المنطق الدرامي في الصنعة الروائية

المنطق في أحداث الرواية:
مازلت أتعجب من بعض روايات ,تكررت طباعتها محليا رغم أنها تحمل في طياتها بذور خير ولكن هناك فرق مابين إتقان الصنعة الروائية
وجمهور الرواية , ولاأدعي الخبرة ولا الدراية ولكنها ملاحظة قارئ عادي من حقه التماس احترام المؤلف لعقله..
وحتى لانقع في مطبات مع الكتاب آثرت عدم ذكر أسماء محددة بل أحداث روائية مرت بي للفت النظر لملاحظة هامة نبحث عنها.
ولن أقارن بالروايات الغربية التي تتخذ غالبا العنصر التقني وعنصر الإبهار ديدنا وحقيقة هي لاتحترم عقله إلا لو كان حدثا تاريخيا او موقفا
إنسانيا تتقن استفزاز واستخراج التفاعل اللإيجابي معها..بينما نملك نحن ناصية القهر الاجتماعي , والألم الحقيقي الذي يعانية المواطن في غربته في وطنه ولايكاد
يستطيع دوما تحريك المشاعر الراكدة في نفس القارئ , لذا نجد أن الدراسات النقدية للروايات قليلة مقارنة بالنصوص التي تستحق ذلك فإما يكون النص قد حصل على النقد لمعرفة الناقد
المنقود معرفة شخصية , أو هو حاز على قبوله , وهذا لايشكل 25% من الجهود المبذولة, فهل هو قصور في خبرة ودراية النقد القوي و أم كسلا , أم هو فتور عام ؟
نعود لموضوعنا الهام وسؤالنا:ماسبب قلة الدرابة بأحقية القارئ بالحصول على منطق موضوعي في احداث الرواية.؟ هل هو قصور من الكاتب نفسه؟
أم تسرع, أم له أسبابا اخرى.؟
لكل الاحوال يبقى ثغرة وأمرا فادحا في عالم القص والرواية , فأذكر أنني قرات من قريب رواية طبعت للمرة الثالثة فقلت في نفسي مؤكد فيها بصمة لافتة مررت بشخصية البطلة والتي تشكل العنصر الاكثر خلقا والتزاما
في عائلتها والتي تتلمذت على يد شيخ جليل انها مرت مع قريبتها بحانة ومكان للميسر تبين لها أن معظم نقودهم توجه للخير,إلى الآن نحترم البيئة المحيطة بالبطلة خاصة لما تستشهد بكثير من الآيات القرآنية والتي نجد بيئتنا قاصرة
عن حشدها حتى في اكثر البيئات التزاما..لكن عندما وصلت لثلثها الأول ولما تفوهت البطلة بقبولها بزواج تمتحن فيه إيمانها وصبرها...توقفت عن القراءة ونحيت الرواية جانبا, ذلك أن أي فتاة لايمكن ان تقول هذا ولا أن تمتحن صبرها وهي تقرر قرارا مصيريا كهذا!!!
بل هي تبحث عمن يوازيها فكرا ومسيرة وهذا من حقها إلا أن ترغم ولم يكن ذلك من أحداث الرواية!
من هنا نقول أن أي رواية لما تكتب تفعل خطوطها الدرامية منطقيا قبل أن تكتب ككل توضع هيكلا عاما كأحداث منطقية مقنعة قبل ان تكسي بالحروف والشروح ...
ومهما أبهرنا عمل ما ,يبقى منطقيا ساقطا مادام لايحترم عقل المشاهد إلا أن يكسى بحجة مقنعة ما..وهذا ماتفعله الروايات الغربية
فهي تتجاوز المعقول دوما لخدمة هدف كبير توجه المتابع له من خلال شده من إنسانيته وتسييره للهدف الذي كسرت النص لأجله , وبصراحة هذا يعد مكر صنعي روائي لم يتقنه بعد صناع الروايات عندنا إلا قليلا أمثال ما سيرد ذكرهم ممن اتقنوها في نظري جيدا :
حنا مينا /سوريا
وذكريات محمد نادر /العراق
يوسف زيدان /مصر
وغيرهم..
ذلك وحتى لو تجاوزوا المعقول قليلا في احداث رواياتهم ,إلا أنهم بمقدرتهم الصنعية الروائية استطاعوا إقناع القارئ أو المتابع بما يردون قوله...
ربما كان لنا عودة لهذا المفتاح البحثي لأنني لم أر ولم أقرأ معالجة لتلك الفكرة الهامة فنيا.
ودمتم سالمين
ريمه الخاني 18-2-2012