في إثبات دوران الأرض حول الشمس ومركزية الشمس كان دائماً يردد : (( إن الإنسان ليصل عن طريق علم النجوم، إلى برهان وحدة الله ومعرفة عظمته الهائلة، وحكمته السامية، وقوته الكبرى، وكمال خلقه ..))
الرازي بدأ كتابه بـ بسم الله الرحمن الرحيم ,وقال في المقدمة : " إليه الشكر والحمد ، ونستجلب منه المزيد، فهو الغني الجواد، لا إله إلا هو الرحمن الرحيم"
لقد وجد هؤلاء وربما صاحب المقال منهم- بأن استدعاء تاريخ الاختراعات كنوع من البعث النفسي للأمة العربية الإسلامية للنهوض من جديد خطر على أفكارهم الإلحادية فراحوا يصورون العلماء العرب المسلمين على أنهم ملحدين كفرة زنادقة ...

كتبها الدكتور عمار النهار.
ردا على Mhd Habash

العلم ثم العلم ثم العلم