** من أخطائنا في المعاملات**

توطئة : إن الجشع والطمع إذا تجذرا في كيان المسلم قاده ذلك إلى الوقوع في مخالفات كبرى للشرع الحنيف ومن ثمّ لا يبالي بارتكاب المحرّمات , وإن نبهته لخطورة تصرفه شرعاً , بدأ معك سلسلة من المناقشات متذرعاً بثلاثة حجج :
الأولى : أن هذا مما اعتاده الناس ويشق عليهم التخلي عنه .
الثانية : أن هذا من العرف الذي أقرّه الشرع الحنيف .
الثالثة : قلة العرض في الأسواق فكمية السلعة لا تتناسب مع كثرة الطلب عليها . ويقولون : " التجارة شطارة " .
معاملة حرّمة :
في بلدتنا اعتاد التجار الذين يعملون بتجارة المواد الغذائية التي يشتد الطلب عليها , كالأجبان والألبان والخضار والفواكه الخروج إلى ظاهر البلدة يتلقون القادمين من الأرياف بسلعهم الغذائية لبيعها في السوق فيشترونها منهم بأسعار يتبيّن فيما بعد أنها أقل من سعر السوق و وربما يفعل ذلك غير التجار والباعة من الناس العاديين . هؤلاء جميعاً يفعلون هذا أما جاهلين وهذا نادر وإما متجاهلين أو طامعين وهذا هو الغالب . ويأتي الآخرون للشراء من السوق فلا يجدون حاجاتهم من اللبن وغيره كالجبن أو نوع ما من الفواكه أو الحليب , فيع الناس في المشقة وربما اشتداد الحاجة أحياناً لسلعة ما . فكّرت مليّاً في تكييف فقهي لهذا التصرف , فوجدت أن تلقي الركبان هو التكييف الفقهي الّذي ينطبق عليه انطباقاً كاملاً , وقد حرّم الإسلام تلقي الركبان تحريماً قطعياً بنص الحديث الصحيح الثابت لرسول الله صلى الله عليه وسلم , أخرج الإمام مسلم رحمه الله في صحيحه عن عبيد الله عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن أن تتلقى السلع حتى تبلغ الأسواق . ( صحيح مسلم . الكتروني . الحديث 1517)

وجه الاستدلال بالحديث أصولياً : جاء الحديث بلفظ نهى والنهي معناه الكفّ عن فعل الشيء المنهي عنه وتركه كلياً وذلك يقتضي التحريم باتفاق جميع علماء أصول الفقه ما لم تصرفه عنه قرينة ظاهرة إلى الكراهة , ولا قرينة صارفة له عن التحريم هنا فتعين جزماً .
الحكمة من التحريم : لقد حرّم الإسلام تلقي السلع على أطراف المدن للحكم التالية : 1- لحصول الغرر الذي يتعرّض له القادم بسلعته وهو ممنوع . 2- الغبن الفاحش الذي يقع بالقادمين لجلهم بالأسعار , وذلك أكل لأموال الناس بالباطل .
وإذا علم البائع بالسعر الحقيقي وتبيّن له أنه مغبون غبناً فاحشاً فله الحق في فسخ البيع ممن تلقاه رعاية لحق الشرع , وأما إذا كان الغبن يسيراً لا فسخ البيع توخياً لاستقرار المعاملات , المرجع في تقدير الغبن الفاحش ا, اليسير العرف التجاري في البلد .
ذلك هو حكم هذا التصرف الشائع في أيامنا هذه والمأمول أن الالتزام بالنهي وقوفاً عند أحكام الشريعة وعدم الافتئات عليها طاعة لله ورسوله صلى الله عليه وسلم , والحمد لله ربّ العالمين .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــ

اقتباس:

---

في بلدتنا اعتاد التجار الذين يعملون بتجارة المواد الغذائية التي يشتد الطلب عليها ,

---

كيف يمكنهم ألا يغشوا في عملهم وهم يعانون ازدواجية في الشخصية وحالة فصام ديني , فالعبادة عندهم لاتعني اسقاط ذلك على الواقع ومن هنا مأساتنا.
جزيل الشكر

مشكور اخي وبارك الله فيك

بسم الله الرحمن الرحيم
أخي صهيب أشكر مرورك وجزاك الله خيراً .السلام عليكم ورحمة الله وبركاته . وطاب يومك .

بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته , الأخت الصيدلانية بنان دركل . مشرفة القسم العلمي , حياك الله . نعم كثير من المسلمين يعانون من حالة فصام ديني لكن هذا هل يفرض علينا حالة من السكوت على الأخطاء والمحرمات التي تجذرت في الوسط الإسلامي ؟ لا أظن ذلك . جزاك الله خيراً .

الاخ الكريم أسعد الأطرش شكرا ليمينك على ما كتبت
دار في فكري بعض التساؤلات وانا اقرأ مقالتك
انا من دمشق ولقد شهدنا في الأيام الماضية أرتفاع غريب في الأسعار
بعض المنتجات تضاعف ضعفين وأكثر
وبعضها الاخر ارتفع بين ليلة وضحاها
فهل ترى أن هناك ربط بين تلقي الركبان وعدم الإستقرار في السوق ؟!

واضع بين يدي بحث جميل حول هذا الموضوع
تجده بالمرفقات
دمت بامن الله وحمايته

بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته , شكراً لك أخ محمد كشلو , رد راق يحمل دلالة علة قراءة متأنية , والقراء من هذا القبيل وأنت منهم طراز فريد نحتاجه دائماً , نعم ثمة ارتباط بين تقلبات الأسعار وتلقي الركبان , بدلالة الواقع الذي نعيشه , ولو التزم التجار محالهم وقوفاً عند أحكام الشرع الحنيف . لرأينا أسعاراً أقرب إلى الإعتدال . شكراً لك جزاك الله خيراً .