"السَّلَطَة المصرية" (!!)
قصة قصيرة جدا بعنوان:
"السَّلَطَة المصرية" (!!)
تقدم "كاسباروف" الروسي، و"ديميتري" اليوناني، و"بسطويسي" المصري، لوظيفة "طاهي" بفندق خمس نجوم في العاصمة التايلاندبة "بانكوك"، فما كان من إدارة الفندق إلا أن أخضعتهم لامتحانٍ كي تختارَ من بينهم الأفضل (!!)
ذهبت بهم إلى أحد مطابخ الفندق وأعطتهم مُهْلَة ساعة، وطلبت من "كاسباروف" إعداد طبقٍ من "السَّلَطَة الروسية"، ومن "ديميتري" إعداد طبق من "السَّلَطَة اليونانية"، ومن "بسطويسي" إعداد طبق من "السَّلَطَة المصرية" (!!)
وعندما عاد إليهم كبير الطهاة "الشيف" بعد ساعة برفقة مدير الفندق وبعض خبراء التَّذَوُّق في الفندق ليروا النتيجة:
وجدوا أن "كاسباروف" قد أعدَّ طبقا شهيا من "السَّلَطَة الروسية" بالمايونيز، وقطع اللحم الصغيرة، والبازيلاء المطهية، وصفار البيض المسلوق، فاستمتَعوا بتذوُّقِها، وهزوا رؤوسهم إعجابا (!!)
وعندما انتقلوا إلى "ديميتري" وجدوه قد تفنَّن في ترتيب قطع الطماطم، والخيار، ووريقات الخس والبنجر في الطبق، راشا عليها زيت الزيتون اليوناني، مضيفا إلى كلِّ ذلك، مبشور البصل المخلوط بدوائر رقيقة من بعض حباتِ الزيتون المخلل، وكان استمتاعهم بتذوُّقِها أكثر من استمتاعهم بسَلَطَة "كاسباروف"، وقد دلَّت على ذلك هزات رؤوسهم المترنحة (!!)
لكنهم عندما انتقلوا إلى "بسطويسي" ليروا ماذا فعل، متوقعين أن يتذوقوا سَلَطَة فرعونية غير معهودة، فوجئوا بأن بسطويسي لم يفعل شيئا، وقد بدت عليه علامات الاستياء والضيق والتذَمُّر (!!)
فلما استفسروا منه عن المسألة، أجابهم بأنه لم يتمكن من إعداد طبق "السَّلَطَة المصرية"، لأن أيا من لوازمها غير متوفرة في هذا المطبخ (!!)
أثار قول بسطويسي استغرابَهم الشديد، لأنهم يعلمون أن كلَّ ما يحتاجه أيُّ طاهٍ في العالم موجود في مطبخ هذا الفندق، فسأله المدير شخصيا:
"حسنا مستر بسطويسي، أؤمر، وماذا تريد منا أن نحضر لك كي تعدَّ لنا طبق السَّلَطَة المصرية (!!)
تردد بسطويسي لحظة ثم تشجَّع ونطق قائلا:
المسألة بسيطة، أنا بحاجة لأن أحكم تايلاند لمدة نصف ساعة فقط كي أعدَّ الطبق (!!)
كان الذهول هو سيد الموقف، وتبادل الجميع للنظرات دلَّ على أن الحضور تصوروا أنهم أمام مجنون، لكنه ابتسم وناقشهم بجِدِّيَّة كي يثبت لهم أنه عاقل، فما كان منهم إلا أن سألوه:
ولكن ما هي مُكونات "السَّلَطَة المصرية" مستر بسطويسي حتى تحتاج منك إلى أن تحكم "مملكة تايلاند" بأكملها لمدة نصف ساعة (؟!)
تحمَّس بسطويسي وبدأ يتحدث واصفا لهم السَّلَطَة المصرية التي شهد لها العالم، ربما يقتنعون بأقواله، ويمنحونه فرصة إعدادها، بتحكيمه في رقاب التايلانديين ولو لمدة نصف ساعة، فهو يعرف أن النصف ساعة كافية لإعداد الطبق، ففي مصر يعدونها في أقل من ذلك، وقال:
في بلادنا مصر يتم إعداد "السَّلَطَة المصرية" على النحو التالي:
يتم إحضار "خمس وعشرين" مادة من "قانون التظاهر" خانقة الدَّسَم، من "عِطاَرَة وزارة الداخلية" المُبَهَّرة بـ "الفلفل العسكري الحار جدا"، لصاحبيها "محمد إبراهيم" و"عبد الفتاح السيسي"، ثم يتمُّ نقع تلك المواد بعد غسلها لتتنظف تماما من كلِّ مشتقات "العروبة" ومن كل بقايا "المصراوية"، في محلول مُرَكَّز مُكَوَّن من "سيانيد الأمن المركزي"، و"أول أوكسيد أمن الدولة"، و"كبريتات المجلس العسكري"، وتوضع في الشمس بعد أن يتم رشُّها بمبروش مائتين وخمسين مادة من "مسلوق الدستور السوتيه غير المُمَلَّح"، الذي جهزته "لجنة العلك والعك"، وبعد أن تفوحَ الرائحة النتنة من هذا المركَّب العجيب، يُقَدَّم للضيوف، وصحتين وعافية (!!)
ولأن "تايلاند" دولة يحكمها العسكر، فقد أعجبتهم "السَّلَطَة المصرية" جدا ومن مجرَّد الوصف، فعينوا "بسطويسي" مديرا لمطابخ الفندق، بعد أن تمَّ الاستغناء حتى عن كبير الطهاة الذي جاء ليختبرَه (!!)
