لامبالاة قاتلة............(قصة قصيرة)
لامبالاة قاتلة............(قصة قصيرة)
انها سعيدة جدا….لم لا …فهي عزباء وتعمل في شركة للكهرباء في ولاية ميسوري ثم تعود للمنزل ….تسهر مع والديها وتنام…والدها ذلك الرجل الطويل النحيف واللامبالي الى حد كبير…يعشق النوم ! اذا نظرت الى حاجبيه تذكرت العالم الفيزيائي اينشتاين….
وأمها دائمة الحزن والقلق..وتحب سوزان لأنها ابنتها الوحيدة….
-----------------------
انها التاسعة صباحا وسوزان تعمل في الشركة وراء مكتبها مبتسمة مبتهجة …وفجأة يرن هاتفها الخليويّ !
(ألو…)
(مرحبا..)
(مرحبتين)
(والداك توفّيا اثر حادث في وسط المدينة….والجثتان في مستشفى مونتريال….الى اللقاء..)
(ماذا؟…ماذا تقول؟…من أنت أولا؟؟….ألو ..ألو..)
هرعت من فورها كالمجنونة الى البيت…
دخلت البيت ولم تجد أحدا….
(هل يعقل أنه كان يمزح؟؟ ولكنه اعطاني اسم المستشفى..سأحاول الاتصال ربما يكون كاذبا…)
-------------------------
(مستشفى مونتريال ….هل يمكنني المساعدة؟)
(هل جيء إليكم اليوم برجل وامرأه طاعنين في السن اثر حادث؟)
(نعم …قبل قليل..)
(وما أسماؤهم؟)
(جورج وميري ديشنر…)
أغلقت السماعة ….(اذن صحيح ….آآه يا ويلي…) وبدأت تدريجيا تستوعب الموقف….وبكاؤها يزداد…
ويرن الهاتف مرة اخرى… !
(نعم..)
(سوزان…هذا انا أيمانويل مدير الشركة….أرجو ألا تعودي ثانية لأننا اليوم بحاجة ماسّة لخدماتك وقد خرجتي ….تكررين خروجك كثيرا وهذا لا يليق بموظف في شركتنا….الى اللقاء…)
(لا ….أرجوك افهمني…اسمعني…لا ….)
------------------------
(ما هذا؟؟…..هل يعقل أن تتوالى المصائب هكذا على المرء؟؟…..انني لا أملك غير والديّ وعملي…ماذا فعلت انا ؟؟؟….ما هو ذنبي؟؟….لا ..لن اقبل هذا…)
وبكت…ماذا عساها تفعل الآن….انها سريعة الاكتئاب لمجرد وصول الحزن الى قلبها…….
كما أنها تؤمن بالوجودية الملحدة..وتعبد الفيلسوف سارتر عبادة..فهو يقول أن الحياة فارغة بدون عاطفة الآخرين….وهو يؤمن أن حرية الاختيار واسعة جدا…وان الحرية مطلقة في العالم الماديّ…
للحظة….أحسّت أنها لا شيء….أنها أتعس من وجد على هذه الارض…وفورا تذكّرت حرّية الاختيار !!!!
وتذكرت ذلك الفيلسوف الذي القى بنفسه في الجبل البركاني وقال قبل ان يقفز….(إنها حرية الاختيار…)….خطرت في رأسها تلك الفكرة الجهنّميّة….خرجت من بيتها وذهبت الى الطابق الثالث حيث كان عمّال البناء يعملون…وجدت حبلا يتدلّى طوله خمسة اقدام…ربطت طرفه حول عنقها وقفزت….اشتدّ الحبل حتى آخر امتداد له وكسرت رقبتها…وماتت..بل انتحرت…!!!!!....الغريب انها لم تصرخ أو تتألم… !؟!
-------------------------
(لماذا تمزح معها هكذا؟…)
(أسكتي انتي..)
(ماذا عساها تفعل الآن…)
(تضحك لأنها تعلم انها كذبة اول نيسان..)
(ولكنك نسّقت مع مدير عملها ومع المستشفى..أنت تقتلني في لامبالاتك…) !!
ويرن الهاتف في منزلهما القديم…ترد الام على التلفون….وبعد لحظات ترمي السماعة وتصرخ (ابنتنا انتحرت وأنت تضحك يا جورج..)
(هاها..هاها…يا غبية انها تريد الانتقام …وردّ الصاع صاعين…ولكنني اذكى منها واذكى منك…تعتقد أن مزحة كهذه سيصدّقها جورج..هاها ..هاها)
(ولكنه أعطاني اسم المستشفى..)
(لكي تبدو الكذبة حقيقية…) ..وفع بنطاله في تثاقل…(انا ذاهب لأنام)….وذهب
حدس الأم الذي لا يخطئ دفعها لنيّة الذهاب الى المستشفى …أخذت الورقة التي سجّلت العنوان عليها وأخذت عكّازتها ….(يا رب يا مسيح)…تمشي بصعوبة بسبب الروماتزم الأكّال !!!!
وقفت عند باب المنزل ورفعت الورقة لكي تقرأها جيدا ..ارادت ان ينعكس عليها ضوء المصباح..لكي تحفظ العنوان وتخبر سائق التاكسي….انزلقت عكازتها عن الدرج…فقدت الام توازنها..وسقطت على الدرج…30 درجة تلتطم في وجهها….أرادت ان تستنجد ولكن….روحها سبقت صوتها !!!
------------------------
جورج مضطجع على سريره …ويغنّي
(استرخ واستمتع بالحيااااااااااااااة
نم بلا أرق
افرح بلا قلق
فلتحيا اللامبالااااااااااااااااااااااااااااااة).....
