تلك القراءة التي قرأ بها سيادة الرئيس مرسي قراءة باطلة عند جميع مَنْ يُعتدّ بأقوالهم من أهل القراءات، ففضلا عن كونها ليست من القراءات العشر في شيء ، فلم يرها البعض أنها حتى من القراءات الشاذة ،كما صرّح بذا أبو حيّان رحمه الله فقال : " ... وقد رأينا كتباً في الشواذ ولم يذكروا هذه القراءة "
بل تفوح منها رائحة الوضع لخروجها البيّن على أصول اللغة وقواعد القراءات ، وقد نسبها الوضاعون إلى الإمام أبي حنيفة – رضي الله عنه – وفي ذلك قال الجزري – رحمه الله تعالى - : ( وقد رُوّيتُ الكتابَ المذكور ومنه إنما يخشى الله من عباده العلماء
برفع الهاء ونصب الهمزة ، وقد راج ذلك على أكثر المفسرين ونسَبَها إليه وتكلّف توجيهَها ، وإن أبا حنيفة لبريء منها ) (النشر في القراءات العشر للجزري1/16) .
ولا يغتر أحدنا بورود هذه القراءة في تفسير القرطبي ونسبتها إلى الخليفة عمر بن عبد العزيز – رضي الله عنه – فقد وردت هذه القراءة أيضا عن ابن سيرين، وذكرها النسفي، والبيضاوي، والألوسي، والزمخشري في تفاسيرهم. بالرغم عن أنها لا تصح ، وذلك أنه درج فريق من أئمّة التفسير في كتبهم على استقصاء ما ورد في الآية من قراءات وتفسير دون الحكم عليها !
في الوقت نفسه : ليس من منهج أهل السنة والجماعة الحكم على أحد بالكفر والزندقة بمجرّد قراءته بقراءة موضوعة يشوبها شبهة عقدية إلا بعد استفصاله واستنطاقه وتبيان لوازم قراءته من معانٍ لا تليق بجلال الله تعالى ! فإن أصرّ بعدها باعتقاد معناها الذي لا يليق نُعت بما يستحقه من كفر وزندقة دون مواربة !
ومن استمع إلى خطاب الرئيس مرسي بان له من ظاهر حاله الذي عبّر عنه بصريح لفظه وتصريح قوله بأنّه وجّه القراءة - الشاذة أو الموضوعة - على نحو ينزّه الخالق عن كلّ معنى لا يليق بجلاله ، حين فسّرالخشية بالتبجيل والتوقير وكأنه انحاز إلى توجيه هذه القراءة بما وجهه البعض مستأنسين بقول غيلان:
أهابك إجلالا وما بك قدرة **** عليّ ولكن ملءُ عينٍ حبيبُها
، وإن كان ذلك يدفع عن سيادة الرئيس الريبة لكن لا يخرج القراءة عن كونها موضوعة ، وكان الأجدر بسيادة الرئيس مرسي كما أنه يتخذ له في صياغة خطاباته مستشارين سياسيين وقانونيين لتلاشي أيّ منفذ مُخلّ ، الأحرى به أن يتخذ له مستشارين شرعيين إذا ما عزم على أن يقحم نفسه في أجواء التفسير والتأويل والفتيا في الدين ، فذا أبرأ ذمّة ، وأقوم قيلا وأهدى سبيلا!!! والله تعالى أعلى وأعلم .
