يا غير مسجل دراسة انطباعية لرواية /طواحين النار

دراسة انطباعية حول رواية طواحين النار د. ريمه عبد الإله الخاني


ل الدكتور عبد الخالق كلاليب

من مواليد مدينة حمص _ سوريا عام 1962.
خريج كلية الطب البشري جامعة دمشق.
متزوج من طبيبة ولدي ثلاث بنات و ولد.
أول أعمالي المنشورة رواية تاريخية بعنوان (طواحين النار) صدرت عام 2010 عن دار الإرشاد للنشر في حمص.
صدرت له رواية لليافعين بعنوان (المدينة المفقودة) كعدد أول في سلسلة مغامرات وفانتازيا خاصة باليافعين عن دار الهدهد للنشر في دبي عام 2016.
********
عمل تاريخي تشرفنا بتحميله وطرحه على مجموعتنا الواتسية للقارئ النهم.
يحمل 250 صفحة من القطع المتوسط، نشرته دار الرشاد.
وسندرج أول بأول انطباعنا حول هذا العمل الجميل:
رواية طواحين النار:
الغلاف تقليدي نمطي ، لكنه معبر ومشوق للمحتوى.
والعنوان غير مسبوق، يفتح شهية القارئ لدخول متن النص.
فالقارئ يبدأ بهما ليسيل لعاب الفكر وتقاطعه مع رؤية الكاتب:
يطالعنا بداية قول مأثور لابن عطاء السكندري:إذا أشكل عليك أمران ، فانظر أيهما أثقل على النفس واتبعه فإنه لايثقل عليهما..إلا ماكان حقا.
وكأنه يقدم لنا ملامح من تفكيره الملتزم.
فلما تقرر الأمر بينهم وبين هذا المعلوم الزرّاد جاؤوا إلى الشباك ففتحوه ودخلوا منه وصعدوا جماعة كثيرة (العدد)بالحبال، فلما زادت عدّتهم عن خمسمائة ضربوا البوق وذلك عند السحرن وقد تعب الناس، من السهر والحراسة.
الكامل في التاريخ ـ لابن الأثير.
إنه تصوير بانورامي للحدث، وتمهيد لتعريفنا بزمنية وبيئة العمل.
يطالعنا بصفحات وصفية حتى الرقم 8 حيث يبدأ بذكر زمن السلاجقة وخاصة ياغي بسّان:
وهو مؤيد الدين ياغي سيان بن محمد بن ألب السلجوقي ابن امير انطاكيا محمد بن الب. عينه ملك شاه الذي أستولى على انطاكية عام 1085 أميرا أو والياً عليها حوالي عام 1090. وكان له ابن هو الامير شمس الدولة وابنه.
وحال الناس فيها وعناءهم من الاحتلال الصليبي.
ويلفت نظرنا الوصف الإنشائي الجديد:
كان الزمن يمضي متباطئا كحيوان خرافي من حيوانات الماضي، السحيق، هارسا تحت قدميه آلاف من البشر....
ص9:تاركين الغرباء وحدهم(وليس لوحدهم وهو خطأ ششائع بين الأدباء)
هزيمة الجيش الذي يقوده "فخر الملوك رضوان" والذي جاء لإنقاذ المدينة بعد معركة لم تطل ...[1]
وهو "فخر الملوك رضوان" بن تتش حاكم من قبل الصليبيين.
بحر لزج من القلق ص 9
مقبرة ضخمة تضم آلافا من الجثث الحية التي أصبح يحركها الخوف أكثر مما يحركها الأمل ...ص 10
تصوير جديد، نلمس فيه كلمات: هارسا، قلق لزج، جثث حية.
هل هنا نلاحظ تأثير الكلمات الطبية فيها؟
وقد كنا قرأنا رواية الحروب الصليبية لروائي اللبناني أمين معلوف وتلته كتبا اخرى تفرعت عنها استدعاء كما تضمنت من ذكر مثلا عن الحشاشين فكان كتاب الحشاش ل محمود أمين الخ..
والآن هيا معا عبر تلك الرحلة الممتعة كما نرى.
يتبع.
22-12-2017

---

[1] من كتاب فتح صلاح الدين الأيوبي لبيت المقدس بين السياسة و الحرب
بواسطة جاسر علي العناني

مازلنا مع طواحين النار، تلك النار التي تطحن الناس طحنا فتشردهم من حيث كانوا متمسكين بأرضهم وحياتهم...
تظهر لنا في الصفحة فاطمة وزوجها أبو محمود، وحديث عن خيانة الزراد لبلاده، وفي الصفحة 15 جرى بعض وصف للهزيمة، -مشاعر حالكة كالحبر الأسود-.
كان على المؤلف الاسترسال فيها، أكثر من الطروف الاجتماعية، ويدخل زكاري النجار النصراني المسيحي السرياني وزوجته مريم وعبارة يقولها لأبو محمود ملفتة: سأظل ابن هذه الأرض وابتعادي عنها ، أفضل من أخذها مني وأنا فوقها.. ص 23
ظن أن..وليس ظن إن أبناء هذه الأرض.
وتظهر لنا جملة مهمة جدا من زكاري:
أرأيت الرجال الذين فتحوا باب الحراسة ؟، أنا أعرفهم ، إنهم أرمن ، وهم يظنون أنهم بمساعدتهم للغرباء ، فإنما يعملون للمسيح... ص 24
جملة إنشائية معبرة: كانت الدنيا مازالت تضحك لي مخفية أظافرها الحادة تحت طلاوة أيام الشباب.
ونستمر في المتابعة، وقد وصل إلينا انطباعا عن لغة رصينة معبرة ، وألفاظها مختارة بعناية.
مثل ما جذتنا العبارة: كنت قرات كتبا ومخطوطات من الكثرة والأهمية، بحيث تكفي لتثقيف خمسة شباب مجتمعين من شباب غرناطة...ص 32 ، والسؤال هنا: كيف فتنته الفتاة بنت التاجر اليهودي المهاجر لغرناطة لمضايقات جنود البيزنطيين، وهزته ؟، وبرغم نصح من حوله مع إخوته ومنهم عبد الله وعبد الجبار؟.
ويذكر معلمه : ابو عبد الله حيان بن العلام البغدادي الذي يقرا المترجمات وباللغات الستى في عصره.[1]
وينصح فتاه المستنصح: العشق عدو العقل دائما.
يسرم لنا المؤلف وصول محمود لحلب وعمله مع عمه!، أليسوا من المهاجرين إلى غرناطة؟.
يمر ذكر القائد كربوغا للمرة الثانية:[2]وعجزه عن تحمل تصرفات أمير الموصل، والوضع السيء هناك.
محمود يرحل من غرناطة..وتطالعنا عبارة ابن العبرب في تاريخ مختصر الدول: ولبث الفرنج في البلد أسبوعا يقتلون فيه المسلمين، وقتل بالمسجد الأقصى مايزيد عن سعبين ألفا. ص 60.
إنه فتيل البحث عن مجريات التاريخ الحقيقي، لكنه ليس سردا تاريخيا بحال، بل كان يمر من خلال الأبطال شفافا، كرؤوس الأقلام...
يتبع

---

[1] ابن ملكا البغدادي (480-560هـ / 1087 -1165م) أبو البركات هبة الله بن علي بن ملكا البغدادي، طبيب وفيلسوف اشتهر في القرن السادس الهجري / الثاني عشر الميلادي. لقب بأوحد الزمان، وعرفه عامة الناس باسم البلدي. ولد ونشأ بالبصرة، ثم سافر إلى بغداد وعمل في قصور الخليفتين العباسيين المقتدي، والمستنصر، وحظي بمكانة عظيمة، حتى لقب بفيلسوف العراقيين في عصره.

[2] الأمير قوام الدين أبو سعيد كربوغا بن عبد الله الجلالي هو أمير تركماني من مماليك السلطان السلجوقي ملكشاه بن ألب أرسلان، من قادة حركة الجهاد الإسلامي ضد الصليبيين. كان أميرًا للموصل، وتولى تربية عماد الدين زنكي وتعليمه فنون الفروسية والقيادة والقتال.

يقدم المؤلف صورة عما يجري حين هزم كربوغا وتولى أمر انطاكيا بجيش بسيط لضعف حال المسلمين حينها.[1]
ومازال محمود يبحث عن فرجة للرحيل لبغداد عبثا، وهو مازال في حلب مع زوجته وأهل زوجته.
وتتوازى ذكريات فاطمة والدته ورحيل والده وكثرة سفره مع مايبحث عنه محمود، وهنا يحصل معنا بعض تشويش من تلمس الحدود بينهما الواضحة، لان والدته ايمها فاطمة وحبيبته التي اراد تزوجها اسمها سارة والدته تمنت تزويجه من سعيدة، فمن هي فاطمة زوجته الآن؟، هناك التباس يقع فيه القارئ ..
ومنذ الصفحة 95 يجري وصف مكوثه في الشام..وتعتبر الفواصل بين الفصول كلفت نظر للأحدث التي تجري في تلك الحقبة.
وإن كان هناك مصداقية تاريخية في السرد، فإنها كبلت المؤلف عن التحليق في سماء الخلق الإبداعي .
وبينها يتخلل مايجري بين محمود وزوجته التي تتألم لتكرار رحيله وعودته.
يبادرنا سؤال العلام لمحمود:
إلامَ وصلت ؟، هل تكشفت لك حدود العقل اللامتناهية؟ حقدا وقسوة وحبا وحنانا؟.\هل هذه تختصر الرواية؟، حيث يتذكر سارة ويقول: ذات يوم أحببت سارة...لم يعد يذكرها مني سوى غريزتي ..غريزتي وحدها، والتي من الممكن أن تقبل آلاف النساء بدون تمييز، هل هو التعقل هنا؟ص 143

زيارة محمود لحمص، وذكر مناقبها والأحداث فيها و أكثر من سبعين صجابي يستشهدون على أرضها.
مالتوظيف الروائي فيها؟.
هل لأنها ممسقط رأس المؤلف ويحبها؟ ونحن نحبها كذلك.حتى ص 168
استقرار محمود في حمص وصار شريك سليمان تجاريا ص 193
ألكسوس وجبير وصداقات تثير الأسئلة....
*******
الرواية كاول عمل للمؤلف يعتبر جيدا، رغم البون الواضح بين الحدث التاربخي والحدث الدرامي.
نترك الباب مفتوحا لرأي القراء.

---

[1] بوهيموند الأول. أمير تارانتو ثم أنطاكية بعد مشاركته في الحملة الصليبية الأولى عام 1096 واستيلاءه على انطاكية.

حقيقة تتلمس إخلاص المؤلف لعروبته ، من سطوره، ونبشه للتراث والتاريخ، ربما هو الأسلوب والطريقة ، ونبارك للمؤلف مولوده الأدبي الاول.
ناجي أبو عيسى -غزة