لغة الإشارة .. بين الزوجين هل تكون حلا؟!!
لغة الإشارة .. بين الزوجين هل تكون حلا؟!!
أمسك بتلابيب القلم .. فينزع نفسه .. أقبض عليه بقوة .. يحاول التفلت!! كأن لسان حاله يقول : أأكتب عن مؤسسة الزواج مرة أخرى؟!
فيحرجني السؤال .. لا أستطيع أن أحصر عدد المرات التي كتبت فيها عن العشق الزوجي ... من كراس "قصور على أعمدة الريح : السعادة الزوجية أقرب إليك من .. والتعاسة كذلك) .. مرورا بـ (حتى لا نعين الشيطان عليهن : كلام في العشق في الزوجي) .. وصولا إلى (الوفاء للزوجة ... ).
كأن القلم وجد فرصة في تحرجي .. فحاول نزع نفسه من قبضتي .. فشددت عليه!!
أردت أن أهدئه .. بحديث من كلام المصطفى صلى الله عليه وسلم .. فهدأ قليلا .
في صحيح مسلم عن جابر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
(إن إبليس يضع عرشه على الماء ثم يبعث سراياه فأدناهم منه منزلة أعظمهم فتنة يجيئ أحدهم فيقول فعلت كذا وكذا فيقول ما صنعت شيئا قال ثم يجيئ أحدهم فيقول ما تركته حتى فرقت بينه وبين امرأته قال فيدينه منه ويقول نعم أنت قال قال فيلتزمه) أو كما قال عليه الصلاة والسلام.
سكن القلم .. قليلا .. فقلت أقص عليه قصة ..
زوجة عاشت سعيدة مع زوجها .. سنين عددا .. تسافر في كل عام أكثر من مرة .. لكأنها رحلة الشتاء والصيف .. تعيش في رغد .. حتى اكتشفت صدفة أن زوجها قد تزوج "مسيارا".. لم "تستخير" ... لم تجلس مع نفسها فتحسب الأمر من جميع جوانبه .. الربح والخسارة .. وقد .. أقول قد تقدر أنه كتم زواجه عنها .. وحرم الأخرى من حقها الشرعي في المبيت ليلة بعد أخرى .. حبا لها .. وتقديرا لها .. ولا فكرت في حياتها بعده .. بل لعل ..شُييطينا ضمه والده "اللعين" تلك الليلة،وقال له أنت .. أنت .. حين أصرت على الطلاق .. فحصلت عليه .. فعاشت التنقل بين الشقق المستأجرة .. بل رميت بأنها قد تزوجت "مسيارا"!!
سكن القلم .. وكأنه أخذ يفكر في عمق!!
وربما سأل نفسه ما الذي يجعل الشيطان يسعد كل هذه السعادة بانتهاء علاقة زوجين ؟!!
أهو فرحه بحزن مسلم ( الزوج) ومسلمة (الزوجة) .. ومسلمين ( أسرة الزوجين .. وأبناؤهما .. وأصدقاؤهما .. وجيرانهما .. وزملاؤهما .. )!!
أم أن"اللعين"يفرح كل ذلك الفرح .. لأنه يعلم ما قد .. نعم ما قد يترتب على ذلك الطلاق .. من وقوع في الحرام .. إذ يُفترض في الزواج أن يكون "عصمة"بل"حصنا"من الوقوع في الحرام .. ربما.
جاء في بداية "حتى لا نعين الشطيان عليهن : كلام في العشق الزوجي " ما يلي :
( سئل الشنقيطي – حكيم زمانه – لماذا يتزوج الإنسان فقال : أما في (المطول) فنحتاج إلى صفحات وصفحات لشرح مدلولات (ليسكن إليها) .. أما (المختصر) : فــ( ليَسْعَدَ ... ويُسْعِدَ) .. ثم انصرف لا يلوي على شيء).
الأمانة تقتضي أن نشير إلى أنه حتى مع الزواج .. فإن "التحصين"ليس شديدا للدرجة التي تمنع من الوقوع في الحرام .. بل – أيام البحث – وُجد من المعددين – بأكثر من واحدة – من يبحثون عن الحرام؟
فأين الخلل؟
لا أملك جوابا .. بطبيعة الحال .. فهذه قضية كبيرة جدا .. أقل ما فيها "الشيطان" .. وإن كان هذا لا يبرر الوقوع في الحرام بطبيعة الحال.
فرارا من هذه القضية الكبيرة .. أطرح سؤالا .. لماذا يتزوج الرجل الغربي؟
وهو قادر على ري ظمئه العاطفي وجوعه الجسدي .. بل والإنجاب خارج مؤسسة الزواج .. أو التبني .. لإشباع عاطفة الأبوة؟!!
إن في الزواج سرا ارتبط بقول الحق سبحانه وتعالى :
"ليسكن إليها" .. يبدو أن الرغبة في"السكن" – بالنسبة للرجل – ولعب دور"السكن" – بالنسبة للمرأة .. يشبه "قانونا" مسجلا في "جينات"البشر.
ونعود من الغرب .. إلى حديث أورده التيجاني صاحب كتاب"تحفة العروس ونزهة النفوس" ..
(في حديث عبد الرحمن بن ميسرة رضي الله - قال محقق الكتاب هذا حديث مرسل - أن رجلا أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول لله،الرجل يتزوج المرأة لا يعرفها ولا تعرفه،فلا تكون إلا ليلة حتى لا يكون شيء أحب إليه منها،وإليها منه،فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "تلك ألفة الله": تحفة العروس ص 18)
إنها"ألفة الله" .. والمتابع سيجد هجمات أقسى من هجمات"الحادي عشر من سبتمبر لإسقاط مؤسسة الزواج .. فالسخرية من الزاوج .. والتضجر منه .. سائرة على ألسن الجميع ... وهذا كله يحدث بين "الجد واللعب" .. والمفاكهة والمسامرة .. و"اللعين"يضحك .. لأن مسمارا ما دق في نعش المؤسسة العتيدة ... وما انشتار"وباء الطلاق" إلا "أدخنة"تهاوي أبراج تلك المؤسسة .
تساءلت في إحدى كُليماتي عن العشق الزوجي .. ما الذي يجعل "عريسا"حديث عهد بالعرس ..يترك زوجته ليذهب – كل ليلة – إلى "شلته" ليسهر معهم؟
وكان الجواب ..حسب وجهة نظري .. أن بينه وبينهم"لغة مشتركة" – قد تكون الكرة .. وقد تكون "الورق" .. إلخ- بينما يفتقد الزواجان إلى "لغة مشتركة" ... ولم يسعيا إلى إيجادها ... إذ لم يفطنا للمشكلة أصلا .. ربما.
لعل من أغرب ما مر عليّ ما كتبته الأستاذة مها الوابل في أحد كتبها .. وهو أن المرأة حين تريد أن تغادر مجلسها مع صديقاتها وتذهب مع زوجها .. يصفنها بـ"الجبانة"!!
وأعتقد أن بعض الرجال يصفون من ينصرف مبكرا .. بأنه"جبان" أيضا!!
يبدو أن "القلم"كان محقا في محاولته الفرار من الكتابة .. فهاهوي يحاول انتزاع نفسه من يدي .. وكأن لسان حاله يقول : أضعت وقتي .. ما الذي تريد أن تقوله .. بعد كل ما قلتَ من قبل؟!!
أقول :
"ليت الزوجين يتعلمان "لغة الإشارة" .. إذ لم يستطيعا صنع لغة مشتركة".
"يا عمي أصبر خليني أكتب اسمي بس"
ابو أشرف : محمود المختار الشنقيطي المدني
