الفرق مابين الصيام والصوم
أولا : إن الصوم والصيام كلاهما بمعنى واحد عند أئمة اللغة ، بل حتى الذين وضعوا مصنفات في مفردات القرآن يوردون الصوم والصيام بمعنى واحد
هو: مطلق الإمساك عن الفعل طعاما كان أو غير طعام .
ثانيا : إذا جئنا إلى كتاب الله فالوضع فيه مختلف بالنسبة لدلالة هاتين الكلمتين ، وليس معنى هذا أن الاستعمال الذي شاع في اللغة خارج القرآن غير صواب ... ولكني دائما أقول : إن القرآن يستعمل مفردات اللغة استعمالا أمثل ،
ويوظف كل ( كلمة ) بل كل ( حرف ) بل كل (حركة ) توظيفا حكيما ودقيقا لا يعلى عليه وذلك هو الإعجاز الذي أترسم خطاه وأزيح اللثام عنه بقدر طاقتي المتواضعة والله الموفق والمعين ...
ثالثا : إذا تتبعت هاتين اللفظتين في كتاب الله تجد ما يلي :
(أ) أن كلمة ( صوما ) وردت مرة واحدة وذلك في الآية (26) من سورة مريم
{فَكُلِي وَاشْرَبِي وَقَرِّي عَيْنًا فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَدًا فَقُولِي إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْمًا فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنسِيًّا }
والمراد بكلمة ( صوما ) هنا الكف عن الكلام فحسب بدليل ما جاء بعدها مباشرة : (فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنسِيًّا)
(ب)أما كلمة صياما فقد وردت سبع مرات :
1-{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} (183) سورة البقرة
2-{أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَآئِكُمْ هُنَّ لِبَاسٌ لَّكُمْ وَأَنتُمْ لِبَاسٌ لَّهُنَّ ...} (187) سورة البقرة
3-{وَأَتِمُّواْ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلّهِ فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ وَلاَ تَحْلِقُواْ رُؤُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضاً أَوْ بِهِ أَذًى مِّن رَّأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِّن صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ ....} (196) سورة البقرة
4-{..... فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ تَوْبَةً مِّنَ اللّهِ وَكَانَ اللّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا} (92) سورة النساء
5-{لاَ يُؤَاخِذُكُمُ اللّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِن يُؤَاخِذُكُم بِمَا عَقَّدتُّمُ الأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ ..} (89) سورة المائدة
6-{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَقْتُلُواْ الصَّيْدَ وَأَنتُمْ حُرُمٌ وَمَن قَتَلَهُ مِنكُم مُّتَعَمِّدًا فَجَزَاء مِّثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ
ذَوَا عَدْلٍ مِّنكُمْ هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ أَوْ كَفَّارَةٌ طَعَامُ مَسَاكِينَ أَو عَدْلُ ذَلِكَ صِيَامًا ....} (95) سورة المائدة
7-{....فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِن قَبْلِ أَن يَتَمَاسَّا ...} (4) سورة المجادلة
أما كلمة ( صيام ) فالمراد بها في الآيات السبع السابقة : تلك العبادة المخصوصة التي لا تتحقق إلا بالإمساك عن الطعام والشراب وشهوة الفرج بنية من طلوع الفجر إلى غروب الشمس .
ومن هنا : فليس معنى الصيام هو معنى الصوم ولا معنى الصوم هو معنى الصيام كما يفهم الكثير من الناس حتى بعض أهل العلم .
وفي الختام لماذا التزم القرآن هذه التفرقة ؟ والجواب : أنه لا نزاع أن الإمساك عن شهوتي البطن والفرج أمر شاق على النفس صيفا وشتاء أما صيفا فللإحساس الشديد بالعطش مع أطولية النهار على الليل ، وأما شتاء فللإحساس بالجوع .
أما الإمساك عن الكلام فأمره يسير ولا مشقة فيه ، بل ربما كان فيه راحة للنفس ومتعة .
لذلك التزم القرآن ( الصيام ) في التكاليف الشاقة وخص ( الصوم ) بالأمر السهل ، فزيادة المبنى تدل على زيادة المعنى ، والصيام أكثر حروفا من الصوم . فناسب كل منهما معناه المراد منه ( الصيام للتكليف الشاق ) و( الصوم للصمت السهل )
والله تعالى أعلى وأعلم .
عائد الربيعي:
http://ejabat.google.com/ejabat/thre...b4a05823b1ebe6
الفرق بين كلمتي الصوم والصيام
بسم الله الرحمن الرحيم
لفتة جميلة أديبتنا الفاضلة دفعتني إلى التحري عنها في الأحاديث الشريفة فهي ذات حجة شرعية ولغوية في آن واحد.
وقد استخدم النبي عليه الصلاة والسلام كلمة الصوم للامتناع عن الطعام والشراب وليس فقط الكلام ومنها أحاديث وردت في الصحاح منها :
-عليك بالصوم فإنه لا مثل له ( رواه النسائي)
- يا معشر الشباب ، من استطاع الباءة فليتزوج ؛ فإنه أغضّ للبصر ، وأحصن للفرج ، ومن لم يستطع فعليه بالصوم ، فإنه له وجاء ( متفق عليه)
- عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم : إنك لتصوم الدهر وتقوم الليل ؟ ، فقلت : نعم ، قال : ( إنك إذا فعلت ذلك هجمت له العين ، ونفهت له النفس ، لا صام من صام الدهر ، صوم ثلاثة أيام صوم الدهر كله ) ، قلت : فإني أطيق أكثر من ذلك ، قال : فصم صوم داود عليه السلام ، كان يصوم يوماً ويفطر يوماً. (رواه البخاري و مسلم)
ولو دققنا النظر فيها لوجدناها تتحدث عن صوم النفل (الطوعي) .
ومن المفهوم القرآني مع الأحاديث الشريفة نستنتج أن دلالة كلمة الصيام مخصصة لصيام الفرض أو ما في حكمه من أحكام واردة في القرآن الكريم ، وأما دلالة كلمة الصوم فتقع عموماً على أي امتناع عن شيء ما وعلى صيام النفل الطوعي أي ما يقوم الشخص به بذاته باختياره دون تكليف.
ومن الفوائد في اختلاف المبنى ليس فقط عدد الحروف بل لعل في رسم حرف الألف الممتدة فوق السطر التي ترسم في كلمة صيام الفرض أو ما في حكمه الواردة في القرآن يدل على علو شأن القيام به وعلو شأن صائمه ورفع درجاته ، على خلاف رسم الواو المقيد بحدود معينة وبالسطر العادي فقط دون الارتفاع عالياً دون حدود معينة . أي أن الصيام أجره ورفع درجاته أعلى من الصوم النفل والله أعلم.