حماس تكرر أخطاء الماضي / عبد الرحيم محمود
قررت حماس قلب ظهر المجن للنظام في سوريا ، ومساندة الثورة هناك ، ونقلت قيادتها لتكون تحت المظلة القطرية المصرية أو المصرية القطرية لا فرق ، وحماس التي تتلقى أوامرها الانضباطية من قيادة الإخوان المسلمين بمصر ، فيما يبدو امتثلت لأمر القيادة رغم ما يعني هذا القرار من مخاطر ليست محسوبة النتائج ، فمن ناحية انعكس هذا القرار لشرذمتها لثلاثة أجنحة تجزر كل منها داخل جزيرته ، فجناح محمود الزهار وأحمد الجعبري يرفض القرار والوصاية القطرية ، وجناح خالد مشعل امتثل وأطاع وتبعه إسماعيل هنية بعد تململ وتردد بعد زيارة عاجلة للقاهرة وخطاب على منبر الأزهر ، فيما كان جناح أسامة حمدان عزت الرشق كان قد طرحا من زمن ومن معهم ضرورة الانخراط في التسوية الهلامية التي لا تتقدم أبدا وإسقاط اللاءات بلا قيد ولا شرط ، وهذا القرار غير المحسوب النتائج وخاصة التطاول بالإعلان عنه والمجاهرة به والمتاجرة بتصريحاته ، انعكس فورا على الشارع الفلسطيني الذي ظهرت له حماس وكأنها تسير حسب هوى القيادة وليس حسب المباديء التي خرمت به آذان الشعب الفلسطيني عن الممانعة وجبهة الرفض والمقاومة وغير ذلك من الشعارات التي كانت تستقطب به عواطف الناس غير الراضين عن نتائج المفاوضات ولا أداء رموز السلطة ولا ما يقال عن الفساد وملفاته ، تلك العواطف التي أوصلت حماس للفوز بالانتخابات التشريعية التي أصبحت وراء الشرعية الآن رغم التمديد والمط الذي يجري على صلاحيات مؤسسات السلطة الفلسطينية بمختلف صنوفها وتفرعاتها ، هذا القرار بالانفصال عن سوريا وبالتالي عما يسمى جبهة الممانعة للهيمنة الأمريكية على المنطقة جعل من حماس وجها آخر لما كانت تتهمه بجبهة الاستسلام واركوع والخضوع والعمالة التي كان زعماء حماس يلذ لهم أن يطلقوها على السلطة وقيادتها ، كما أن هذه القفزة الهوائية تشبه لحد بعيد القفزة الهوائية للقيادة في مساندة صدام حسين عند اجتياحه الكويت ، وما نجم عنها من تشريد الفلسطينيي هناك ومن ثم ذبحهم وتشريدهم من العراق ، ونسيت قيادة حماس الحكيمة أن بسوريا حوالي نصف مليون فلسطيني عليها أن تجد لهم مكانا بقطاع غزة لو أسفرت الأحداث عن بقاء النظام كما يرجح الكثير من المراقبين ، لا أدري لم هذه الضحالة في قراءة الأحداث ، وهل ضاقت السبل بقيادة حماس إلا أن تنتقل من النقيض إلى النقيض ، وكيف سيثق بها أحد بعد الآن والقيادة السورية هي من سوقتها لدى إيران وغير إيران وأعطتها العمق السياسي الذي أصبح الآن عمقا قطريا وغير مضمون مصريا ؟؟؟؟
