شَيطانة ..

شَيطانة ..

...

وَسوِسِـي لِـي ؛ حَبِيبَتِـي الشَّيطانَـةْ

زَعزِعِي القَلـبَ ؛ وَ اضرِبِـي إِيمانَـهْ

وَ انَزِغِينِـي بِمَبسِـمٍ مِـنْ عَقِـيـقٍ

وَ انزِعِي الخَوفَ ؛ و البَسِينِي مَكانَهْ (1)

إِيهِ ؛ يَا أَحبَـبَ العَفارِيـتِ ؛ هُـزِّي

مَعقِـلَ الفِكـرِ ؛ وَ اهدِمِـي أَركانَـهْ

كُـلُّ مَـا فِيـكِ فِتنَـةٌ , فَاستَفِـزِّي

مَكمَنَ الشَّـكِّ ؛ وَ انبِشِـي هَذَيانَـهْ

نُقطَةُ الضَّعفِ - فِيَّ - حُبُّـكِ ؛ هَيَّـا

فَجِّرِيـهـا بِلَمـسَـةٍ كَهـرَمـانَـةْ

رَجَمُونـا مِـنْ غَيـرِ ذَنـبٍ . تَعالِـي

يَرجِمُونـا بِذَنبِـنـا يَــا جَبـانَـةْ

لَا تَبِيعِينِـي مِنعَـةً , بِـتُّ أَهــذِي

هَـاجَ مَــدِّي مُمَـزِّقًـا شُطـآنَـهْ

أَو تَصُدِّي مُضَرَّجًا - وَيـكِ - حَرفِـي

نَـزَفَ الشِّعـرَ مُـذْ ضَرَبـتِ بَنانَـهْ

فَحَنانَيـكِ ؛ لَـسـتُ أَطـلُـبُ إِلَّا

قُبلَـةً - مِنـكِ - كَالنَّـدَى رَيَّـانَـةْ

قَلِّبِيهـا عَلَـى خُـدُودِيَ ؛ جَـفَّـتْ

أَرضُ عِشقِـي . فَجَـدِّدِي أَلـوانَـهْ

ثَبِّتِيـهـا عَـلَـى جَبِيـنِـيَ فُــلًّا

وَ اغرِسِيهـا بِمُهجَـتِـي سِندِيـانَـةْ

جُـدَدُ العُمـرِ كَالغَرابِيـبِ أَمسَـتْ

فَاصعَقِيهـا بِشُعلَـةٍ حُسبـانَـةْ (2)

نَضَبَ الشِّعـرُ مِـنْ مَعِيـنِ شُعُـورِي

فَاهطُلِـي يَسكُـبِ القَصِيـدُ بَيـانَـهْ

فَأَمانِـيَّ تَستَقِـي - مِنـكِ - مَــاءً

وَ المَعـانِـي لِمُـزنَـةٍ عَطـشـانَـةْ

حُلْمِـيَ البائِـسُ الكَئِيـبُ جَدِيـبٌ

فَازرَعِـي فَـوقَ رَمـلِـهِ أُقحُـوانَـهْ

طَوِّقِينِـي بِحَـرِّ كَفَّـيـكِ عِـقـدًا

وَ اسكُنِـي فِيـهِ دُرَّةً ؛ يَـا جُمـانَـةْ

لَيتَ شِعرِي ؛ مَفـازَةُ الـرُّوحِ تَشكُـو

وَ الجَوَى مَلَّ - فِي دَاخِلِي - كِتمانَـهْ

ضَجَّ صَـدرِي بِزَفرَتِـي ؛ فَاضمُمِينِـي

وَ رَبـا التَّـوقُ ؛ فَانسِفِـي حِرمانَـهْ

وَ احلُلِـي عُقـدَةً تَشُـلُّ لِسـانِـي

وَ أَعِيـدِي إِلَـى الرَّبِـيـعِ أَوانَــهْ

قَبلَكِ - الغَانِياتُ - كَـمْ بِعـنَ وِدِّي

وَ تَلَـوَّنَّ فِــي فُـنُـونِ الخِيـانَـةْ

وَ تَعَمَّدنَ - مِثلَمـا رُمـتِ - طَـردِي

مِـنْ جِنـانٍ فَسِيحَـةٍ فَينـانَـةْ (3)

فَغَـدا كُــلُّ حَـاقِـدٍ يَزدَرِيـنِـي

وَ تَخَطَّانِـي كُـلُّ مَـنْ لَيـسَ شَانَـهْ

يَتَناجَـى بِأَمـرِيَ النَّـاسُ ؛ سِــرًّا

وَ فُـــلَانٌ يُـذِيـعُـهُ لِـفُـلَانَـةْ

مُضغَةً صِـرتُ فِـي ثُغُـورِ صِحابِـي

وَ أَحاَدِيثًـا بَيـنَ سَــاقٍ وَ حـانَـةْ

وَ أَنا البَدرُ ؛ هَـلْ يَهـابُ شُمُوعًـا ؟

وَ أَنا الشَّمسُ ؛ هَـلْ تُرِيـدُ إِبانَـةْ ؟

وَ أَنـا البَحـرُ ثَــورَةً وَ جُنُـونًـا

وَ أَنـا الحِلْـمُ هَــدأَةً وَ رَكـانَـةْ

وَ أَنـا ؛ المَجـدُ يَستَـدِرُّ قَرِيـضِـي

فَأُمَنِّـيـهِ حُـظــوَةً وَ مَـكـانَـةْ

فِـي وَرِيـدِي أُعَتِّـقُ الشِّعـرَ نَبضًـا

فَقَوافِـيَّ مِــنْ دَمِــي سَكـرانَـةْ

وَ دَواوِييـنِـيَ الـكُـرُومُ تَـدَلَّـتْ

بِعَناقِـيـدَ بِالـطِّـلَا مَـلآنَــةْ (4)

فَاملَئِي الكَاسَ ؛ وَ اشرَبِي ؛ وَ اسكُبِي لِي

وَ ارقُـصِـي بِالخـلَاخِـلِ الرَّنَّـانَـةْ

وَ تَثَنِّـي بِقَـدِّكِ المَـائِـسِ الـغُـنْ

جِ كَمـا هَـزَّتِ الصَّبـا خَيـزُرانَـةْ

قُلتُ لِلشِّعرِ : ( يَـا رَبِيـبَ جُنُونِـي

كُنْ رَسُولِي إِلَـى الأَنـامِ ) . فَكانَـهْ

رُغـمَ مَـا فِيـهِ مِـنْ تَعَثُّـرِ حَظِّـي

لَـنْ تُلَاقِـي بِـهِ نُـتُـوءَ خَشـانَـةْ

وَاثِقُ النَّفسِ ؛ مَـا بِـهِ مِـنْ عُيُـوبٍ

فَارِهُ الحَرفِ ؛ مَا بِهِ مِـنْ رَطانَـةْ (5)

بَاهِـرُ الـرَّدِّ ؛ جَهـوَرِيٌّ ؛ خَطِـيـرٌ

بَاتِـرُ الحَـدِّ ؛ عَبـقَـرِيُّ الكِنـانَـةْ

فَاسبَحِـي فِيـهِ ؛ كَـي يَلَـذَّ جَلِيـدًا

وَ الثِمِي فَاهُ ؛ كَـي يَطِيـبَ سَخانَـةْ

وَيكَأَنِّـي عَلَـى حَـرائِـقِ تِبـغِـي

أَحتَسِي الصَّبرَ مِنْ شَفـا فِنجانَـةْ (6)

و التَّخارِيـفُ بِاضطِرابِـيَ ظَـلَّـتْ

بَيـنَ حَالَيـنِ : " رِقَّـةٍ , وَ ثَخانَـةْ "

صَوتُكُ الصَّنـجُ ؛ وَ الغِنـاءُ عَزِيـفٌ

دَندِنِي حَولِـي وَ انثُـرِي أَلحانَـهْ (7)

وَ ابعَثِي لِـي خُمُـورَ عَينَيـكِ وَحيًـا

وَ بُراقًـا رُمُوشَـكِ الوَسنـانَـةْ (8)

هُدبُـكِ النَّاعِـسُ الجَمِيـلُ يُنـاجِـي

نِي كَمـا بِالشَّـذَى انثَنَـتْ زَعفَرانَـةْ

وَ أَيادِيـكِ فَـوقَ صَـدرِيَ تَهـمِـي

بِـأَرِيــجٍ كَـأَنَّـهـا رَيـحـانَـةْ

فَاسكُنِينِي . جِنِّيَّتِـي ؛ تَـاهَ رُشـدِي

وَ افرِضِي العِشـقَ مَنسِكًـا وَ دِيانَـةْ

...

المفردات :
ـــــ
1- العقيق : خرز أحمر ( حجر كريم ) , نزغ : طعن و نخس في القلب ( و تقرن بعمل الشيطان )
{ وَإِمَّا يَنزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ } فصلت
2- الجُدَد : الحجارة البيضاء أو الملونة , الغرابيب : الحجارة السوداء , الحُسبانة : الصاعقة
{ أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ ثَمَرَاتٍ مُّخْتَلِفاً أَلْوَانُهَا وَمِنَ الْجِبَالِ جُدَدٌ بِيضٌ وَحُمْرٌ مُّخْتَلِفٌ أَلْوَانُهَا وَغَرَابِيبُ سُودٌ } فاطر
{ فَعَسَى رَبِّي أَن يُؤْتِيَنِ خَيْراً مِّن جَنَّتِكَ وَيُرْسِلَ عَلَيْهَا حُسْبَاناً مِّنَ السَّمَاءِ فَتُصْبِحَ صَعِيداً زَلَقاً } الكهف
3- الفينانة : وارفة الظلال ( ظليلة )
4- الطِّلا : الخمر
5- الرطانة : العجمة ( النطق بحروف أعجمية )
6- شفا : شفير أو حد و طرف , فنجانة : فنجان
{ وَكُنتُمْ عَلَىَ شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ النَّارِ فَأَنقَذَكُم مِّنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ } آل عمران
7- الصنج و العزيف : صوت الجن
8- البُراق : دابَّة يركبها الأَنبياء - عليهم السلام - مشتقة من البَرق ، و قيل : البراق فرس جبريل .

قصيدة رائعة من البحر الخفيف

سحرتنا بها وبهذه القافية الشيطانية المريعة !

وبهذه المعاني والصور الباذخة

فنان كما عهدتك يا د عمر

وَ الجَوَى مَـــلَّ - فِي دَاخِلِي - كِتمانَـهْ

هذا الشطر من القصيدة مكسور ...والخلل في كلمة ( ل َفي داخلي )

تحيتي لك

ظميان غدير