بيتنا الأوسع/للناشئة

بيتنا الأوسع/للناشئة
كان طلبي حينها ملحا جدا :
-أريد أن تأخذنا يابابا مشوار..
كنت مسبقا أعلم أنه لن يقبل أبدا...ذلك أن ظروف البلاد تنتقل من سيئ لأسوأ خاصة في الأمور الأمنية.
وأصوات الانفجارات كانت تتكرر وكأنها زرعت في أذننا غيلة...وباتت كذبابة تريد صممنا..
-يا بابا "ضاق خلقي"
حينها لاأدري كيف قبل ونحن في أواخر رمضان ,والخروج ليلا حينها يعد أمرا غير محمود...
-هيا بنا ولتنقسم العائلة إلى قسمين..قسم يخرج والآخر ينتظر فلاندري ماذا يحصل...
-الله يستر
خرجنا وسط دهشة الكبيرة,كيف قبل أخيرا رغم رفضه دوما ,هل كان بسبب رغبتنا الملحة....؟
فالأخبار لم تدع زاوية من شرر إلا ونقلتها حتى كدنا نرى بلادنا كتلة من نار ملتهب بركاني...هل هذا صحيح
؟مؤكد أمر مبالغ فيه عن قصد.
******
عندما تنشقنا أولى ذرات هواء الشارع ,كانت السيارات منتشرة ,ربما ليست بالزحمة التي عهدناها أواخر رمضان ,لكن وكما يقال:"أسبوع العيد".
تنفسنا الصعداء وكأنه العيد...
برز الحاجز الأمني الأول...انتظار طويل...خروج...حاجز أخر بعد 5 دقائق..خروج جديد...
المحلات مغلقة الأبواب إلا قليلا...الشوارع بدأت تظهر لنا شبه خالية...صمت غير صحي..
وصلنا لدكان والدي العزيز كان منيرا في ظلمة الحي اليتيم.
-كيف سمحت للعم ابو نظمي بالمكوث ليلا للبيع؟
-تجربة وربما لن تتكرر.
مكثت حديقة قرب الدكان ,مقفرة يصفر عشبها حزنا...وامرأة ترضع صغيرها..
-أين مأواها؟
-لامأوى لها ...تتكسب لقمياتها في رمضان من هوا وهناك وعبر ولات تسولية نهارا,يحن عليها جيران الحي بحفلة تنظيف شهرية...وهي تقضي كل أيامها هنا..
-قد يتكالب عليها الغرباء..!
-هي نصف عاقلة بعدما فقدت كل ذويها في ريف مدينتنا ,هكذا فهمنا منها مؤخرا..وهناك أمثالها الكثير...
علقت نظراتنا هناك .. بلا حل ولا رد ولاجواب..بل بصمت غريب...
معظم من حولنا غابوا...كانت الطرق مغلقة ,ممنوعة ,عندما هممنا بالعودةوقال والدي:
-لاتنظري إليهم حرصا على سلامتنا...
-!
-بابا هل نستطيع شرب العصير من الدكان هذا؟؟
-مغلق...
-نعم صحيح انواره كانت تبين على ان بابه مغلق!.
عندما عدنا...
عانقنا الجدران والوسائد فرحين بالعودة سالمين ...ونادينا بصوت واحد:
-هنا -لاحواجز ولا تفتيش أبدا ...هنا نمارس حريتنا كاملة كاملة ... لقد بات بيتنا أوسع من الوطن كله...
ريمه الخاني
7-8-2013

مرور ورفع للموضوع، وتحية للجميع