قصيدة حِينَ تَسْلِب الأَوجَاعُ مِنَّا كُلَّ شَيءٍ .. كل شيء .. ولا تُبْقِي سِوَى...هو
قصيدة
حِينَ تَسْلِب الأَوجَاعُ مِنَّا كُلَّ شَيءٍ .. كل شيء .. ولا تُبْقِي سِوَى...هوَ
..........
خلفِ قضبانِ الدموع ...
بقلم / أمل تحسين أبو عاصي
= = = = = = = =
عينانِ تائهتانِ في دربِ الزَّمانْ
تتعقبان النسمةَ الفيحاءَ من فيضِ الحنانْ
وتتيهُ دمعاتٌ طغتْ ...
وبلا أمان
فتشقُّ صمتاً بالياً
أبلتهُ دنيا في ثوانْ
عزفتْ على وتر الفؤادِ جروحُ دهرٍ لن تُهانْ
من خلفِ أسلاكٍ بدت
مقهورة الأحزانْ
وانهالت العبَراتْ.
صمتٌ أليمٌ شق أنَّاتِ الجنانْ
ثمَّ انتفضْ
ألَمٌ ترنح باكياً وبثورةِ البركانِ في وجهِ العتاةْ
هتفت تقاوم لوعةً في المهجةِ الظمأى لحضنٍ في هوانْ
لمَ قد سرقتَ المقلَة الحسناء من عيني وحرَّمتَ الضياء؟!
لمَ قد سرقتَ الرُّوحَ من جسدي وجففتَ الهناء؟!
عاد الصدى وترددت أناتها قدرٌ تجلَّى في دنى الرحمن...
هي تارة تشدو الأماني علها تغدو حقيقة
أو تنثر الأوهامْ
هي تارة تتذكر الأزمانْ
كيف انقضتْ
حين الأبُ المعطاءُ يحمل حبهُ الأسمى.. بكفٍّ من حنانْ
ويهدهدُ العصفورةَ الصغرى
يؤرجحها كما الأقدار تفعل بالفؤادْ
فيرتل الإخلاص في حبٍّ تجلى للعيانْ
ويرتلُ الفلقَ المُحَدَّث في رضا الرحمان
فكأنما انشطرَ الفؤادُ فصارَ في روحيهما
فكأنما انشطرَ القمر
نسج الحنينُ الحلةَ البيضاء في أملٍ
غنى لها حباً:
أمل أملاتْ، سبعْ جملات ، سبعْ بطاتْ،سبع حلوات
أحيا بها روحَ البطولةِ مذ نعومةِ ظِفرِها
فحكى لها عن قصةِ الأجدادِ حين تشتتوا
وحكى لها عن مسجدٍ عاث الطغاةُ بأرضهِ وتكبروا...
أسدى لها نصحاً بألا تستكين بلا وطن
كل الوطن .
و مضتْ هنيهاتٌ فقط
فإذا بهم خطفوا القمر
ذهبوا بنصفٍ والفؤاد معلقٌ
في نصفهِ خطبٌ جللْ
صرختْ أملْ :
ما تفعلون بمهجتي؟
لا تسرقوا مني الأمل
لا تسلبوا قلبي أناشيد الحنانْ
لا تُعتموا فجري بسجنٍ قد سدلْ
أبتي أيا نور الدجى
يا مقل عيني يا أنا
أبتي أيا حباً تناثر في قلوب المكتوين بجمرهم
يا وجد قلبي يا سنا
من لي يهدهدني سواكْ؟
من لي إذا استمرضتُ كي أحظى بنومٍ في هَناكْ؟
من لي يدلِّلُني ويطعمني ويُسعدني سواكْ؟
من لي إذا قد قمتُ ليلاً أشتكي
ألماً بآذاني بدا؟
أبتي حبيبي لا تودعْنا بهمسٍ
لا تفارقْ بيتنا المحضونَ في عزٍّ رثاك
ويحكم يا مجرمين تفرقوا
كفوا يديكم عن حبيبي واتركوا...
قلبي ليشدوَ قربه
لا تتركوني أشتكي للجارِ والأصحابِ حرَّ فراقهِ
فلتأسِروا قلبي معهْ
إني معهْ
حبِّي معه
سجني معهْ
ركل الزعيمُ برجلهِ روحَ الكهولة
ثم انصرفْ
أخذ الحبيبَ وقضَّ أحلامَ الطفولة
وقفتْ هناكْ
وبكت هناكْ
لم تستطعْ إلا البكاءْ
لم ترتشفْ إلا الشقاءْ
فكأنما نسجت خيوطُ الحزنِ بيتاً كي يُجمِّع كل آلامِ البشر
في مهجتين تلظتا
فتزاحم الصوت المعنى رغم صرخات الدموعْ
وتوسدتْ من ليلها فُرُشاً بطائنها وجعْ
أبتي حبيبي من يدثرك الهناء
من سيسقيكَ الوفاء
أأذوق طعم الماء عذباً سائغاً ...
ولقد حرمتَ فراتَهُ؟!
أأذوق أكلاً أستلذُّ لطعمهِ ..
ولقد حرمتَ كريمَهُ؟!
أأدثِّر الجسد المعنَّى بينما حبي تُلفِّحُه الرياحْ
ويطاله بردُ الشتاءْ؟!
أبتي حبيبي ليتني أتجرعُ الأوجاعَ كي يهنا فؤادك
أيمد باغٍ آثمٍ يدهُ إليكَ لكي يعذب يا أنا ؟!
تببببببببببببببببباً لهم
تببببببببببببببببباً لهم
تباً لهم شُلَّتْ يدٌ آذتْ حبيبي
أبتي ألا اصبرْ يا معلمني الأمل
أبتي ألا افرحْ يا معلمني بأن العبدَ مختبرٌ ...
إن صار حِبّاً للإلهِ ومصطفى
فلأنت مشكاة المِحنْ
ولأنت نورٌ قد تجلى في العتمْ
ولأنت حبي في دنى قد شابها وحشُ الظُلَمْ
أبتي حبيبي خلف أسلاكِ المِحنْ
ومقيد الأيدي ومسلوب الفؤادْ
عيناهُ إصرارٌ تلظَّى في عنادْ
هنئْ فؤادكَ إنني لا أستكينْ
هنئْ فؤادَك إنني لا لن ألين
لِتدُمْ حبيباً يا أبياً يا جوادْ
دعني أقبل شغف قلبك يا أنا
دعني ألامس لهف عينك يا أنا
أبتي حبيبي خذْ فؤادي عبر أسلاكِ السجونْ
ولْتُبقهِ حُراً لديك
أبتي حبيبي لن أفرط في الوصيةْ
لن أساوم في الهوية
أنا لست اِبنة طائعٍ
للغربِ مأسور اليدا
بل إنني ابنة عاصٍ
رفض الخنوعَ وقضَّ أوهامَ العدا
قد خطَّ في التاريخِ تاريخاً مديدْ
ليردد العهدَ الأكيدْ
ويعيد للأذهانِ ماضينا العتيدْ
خطَّ الخريطةَ ثم صمم وشمها
من رحمِ تاريخٍ سيأتي لن يحيدْ
هو فارسُ الفرسانِ ناقِشُ روحه فوق الخريطةْ
من أجل حبٍّ سرمديٍّ للعتيقةْ
أبتي وغيمي حين ينقطع الشتاءْ
أبتي وسقيي حين يُمتنع الرواءْ
سأظلُّ أرتقب الظلالَ لعلني أحظى بظلكْ
سأظلُّ أخطو خطوكَ المقدامَ في ثقةٍ
وبلا قيودْ
فتهلل الوجه الحزينُ ببسمةٍ تعلو الشقاءْ
مد الحبيبُ يداً قد أُثقِلت فرط العناء
حتّى يلامسَ قلبَ طفلتهِ المصونْ
تركَ الكلامَ كأنما لغة العيون كلامهُ
وبحرقةِ الدمعِ العزيزِ تغلفتْ آه الفؤادْ
همست بحبٍّ منهمرْ
دمْ يا حبيبي طيِّباً
نمْ يا حبيبي في سعادْ
فالفجر يجمعنا قريباً في حمى المولى يُصانْ
بعبابه تتنسم الأطيارُ نسمات الأمل
حرية تشدو القلوب لأجلها
تصبو المُقلْ
عدْ يا حبيبي سالم الوجدانْ
دمْ يا حبيبي في رضا الرحمن
دمْ في أمانْ
..................
