الإجابة بطريقة التفكر والتدبر
إليكم أخوتنا ومضة من التدبر في الآية الكريمة للإجابة على الأسئلة :
أولاً : التدبر في سبب وضع حرف العطف (و) بين صفتي البصر والسمع :
مَثَلُ الْفَرِيقَيْنِ كَالأَعْمَى وَ الأَصَمِّ وَ الْبَصِيرِ وَ السَّمِيعِ
لو قال مثل الفريقين كالأعمى الأصم و البصير السميع
لأصبح لدينا فريقان متماثلا الأفراد في كل مجموعة كلهم بصفة واحدة ، إما عمي صم مطلقاً أو مبصرون يسمعون بالدرجة ذاتها. وهذا خلاف الواقع ، ولذلك يفيدنا حرف العطف هنا في بيان ما يلي :
- إبقاء كل حاسة مستقلة لبيان أهميتها ولو كانت مفردة. والتذكير بنعمتي البصر والسمع الضروريتان للتذكر والتفكر والإدراك. وهو ما يتناسب مع نهاية الآية الكريمة.
- لفت النظر إلى اختلاف أفراد كل مجموعة في درجات الرؤية والسمع، فهم ليسوا متساوون تماماً في كل شيء
فمن كان أعمى أصم مطلقاً من الفريق الأول فلن يتذكر شيئاً وبالتالي ،لن يهتدي، وأما من كان عماه أو صممه نسبياً فله احتمال التذكر والهداية. ومن كان بصيراً وسميعاً من الفريق الثاني فهم متفاوتون في الرؤية والإدراك أيضاً ولكل منهم درجة قرب حسب درجة رؤيته وسمعه (إدراكه).
ومن هنا نرى إعجاز القرآن الكريم حتى في صياغته التي تتيح ضم معان لا حصر لها من صلب الواقع باستخدام حرف واحد (حرف الواو).
ثانياً : التدبر في قوله تعالى : أفلا تذكرون :
إذا رأيت جحود من أنكر فضلك عليه فإنك تدعوه إلى تذكر نعمك عليه لعله يرجع عن جحوده.وهنا يطلب ربنا سبحانه وتعالى من منكري نعمه وجاحديها ، بل منكري وجوده أصلاً وحتى الإنسان عموماً كطريق للهداية والارتقاء أن يتذكر نعمه...:
- تذكر أنك مخلوق من العدم ولم تك شيئاً : (أولا يذكر الإنسان أنا خلقناه من قبل ولم يك شيئاً.)
- تذكر نعم الله عليك في طبيعة خلقك، من إعطائك قدرة الفكر والعقل والإدراك والاستمتاع بالحواس من سمع وبصر وشم وذوق ولمس .. ولقد ذكرنا بنعمتي السمع والبصر في الآية ذاتها..
- تذكر نعم الله عليك بما خلق لك من حولك من طبيعة جذابة ، وأنزل الماء من السماء وأنبت الزرع فنوع لك طعامك وشرابك ، وخلق لك زوجاً من نفسك يلاطفك ويحن عليك.وجعل لك لباساً يواري سوآتك...( يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْءَاتِكُمْ وَرِيشًا وَلِبَاسُ التَّقْوَىَ ذَلِكَ خَيْرٌ ذَلِكَ مِنْ آيَاتِ اللّهِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ)
- تذكر العهد والوفاء به : (وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِي آدَمَ مِن ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنفُسِهِمْ أَلَسْتَ بِرَبِّكُمْ قَالُواْ بَلَى شَهِدْنَا أَن تَقُولُواْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ.)
- في التاريخ ، تذكر قصص الأمم من قبلك ما يحصل لهم إن عتوا وبغوا ، والنجاة فقط لمن يؤمن ويتقي ويعمل صالحاً..(وَاذْكُرُواْ إِذْ كُنتُمْ قَلِيلاً فَكَثَّرَكُمْ وَانظُرُواْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ) (وَلَقَدْ أَخَذْنَا آلَ فِرْعَونَ بِالسِّنِينَ وَنَقْصٍ مِّن الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ)، كما أن الآيات بعدها تشير إلى بعض هذه القصص من قصة نواح وهود وصالح...
- أنزل لك الكتاب السماوي والرسول الذي يعلمك هذا الكتاب فتنجو. ( تفصيل الآيات لقوم يذكرون..)
فإذا تذكرت نعم الخالق عليك وكانت نفسك لا تزال على فطرتها الطبيعية فستؤمن به بل ستحبه وتتعرف إليه وتتقرب منه سبحانه وتعالى.
فنهاية الآية تدلك على طريق النجاة بالإيمان الصحيح الذي يبدأ بتذكر النعم فالتفكر فيها وعقل نتائجها والارتقاء في معرفة الله ومحبته وليس الإيمان به فقط.
أرجو أن تكون الإجابة على السؤالين واضحة، ولا مانع من الاستزادة والحوار، فهو سؤال للتدبر والتوسع في المعاني.