عصيات القيح الأزرق أو الزوائف الزنجارية (بسودوموناس )
هي عبارة عن جراثيم ( عصيات سلبية الغرام ) موجودة في البيئة المحيطة بنا تربة ماء هواء ..الخ ،
وهي من نوع الجراثيم الانتهازية : أي تسبب إصابة إنتانية عندما يضعف الجسم بسبب مرض ما (جروح - حروق واسعة الانتشار – المثبطين مناعيا - ..الخ ) فتنتهز الفرصة لتشهر أسلحتها وتهاجم الجسم .
هي تسمى بجرثومة المستشفيات .وهي خطيرة .
قد تتسبب باصابات عينية – أذنية – رئوية – بولية – دموية – مفصلية – هضمية ..الخ
يتم تشخيصها بالاعتماد على الزرع الجرثومي المخبري ويتم تحديد الصاد الحيوي المناسب لعلاجها.
الحديث والتفاصيل كثيرة .
************
عصيـات زرقــاء تستعمر مشافينا الخاصة والحكومية
العدد:
237الكـاتب:
بثينة عوض
يعتقد الطبيب (لطفي بوبس) أخصائي جراحة عصبية أن المريض (محمد) نجا من الموت بقدرة إلهية.
محمد الذي أدخل أحد المشافي الخاصة لإجراء عملية ديسك، خُرّج منها بجرح مجرثم بجراثيم (معندة) مضادة للصادات، ليبقى جليس الفراش ثلاثة أشهر انتهت بإصابته بالتهاب سحايا كاد أن يودي بحياته لولا إعطائه جرعات دوائية بأجيال متقدمة بمعدل 4 عبوات يومياً بتكلفة تجاوزت 80 ألف ليرة سورية بـ(حسب الطبيب بوبس) الذي يؤكد أن نتائج الزرع أثبتت وجود أنواع عدة من الجراثيم في جسد المريض والسبب أن الأدوات المستخدمة في إجراء العملية لم تكن معقمة.. فهل أصبحنا بحاجة لأعجوبة تنقذنا من الموت في كل مرة نخضع فيها لعمل جراحي في مشاف حكومية وخاصة منحت التعقيم إجازة مفتوحة في الوقت الذي تحرص فيه الدول المتحضرة على اعتبار (التعقيم) شرطاً أساسياً يختم المشفى بالشمع الأحمر في حال عدم توفره وبجودة عالمية وخصوصاً أن سوء التعقيم يتسبب بحدوث وفيات كثيرة رغم نجاح العملية..
http://www.awaonline.net/Admin/gfx/news/r2.jpg
تقرير بنتائج كارثية:
في عام 2004 أجرت شركة (أوبال) الألمانية (اختصاص إدارة التعقيم ومكافحة التلوث في المشافي) مسحاً شمل 6 مشاف حكومية في سوريا، وكانت نتائج المسح كارثية وفقاً لأحد المشاركين فيه، إذ إنه ووفقاً للمقاييس العالمية هناك عدد معين للمستعمرات الجرثومية ممنوع أن تتخطاها في المناطق المتعلقة بشكل مباشر بالتلوث كغرفة العمليات. فمثلاً على يد الممرضة أو الطبيب يجب أن يكون هناك 20 مستعمرة فقط بينما سطح الطاولة التي توضع عليها أدوات العملية عدد المستعمرات يجب أن لا يتخطى 60 مستعمرة.. وهنا لابد من القول إن الأقسام التي خضعت للمسح في هذه المشافي كانت (معقمة)، ومع هذا فإن الأرقام التي توصلت إليها شركة أوبال (وهذه هي المرة الأولى التي تنشر فيها) تثير الرعب، إذ بيّن المسح أنه وعلى يد الموظفين في غرفة العمليات في أحد المشافي (820) مستعمرة، وفي أحد الأقسام المهمة كان على يد الطبيب 4484 مستعمرة، على جهاز التهوية في أحد الأقسام 1800 مستعمرة من الخارج، في إحدى غرف العمليات على الواجهة 2400 مستعمرة، أما عدد المستعمرات الجرثومية فقد بلغ على إحدى الطاولات المخصصة لوضع أدوات الجراحة (4000) مستعمرة.
شركة (أوبال) قدمت النتائج لأعلى المراجع التي لها علاقة بالصحة مع توصيات لوضع خطة استراتيجية سريعة لإنقاذ المشافي من هذا الوضع الكارثي وإعادة تأهيلها من ناحية التعقيم للمستوى المطلوب.. لكن التقرير أهمل وتم التعتيم عليه، فنتائجه في حال أخذت على محمل الجد تستدعي إغلاق جميع المشافي الممسوحة، وهذا ما دفع وزارة الصحة (ربما) لتجاهل التقرير بغض النظر عن خطورة الأرقام التي وردت فيه.
بروتوكولات خاصة بالتعقيم:
فيما سبق كان هناك بروتوكولات خاصة بالتعقيم تصدر عن مديرية صحة المشافي، لكن هذه البروتوكولات لم تكن مطبقة ولا يوجد لجان إشراف عليها وفقاً لرأي سليمان بوبس (نائب مدير قسم التعقيم) في شركة زرزور للتعقيم، هذا قبل عام 1998، بعدها أوجدت شركات خاصة بالتعقيم يتم التعاقد بينها وبين المشافي من خلال مناقصات تطرحها المشافي وتتولى هذه الشركات مهمة التعقيم في المشافي بإشراف لجان مختصة تسمى (لجان انتان) تتابع عمل الشركات.. يقول سليمان: (معظم هذه اللجان لا تجتمع إلا ما ندر ولا تطالبنا بالتقارير في حال لم نقدمها لها، فمثلاً رئيس لجنة الإنتان في أحد المشافي هو رئيس في قسم في المشفى، لهذا فهو غير متفرغ لمتابعة الإنتان، عدا عن أن معظم أعضاء هذه اللجان ليس لديهم خبرة في التعقيم، ولا نعرف ما هي الأسس المتبعة في انتقائهم من قبل إدارة المشفى).
والطامة الكبرى هي آلية المناقصات المتبعة إذ لا يتوانى القائمون على المشافي عن تفضيل شركة تعقيم على أخرى لأن أسعارها أقل بغض النظر عن جودة المحاليل التي تستخدمها، فمثلاً في إحدى المناقصات حصلت شركة تعقيم على علامة فنية (85) وفقاً لدفتر الشروط المخصص للمناقصة إذ حققت هذه الشركة الشروط المطلوبة من ناحية الخبرات وتجربة فريق التعقيم، فيما حصلت شركة أخرى على علامة (75) ومع هذا تم اختيار الشركة الأخيرة لأنها قدمت سعراً أقل... يتابع بوبس: (حتى موضوع المناقصات يخضع لأمور تتعلق بإدارة المشفى، انسحبنا من مناقصة مشفى دمشق لأن المناقصة كانت مفصلة على مقاس شركة «معينة» وفعلاً رست المناقصة عليها من أصل 4 شركات تعقيم).
وحتى الآن لم يتجاوز عدد شركات التعقيم في سوريا (11) شركة معظمها تعتمد- وعلى حد تعبير أحد مسؤولي التعقيم في إحدى شركات التعقيم- فريق عمل لا يحمل معظمه شهادة ثانوية: (موضوع التعقيم حساس جداً يجب أن يكون لدى العامل خبرة في طريقة استعمال المواد المعقمة، ومتى يجب استخدامها وكيف، في سوريا هناك شركتا تعقيم فقط تعملان بطريقة احترافية والباقي يستخدم مواد تعقيم غير آمنة للإنسان من أجيال قديمة لم تعد مستخدمة عالمياً بسبب تخريشها للطرق التنفسية والأغشية المخاطية عدا عن كون معظمها مدد بمواد مطهرة لا تقتل الجراثيم).
إذاً تجربة التعقيم بدأت في العديد من مشافينا الخاصة والحكومية لكن نتائجها لم تكن مشجعة حتى الآن والمنغصات كثيرة، إذ تعاني شركات التعقيم من عدم التزام بعض المشافي بتنظيف الأمكنة التي سيتم تعقيمها، فالتعقيم لا يمكن أن يتم إلا على مكان نظيف مما يؤخر عملية التعقيم نتيجة تقصير شركات التنظيف، عدا عن كون هيكلية الأماكن المهمة في المشافي كغرف العمليات والعناية لا تتمتع بمواصفات جيدة كالـ(جدران المتشققة، والدهان القديم...) مما يفقد التعقيم الغاية المرجوة منه. ورغم رداءة التجربة إلا أنها لم تعمم على كافة المشافي، فمازالت مشاف خاصة وحكومية لا تلتزم بشروط التعقيم، وفي أحسن الأحوال تكتفي بتعقيم الأجزاء المهمة من المشفى فقط.
الطبيب (نذير الحاج سعيد) رئيس لجنة الإشراف على التعقيم في مشفى دمشق يعتبر أن تجربة التعقيم في سوريا مازالت في مراحلها الأولى وينقصها الكثير: (مشفى دمشق اهتم بموضوع العقامة منذ العام الماضي وتعاقدنا مع شركة تعقيم لتحقيق هذا الأمر، كان هناك 25 عنصراً يعملون في المشفى على مدار 24 ساعة ونصدر بشكل دوري نشرات توضيحية عن التعقيم لكافة الكوادر المعنية بالمشفى، نعرف بالمواد المستخدمة، والتعقيم لدينا يشمل كافة السطوح وأجهزة التخدير والأدوات المتعلقة بالعمل الجراحي، غرف العمليات والإنعاش وأغلب الأقسام الموجودة في المشفى، وحتى الآن هناك مشاف خاصة وحكومية لا يوجد فيها شركات تعقيم بينما التعقيم في مشاف أخرى يكون في غرف العمليات فقط، وهناك شرط أساسي ينبغي توافره في الشركة التي نختارها للتعقيم وهو جودة مواد التعقيم المستخدمة).
أما (هزاع الخلف) رئيس قسم المخابر التابع لوزارة الصحة فيعتقد أنه: (لا يوجد شركة تعقيم جيدة في سوريا وهدفها الأساسي هو الربح على حساب الجودة).
جائحات جرثومية من العيار الثقيل!
جائحات جرثومية تستعمر مشافينا بأعداد تفوق التصور، هذا هو واقع الحال في معظم المشافي، وهذا ما يبرر وجود صراصير في جهاز الأوكسجين في أحد المشافي دون أن يشكل ذلك حرجاً بالنسبة للقائمين على المشفى والذين طلبوا من المريض الخروج في حال لم يعجبه الأمر، في حين أن مشفى آخر كانت الجراثيم تفتك بجسد معظم مرضاه وخصوصاً في قسم الحواضن كون الأطفال لا يمتلكون المناعة الكافية رغم أن معظم الحواضن كانت معقمة.
يتابع هزاع الخلف: (مهمتنا كمخبر مراقبة أمراض أخماج المشافي، فالمخبر يثبت مصدر الجرثومة، والإحصائيات تؤكد أن معظم المرضى الذين يدخلون للمشفى لإجراء عمل جراحي يصابون باختلاط ناتج عن سوء تعقيم، مما يضطر الطبيب لاستخدام مضاد حيوي بأجيال متقدمة، ومع هذا سنصل لمرحلة من الإنتان يوجد فيها جراثيم لا تنفع معها كل الصادات.. الشيء الذي لا يمكن تجاهله هو نوع الجراثيم الموجوة في مشافينا ومعظمها من العصيات الزرقاء والمكورات الذهبية وأي مشفى يوجد فيه هذا النوع من الجراثيم هو حاوية قمامة وما أكثرها في مشافينا، فالإجراءات التعقيمية في معظم مشافينا تحت الصفر، وهذا سبب الصراع بيننا وبين المشافي الخاصة والحكومية فالأمر ينطبق على الاثنين معاً.. ونحن نجري مسوحات جرثومية كل شهرين تقريباً ونرسل النتائج لمديرية المشافي وبصراحة لا يمكنني ذكر هذه النتائج، وكل ما يمكنني قوله إن المشافي التي تطبق الحد الأدنى من التعقيم في سوريا لا تتجاوز 4 مشاف).
رقابة لا تجدي نفعاً:
تنظم دائرة المشافي في مديريات الصحة جولات مراقبة دورية على سير عملية التعقيم من خلال مسوحات جرثومية ترسل للمخبر بعد ذلك، وفي حال ثبت وجود مستعمرات جرثومية في هذا المشفى أو ذاك يرسل إنذار للمشفى لتدارك الأمر خلال مدة أسبوع فقط يعاد بعدها المسح، أما إذا كانت النتيجة إيجابية مرة أخرى فيغلق القسم المجرثم، يطبق من هذا القرار في معظم الأحيان هو البند المتعلق بالإنذار فقط وإلا سيتم إغلاق أغلب الأقسام في المشافي بـ(حسب رئيس أحد الأقسام في دائرة المشافي) إذ لا يوجد قسم في مشافينا لا يطاله التجرثم على حد قوله.
لتغدو الجراثيم (المعندة) عنصراً طاغياً يتوافر وبكثرة في أكثر أقسام المشفى حساسية، مسببة إنتانات ترهق المريض أكثر من العملية ذاتها، يقول (لطفي بوبس) رئيس دائرة المشافي: (هناك سوء تعقيم يطغى على المشافي بمجملها، فمعظم المشرفين على التعقيم ليس لديهم خبرة في موضوع التعقيم مما يجعلهم يرتكبون أخطاء فاحشة يدفع المريض ثمنها، والمراقب لما يحدث في غرف العمليات سيصاب بدهشة لرؤية المستخدم مثلاً يدخل الغرفة ويخرج منها لسبب أو بدونه أو استخدام أجهزة التخدير لأكثر من مريض دون تغيير الأنابيب وتعقيمها، أما علب الشاش والشانات فيتم استعمالها لأكثر من عملية علماً أنه وبمجرد فتح العلبة أزيل التعقيم منها ويتوجب استخدامها لمرة واحدة فقط، وحتى الآن لم نتمكن من التوصل لبروتوكول يعنى بالتعقيم بين عملية وأخرى).
حالات تتكرر يومياً:
الإنتانات بعد عمل جراحي، حالات تتكرر يومياً في مشافينا، لكن الخطورة تكمن الآن في تحول معظم مشافينا لمستعمرات جراثيم (عصيات زرقاء) من الصعب التغلب عليها كنتاج لسوء التعقيم، والنتيجة مريض ينجو من العملية لكنه بالمقابل يقع ضحية جراثيم تفتك بجسده لم تكن بالحسبان، فارتياح (نجاح) عند خروجها من غرفة العمليات بدده جرثمة الجرح الذي كاد أن يتسبب بقطع يدها لكن العناية الإلهية أنقذتها.. فهي كمحمد تماماً نجت بأعجوبة!
