http://www.albaath.news.sy/imgs_up/73/5-1.gif
ترجمة: سـليمان حسون
عن موقع www.zmag.org
فيما نشهد فلسطين تنقسم مرة اخرى وسط الانقسام بين حركتي حماس وفتح، ينتابني شعور باليأس وآخر بالغضب، اسباب شعوري باليأس يجب ان تكون واضحة، اذ كان الفلسطينيون اكثر قرباً من مرحلة تقرير المصير الوطني، وما حدث بعد ذلك ان «جدار الفصل العنصري» الاسرائيلي استمر بناؤه معمقاً تقسيم الأراضي الفلسطينية ولم تحاول الولايات المتحدة حتى ان تدعي انها راع شريف لعملية السلام مقدمة دعماً غير مسبوق أو محدود لكل ولأي تصرف تقوم به الحكومة الاسرائيلية، وظل الفلسطينيون يعيشون في ظل معاناة مستمرة، وبالفعل فإن معاناتهم تزداد سوءاً يوماً بعد يوم.
والغضب الذي اشعر به ناتج عن العوامل نفسها، لكنه غضب موجه بالتحديد الى حكومة الولايات المتحدة الامريكية، كان الرئيس أيزنهاور الوحيد الذي اعلن في منتصف ازمة السويس 1956 (خلال العدوان الثلاثي ضد مصر من قبل فرنسا وبريطانيا واسرائيل)، ان موقفاً قوياً من حكومة الولايات المتحدة يمكن ان يجبر اسرائيل على تغيير سياستها، ومنذ عام 1956 لم يتخذ اي رئيس امريكي ذلك الموقف من اسرائيل، لا بل اصبح ينظر الى اسرائيل وبشكل متزايد على انها امتداد للمصالح الاقتصادية السياسية للولايات المتحدة من اجل السيطرة على العالم العربي وعملياً من اجل الإضرار وتقويض الجهود للوصول الى السلام في المنطقة.
ان ما جرى مؤخراً بين حماس وفتح (والذي قد يؤدي الى تقسيم فلسطين مجدداً) لم يكن ليحدث لو لم تتخذ ادارة بوش ذلك الموقف المنافق المتحيز ضد حركة حماس بعد فوز هذه الأخيرة في الانتخابات الفلسطينية.
فبعد ان دعت الولايات المتحدة الفلسطينيين ان ينهجوا نهجاً ديمقراطياً والذي كان يعني لادارة بوش قيام انتخابات تشمل القوى الفلسطينية المتعددة، وهذا بالضبط ما حدث ولكن النتيجة لم تكن ما توقعته وتمنته ادارة بوش. لقد فازت حماس بالانتخابات، وبدلاً من احترام نتائج الانتخابات بدأت ادارة بوش والعديد من الحكومات المتحالفة معها بما يمكن ان نسميه حصار فلسطين الذي جلب نتائج كارثية على الفلسطينيين. واصبح الأم اكثر وضوحاً بمرور الوقت بأن كلاً من الحكومة الاسرائيلية والادارة الامريكية يجعلان وجود الدولتين مسألة مستحيلة، اذ يؤدي خلق (كانتونات) فلسطينية، مقطعة الأوصال عبر سياسة اقامة المستوطنات الاسرائيلية ضمن المناطق الفلسطينية اضافة الى «جدار الفصل العنصري» وزد على ذلك حصار فلسطين يؤدي كل هذا الى انهيار وموت اي امل بقيام تسوية سلمية.
ان ظهور هذه الاعمال العدائية في ظل هكذا ظروف ليس امراً متوقعاً فقط بل كان سيعتبر مفارقة تاريخية، فهذا ما حدث عندما اندلعت الحرب الاهلية الايرلندية التي تلت حرب استقلال ايرلندية غير منتهية ضد بريطانيا.
كانت حرب الايرلنديين الاهلية اشد ضراوة من حرب الاستقلال وتضمنت مذابح ارتكبت من قبل رفاق حرب الاستقلال السابقين, فالاحباط الذي تلا حرب الاستقلال غير المنتهية مترافقاً بشعور متبادل بين الفرقاء بالخيانة (كل فريق شعر بأن الفريق الآخر خانه إبان حرب الاستقلال)، قاد الامور نحو اراقة الدماء التي دامت تبعاتها لعشرات السنين.
تقف فلسطين اليوم على مفترق طرق، بينما انا وامثالي في الولايات المتحدة الامريكية الذين يؤيدون ويدعمون الاستقلال وحق تقرير المصير الفلسطيني يصلّون لكي تتوقف الاحداث بين حماس وفتح، وعلى الارجح يمكن بتدخل وسيط تسوية الخلافات، فإن الواضح والمنطقي بأنه يمكننا ان نكون مؤثرين اكثر اذا ركزنا جهودنا على تغيير سياسة الولايات المتحدة تجاه اسرائيل وفلسطين، لسوء الحظ فإن مثل هذا التغيير لم يتطرق له الا نادراً في مناقشات ومناظرات انتخابات 2008، بدلاً من ذلك ظل المرشحون لمعظم المناصب صامتون أو قفزوا عن الموضوع ليثبتوا ولاءهم لاسرائيل.. لماذا يبدو الأمر صعباً جداً، على السياسيين الامريكيين ان يفهموا حقيقة بسيطة: الفشل بالوصول الى حل محترم متبادل للأزمة الاسرائيلية الفلسطينية سوف يعني بقاء الشرق الأوسط مشتعلاً، أليس كذلك؟ أليس ذلك امراً مهماً للغاية تجب مناقشته وايجاد حل له مع اقتراب انتخابات الادارة الامريكية الجديدة في تشرين الثاني 2008؟... اذا كان الامر كذلك، فإن السعي الحثيث لحل عادل للأزمة هو حل أوله انهاء الاحتلال الاسرائيلي للمناطق الفلسطينية، حل يجب ان يجد نفسه في موقع المركز من برامج اليساريين والتقدميين في الولايات المتحدة الامريكية.
