رد: تاريخ القضية الفلسطينية
السلام عليكم
النص كان على قيمته الكبيرة طويلا جدا ليتك قدمته لنا على حلقات
احييك بقوة وربما كان القسم التاريخي انسب له
نصرنا الله وحمانا
رد: تاريخ القضية الفلسطينية
الشخصية هي شخصية السلطان عبد الحميد الثاني الذي حكم الخلافة العثمانية مدة 35 سنة من سنة 1874م لسنة 1909م ، و سنرى فيما بعد محاولاته للوقوف في وجه المشروع الصهيوني في أرض فلسطين ومحاربة الأهداف التوسعية لليهود داخل فلسطين ومحاربة الأفكار الإنكليزية والبروتستانتية لزرع اليهود داخل فلسطين، مما سبّب له مشاكل كثيرة كلفته في النهاية منصبه كحاكم
موقف الدولة العثمانية من استيطان اليهود في فلسطين :
لقد دخلت القدس في حماية الدولة العثمانية في أواخر عام 1516م في عهد السلطان سليم الأول ، وهو السلطان التاسع من سلاطين آل عثمان.
وفي عام 1520م تولى الحكم ابنه السلطان سليمان القانوني، وفي عهده تم إعمار المرافق العامة في القدس وجُدِّدَ آخرُ سورٍ حول القدس الشريف ( أسوار البلدة القديمة والتي ما زالت قائمة حتى يومنا هذا ) وتم إصلاحها وترميمها طيلة خمس سنوات (1536م – 1541م)
حاول اليهود منذ القدم الهجرة إلى بيت المقدس , ولكنهم كثيراً ماكانوا يصطدمون بموقف السلطات التي كانت حائلا دون أطماعهم . ويرجع السبب في ذلك إلى وثيقة ( العهدة العمرية ) التي يرجع تاريخها إلى سنة 15 هجرية , عندما فتح عمر بن الخطاب رضي الله عنه مدينة القدس , كتب وثيقة لأهلها نصت صراحة « أن لا يسكن فيها معهم أحد من اليهود .. ». وقد ظلت هذه الوثيقة متبعة ومحترمة منذ عهد الخلفاء الراشدين وحتى عهد القوة في الدولة العثمانية ، وبالرغم من تعاطف العثمانيين مع اليهود الناجين من المذابح الإسبانية فإنهم فتحوا لهم البلاد كلها على الرحب والسعة ما عدا الأرض المقدسة، في مكة والمدينة المنورة والقدس الشريف، وبالفعل وصلت أفواج من اليهود المهاجرين وأقاموا بين المسلمين وتمتعوا بالمواطنة العثمانية شأنهم شأن أي عثماني في البلاد ، إلا أنَّ ذلك لم يرق لهم فتجددت أحلامهم وأطماعهم نحو القدس الشريف وفلسطين وظهرت أول دعوة لإقامة دولة يهودية في فلسطين عام 1665م على يد يهودي تركي اسمه "سبتاي تيزفي " كما رأينا سابقاً
ثم دعوة نابليون بونابرت ليهود العالم للانضمام إلى جيشه في حملته على مصر وفلسطين ووعدهم بالهجرة إلى فلسطين ليقيموا حكما لهم على أرضها
وفي عام 1832م وقعت فلسطين تحت قبضة محمد علي باشا والي مصر وبضغط من الدول الكبرى وصل نفوذ اليهود إلى هذا الحاكم الجديد فقد تمكنت عشر عائلات يهودية في عهده بوسائلهم المعروفة من دفع ( الرشى ) واتصالهم بالدول الغربية للضغط على محمد علي للسماح لهم بالإقامة بالقدس . وفي وقتها تعاظم نفوذ الجمعيات والمؤتمرات اليهودية التي كانت تدعو إلى إقامة اليهود في فلسطين ، وظل اليهود يتمتعون بالنفوذ في عهده فقد شعر المقدسيون بالظلم والغبن فقاموا عام 1834 بثورة عارمة على حكم إبراهيم باشا فقام بقمع الأهالي وزجهم في السجون بمساعدة اليهود .
إلا أنَّ الأمر لم يصفُ لليهود ، فبعد أن خرجت قوات محمد علي باشا من فلسطين غابت الحماية عنهم فشعروا بالخوف فسارعوا لحليف جديد وكان في ذلك الوقت بريطانيا العظمى ، التي سارعت وقدمت طلبا للباب العالي لإنشاء قنصلية لها في القدس، وبعد جهود كبيرة بين رد ورفض وتوسط تم افتتاح القنصلية وكان أول أعمالها تقديم الحماية لليهود , ولكنهم اصطدموا بموقف السلطة العثمانية بعد أن آل إليها حكم بلاد الشام . وكان موقفها حازمأ وحاسمأ، وقد قامت قائمة اليهود في شتى أنحاء العالم للعمل ضد الدولة العثمانية .
حاول اليهود التسلل إلى بلاد الشام ( خاصة فلسطين ) والطور ( سيناء ) عن طريق الهجرة وشراء الأراضي، ولكن سلاطين آل عثمان كانوا يدركون خطورة هذه الحركة، فأصدروا أوامر مشددة إلى رجال الإدارة ببلاد الشام تحرم على اليهود سكنى أرض فلسطين أو سيناء، فعلى سبيل المثال:
- أصدر السلطان سليم الأول في عام 1519م فرماناً يمنع اليهود من الهجرة إلى سيناء، وواضح من هذا الفرمان أن اليهود كانوا يريدون سيناء منطلقاً للعودة إلى أرض الميعاد حسب زعمهم
- سار السلطان سليمان القانوني على نفس الطريق الذي كان عليه والده، فأصدر فرماناً أكد فيها ما جاء في الفرمان الذي أصدره والده السلطان سليم، مما يدل على أن الخطر اليهودي كان لا يزال ماثلاً على سيناء وأرض فلسطين.
ولكن الروسية الأصل روكسلانة/خورام بالتركية زوجة السلطان سليمان القانوني "وهي من أصل يهودي" قد استعطفت زوجها { السلطان سليمان الملقب بـ "الغازي" الذي هدد قلب أوروبا ووصل في فتوحاته إلى أبواب فيينا } وأقنعته بالسماح والقبول بإيواء يهود إسبانيا الذين شردتهم محاكم التفتيش الإسبانية اعتباراً من العام 1492م وطال القرن الذي تلاه ، فسمح لهم السلطان سليمان القانوني بذلك , ونزل هؤلاء في سالونيك والأناضول وجزر المتوسط ومواني الشام ومصر والجزيرة العربية , ومنهم كانت فيما بعد القاعدة الأساسية التي تشكلت منها "طائفة الدونمة" في تلك المناطق .
إن اليهود لم يتوقفوا عن بذل المحاولات المتكررة لتحقيق هدفهم، وقد نجحوا في الوصول على هيئة هجرات متقطعة إلى سيناء بداية إلى الطورعلى اعتبار أن الطور تقع على الساحل الشرقي لخليج السويس، ولها ميناء يصلح لرسو السفن، ويمكّن مدينة الطور من الاتصال بالعالم الخارجي عن طريق البحر.
ثم اكتشفت هذه الهجرات، فأصدر الوالي العثماني على مصر من قِبل السلطان العثماني مراد الثالث ثلاث فرمانات متتالية بإخراج اليهود من سيناء، ومنعهم في مستقبل الأيام منعاً باتاً من العودة إليها بما فيها مدينة الطور أو الإقامة أو السكن فيها، ونبهت الفرمانات بضرورة تنفيذ الأوامر تنفيذاً فورياً.
إن القوى الأوربية منذ العام 1800م وعلى رأسها أوروبا "المسيحية" وخصوصاً بريطانيا ـ ولم تكن خليفتها الولايات المتحدة قد برزت على الساحة الدولية بعد ـ كان يهمها من السلطنة العثمانية أكثر مايهمها , أمر وحيد هو جغرافيا السلطنة وهو أمر إستراتيجي فريد وغير موجود إلا عند العثمانيين في تلك الفترة ألا وهو أن السلطنة العثمانية كانت تشكل جغرافياً مايسمى [ دولة حاجزة ] بين روسيا من جهة وبين طريق الهند من جهة ثانية . حيث كانت روسيا بحكامها القياصرة الأرثوذوكس سيفاً مسلطاً على طريق الهند وهي المستعمرة والدجاجة التي تبيض ذهباً بالنسبة إلى بريطانيا في تلك الأيام , مثلها مثل النفط في هذه الأيام .
0ولذلك كانت بريطانيا ورغم كرهها الشديد " لرجل أوروبا المريض " وهو التعبير الشائع والمستعمل عندهم للكناية عن "العثمانيين" , كانت مضطرة ومرغمة على حقن ذلك الرجل المريض بالأدوية ومداواته بالمراهم بل وأحياناً دهنه بالطيب كل ذلك من أجل إبقائه حياً وواقفا على رجليه في وجه روسيا القيصرية .
أما فرنسا والدول اللاتينية الأخرى التي تدور في فلكها " خصوصاً إيطاليا " , والتي كان موقفها من الدولة العثمانية قد بدأ يسوء منذ أيام حملة إبراهيم باشا ابن محمد علي باشا على بلاد الشام في العام 1832م وبلغت العلاقات الفرنسية العثمانية ذروة توترها مع فشل تلك الحملة 1841م.
أما ألمانيا فإن قيصرها وليام الثاني - معاصر السلطان عبد الحميد - كان يدعم العثمانيين نكاية بفرنسا ومنافسةً لبريطانيا ولذلك كافأه عبد الحميد بإعطائه ألمانيا امتيازات أكبر من باقي الدول الأوروبية وذلك بمنحها إمتياز تعهد سكة حديد بغداد .
- في عام 1840 : وجه اللورد بالمر ستون وكان وزير خارجية بريطانيا رسالة إلى سفيره في إستانبول يطالبه فيها ببحث مسألة توطين اليهود في فلسطين مع السلطان العثماني وهو يحرضه على إغراء العثمانيين بالأموال الكثيرة التي سيجلبها هؤلاء اليهود .
وبعد مرور عام أي في العام 1841 أرسل بالمر ستون رسالة أخرى إلى سفيره في الأستانة طالبه فيها بإقناع السلطان بإباحة هجرة اليهود وقال: " سيكون مفيداً جداً للسلطان إذا ما أغرى اليهود المبعثرين في أوروبا وأفريقيا بالذهاب والتوطن في فلسطين..." .
- في عام 1858م صدر قانون جديد للأراضي السلطانية العثمانية بغية القيام بإصلاحات للتخفيف من ثورة الأهالي من جهة ولإضفاء الشرعية على الدولة العثمانية كونها خليفة الدولة الاسلامية من جهة أخرى. وفي عام 1859م أصدرت الدولة أنظمة جديده بحق سندات الطابو وهي عباره عن تعليمات تسجيل الأراضي بأسماء أصحابها المالكين لها شخصيا والتخلي تدريجيا عن نظام الإقطاع الذي بدأ يتلاشى تدريجياً وقد بقي هذا النظام معمولا به في فلسطين حتى أثناء الانتداب البريطاني على فلسطين وبقيت أراضي فلسطين تتبع هذا النظام وتابعة في الوقت نفسه لدائرة تسجيل الأراضي في دمشق حتى العام 1891م وبعد هذا التاريخ اصبحت تتبع دائرة تسجيل أراضي بيروت0
وبهذا الإجراء لم يكن من السهل على الفلاحين الفلسطينيين ملاحقة أمور التسجيل لبعد هاتين العاصمتين عن فلسطين إضافة الى جهل الفلاح بالقانون وإجراءاته المعقدة أو خوفاً منهم من دفع الضرائب المستحقة عليهم سواء عند تسجيل الأراضي بأسماءهم أو ما يترتب عليهم بعد ذلك من دفع الضرائب عليها
ومن مساويء هذا القانون - والذي كان له الخطر الأكبر على فلسطين لاحقاً - أنه نصّ على تأليف لجان محلية من المخاتير والمتنفذين لمسح الأراضي وتحديد ملكيتها وهؤلاء كانوا يرجحون مصالحهم الخاصة على مصالح العامة الفقراء مما دفع الأغنياء في المدن والقرى لتسجيل مساحات واسعة من الأراضي بأسمائهم ثم تأجيرها للفلاحين بشروط استغلالية فاحشة
أرهقت الضرائب كواهل الفلاحين الفقراء ولم يعودوا قادرين على السداد فأصدرت الدولة العثمانية عام 1869م قراراً بالسماح بتمليك الأراضي لغير الفلسطينيين. وباعت أراضيهم بأبخس الأثمان لأغنياء دمشق وبيروت فنشأت فئة من أسياد الأرض الكبار خارج فلسطين الذين استغلوا فقر الفلاح الفلسطيني ووجود دوائر التسجيل في عواصمهم وانهيار ركائز الدولة العثمانية فسجلوا مساحات شاسعة من الأراضي بأسمائهم وهم الذين بادروا إلى بيع أكثرية الأراضي بأسعار مرتفعه لليهود - والذين كانو يجهلون حتى مكان هذه الأراضي وحدودها - معتمدين فقط على سند تسجيل الملكية إبان تسجيل الأراضي في الطابو بعواصمهم .
فساعد هذا النظام الاستغلالي إلى انتقال أراضٍ واسعة وأحياناً قرى بكاملها إلى المستوطنين اليهود الذين كانو يفدون إلى فلسطين قبل قيام المنظمة الصهيونية العالمية فقد قامت هيئات ومؤسسات اجتماعية واقتصادية بالاستيلاء على مساحات واسعة من الأراضي في فلسطين فعلى سبيل المثال استولت جمعية الأليانس الإسرائيلية على حوالي3000 دونم من الأراضي قرب يافا وأقامت عليها مستوطنة ( مكفيه يسرائيل ) عام 1870م . وفي العام 1871م أقيمت مستوطنة ( بيتح تكفا ) وفي آب 1882م تم تأسيس أول مستعمرة يهودية خاصة أقامها 12 مهاجراً ومهاجرة صهاينة من رومانيا في يافا هي مستوطنة ( ريشون لتسيون) . وحتى نهاية العام 1889م أقيمت 32 مستوطنة زراعية يهودية على مساحة 300 ألف دونم
تعرض اليهود لاضطهاد مكثف من قبل سلطات الإمبراطورية الروسية بعد أن قامت الحكومة الروسية بإعدام أعداد كبيرة منهم بعد قيام منظمة عشاق صهيون باغتيال القيصر الروسي الكسندر الثاني عام 1881م وهو الذي أمر بتنحيتهم عن المناصب الكبرى التي سيطروا عليها في الدولة الروسية، وفي عهد بلغت محاولات اليهود ذروتها لاغتصاب فلسطين؛ فأراد اليهود الروس النزوح إلى فلسطين فجاء الرد من الحكومة العثمانية - وكان عبد الحميد الثاني قد صار سلطاناً - كالتالي:
( إن الحكومة العثمانية تبلغ جميع اليهود الراغبين في الهجرة إلى الدولة بأنه ممنوع عليهم الاستقرار في فلسطين، وأن الدولة تسمح لهم بالإقامة في أي إقليم آخر من أقاليم الدولة بشرط أن يكونوا رعايا عثمانيين، ويخضعوا لقوانين الدولة )
وتدخل السفير الأمريكي في الأستانة ( بعد أن أصدرت الولايات المتحدة الأمريكية قراراً بتحديد هجرة يهود أوروبا إلى أمريكا الشمالية وحاولت بالمقابل دفع هؤلاء اليهود باتجاه الهجرة إلى السلطنة العثمانية وخاصة إلى فلسطين ) لدى وزير الخارجية العثماني في شأن منع هجرة اليهود إلى فلسطين
فجاء الرد بمنع الهجرة..
فتجمع اليهود الروس والرومان والبلغار بميناء أودسا واتجهوا إلى القنصلية العثمانية واجتمعوا بالقنصل العثماني على أن يرفع للسلطان عبدالحميد الثاني طلبهم أن يهاجروا الى فلسطين فأتاهم الرد سريعا وعلى باب القنصلية بالرفض. ثم توجهوا إلى استانبول وحاولوا إبداء الضعف وإثارة عاطفة السلطان فرفض مقابلتهم وأناب عنه وزيري الحربية والخارجية اللذان رفضا الطلب اليهودي. ثم لجؤوا إلى محاوله تحدي الدولة وقرروا الهجرة إلى فلسطين من استانبول فسافروا إلى الموانئ الشامية وعلم السلطان فأسرع بإرسال برقيات إلى متصرف القدس وإلى السلطات العثمانية في بيروت واللاذقية وحيفا بمنع أي يهودي من روسيا أو رومانيا أو بلغاريا من أن تطأ قدمه أرض فلسطين، وأبلغ رؤساء البعثات الدبلوماسية في الأستانة رسمياً بقرار مجلس الوزراء العثماني بمنع استيطان أو استقرار اليهود الروس في فلسطين.فلما وصلوا وجدوا الرفض بنزولهم من قبل السلطات فعادوا إلى بلدانهم .
وأصدر السلطان سنة 1884م قراراً بألا تزيد إقامة اليهود الراغبين في زيارة فلسطين على ثلاثين يوماً ، واحتجت الدول الأوروبية على قيد المدة بثلاثين يوماً فجُعلت ثلاثة أشهر.
وعمل السلطان عبدالحميد بعدة إجراءات وهي :
1- رفع المستوى الإداري لفلسطين من سناجق الى متصرفية ( فلسطين كانت مقسمة إلى سناجق ترجع الى متصرفية الشام )
2- المتصرفية كانت ترجع إلى متصرف لكن فلسطين أصبحت ترجع له مباشرة.
3- تعيين محمد شريف رؤوف باشا ليطارد اليهود في القرى والأرياف وإذا أتوا للحج يطردهم .
لكنه ضعف ( أي محمد شريف ) بعد 10 سنوات لكبر سنه فبدأ اليهود بالتزايد في فلسطين تحت ستار المشروعات التي تقوم بها أوروبا وبمساعدة بعض القناصل الأوروبية في فلسطين . وقبول بعض الموظفين الرشا، فقدم أعيان القدس التماساً إلى السلطان لاتخاذ إجراءات فعالة كفيلة بمنع نزوح اليهود إلى فلسطين، وشراء أراضيهم، فاستجاب لهم وجدد القيود على اليهود، وأصدر قانوناً يحرم بيع أراضي الحكومة إلى أي يهودي كان، ثم واصل اليهود محاولاتهم التسلل إلى فلسطين
ثم كانت محاولة أخرى قامت بها بريطانيا في عام 1887م لدى السلطان عبد الحميد بالذات , بذلت فيها كل جهودها وإغراءاتها المالية ووعودها العلنية والسرية بالوقوف إلى جانب الدولة العثمانية , و لكن عبد الحميد ثبت على رفضه القاطع .
رأى اليهود أن أسلوبهم عشوائي وغير منظم فنادوا إلى تنظيم الهجرة إلى فلسطين فعقد كبار الشخصيات اليهودية اجتماع في مدينه كاتويتنز الروسيه وأطلق على مقرارته مقررات مؤتمر كاتويتنز وترأس الاجتماع د. ليون نبسكر وخرجوا بثلاثة قرارت أساسية وهي :
1- وجوب تشجيع الهجرة اليهودية إلى فلسطين.
2- العمل في مجال الزراعة بعد الوصول الى فلسطين.
3- محاولة كسب عطف وتأييد الدول الأوربية لمشروع فلسطين.
وبعد الاجتماع بدأ كبار علمائهم ومفكريهم يحاولون استمالة الدول الأوربية عندما ذهبوا إليها.
أسباب مساعدة الدول الأوربية لليهود عدا ما استعرضناه من أسباب عقائدية :
1- التخلص من ويلات اليهود وشرورهم في أوروبا. حيث كانوا يعملون بالتجارة الربوية ويقومون بمداينة الحكومات والأفراد بالربا حتى يصبحون عاجزين عن السداد وكان مجال عملهم هذا يسمح لهم بكثرة التدخل في الشؤون السياسيه للدول التي كانوا يعيشون بها فتولد كره لليهود في المجتمعات التي كانوا يعيشون فيها .
2- غرس دولة يهودية في العالم الإسلامي لإضعافه وتفتيته وضرب المسلمين باليهود.
3- إشغال المجاهدين المسلمين عن جهادهم بمحاربة اليهود في فلسطين كي يتسنى لهم احتلال العالم الإسلامي.
الدعم اليهودي
تلقت الحركة اليهودية لاستيطان فلسطين دعما من أثرياء اليهود حول العالم الذي لولاه لما استقر اليهود في فلسطين إضافة إلى الدعم الذي تلقته من الدول الأوربية.
الدعم المالي : وهناك نماذج من أنواع هذا الدعم
دعم الدول :
1- بريطانيا : دعمت الحكومة البريطانية اليهود بان أنشئت البنك الأنكلوفلسطيني في فلسطين.
2- فرنسا أنشأت بنك لفقراء اليهود في فلسطين.
دعم الأفراد :
الثري اليهودي روتشلد سخر أمواله لدعم الحركه الصهيونيه بعدة أعمال منها:
1-شراء المستعمرات الزراعية بأسعار غالية وبيعها بسعر رمزي لليهود بالتقسيط.
2-بعد أن رأى أن اليهود لا يعرفون الزراعة قام بإرسال خبراء زراعين على شكل دبلوماسيين لتعليم اليهود الزراعة.
3-إرسال المستشفيات المتنقلة لعلاج اليهود في فلسطين.
4-إرسال المعلمين إلى القرى اليهودية للتنقل فيها لتعليم اليهود بعد أن لحظ جهلهم.
5-شراء المنتجات الزراعية اليهودية في فلسطين وبيعها في أوروبا وإرسال أموالها إلى اليهود في فلسطين.
الدعم المعنوي :
لا يقل أهميه عن الدعم المادي فعامة اليهود مترددين في الهجره إلى فلسطين ولا يريدون المغامرة بذلك خاصة الأغنياء في روسيا وأمريكا أما الفقراء بعضهم هاجر والبعض الآخر لم يستطع لعدم امتلاكه لتكاليف الهجرة فقام مثقفي اليهود بالكتابة في الصحف وألفوا الكتب لإثارة الروح الدينية لليهود بأن يهاجروا إلى فلسطين فقالوا إن المسلمين والنصارى لهم دول خاصة بهم أما اليهود فلا بلد لهم وأنهم مضطهدين من قبل الحكومات مع العلم أنهم شعب الله المختار على حد زعمهم وأن من أقل حقوقهم إنشاء وطن لهم.
أمثلة على الكتب المؤلفة :
1- بيرتز سمو لنسكن وكتابه ( فلنبحث عن الطريق )
2- صامويل ايزاكس وله كتابين هما ( إسرائيل الصغرى ) و ( إسرائيل الكبرى )
3- د. ليون بنكسر وكتابه ( التحرر الذاتي )
وكتبهم عبارة عن مقالات أثرت بهم تأثير كبير جداً أكثر من التأثير المادي مما ساهم في سرعه توجه اليهود الى فلسطين.
- يتبع -
رد: تاريخ القضية الفلسطينية
كما رأينا سابقاً لم يكن لليهود دولة في العالم وإنما كانوا مشتتين في أوروبا وآسيا وأفريقيا بنسب مختلفة واشتهر اليهود في الدول التي كانوا يعيشون بها بالعمل بالتجارة الربوية وكانوا يقومون بمداينة الحكومات والأفراد بالربا مما ضاعف أموالهم عاما بعد عام حتى تصبح الدول أو الأفراد عاجزين عن السداد وكان مجال عملهم هذا يسمح لهم بكثرة التدخل في الشؤون السياسيه للدول التي كانوا يعيشون بها فتولد كره لليهود في المجتمعات التي كانوا يعيشون فيها .
خلال الثمانينيات من القرن التاسع عشر والفترة ما بعدها، تأزمت حالة المجتمعات اليهودية في أوروبا، وخاصة في شرقي أوروبا ( المنطقة التي سكن فيه أغلبية اليهود في ذلك الحين )، حيث تعرضت لاضطهاد مكثف من قبل سلطات الإمبراطورية الروسية خاصة بعد أن قامت الحكومه الروسيه بإعدام أعداد كبيره من اليهود بعد حادثة اغتيال القيصر الروسي الكسندر الثاني عام 1881م ، ولسياسة اللاسامية من قبل حكومات أوروبية أخرى. هذا بالإضافة إلى نمو الإيديولوجية القومية في أوروبا (التي بلغت ذروتها عند "ربيع الشعوب" عام 1848م) .
كل هذا أدى إلى بلورة الصهيونية، وهي إحدى الحركات القومية اليهودية المقامة آنذاك. حددت الحركة الصهيونية منذ نشوئها هدفا لها هو جمع جميع اليهود في بلاد واحدة تصير موقع دولة يهودية، وفضلت "إيرتس يسرائيل" ( أي فلسطين ) كبلاد تقام فيها هذه الدولة اليهودية لاعتبارها وطن اليهود الأزلي.
نشأت الصهيونية في فترة تعزز فيها التأثير الأوروبي في الشرق الأوسط، حيث استولت بريطانيا على مصر ووسعت حدودها وجعلتها جزء من الإمبراطورية البريطانية وكذلك أقامت عدد من الحكومات الأوروبية مندوبيات وقنصليات في فلسطين الخاضعة للسلطة العثمانية. فاعتبرت هذه الحكومات أيضا فلسطين بلاداً متعلقة بالشعب اليهودي، كما يتبين من خطاب نابليون بونابرت في نيسان 1799 عندما حاصر جيشه مدينة عكا، ومن وعد بلفور الصادر من قبل حكومة بريطانيا في عام 1917، وكذلك من مراسلات حسين مكماهون التي قال فيها المندوب البريطاني هنري مكماهون عن منطقة فلسطين أنه "لا يمكن أن يقال أنها عربية محضة" ( السير مكماهون، 24 تشرين الأول 1915)، وكانت الحكومات الأوروبية تشجع بشكل ما الهجرة اليهودية إلى فلسطين التي بدأت تتكثف منذ ثمانيات القرن التاسع عشر إثر دعوة الحركة الصهيونية، والتي أدت إلى تأسيس تجمعات يهودية جديدة في فلسطين، خاصة في منطقة السهل الساحلي، حول القدس وفي مرج ابن عامر
في هذه الأثناء برز على الجانب اليهودي أكبر المروجين للفكرة الصهيونية , زعيم جديد من النمسا استطاع بدهائه كسب ود اليهود يدعى ثيودور هيرتزل
يعد هيرتزل مؤسس الحركة الصهيونية الحديثة , وكان قد رسم سابقاً سياسات الاستيطان اليهودي المبرمج فقال في "يومياته" عام 1895عن بعض هذه السياسات ما يلي :
[ يتوجب علينا أن ننتزع الملكية الخاصة لأراضي فلسطين من أيدي ملاكها ، وينبغي أن يكون ذلك في لطف وفي منتهى السرية والتكتم والحذر الشديد ، وعلينا أن نقوم بتهجير السكان المعدمين ـ الفلسطينيين ـ عبر الحدود ، بعد أن نسد أمامهم كل مجال للعمل في بلادنا ـ فلسطين ـ بينما نحاول تأمين استخدامهم وتشغيلهم في بلدان العبور ] .
وقد نشر كتابه ( دولة اليهود ) سنة 1896م والذي ضمنه آراءه في المسألة اليهودية والحلول السياسية التي يرتئيها لها ،فهو يرى أن السبيل الوحيد لحل المسألة اليهودية هو جعلها قضية سياسية تبحث جدياً في الأوساط اليهودية والمحافل الدولية ولإقامة دولة اليهود يدعو هرتزل في كتابه إلى إنشاء مؤسستين :
- الأولى جمعية اليهود : وهي تقوم بالمهام العلمية والسياسية ،وينبغي لها الحصول على اعتراف أكبر عدد من اليهود ومن الدول المستقلة بها كسلطة لإقامة دولة ،وتهدف إلى الحصول على السيادة على البلد الذي ستقام فيه دولة اليهود ،وإنشاء أجهزة ومؤسسات هذه الدولة قبيل إنشائها وإرسال المندوبين لدراسة إمكانيات البلاد والتخطيط لاستغلالها واستيطان اليهود فيها.
- والمؤسسة الثانية :الشركة اليهودية وعدها كشركة مساهمة ،تؤسس فروعاً لها في كل مكان يسمح لها فيه بذلك وتعمل على تصفية أملاك اليهود وحقوقهم المالية في الدول التي يعيشون فيها ،وتقوم الشركة بعد ذلك بنقل اليهود إلى البلاد التي ستقام فيها الدولة اليهودية وتحصل الشركة على رأس مالها من طرح أسهمها للبيع في الأسواق المالية.
لم يحظ كتاب دولة اليهود باهتمام كبير في الأوساط اليهودية أو غيرها عند صدوره ،ولكن رغم ذلك تجمع حول هيرتزل جماعة من المؤمنين بالفكرة الصهيونية من اليهود وغيرهم الأمر الذي جعله يسعى لمقابلة ملوك وزعماء عصره وحملهم على تأييد فكرته لإقامة الدولة اليهودية , ففي عام 1896م حاول ثيودور هيرتزل عن طريق صلاته مع دوق بادن الأكبر الحصول على إذن لمقابلة القيصر الألماني غليوم الثاني - وهو صديق للسلطان عبد الحميد - وشرح فوائد المشروع الصهيوني للقيصر علّه يساعد اليهود في إقناع السلطان ولكن القيصر الألماني تهرب لعلمه بموقف عبد الحميد الرافض . وفي أيار عام 1896م قابل ممثل البابا في فيينا ولكنه لم يجن أي فائدة من مقابلته بعد أن رفض ممثل البابا تأييد فكرته ، وفي منتصف حزيران من عام 1896م سافر هيرتزل إلى اسطنبول في محاولة لمقابلة السلطان ،فلم تتح له الفرصة ، وقد قابل الصدر الأعظم ،وعرض في هذه الزيارة دفع مبلغ عشرين مليون ليرة لتسوية الأوضاع المالية في تركيا ،على أن تصبح فلسطين لليهود ،ولكن عرضه قوبل بالرفض ،وعلم هيرتزل بعد ذلك أن الصدر الأعظم رفع تقريراً إلى السلطان لا يؤيد فيه المشروع ،بل لا يعتبره مشروعاً جدياً فاضطر إلى إجراء محادثات مع بعض الوزراء فقط دون فائدة ،وفي منتصف تموز من العام نفسه قابل اللورد روتشيلد الذي رفض تأييده .
أدرك هيرتزل بعد هذه الجهود التي بذلها عدم إمكانية استمرار نشاطه الفردي ،إذ أن مفاوضاته كفرد مع الأخرين لم تؤد إلى نتائج ملموسة ،مما جعله يفكر في إقامة جمعية اليهود التي تحدث عنها في كتابه وذلك على شكل مؤتمر صهيوني
المؤتمر الصهيوني الأول 1897م :
فكرة عقد مؤتمر صهيوني عام لم تكن من بنات أفكار هيرتزل ، إذ كانت موضوعاً للنقاش قبل هذا الوقت بعدة سنوات ولذلك عقد أكثر من اجتماع تحضيري للتداول في عقد المؤتمر خلال النصف الأول من سنة 1896م ،ولم يتأخر هيرتزل نفسه عن اللحاق بالركب فاتصل بزعماء صهاينة ويهود في بلدان عدة طالبا تأييدهم وأرسل مبعوثين للقيام بالدعاية للفكرة ، وعين أخرين لتنسيق أعمال الإعداد للمؤتمر ، قررهواة صهيون في رومانيا الانضمام لهيرتزل في دعوته لعقد المؤتمر ووافق الهواة في روسيا أيضاً على حضور المؤتمر ، وعارض عقد المؤتمر جزء من هواة صهيون في ألمانيا وكل جمعياتهم في بريطانيا، وقد كان من أسباب معارضة هواة صهيون البريطانية لعقد المؤتمر خوفهم أن تمنع السلطات التركية إقامة المستوطنات اليهودية في فلسطين .
ابتدأ التحضير الجدي لعقد مؤتمر صهيوني مع مطلع سنة 1897م ، وكان مقرراً عقده في ميونيخ ، بيد أن المعارضة الشديدة من قبَل التجمُّع اليهودي هناك والحاخامية في ميونيخ حالت دون ذلك ، إذ أعلنت رابطة رجال الدين اليهود في ألمانيا أن هذا المؤتمر يناقض الدعوة المسيائية ،ولذلك أطلق عليهم هيرتزل حاخامي الاحتجاج .
أدت هذه المعارضة إلى نقل مكان المؤتمر إلى بازل في سويسرا ، وافتُتح المؤتمر يوم الأحد 29 آب 1897م في صالة الاحتفالات التابعة لكازينو بلدية بازل. وأصر هيرتزل أن يرتدي الحاضرون الملابس الرسمية ( معطفاً طويلاً ورباط عنق أبيض ربما لتأكيد انتمائهم للحضارة الغربية الحديثة، وابتعادهم عن الجيتو - المجتمع الممغلق - ) .
،وقد حضره ما بين 200 و250 مندوباً ،يمثلون خمس عشرة دولة ، ( من الصعب تقرير من حضر كمراقب ومن حضر كمندوب ). وكان معظم المندوبين من جمعية أحباء صهيون ونصفهم من شرق أوربا . ولكن حتى الذين أتوا من الغرب كانوا هم أيضاً من أصل أوربي شرقي. أما من ناحية التكوين الطبقي، فقد كان معظم المندوبين من أبناء الطبقة الوسطى المتعلمة وكان ربعهم رجال أعمال وصناعة وأعمال مالية. وأما الفئات الثلاث التالية ، فقد كانت من الأدباء والمهنيين والطلبة. كما كان هناك 11 حاخاماً، والباقون من مهن مختلفة. وكان بينهم المتدين وغير المتدين والملحد، كما كانوا يضمون في صفوفهم بعض الاشتراكيين .
وأعد هيرتزل برنامج المؤتمر، وصمم ماكس بودنهايمر الزعيم الصهيوني الألماني شارته، وهي درع أزرق ذو حواف حمراء كُتبت عليه عبارة: "تأسيس الدولة اليهودية هو الحل الوحيد للمسألة اليهودية"، وفي وسطه أسد يهودا، وحوله نجمة داود واثنتا عشرة نجمة إشارة إلى أسباط إسرائيل. افتتح هيرتزل المؤتمر بخطاب قصير أكد فيه أن الهدف من المؤتمر هو وضع الحجر الأساس للبيت الذي سيسكنه الشعب اليهودي في المستقبل معلناً أن الصهيونية هي عودة إلى اليهودية قبل العودة إلى بلاد اليهود ، ثم تبعه الدكتور نورداو فألقى محاضرة وصف فيها أوضاع اليهود في أكثر من مكان في العالم ،ثم تعاقب على الكلام خطباء عدة , فقدموا تقارير عن أوضاع اليهود في بلدانهم ،وفي اليوم الثاني للمؤتمر قدم نورداو مشروع قرار يحدد أهداف الحركة الصهيونية ، طالباً من المؤتمر اعتماده ،وبعد نقاش غير طويل أقر المؤتمر أهداف الصهيونية المعروفة منذ ذلك الوقت باسم برنامج بازل وهو على النحو التالي :
1- إنشاء دوله يهودية في فلسطين تجمع اليهود من شتاتهم حول العالم.
2- إنشاء المنظمة اليهودية العالمية.
3- تقويه الروح القومية بين اليهود.
4- الاهتمام بنشر وتدريس اللغة العبرية بين جميع يهود العالم.
5- إنشاء معهد عالي للدراسات العبرية في يافا يهتم بدراسة التاريخ العبري وآدابهم العبرانية.
6- وضع شعار العلم الرسمي الرسمي للدولة اليهودية ونشيدها الوطني.
7- أن يدفع كل يهودي يعتنق المبادئ الصهيونية مبلغ يدعم به الحركة الصهيونية.
اتجه هيرتزل إلى ألمانيا طالباً مساعدتها في إقامة دولة يهودية في فلسطين , وبعد محاولات عدة نجح في مقابلة القيصر الألماني وذلك أثناء زيارته لاسطنبول عام 1898م،وفي هذه المقابلة طلب منه التوسط لدى السلطان لحمله على الموافقة على قيام شركة يهودية صاحبة امتياز بتوطين اليهود في فلسطين وجوارها ،وبعد انتهاء زيارة القيصر للسلطان العثماني ذهب هيرتزل إلى القدس والتقى القيصر هناك ،حيث تلقى رداً فاتراً من القيصر الذي أوضح له أن المشكلة بحاجة لمزيد من الوقت والتفكير،الأمر الذي جعله يدرك أن وساطته لدى السلطان لم تجد نفعاً
نتيجة لموقف القيصر الألماني فكر هيرتزل في الاتصال مباشرة بالسلطان عبد الحميد للحصول على موافقة الدولة صاحبة السيادة الفعلية على فلسطين على الهجرة اليهودية إليها .فركز جهده على مقابله السلطان عبدالحميد الذي أصر على رفض المقابلة
ومن أجل ذلك اتصل بنوري باشا المدير العام لوزارة الخارجية التركية ووعده بأن يدفع له مبلغاً من المال كرشوة مقابل مساعدته في مقابلة السلطان ، ومن ناحية أخرى اتصل هيرتزل بأستاذ جامعي يهودي يدعى فامبيري له علاقة شخصية بالسلطان ليسهل له هذه المقابلة وتوسط بحكام الدول الأوربية التي ضغطت بواسطة سفاراتها في استانبول على السلطان كي يقابل هيرتزل وقد أثمرت هذه الجهود ،فدعي هيرتزل في أيار عام 1901م لمقابلة السلطان
شاور السلطان عبدالحميد وزرائه الذين أشاروا عليه أن يقابل هيرتزل , فتقابل السلطان عبدالحميد بثيودور هيرتزل الذي طلب من السلطان بعطف وخبث :
السماح لليهود بالهجرة إلى فلسطين , وأن يكون لهم مكان مستقر لهم في الحج (فسر على أن يكون مستعمرة يهودية).
ولم يتطرق هيرتزل إلى قيام دولة لهم في فلسطين .
وافق السلطان عبدالحميد بشروط وهي :
1- أن لا تكون هجرة اليهود إلى فلسطين والسماح لهم بالهجرة إلى آسيا الصغرى وما بين الرافدين بعد موافقة دولهم على تهجيرهم
2- أن تكون الهجرة بشكل إفردي.
3- أن يتجنسوا بالجنسية العثمانية وأن يخدموا كجنود في الجيش العثماني وأن يطبق عليهم ما يطبق على الرعايا العثمانيين .
فرفض هيرتزل العرض .
غادر هيرتزل إلى الزعماء الأوربيين يحاول كسب تأييدهم حسب مايريد ومالم يعلنه لعبدالحميد ولم ييأس من رد السلطان بل زاد لديه الأمل فبعث إلى السلطان عبدالحميد وفد يضم ثلاثة من أكبر رجال اليهود هم المحامي عمانوئيل مزراحي قره صو ممثل سالونيك في مجلس النواب العثماني وجاك قمحي وهو رجل بنوك تركي هام جداً يعرف بلقب " روتشيلد إستانبول " وليون كوهين وهو شقيق موسيه كوهين من كبار رجالات الدونمة وذهب هؤلاء إلى قصر يلدز , وهو مقر حكومة عبد الحميد في استانبول طالبين المقابلة وجهاً لوجه مع السلطان عبد الحميد شخصياً لعرض المشروع عليه , فرفض السلطان أن يقابل الوفد وطلب من وزيره الخاص تحسين باشا أن يقابلهم , قابل تحسين باشا الوفد وأصرعلى معرفة ما يريدونه لينقله للسلطان حرفياً فعرضوا عليه مايلي :
1- تسديد اليهود لكافه الديون المترتبة على الدولة العثمانية
2- يقوم اليهود ببناء اسطول بحري كهدية للدولة العثمانية
3- تقديم قرض بدون فائده بقيمة 35 مليون ليرة ذهبية لدعم ميزانية الدولة
4- تقديم هدية للسلطان عبدالحميد وهي مبلغ 5 مليون جنيه استرليني (سري)
كل هذه المغريات مقابل أمرين هما:
1-السماح لليهود بالذهاب إلى فلسطين في أي يوم من السنة
2-ان يقوم اليهود ببناء مستعمره قرب القدس يسكن بها أبناء جلدتهم أثناء الحج.
وحينما نقل تحسين باشا ما سمعه إلى السلطان عبد الحميد رفض السلطان هذه المطالب بشكل كلي , وأجابه قائلا : قل لهؤلاء اليهود الوقحين : (( أنصحوا الدكتور هرتزل بألا يتخذ خطوات جديدة في هذا الموضوع ، إنني لا أستطيع أن أتخلى عن شبر واحد من هذه الأرض فهي ليست ملكي بل ملك للأمة الإسلامية التي جاهدت في سبيلها وروتها بدمائها ففلسطين فتحها عمر بن الخطاب. سوف نغطيها بدمائنا قبل أن نسمح لأحد باغتصابها منا، إنكم لو دفعتم ملء الدنيا ذهباً -فضلاً عن 150مليون ليرة إنكليزية ذهباً- فلن أقبل بتكليفكم هذا بوجه قطعي، لقد خدمت الملة الإسلامية والأمة المحمدية ما يزيد عن ثلاثين سنة فلن أسود صحائف المسلمين آبائي وأجدادي والخلفاء العثمانيين , وتلك الديون لم تشكل يوما عاراً وعبئاً على الدولة لذا لا تحاولوا وليحتفظ اليهود بأموالهم وملايينهم , وإذا ما مزقت يوماً دولة الخلافة فإنهم يستطيعون آنذاك أن يأخذوا فلسطين بلا ثمن ، أما وأنا حي فإن عمل المبضع في بدني لأهون علي من أن أرى فلسطين قد بترت من الدولة الإسلامية ، وهذا أمر لا يكون ، إنني لا أستطيع الموافقة على تشريح أجسادنا ونحن على قيد الحياة .. ))
وقد أرسل عبد الحميد بعد ذلك إلى ممدوح باشا ناظر الداخلية مكلفا إياه بالاتصال برؤوف باشا وهو متصرف القدس لكي يقوم فوراً بالتحري عن اليهود في فلسطين ولاسيما في القدس وحولها بحيث لا يبقى منهم إلا الزائرين للحج ولفترة محدودة. في مقدمتهم عمانوئيل مزراحي قره صو
. بعد أن يأس هيرتزل من قيام دولة يهودية في فلسطين أرسل في 3 أيار عام 1902م برسالة للسلطان عبد الحميد يعرض فيها إنشاء جامعة علمية ومدارس زراعية في فلسطين تستوعب الشبان الأتراك الذين يضطرون إلى الدراسة في أوربا حيث يتشبعون هناك بالمبادىء الثورية المناهضة لحكم السلطان , وأن يمولوها وأن يكون أساتذتها من اليهود , رفض السلطان عبدالحميد ذلك لأنه يدرك أن هذا الطلب سوف يكون بداية الدولة اليهودية . في تموز عام 1902م زار هيرتزل اسطنبول للمرة الأخيرة حيث لوح بمشروعه في أفريقيا فجاءه الرد النهائي من السلطان بالرفض .
عندئذٍ لجأ زعماء الصهيونية الى بريطانيا التي كانت تحتل مصر آنذاك و المجاورة لفلسطين , وكانت بريطانيا في نظر اليهود القوة الأولى في العالم و القادرة على تحقيق هدفهم الصهيوني , ومن تركيا توجه هيرتزل إلى بريطانيا حيث اجتمع بمئير روتشيلد وأقنعه بالتوسط لدى الحكومة البريطانية لحملها على منح المنظمة الصهيونية امتيازاً لتوطين اليهود في العريش وشبه جزيرة سيناء وفي قبرص ، وفي تشرين الثاني 1902م دُعي هرتزل لمقابلة وزير المستعمرات البريطاني تشمبرلين ،وقد أجابه تشمبرلين بما يفيد صعوبة استيطان قبرص ، وبخصوص الاستيطان في سيناء والعريش طلب منه أن يتوجه إلى وزارة الخارجية البريطانية لأن هذه المنطقة تابعة لها ، وعلى أثر ذلك قام هرتزل بتقديم مذكرة إلى وزير الخارجية البريطاني ( لاندسون ) شارحاً فيها مشروعه ، ثم قابل الوزير واتفقا على أن ترسل المنظمة الصهيونية مندوباً إلى مصر لمقابلة اللورد كرومر المعتمد البريطاني لمصر ، وفي القاهرة اتفق كرومر مع موفد المنظمة الصهيونية على أن تقوم المنظمة بإرسال بعثة لدراسة طبيعة المنطقة ، وفي أوائل شهر شباط 1903م وصلت البعثة للعريش لدراسة المشروع , كما سافر هيرتزل الى مصر للتفاوض مع الحكومة المصرية و المندوب السامي في مصر فعقدت لجنة انكليزية - مصرية ( أجبر المصريين على ذلك ) وافقت على مطالب هيرتزل وأذنت لهم بريطانيا بذلك بسبب :
1- إصرار بريطانيا على غرس وطن غريب اللغة والدين في العالم العربي لوجود حركات الجهاد الإسلامي ضد بريطانيا فهي تريد إشغالهم باليهود في فلسطين
2- قدم هيرتزل تعهدات خطية أن يكون حارس للمصالح البريطانية في البحر الأحمر والخليج
ثم اختار العريش عاصمة له لأنها ميناء على البحر المتوسط , ولقربها من الحدود الشامية مما يسهل القفز على فلسطين
خططت سيناء ووضعت الخرائط وواجهتهم مشكلة المياه فاقترحوا سحبها من نهر النيل لتغذية المزارع .
عندها اعترضت الدولة العثمانية فهدد السطان عبدالحميد الدول الأوربية بأنهم إن لم يخرجوا اليهود فانه سيقوم باستنفار القوى الإسلامية ضدهم . وخوفاً من الرأي العام الإسلامي وخاصة مسلموا شبه القارة الهندية وأفريقيا .. قررت إرسال جيش لإخراج اليهود من سيناء . خافت بريطانيا بعد هذه المعارضة على مصالحها في مصر فرفضت طلب هيرتزل بحجة أن المياه المسحوبة من النيل ستضر مصر .
كان هيرتزل قد رفض سابقاً عرض اللورد روتشلد باستيطان أوغندا إلا أنه في عام 1903م عرض تشمبرلين على هرتزل أوغندا بديلاً عن قبرص وسيناء والعريش , ورد هرتزل على هذا الاقتراح قائلاً : إن القاعدة الصهيونية يجب أن تكون في فلسطين أو بالقرب منها وبإمكاننا فيما بعد ان نستوطن أوغندا أيضاً ،إذ لدينا جماهير كبيرة من الكائنات البشرية المستعدة للهجرة .
ولما كان هرتزل قد فقد الأمل في تنفيذ مشروع العريش , وفي ضوء ما حدث لليهود في مجزرة كيشينيف في روسيا 6-8 نيسان 1903م ، فقد قبل هذا المشروع وقام بعرضه على المؤتمر الصهيوني السادس الذي عقد في بازل في 26 آب 1903م ،ولكن المشروع قوبل بالمعارضة واتهم هرتزل بالخيانة ، وارتفعت أصوات في المؤتمر تصرخ قائلة : انتحار ، مجرم ، خيانة . لكن ما لبث أن عرض مشروع إرسال بعثة لاستكشاف أوغندا وحصل على أغلبية الأصوات ، وفي كانون الأول عام 1904م ذهب فريق من الخبراء اليهود إلى شرق أفريقيا ، توفي هيرتزل في تموز 1904م ، ومرت الحركة الصهيونية بوضع حرج للغاية ، إذ برزت مشكلة البحث عن القائد البديل للحركة ، بالإضافة إلى اشتداد الخلاف بين مؤيدي مشروع أوغندا ومعارضيه من جهة أخرى ،وفي أيار عام 1905م صدر تقرير من بعثة استكشاف أوغندا يفيد بأن المنطقة المقترحة لا تصلح للاستيطان الجماعي فقررت اللجنة التنفيذية الصهيونية بالإجماع رفض مشروع أوغندا
وتولى زعامة الحركة الصهيونية بعد هيرتزل الدكتورحاييم وايزمان
- دعت بريطانيا إلى مؤتمر سريٍّ عُقد في لندن عام 1905م، حضرته جميع الدول الاستعمارية، وهي: إنجلترا، وفرنسا، وإيطاليا، وإسبانيا، والبرتغال، وبلجيكا، وهولندا، كان هدف بريطانيا من عقد المؤتمر هو تشكيل جبهة استعمارية من الدول الأوربية؛ لمواجهة التوسع الاستعماري الألماني، ولتحقيق بعض الأهداف التوسعية في إفريقيا وآسيا.
شكَّل المؤتمر لجنة عليا توالت اجتماعاتها حتى عام 1907م، وأطلق عليها "لجنة كامبل".
اتخذت اللجنة قرارات بتوطيد الاستعمار في المناطق التي تسيطر عليها الدول المشتركة في المؤتمر، واستعرض المؤتمر الأخطار التي قد تتعرض لها الدول الاستعمارية، وهي الدولة الإسلامية.. وقرروا العمل على إسقاطها. ومن أجل منع قيامها مستقبلاً، رأوا أن الخطر القادم إنما يكمن في المنطقة العربية التي هي نقطة التقاء بين الشرق والغرب، وموطن أية صحوة إسلامية قادمة؛ ولمواجهة هذا الخطر قرر المؤتمر زرع الكيان الصهيوني بين إفريقيا العربية وآسيا العربية وليكون حليفاً للاستعمار الغربي. مع العلم أنه في عام 1898م عقد في بازل المؤتمر الصهيوني الثاني برئاسة هيرتزل واتخذ ثلاثة قرارات هي : إسقاط السلطان عبد الحميد - إسقاط الخلافة الإسلامية - منع قيامها مستقبلاً.
خلع السلطان عبد الحميد الثاني
في أواخر عام 1908م أعلن أنور باشا من الجيش الثالث العثماني في سالونيك العصيان على السلطان عبد الحميد وأنضم إليه العديد من الضباط وخصوصاً منتسبي جمعية الإتحاد والترقي ، ولم تبدأ سنة 1909م حتى كان الانقلابيون قد سيطروا على مدينة سالونيك وعلى قطعات الجيش الثالث المتمركزة فيها .
- الحادثة الرجعية: وقعت في إستانبول في31 آذار 1909م وهي مجزرة كبيرة "افتعلها" الاتحاديون ونسبوها لأجهزة عبد الحميد الأمنية . وكانت هي السبب المباشر في خلع السلطان وفيها تمكن الانقلابيون من التمهيد واحتلال ثكنات العاصمة لاسيما بعد انضمام "المقدونيون / السالونيكيون" إليهم .
- بعد السيطرة على العاصمة , بتاريخ 24 نيسان 1909م , تشكل وفد رباعي مؤلف من :
- المحامي عمانوئيل قره صو : وهو يهودي والزعيم الحقيقي لجمعية الإتحاد والترقي .والذي أعطاه البارون اليهودي الألماني "فون هرش" متعهد سكة حديد بغداد عام 1905م , مبلغ أربعمائة ألف ليرة إنكليزية ذهبية من أرباح ذلك الامتياز بهدف صرفها على الإطاحة بعبد الحميد "الذي منحهم هذا الامتياز" . فقام بتحويل هذه الأموال إلى أيوب صبري أحد أعضاء "جمعية الإتحاد والترقي" وتم صرف هذه الأموال على أحداث المجزرة التي عرفت بـ " الحادثة الرجعية "
وقد فاخر عمانوئيل قره صوه بهذه الحادثة ضمناً وبالاتحاديين بشكل ظاهر عندما قال : إن الاتحاديين نفذوا بأربعمائة ألف ليرة انكليزية ما لم ينفذه عبد الحميد بخمسة ملايين .
- آرام بك : وهو أرمني وهو عضو في جمعية الاتحاد والترقي وعضو مجلس المبعوثان العثماني / مجلس النواب .
- طوبطاني أفندي : وهو آرناؤوطي وهو عضو في جمعية الاتحاد والترقي وعضو مجلس المبعوثان .
- حكمت بك : وهو كرجي / جورجي وهو عضو في جمعية الاتحاد والترقي .
وقام هذا الوفد بزيارة رسمية إلى السلطان عبد الحميد في قصره ، وأعلموه بقرار جمعية الإتحاد والترقي خلعه عن العرش ، وتنصيب محمد رشاد الخامس سلطاناً بدلاً منه
وبعد نجاح " الإتحاد والترقي " بالإطاحة بالسلطان عبد الحميد الثاني عام 1909م أصدر " الاتحاديون " تشريعاً يقضي ببيع جميع الأراضي السلطانية في الدولة العثمانية بالمزاد العلني
وما لبث طلعت باشا , أحد أبرز أقطاب اللجنة الثلاثية الحاكمة بعد الانقلاب {طلعت وأنور وجمال} أن كشف عن الوجه الحقيقي لجمعية الاتحاد والترقي بالنسبة إلى فلسطين وتوطين اليهود فيها وذلك في مقابلة له مع صحيفة يهودية ألمانية :
{ إن تركيا تؤيد توطين اليهود في فلسطين وان القيود الحالية سترفع وستكون الهجرة دون قيد أو شرط في حدود استيعاب البلد للمجموعة المهاجرة ونظامهم الاقتصادي وثقافتهم الخاصة ضمن الإطار العام للقانون العثماني }
نفي السلطان عبد الحميد الثاني إلى سالونيك ووضع تحت الإقامة الجبرية ومن هناك أرسل سراً إلى شيخه محمود أبو الشامات الشاذلي في دمشق خطاباً وشرح له الأسباب الحقيقية وراء خلعه عن عرش السلطنة العثمانية ونفيه إلى سالونيك. وقال فيه : أن السبب الرئيسي وراء خلعه كان رفضه بيع الأراضي الفلسطينية لليهود عامة، ولليهود المقيمين في فلسطين خاصة. وأن جمعية الاتحاد والترقي التي كانت تحكم تركيا آنذاك دبرت خديعة واقعة الحادثة الرجعية لتكون مبررا لخلعه عن السلطنة.
وبعد مرور حوالي مئة عام على هذه الرسالة قام عمار أبو الشامات حفيد الشيخ أبو الشامات بتسليم النص الأصلي للرسالة إلى الرئيس السوري بشار الأسد، وأطلع وكالة أنباء جيهان التركية على نسخة منها
ويقول عمار أبو الشامات : أنه قد عرضت عليهم مبالغ ضخمة خلال العقود الماضية من أجل الحصول على هذه الرسالة، ولكنهم رفضوا، وبعد مرور مائة عام قرروا تسليمها إلى رئيس الجمهورية.
لقد قام سلاطين العثمانيين بدور كبير في الحفاظ على فلسطين، ولكن بعضهم لم يقم بما يجب عليه تجاهها، وبعضهم وقع في أخطاء شديدة كانت سبباً في دخول اليهود فلسطين،
وهذه بعض الأخطاء التي وقع فيها بعض سلاطين العثمانيين :
- في عهد السلطان عبد المجيد امتلك اليهود أول قطعة أرض في المدن الفلسطينية عام 1854م وهي القطعة التي أقيم عليها "حي مونتيفوري".
2- في عهد السلطان عبد العزيز منحت الحكومة اليهود قطعة أرض أقيمت عليها مدرسة "نيتر" الزراعية بالقرب من يافا سنة1870م.
3- أرهقت الدولة الفلاحين الفلسطينيين بالضرائب، فعجزوا عن دفعها، فاستولت الدولة على أراضيهم وباعتها في المزاد العلني سنة1869م فاشتراها أغنياء دمشق وبيروت الذين لا تربطهم بها رابطة فباعها هؤلاء لليهود بعد ذلك.
4- في سنة1868م أهدى السلطانُ عبدُ العزيز "فردريك ويلهم" ولي عهد بروسيا بيمارستان صلاح الدين ( مستشفى صلاح الدين بمصطلح اليوم ) أو جزء منه، وأنشأ عليها الألمان كنيسة المخلص.
5- أهدى السلطان عبد الحميد للإمبراطور "غليوم الثاني" سنة1898م قطعة أرض على جبل صهيون، بنى عليها الألمان "كنيسة نياحة العذراء". وهذا يدل على التفريط في أرض المسلمين وإعطائها لأعدائهم دون مقابل.
6- ازدياد الهجرة اليهودية السرية والعلنية في عهد السلطان عبد الحميد مع عدم اتخاذ إجراءات حاسمة لمنع ذلك خاصة مع انتشار الرشاوى والفساد في موظفي الدولة.
- يتبع -
رد: تاريخ القضية الفلسطينية
عند بداية نشوب الحرب العالمية الأولى تقدم الدكتورحاييم وايزمان ( زعيم الحركه الصهيونية بعد هيرتزل ) إلى بريطانيا باقتراح إقامة وطن قومي لليهود في فلسطين مقابل مساعدة اليهود لبريطانيا في الحرب العالمية
قبلت بريطانيا العرض ووافقت على مساعدة اليهود للأسباب التالية :
1- تفتيت وحدة العالم الإسلامي
2- التخلص من اليهود وويلاتهم
3- تقديم اليهود مساعدة لبريطانيا في صنع مادة الأسيتون الشديدة الإنفجار والتي اكتشفها الدكتور حاييم وايزمان
4- تعهد اليهود أن يقوموا بدور المخرب في دول المحور( ألمانيا والسلطنة العثمانية ) فسحبوا أموالهم منها
وفي السنه الثانيه من الحرب دخل اليهود بكل ثقلهم مع بريطانيا التي كانت على وشك الهزيمه مع دول الحلفاء فبدأ اليهود في أمريكا وروسيا بالضغط على الدولتين بدخول الحرب العالمية إلى جانب بريطانيا
ثم عهدت الحكومه البريطانية إلى وزير خارجيتها آرثر جيمس بلفور ان يضع صيغة الوعد الذي تتعهد فيه بريطانيا بإنشاء وطن قومي لليهود في فلسطين على أساس أن فلسطين أرض بلا شعب، وأن اليهود شعب بلا أرض وذلك في عام 1917م ونصه : ( إن حكومة جلالة الملكة تنظر بعين العطف لإنشاء وطن قومي لليهود في فلسطين وستبذل جهدها لتسهيل وتحقيق هذه الغاية على أن يفهم جلياً أنه لن يؤتى بعمل من شأنه أن ينتقص من الحقوق المدنية والدينية التي تتمتع بها الطوائف غير اليهودية المقيمة الآن في فلسطين )
الانتداب البريطاني
انتهت الحرب العالمية الأولى ودخلت فلسطين تحت رعاية بريطانيا بعد اتفاقية سايس بيكو بين فرنسا وبريطانيا , أمرت بريطانيا قائدها الجنرال "اللنبي" بالتوجه إلى فلسطين قادماً إليها من مصر فاحتل الجيش البريطاني فلسطين ودخل الجنرال "اللنبي" إلى القدس عام 1918م، وأعلن أمام القيادات الشعبية المقدسية قوله : "اليوم انتهت الحروب الصليبية".
وبدأ بعدها تنفيذ الوعد البريطاني لليهود وقد كان اليهود يشكلون 2% من مجموع السكان وتم فتح باب الهجرة اليهودية الى فلسطين من كل أنحاء العالم فأنشئت الوكالة اليهودية لشراء الأراضي والمزارع والممتلكات وقامت بريطانيا بتعيين هيربرت صامويل مندوباً سامياً في فلسطين وهو من أصل يهودي فشجع الهجرة وامتلاك الأراضي وصار المواطن الفلسطيني محتل مسلوب الأرض فبدأ بالمقاومة والجهاد والدفاع عن أرضه وكانت بريطانيا في هذه الأثناء تعد العرب بأنها ستقوم على حمايتهم بينما كان نفوذ اليهود يزداد
لنستعرض بعض الأحداث في هذه الفترة
1918 تشكيل الحزب العربي الموالي لبريطانيا ونظيره الموالي لفرنسا، في الوقت الذي تشكلت فيه الجمعية الفدائية لاغتيال الأعداء.
27 كانون الثاتي 1919 انعقاد المؤتمر الوطني الفلسطيني الأول والمطالبة بإلغاء وعد بالفور واستقلال فلسطين واعتبار فلسطين جزءاً من سوريا.
27 شباط 1920مظاهرة فلسطينية احتجاجاً على سلخ فلسطين عن سوريا وضد وعد بالفور شارك فيها 40 ألفا.
24 آذار 1920 مؤتمر سان ريمون الذي وضع فلسطين تحت الانتداب البريطاني الذي بدأ رسميا في يوليو 1922.
4 نيسان 1920 اندلاع مصادمات طائفية في مظهرها، طبقية في جوهرها، بسبب ممارسات المؤسسات اليهودية وتحيز الانتداب لليهود وتمييزهم.
20 تشرين الأول 1920هيربرت صمويل أول مندوب سامي في فلسطين يعلن السماح ببيع الأراضي لليهود.
20 حزيران 1922 الكونجرس الأمريكي يصدر قرارا بالإجماع بالموافقة على إنشاء وطن قومي لليهود في فلسطين.
10 آب 1922 إعلان دستور فلسطين من قبل سلطة الانتداب البريطانية الذي قضي بإنشاء مجلس تشريعي، من 22 عضوا، منهم 6 من الإنجليز، و4 من اليهود، وانتخاب 8 مسلمين ومسيحيين ويهود ، ويرأسه المندوب السامي، وقد قاطع العرب انتخاب المجلس.
11 أيلول 1922إعلان الانتداب البريطاني على فلسطين، وهو ما أدى إلى فقدان قيادة الحركة الوطنية لاتجاهها وسقوطها في فترة ركود، وكذلك ظهور أحزاب مشبوهة، مثل "الوطني" و"الزراع"، تقف وراءها الوكالة اليهودية.
23 آب 1929 اندلاع هبة البراق بعد تجمهر اليهود وادعائهم ملكية حائط البراق ، وقد دامت أسبوعين في القدس وصفد والخليل وأسفرت عن عدد كبير من القتلى ( 133 يهودي و 116عربي ) وقد بدأت بذلك مرحلة قادت فيها البرجوازية ( الفتية وقتها ) الكفاح الوطني مستقوية بالعمال والفلاحين.
20 تشرين الأول1930 بريطانيا تصدر الكتاب الأبيض الذي من المفترض أنه يقيد أعداد المهاجرين الصهاينة المتجهين لفلسطين ونسب بيع الأرضي لهم.
16 آذار 1933 انعقاد مؤتمر الشباب في يافا الذي حضره نحو ألف شخص من مختلف مدن فلسطين وقراها، وتبني المؤتمر برنامجاً للنضال ضد حكومة الانتداب.
27 تشرين الأول 1933 انطلاقاً من مؤتمر الشباب تم وضع برنامج للمظاهرات والإضراب العام والامتناع عن دفع الضرائب، وقد قوبلت المظاهرات بقمع دموي.
19 تشرين الثاني 1935 شرطة الانتداب تغتال عز الدين القسام زعيم النضال المسلح واستمرار تنظيمه بعده.
الثورة الفلسطينية الكبرى عام 1936
تصاعدت الأحداث في فلسطين منذ مقتل عز الدين القسام، وكان فرحان السعدي قد استمر بعده بتنظيم الهجمات المسلحة على القوافل البريطانية واليهودية في فلسطين حتى قبضت عليه القوات البريطانية، وفي 15 نيسان 1936 اشتبك الفلسطينيون مع جماعة من اليهود الصهاينة في طريق نابلس - طولكرم، فقتل ثلاثة من الفلسطينيين، وفي الليلة التالية قتل فلسطينيين قرب مستعمرة بتاح تكفا، وفي اليوم التالي جرت اشتباكات بين العرب واليهود في يافا وتل الربيع قتل فيها ثلاثة من اليهود فأعلن في 18 نيسان 1936 بدأ الثورة الفلسطينية ضد الانتداب البريطاني منطلقة من مدينة يافا حيث انتشرت بعدها إلى كل أجزاء فلسطين.، ففرض نظام منع التجول في يافا وتل الربيع، وأعلن قانون الطواريء.
الاضراب العام وإعلان الثورة
في 20 نيسان 1936 تألفت لجنة قومية في مدينة نابلس دعت البلاد إلى الإضراب العام المستمر حتى تبدل السلطات سياساتها، واستجابت البلاد للدعوة وشمل الإضراب مختلف نواحي الحياة، وفي 25 أ نيسان أجمعت الأحزاب على تشكيل لجنة عربية عليا بقيادة الحاج أمين الحسيني وعضوية ممثلين عنها، ودعت هذه اللجنة إلى الاستمرار في الإضراب حتى تبدل الحكومة سياستها تبديلاً تاماً وتوقف الهجرة اليهودية إلى فلسطين ومنع انتقال الأراضي إلى اليهود وإنشاء حكومة وطنية نيابية، وعمت التظاهرات المدن الفلسطينية ووقعت اشتباكات.
في 8 أيار عقد مؤتمر اللجان القومية بدعوة من اللجنة العليا، تقرر فيه الاستمرار في الإضراب وإعلان العصيان المدني بالامتناع عن دفع الضرائب اعتبارا من 15 أيار.
7 تموز 1936 لجنة بيل البريطانية توصي بتقسيم فلسطين، ورفض الشعب الفلسطيني وتجدد الثورة حتى عام 1939. وقد خلفت الثورة 5000 شهيد، و15 ألف مصاب، و9 آلاف معتقل، وهدم 5000 منزل، مقابل مقتل 400 صهيوني.
11 تشرين الأول 1936 اللجنة العربية العليا المكونة من الأحزاب العربية الستة التي ركبت الثورة بعد اندلاعها تدعو لوقف الإضراب استجابة لنداء الملوك والأمراء العرب.
27 آذار 1939 مقتل عبد الرحيم الحاج محمد القائد العسكري للثورة.
17 أيار 1939 مع هبوب ريح الحرب، بريطانيا تصدر الكتاب الأبيض الذي تتعهد فيه بمنح فلسطين الاستقلال بعد عشر سنوات وبتقييد الهجرة اليهودية، وقد رفضه العرب والصهاينة.
أيار 1942 مؤتمر بالتيمور الصهيوني يقرر نقل ثقل الحركة إلى الولايات المتحدة.
أيلول 1943 انسلاخ الأعضاء العرب من "الحزب الشيوعي الفلسطيني" الذي اقتصر على اليهود وتكوين "عصبة التحرر الوطني".
7 أيلول 1944 بريطانيا توافق على تشكيل "الفيلق اليهودي" داخل الجيش البريطاني.
20 نيسان 1946 اللجنة الإنكليزية - الأمريكية توصي بإدخال 100 ألف صهيوني وتسهيل انتقال الأراضي لهم.
قيام دولة إسرائيل
عند انتهاء الحرب العالمية الثانية عام 1946، تصاعدت حدّة هجمات الجماعات الصهيونية على القوات البريطانية في فلسطين، مما حدا ببريطانيا بعد فشل مؤتمر لندن إلى إحالة المشكلة الفلسطينية إلى الأمم المتحدة في 14شباط 1947 . وفي 28 نيسان 1947 بدأت جلسة الجمعية العامة التابعة للأمم المتحدة بخصوص قضية فلسطين، واختتمت أعمال الجلسات في 15 أيار بقرار تأليف لجنة الأمم المتحدة الخاصة بفلسطين ( unscop )، وهي لجنة مؤلفة من 11 عضواً , نشرت هذه اللجنة تقريرها في 8 أيلول الذي أيد معظم أفرادها حل التقسيم، بينما أوصى الاعضاء الباقون بحل فيدرالي، فرفضت الهيئة العربية العليا اقتراح التقسيم أما الوكالة اليهودية فاعلنت قبولها بالتقسيم، ووافق كل من الولايات الأمريكية المتحدة والاتحاد السوفييتي على التقسيم على التوالي
26 أيلول 1947 بريطانيا تعلن عزمها إنهاء انتدابها على فلسطين. في غضون ستة أشهر إذا لم يتم التوصل إلى حل يقبله العرب والصهاينة
29 تشرين الثاني 1947 صدر قرار الأمم المتحدة رقم 181 بتقسيم فلسطين إلى دولة عربية، 46%، وأخرى يهودية، 54%، من مساحة فلسطين، وهو القرار الذي وافق عليه 33 صوتاً مقابل رفض 13 وامتناع 10 عن التصويت.
16 كانون الأول 1947 مجلس جامعة الدول العربية يرفض قرار تقسيم فلسطين بوصفه غير قانوني.
25 كانون الأول 1947 تأسيس قوات الجهاد المقدس في فلسطين بقيادة عبد القادر الحسيني.
1 كانون الثاني 1948 الإعلان عن تشكيل جيش الإنقاذ الوطني بقيادة فوزي القاوقجي لمساعدة الفلسطينيين في نكبتهم.
وفي الفترة التي تلت ذلك، تصاعدت وتيرة العمليات العسكرية من جميع الاطراف، وكانت لدى الصهاينة خطط مدروسة قاموا بتطبيقها وكانوا يسيطرون على كل منطقة تنسحب منها القوات البريطانية، في حين كان العرب في حالة تأزم عسكري بسبب التأخر في القيام بإجراءات فعّآلة لبناء قوة عربية نظامية تدافع عن فلسطين، ونجحت القوات الصهيونية باحتلال مساحات تفوق ما حصلت عليه في قرار التقسيم، وخرجت أعداد كبيرة من الفلسطينيين من مدنهم وقراهم بسبب المعارك أو بسبب الخوف من المذابح التي سمعوا بها.
وفي 13 أيار 1948 وجه حاييم وايزمان رسالة إلى الرئيس الأمريكي ترومان يطلب فيها منه الإيفاء بوعده بالاعتراف بدولة يهودية، وأعلن عن قيام دولة إسرائيل في تل ابيب بتاريخ 14أيار 1948 الساعة الرابعة بعد الظهر، وغادر المندوب السامي البريطاني مقره الرسمي في القدس متوجها إلى بريطانيا، وفي أول دقائق من 15 أيار 1948 انتهى الانتداب البريطاني على فلسطين وأصبح الإعلان عن قيام دولة إسرائيل نافذ المفعول، واعترفت الولايات الأمريكية المتحدة بدولة إسرائيل بعد ذلك بعشرة دقائق، ولكن القتال استمر وفي نفس يوم الإعلان عن دولة إسرائيل في 15 أيار 1948 دخلت وحدات من خمس جيوش عربية بخمسة قيادات هي جيوش لبنان وسوريا والعراق والاردن ومصر، لكن عددها مجتمعة يوازي ثلث القوات الصهيونية، ناهيك عن فارق المستوى والتسليح.ولكن هذه الآن أصبحت حرباً بين دولة إسرائيل والدول العربية المجاورة.
11 حزيران 1948 إعلان الهدنة الأولى بعد أن كانت المعركة لمصلحة العرب إجمالاً. لكن لم يتحقق النصر الكامل لعدة أسباب، منها التقيد بتعليمات بريطانيا بعدم تخطي حدود التقسيم.
9 تموز 1948 انتهاء الهدنة التي لم يستغلها العرب بينما أصبح العدو الصهيوني يملك قوة بحرية وجوية صغيرة لكن فعالة.
18 تموز 1948 بعد تسعة أيام من القتال سقطت فيها المزيد من الأراضي في يد الصهاينة، فرض مجلس الأمن الهدنة الثانية وعيّن الكونت برنادوت مبعوث الأمم المتحدة مسئولا عن تنفيذ قرار الهدنة
17 أيلول 1948 اغتيال الكونت برنادوت على أيدي الصهاينة بسبب مشروع تقدم به لتقسيم فلسطين وعودة اللاجئين، وتجاهل الصهاينة للهدنة.
مع نهاية الحرب كانت إسرائيل قد أصبحت واقعاً، وسيطرت على مساحات تفوق ما نص عليه قرار تقسيم فلسطين، وإحتلت من فلسطين (حسب تقسيم الانتداب البريطاني) كامل السهل الساحلي باستثناء قطاع غزة الذي سيطر عليه المصريون ،كما قامت على كامل النقب والجليل وشمال فلسطين، وأصبحت مناطق القدس الشرقية والضفة الغربية جزءاً من المملكة الأردنية الهاشمية. وبدأ تاريخ جبهة أعرض من الصراع مع الدول العربية .
لماذا أصر اليهود على الاستيطان في فلسطين دون سواها
بعد أن عبر هيرتزل للغرب عن فهمه وفهم اليهود لمشكلة اليهود في أوروبا كمشكلة قومية؛ قدم لهم الحل الأمثل لتلك المشكلة، بقوله: ( امنحونا السلطة فوق قطعة من الأرض ) ولم يقف عند ذلك ولكنه حدد شروط ومواصفات قطعة الأرض التي يريدها اليهود لحل مشكلتهم القومية، بقوله: ( تكفي حاجتنا القومية المشروعة ونحن سنعمل ما تبقى ). وهل هناك قطعة أرض تكفي حاجتهم القومية سوى فلسطين ؟ بالتأكيد لا .
لذلك رفض هرتزل والحركة الصهيونية كل قطع الأراضي التي عُرضت عليهم ليقيموا عليها دولة لهم، ويحلوا مشكلتهم القومية، وذلك لأنها جميعها لا تكفي حاجاتهم القومية.
ولو كان اليهود يريدون أي قطعة أرض ليقيموا عليها دولتهم ويجمعوا فيها شتات اليهود المنفيين ويخلصونهم من الاضطهاد الذي يلحق بهم، لقبلوا بواحد من عشرات المشاريع التي عُرضت عليهم قبل وبعد تشكيل الحركة الصهيونية الحديثة لإقامة دولة لهم، مثل: الأرجنتين وكينيا وروديسيا وقبرص وسيناء والعراق وآسيا الصغرى وطرابلس الغرب وفي الأمريكيتين وفي روسيا وغيرها، إلا أنهم رفضوا وأصروا على فلسطين.
إليكم كلام هيرتزل عن فلسطين : ( كان هذا حلم اليهود طيلة ليالي تاريخهم الطويل، كان شعارنا عبر العصور الطويلة هو العام القادم في القدس ومهمتي الآن هي إظهار هذا الحلم إلى حيز الوجود كفكرة واضحة براقة)… (فلسطين هي وطننا التاريخي الذي لا يمكننا نسيانه ومجرد اسمها هو صرخة جامعة عظيمة).
عابرون في كلام عابر - محمود درويش
أيها المارون بين الكلمات العابرة
احملوا أسمائكم وانصرفوا
واسحبوا ساعاتكم من وقتنا ، و انصرفوا
وخذوا ما شئتم من زرقة البحر و رمل الذاكرة
و خذوا ما شئتم من صور، كي تعرفوا
أنكم لن تعرفوا
كيف يبني حجر من أرضنا سقف السماء
أيها المارون بين الكلمات العابرة
منكم السيف - ومنا دمنا
منكم الفولاذ والنار- ومنا لحمنا
منكم دبابة أخرى- ومنا حجر
منكم قنبلة الغاز - ومنا المطر
وعلينا ما عليكم من سماء وهواء
فخذوا حصتكم من دمنا وانصرفوا
وادخلوا حفل عشاء راقص .. و انصرفوا
وعلينا ، نحن ، أن نحرس ورد الشهداء
وعلينا ، نحن ، أن نحيا كما نحن نشاء
أيها المارون بين الكلمات العابرة
كالغبار المر مروا أينما شئتم ولكن
لا تمروا بيننا كالحشرات الطائرة
فلنا في أرضنا ما نعمل
و لنا قمح نربيه و نسقيه ندى أجسادنا
و لنا ما ليس يرضيكم هنا
حجر.. أو خجل
فخذوا الماضي ، إذا شئتم إلى سوق التحف
وأعيدوا الهيكل العظمي للهدهد ، إن شئتم
على صحن خزف
لنا ما ليس يرضيكم ، لنا المستقبل ولنا في أرضنا ما نعمل
أيها المارون بين الكلمات العابرة
كدسوا أوهامكم في حفرة مهجورة ، وانصرفوا
وأعيدوا عقرب الوقت إلى شرعية العجل المقدس
أو إلى توقيت موسيقى مسدس
فلنا ما ليس يرضيكم هنا ، فانصرفوا
ولنا ما ليس فيكم : وطناً ينزف و شعباً ينزف
وطنا يصلح للنسيان أو للذاكرة
أيها المارون بين الكلمات العابرة
آن أن تنصرفوا
وتقيموا أينما شئتم ولكن لا تقيموا بيننا
آن أن تنصرفوا
ولتموتوا أينما شئتم ولكن لا تموتو بيننا
فلنا في أرضنا مانعمل
ولنا الماضي هنا
ولنا صوت الحياة الأول
ولنا الحاضر ، والحاضر ، والمستقبل
ولنا الدنيا هنا...و الآخرة
فاخرجوا من أرضنا
من برّنا ..من بحرنا
من قمحنا ..من ملحنا ..من جرحنا
من كل شيء، واخرجوا
من مفردات الذاكرة
أيها المارون بين الكلمات العابرة .. !
__________________
- موضوع من تحريري قمت بجمع محتوياته من عدة مراجع ونشرته سابقاً في أحد المنتديات -
رد: تاريخ القضية الفلسطينية
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أسامه الحموي
السلام عليكم
النص كان على قيمته الكبيرة طويلا جدا ليتك قدمته لنا على حلقات
احييك بقوة وربما كان القسم التاريخي انسب له
نصرنا الله وحمانا
أهلاً بك أخي أسامة
نزولاً عند رغبتك فقد قمت بتقسيم النص إلى أربعة أقسام لتسهل قراءته
أما تحويله إلى القسم التاريخي فهذا من شأن الإدارة والمشرفين لو ارتؤوا ذلك
شكراً لتحيتك وأعاننا الله على تقديم كل نافع ومفيد
رد: تاريخ القضية الفلسطينية
السلام عليكم
فعلت خيرا وينقل لقسم التاريخ
اهلا بجهدك وماتقدم
رد: تاريخ القضية الفلسطينية
بارك الله بك أختنا الكريمة أم فراس
ونتمنى أن ما نقدمه فيه منفعة وفائدة للمتابعين
وأعاننا الله على ذلك
رد: تاريخ القضية الفلسطينية
السلام عليكم
ان تبقى العروبة في دما نابضة امر رائع
فلسطيـن الحبيبـة كيـف أغفـو=وفـي عينـي أطيـاف الـعـذاب
أطهّر باسمـك الدنيـا ولـو لـم=يبرح بي الهوى لكتمـت مـا بـي
تمـر قوافـل الأيــام تــروي=مؤامـرة الأعـادي والصـحـاب
فلسطين الحبيبـة .. كيـف أحيـا=بعيـداً عـن سهولـك والهضـاب
تنادينـي السـفـوح مخضـبـات=وفـي الآفـاق آثـار الخضـاب
تنادينـي الشواطـىء باكـيـات=وفي سمع الزمان صدى انتحـاب
تنادينـي الـجـداول شــاردات=تسيـر غريبـة دون اغـتـراب
تناديـنـي مدائـنـك اليتـامـى=تنادينـي قـراك مــع القـبـاب
ويسألـنـي الـرفـاق ألا لـقـاء=وهل مـن عـودة بعـد الغيـاب
أجل .. سنقبـل التـرب المنـدّى=وفـوق شفاهنـا حمـر الرغـاب
غداً سنعـود والأجيـال تصغـي=إلى وقـع الخطـى عنـد الإيـاب
نعـود مـع العواصـف داويـات=مع البـرق المقـدس و الشهـاب
مـع الأمـل المجنـح والأغانـي=مـع النسـر المحلـق والعقـاب
مع الفجر الضحوك على الصحارى=نعود مع الصبـاح علـى العبـاب
مـع الرايـات داميـة الحواشـي=علـى وهـج الأسنـة والحـراب
ونحـن الثائريـن بـكـل أرضٍ=سنصهر باللظـى نيـر الرقـاب
تذيـب القلـب رنـة كـل قـيـدٍ=ويجرح في الجوانـح كـل نـاب
أجل !.. ستعود آلاف الضـحايـا=ضحايا الظلـم تفتـح كـل بـاب
كنت هنا
بارك الله لنا بك
( لمن تلك الأبيات؟أستاذنا )
سارة
رد: تاريخ القضية الفلسطينية
أهلاً وسهلاً بك أخت سارة
حيًاك الله وبارك بك أيضاً
صاحب هذه القصيدة هو الشاعر الفلسطيني عبدالكريم الكرمي - أبو سلمى
وإليك نبذة عنه :
أبو سلمى هو عبد الكريم سعيد علي المنصور الكرمي. وإذا كانت كنيته تنسبه إلى بلدته الفلسطينية طولكرم التي أنجبته ذات يوم صيفي من عام 1909، فإن مدينة حيفا كانت حبه الأثير. فهو محاميها الشهير، وشاعرها الوفي. فقد مارس التعليم في القدس ,وعمل في الإذاعة الفلسطينية , نال شهادة الحقوق ومارس المحاماة في حيفا قبل النكبة , وتقتضي الأمانة الموضوعية أن نشير إلى أنه اختار لحيفا ضرّة عربية هي دمشق. فقد درس فيها المرحلة الثانوية. ثم لجأ من حيفا إليها بعد نكبة 1948، وأستقر فيه ومارس التدريس في مدارسها , وعلى كثرة أسفاره في الدنيا شاعراً ومعرّفاً بالقضية الفلسطينية، فإنه لم يغير عنوانه الدمشقي، حتى بعد أن أغمض عينيه إلى الأبد في الحادي عشر من الشهر العاشر للعام 1980 في العاصمة الأمريكية، بين يديّ ولده الوحيد، الدكتور سعيد الكرمي، الذي حرص على نقله، بناءً على وصيته، إلى دمشق، حيث شهدت العاصمة السورية، في وداعه، واحداً من أكبر مواكب التشييع في تاريخها، وبدت مقبرة الشهداء في مخيم اليرموك وكأنها ساحة يوم الحشر
وكان أبو سلمى من أسرة علم وأدب. فأبوه الشيخ سعيد من العلماء الأجلاء واللغويين الثقات وكان عضواً مؤسساً في المجمع العلمي العربي. أما أخوه أحمد شاكر الكرمي فكان من الصحفيين العرب الرواد ومن وجوه الوطنية والقومية حتى أن دمشق أطلقت إسمه على أحد شوارعها. وبرز أخوه حسن الكرمي - أبو زياد - كراوية علاّمة، وحقق شهرة مدوية من خلال برنامج قول على قول الذي كان يعدّه ويقدمه بصوته من إذاعة لندن.
ارتبط أبو سلمى برفيقة عمره، المناضلة رقية حقي يوم 1935/1/17 وكان الزواج في مدينتها عكا. ولم ينجبا سلمى ولكنه كان ينادى بأبي سلمى، لأسباب شعرية، منذ أن كان يدرس في معهد عنبر أيام المرحلة الثانوية في دمشق. رأس الاتحاد العام للكتاب والصحفيين الفلسطنيين و نال جائزة اللوتس العالمية تقديراً لنتاجه الأدبي .
آثاره:
1-المشرّد / شعر (دمشق، ط 1، 1949م. ط2: دمشق، 1963م)
2-أغنيات بلادي / شعر (دمشق، 1959م)
3-أغاني الأطفال / شعر (دمشق، 1964م)
4-من فلسطين ريشتي / شعر (دمشق، 1971م)
5-الديوان الأخير لأبي سلمى / أشعار لم يتضمنها ديوان الشاعر: جمع وإعداد غادة أحمد بيلتو (دار طلاس للدراسات والترجمة والنشر، دمشق، 1987م)
6-ديوان أبي سلمى / مجلد واحد (دار العودة، بيروت، 1989م)
وقصيدته المذكورة سابقاً وعنوانها - سنعود - لعلها القصيدة الأشهر في الشعر الفلسطيني الذي ارتبطت ذاكرته بضياع فلسطين ، فاسم القصيدة الذي يوحي بحتمية الانتصار بعودة الغريب إلى أرضه ووطنه ، هذا التصميم لا يوحي به للوهلة الأولى ذلك التوجع اللامحدود للفراق ، بل ذلك الخيال الذي سكن في فضاء فلسطين ، يحلق فوق زيتونها ويجلس عند سهولها ، أسئلة الرفاق والأصحاب واحتراق الأيام في الشتات لا يثني من عزيمته بل يظل مبشراً بالعودة ، عودة كريمة تٌفتح فيها الأبواب ، وتٌذاب فيها القيود.
والقصيدة لم أذكرها سابقاً كاملة وهاهي بدايتها
سنعود
خَلَعتُ على ملاعبها شَبابي=وأحلامي على خُضْرِ الرَّوابي
ولي في كُلِّ مُنْعَطَفٍ لقاءٌ=مُوَشَّى بالسّلام وبالعِتاب
وما رَوَت المروجُ سوى غنائي=وما رَوَّى الكرومَ سوى شرَابي
سلي الأُفقَ المُعَطّرَ عن جَناحي=شذاً وصباً يرفُّ على السَّحاب
ولي في غَوطتيْكِ هوى قديمٌ=تَغلغلَ في أمانيَّ العِذاب
وفي «بَردَاكِ» تاريخُ الليالي=كأني كنتُ أقرأُ في كِتاب
دَرَجْتُ على ثَراكِ ومِلْءُ نَفسِي=عَبيرُ الخالدين مِن التُّرابِ
أُلَملِمُ مِنْ دُروبكِ كُلَّ نَجْمٍ=وأَنْثُرُهُ، أُضيءُ بهِ رِحابي
وعدتُ إلى حِماك خيالَ شَعْبٍ=يطوفُ على الطُّلولِ وفي الشِّعاب
أتُنكرُني دمشق؟!… وكانَ عهدي=بِها أن لا تُلَوَّحَ بالسَّراب
أتُنْكِرُني؟!… وفي قلبي سَناها=وأَعرافُ العُروبةِ في إهابي
أمالي في الديار ظِلالُ حبٍّ=شفيعُ صبَابتي عِندَ الحِساب
فلسطينُ الحبيبة كيف أغفُو=وفي عَيْنَيَّ أَطيافُ العَذابِ
:
:
:
الى آخر القصيدة