-
تحرير العقل من الخرافة
تحرير العقل من الخرافة
بقلم خالص جلبي
إن تحرر العقل من الخرافة أمر شاق يصل أحياناً إلى حد الاستحالة، ويعتقد الفيلسوف محمد إقبال في كتابه (تجديد التفكير الديني) أن العقل المنهجي الاستدلالي أمر (كسبي)؛ فلا يولد معنا، بل تشكله الثقافة؛ فيجب صيانته وتطويره المرة بعد الأخرى، مثل حالة الطائرة بعد الإقلاع؛ فبعد تلك القفزة العملاقة إلى الفضاء، يجب صيانة هذا الكسب وتطويره بدون توقف.
وفي هذا الصدد يقول (آينشتاين): إن كشف الحقيقة مرة واحدة أمر غير ذي بال ولا يكفي. إن الحقيقة تشبه تمثال الرخام المنتصب في صحراء تضرب فيها عواصف الرمل دون توقف، والأيدي الدؤوبة الماهرة التي تنفض عن التمثال الغبار بلا سآمة وكلل هي التي تحافظ على لمعانه تحت ضوء الشمس.
ويعتبر (ليسنج) من فلاسفة التنوير أنه لو قدم الله لعباده الحقيقة النهائية في يده اليمنى، والشوق الخالد إلى البحث عنه في يده اليسرى، ومعها الخطأ لزام لكل من سلك هذا الطريق، كان علينا أن نركع بخشوع أمام اليد اليسرى ونقول: يا رب بل امنحنا ما في يسراك لأن الحقيقة النهائية والمطلقة هي لك وحدك لا شريك لك.
إن العقل مهزلة كما يقول (علي الوردي). ويعتبره آلة للإنسان لا يزيد عن أسنان السبع وقرن الخرتيت وفك التمساح وناب الأفعى وزعنفة العقرب، أي أنه أداة التنافس للبقاء على قيد الحياة، أكثر منه أداة في تمييز الخير من الشر، والهدى من الضلال.
ويعتبر (سكينر) من مدرسة علم النفس السلوكي أن ما يسمّى (العقل) و(الكرامة) لا يزيد عن خرافة.
أما (مدرسة علم النفس التحليلي) فترى أن الدوافع الأساسية التي تحرك الإنسان قادمة كالزلزال من عمق طبقات (اللاوعي) وهي تتحكم في 95% من تصرفاتنا، ويبقى (الوعي) في ظلمات المحيط يسلط ضوءه مثل منارة الشاطئ بقوة لا تزيد عن 5% وبتركيز وعي متنقل.
إن الوعي بهذه الصورة لا يزيد عن رأس جبل جليد التيتانيك الشارد. وإن كثيراً من الكوارث التي تحدث يحركها اللاوعي، أي جبل الجليد المختبئ تحت السطح.
-
هناك فارق بين الفكر والعقل.
فأما الفكر فهو القدرة النفسية على التحليل والتركيب والحساب بكل أصنافه، وهو بذلك يمثل الجهاز الهضمي للعقل ، ويمتص العقل من نواتج التحليل ما راق له وأحبه.
وأما العقل فهو وعاء إدراكي يتألف من ثلاثة عناصر تتحكم فيه، 1-الرغبات والشهوات التي تحرض 2- الدوافع والعمل لتحصيلها 3 الضوابط الضميرية والنواتج الفكرية الممتصة من نواتج الفكر.
وأما مقر الفكر فهو الدماغ . وأما مقر العقل فهو القلب.
ولذلك كلما كانت الرغبة العقلية منفتحة على تحري الحقائق الفكرية السليمة وامتصاصها كانت الضوابط العقلية أكثر رسوخاً وتقويماً للدوافع.
ولذلك قالوا في تقويم السلوك أن تبدأ بالإيمان بالله تعالى ومحبته ومحبة رسوله لكي يقبل العقل الاستنتاجات الفكرية السليمة ، وعند امتصاص الحقائق الكونية السليمة ستكون الضوابط العقلية على الدوافع قويمة.
وبذلك يكون السلولك قويماً ومن هنا كان نظر الرب على القلب، فإذا كان قويماً صح العمل واستقام.
إن الله لا ينظر إلى صوركم وأشكالكم ولكن ينظر إلى قلوبكم وأفعالكم...
-
هذا جميل دكتور ضياء الدين فشكرا لك وبالمناسبة وللتوضيح:
فكر (لسان العرب)
الفَكْرُ والفِكْرُ: إِعمال الخاطر في الشيء؛ قال سيبويه: ولا يجمع الفِكْرُ ولا العِلْمُ ولا النظرُ، قال: وقد حكى ابن دريد في جمعه أَفكاراً.
والفِكْرة كالفِكْر وقد فَكَر في الشيء (* قوله« وقد فكر في الشيء إلخ» بابه ضرب كما في المصباح) وأَفْكَرَ فيه وتَفَكَّرَ بمعنىً.
ورجل فِكِّير، مثال فِسِّيق، وفَيْكَر: كثير الفِكْر؛ الأَخيرة عن كراع. الليث: التَّفَكُّر اسم التَّفْكِير.
ومن العرب من يقول: الفِكْرُ الفِكْرَة، والفِكْرى على فِعْلى اسم، وهي قليلة. الجوهري: التَّفَكُّر التأَمل، والاسم الفِكْرُ والفِكْرَة، والمصدر الفَكْر، بالفتح. قال يعقوب: يقال: ليس لي في هذا الأَمرِ فكْرٌ أَي ليس لي فيه حاجة، قال: والفتح فيه أَفصح من الكسر.