هِيَ الأمُّ الَّتي !! تَصَادَفَ أنْ يُرَافِقَنيْ عَقُوْقٌ بِعِيْدِ الأمِّ فيْ إحْدى السِّنِيْنِ فأمْعَنَ في التَّهَكُّمِ والتَّرَدِّيْ
***
المحامي منير العباس
سوريا – حمص
0947613808
alakhtalalhomsy@hotmail.com
هِيَ الأمُّ الَّتي !!
تَصَادَفَ أنْ يُرَافِقَنيْ عَقُوْقٌ |
بِعِيْدِ الأمِّ فيْ إحْدى السِّنِيْنِ |
فأمْعَنَ في التَّهَكُّمِ والتَّرَدِّيْ |
وزَمْجَرَ قائِلاً : “عيدُ المُجُونِ” |
*** رَدَدْتُ كَلامَهُ بالرِّفْقِ أَحْذوْ |
بِحُبٍّ حَذْوَ ذِي النَّهْجِ الْمُبِيْنِ |
أُحَاوِرُهُ بِمَا قَدْ صَارَ فَصْلاً |
مِنَ الْقَوْلِ الْحَكِيْمِ لِكُلِّ دِيْنِ |
أَمَا مِنْ رَحْمَةِ الرَّحْمنِ حِيْكَتْ |
لَهَا رَحِمٌ كَطُهْرِ الياسَمِيْنِ ؟ |
أتُنْكِرُ فَضْلَ آمِنَةٍ عَلَيْنَا |
وَقَدْ حَمَلَتْ بِهَادِيْنَا الأمِيْنِ ؟ |
وَفَاطِمُ كَمْ حَبَاهَا اللهُ طُهْراً |
وَأَوْدَعَ سِرَّهُ أمَّ البَنينِ |
وأمُّ المُؤْمِنِيْنَ تَفِيْضُ بِرَّاً |
وقدْ حَازَتْ تُقَى لَقَبٍ مَكِيْنِ |
إلهُ العَرْشِ كَرَّمَ أمَّ مُوْسىْ |
لِتُوْدِعَهُ لَدى يَمٍّ حَصِيْنِ |
وَأُمُّ مَسِيْحِنا هَزَّتْ بِفَخْرٍ |
لِجِذْعٍ جَادَ بالرُّطَبِ الثَّمِيْنِ |
هُوَ التَّكْرِيْمُ مِنْ رَبٍّ حَكِيْمٍ |
لأُمَّاتٍ بَرَرْنَ الأكْرَمَيْنِ |
أمَا سُئِلَ الرَّسُوْلُ فَقَالَ : أُمِّيْ |
وَأُمّيْ ثُمَّ أُمِيْ كُلَّ حِيْنِ ؟ |
وَأَلْقَى بَيْنَ كَفَّيْها دُعَاءً |
لِتُزْهِرَ فِيْهِما جَنَّاتُ عَدْنِ |
ألمْ تَسْمَعْ جَوَاْبَ حَفِيْدِ طَه |
لِماذا لمْ يُؤاكِلْها بِصَحْنِ ؟ |
فقَالَ : أخَاْفُ أنْ آتيْ عُقُوْقاً |
فَتَسْبِقَ كَفَّهَا للصَّحْنِ عَيْني |
و “نابِلْيَوْنُ” أَهْدَى الأمَّ قَوْلاً |
عَظِيْمَاً كانَ كَالْحِكْمِ الرَّصِيْنِ |
لَمَنْ هَزَّتْ بِيُسْرَاهَا سَرِيْري |
تَهُزُّ الكَوْنَ بالكَفِّ اليَمِيْنِ |
وَمَا مِنْ ناجِحٍ فِي الْكَوْنِ إلاَّ |
وَعَوْنُ الأُمِّ مِنْهُ كالْقَرِيْنِ |
*** هيَ الأُمُّ الَّتي حَمَلَتْ جَنِيْنَاً |
بِهِ نَاءَتْ جِبَالُ الْعَالَمَيْنِ |
وآلامُ الْمَخَاضِ جُيُوْشُ مَوْتٍ |
تُقَلِّعُ بالرِّمَاحِ الْمُقْلَتَيْنِ |
حَنانُ الأُمِّ لَيْسَ لَهُ مَثِيْلٌ |
خَلايا الأمِّ صِيْغَتْ مِنْ لُجَيْنِ |
رَغِيْفُ الأمِّ تِرْياقاً تَجَلَّى |
لأنَّ اللهَ بارَكَ بالْعَجِيْنِ |
وَطَعْمُ حَلِيْبِهَا يَشْفِي سَقَامِيْ |
فَإنْ يَضْنُنْ يُبَاغِتْنِيْ مَنُوْنِي |
هِيَ الأُمُّ الَّتي حَسَمَتْ خَيَاراً |
فَباتَ وَلِيْدُهَا فِي الْكَفَّتَيْنِ |
إذا نَالَ الْغَضَنْفَرُ مِنْ بَنِيْهَا |
غَزَتْ ذاكَ الْغَضَنْفَرَ فِي الْعَرِيْنِ |
وإنْ وَلَدٌ لَهَا جُرْحٌ دَهَاهُ |
تُضَمِّدُ جُرْحَهُ بالْخَافِقَيْنِ |
فَقُمْ يا صَاحِبِيْ وَاخْفِضْ جَنَاحاً |
وقُلْ : يا أُمُّ لُطْفاً سَامِحِيْنِي |
*** نَظَرْتُ إلى رَفِيْقِي بَعْدَ هذا |
فَكَانُ يَلُوْذُ فيْ وَجْهٍ حَزِيْنِ |
فَمِلْتُ عَلَيْهِ فيْ وِدٍّ فَأَثْنَى |
عَلَيَّ ثَنَاءَ مُمْتَنٍّ مَدِيْنِ |
أَجَابَ وَقَدْ تَبَلَّلَ شَاْرِبَاْهُ |
بِنَهْرٍ فَاضَ مِنْ مَجْرَى العُيُوْنِ |
قَضَيْتُ العُمْرَ أَجْحَدُ يا رَفِيْقِي |
بَدِيْعَ الخَلْقِ في رُوْحِ الْجنِيْنِ |
أُفَتِّشُ فيْ صَحَارى العُمْرِ عَنِّي |
فَأَلْقَانِي يُحَرِّكُنِي سُكُوْنِي |
تُجَاوِبُنِي فَرَاشَاتٌ تَوَالَتْ |
لَتَرْثِيَنِي بإشْفَاقٍ مُهِيْنِ |
وتَرْجُمَني ، بإصْرَارٍ تُنَادي : |
خَزِيْتَ أَيَا غَضيْبَ الوالِدَينِ |
قَوَاميسُ الأُمُومَةِ كَمْ تَنَادَتْ |
ليُنْقِذَني سَنَاها مِنْ أَنِيْني |
فَلَمْ أَكُ سامِعَاً إلاَّ صُراخِيْ |
أَلُوذُ لِنُصْرَةِ الحِقْدِ الدَّفِيْنِ |
وَكِدْتُ أَصِيْرُ جَبَّاراً شَقِيَّاً |
عَقَقْتُ الْوالِدَيْنِ الأزْهَرَيْنِ |
إلى أنْ شاءَ ربُّكَ فيْكَ هَدْياً |
وكَانَ هُدَاكَ نُوْرَ الفَرْقدَيْنِ |
فَعَهْداً إنْ أَعِشْ دهْراً فَإِنِّيْ |
سَأَغْرُسُ عندَ رِجْلَيْها جَبِيْني |
وَإِنْ شَاءَ الإلَهُ لَهَا رَحِيْلاً |
فَبَعْدَ رَحِيْلِها لا رَفَّ جَفْنِيْ |
فَهَبْنِي يا إلهِي مِنْ رِضَاها |
مَزِيْداً أنْتَ يا رَبِّيْ مُعِيْنِيْ |
*** حَمَدْتُ اللهَ أنْ يُهْدى رَفِيْقِيْ |
إلى نُورِ الْمَحَبَّةِ واليَقِيْنِ |
بدَمْعِ قَصِيْدَتِيْ غَرِقَتْ حُرُوْفِي |
وغَاْرَتْ فيْ مَآقِيْها شُجُوْنِي |
غَدَوْتُ أَحِنُّ لِلْصَدْرِ المُفَدَّى |
وأَحْلُمُ أنْ تَكُوْنَ بهِ سُجُوْنِي |
فَقَدِّرْنِي لِمَا تَرْضَى إلهِي |
فَلَيْسَ سِوَاكَ مَنْ يَهْدِيْ سَفِيْتِي |
رجَائِيْ فيْكَ يا مَوْلايَ خَيْرٌ |
بِعَفْوِكَ لا تُخَيِّبْ لِيْ ظُنُوْنِي |
******
مَنْ قالَ : ضِلْعِيَ قاصِرٌ
مَنْ قالَ : حَبْليَ مِنْ مَسَدْ
***
إذاً !! …
إبْنُ مَنْ ذاكَ الوَلَدْ ؟
***
أنا إنْ وُئِدْتُ
فكُلُّكُم وَأْدَى
وما طِفْلٌ لَكُمْ ناغى
ولا كَهْلٌ حَمَدْ
***
أنا أمُّكُمْ
يا وَيْحَكُمْ
يا وَيْحَ مَنْ فَضْلي جَحَدْ
***
أنا أُُمُّكُم :
مِنْ عُنْقِ رَحِمي
مَرَّ أبناءٌ لَكُمْ
وَأبٌ وَجَدّ
***
أنا أُخْتُكُمْ أنا بنْتُكُمْ
طُُهْرُ الأُنُوْثََةِ ثَرْوَتِي
إنْ جَدَّ جَدّ
***
هَلْ تُنْكِرُوْنَ الوَعْدَ
إذْ رَبِّيْ وَعَدْ
هَلْ تُنْكِرُونَ بِأَنَّ
في كَفِّيْ شَفَاعَتُكُمْ
وَعَبْرَ شَفَاعَتَي جَنَّاتُ خُلد ْ
* * *
أنَّا أمُّكُمْ يا سادَةً
ما كُنْتُ جاريةً
ولا أَمَةً لَدَيْكُمْ
لَسْتُ إكْمالاً لِعَدّ
* * *
أيُّ قاداتٍ لَكُمْ
لَمْ يُصْنَعوا في رَحِمي
لَمْ يَسْلِبُوا زادِيْ
وَقُوْتِي وَدَمِي ؟
كلّهُم حَوْضِي وَرَدْ
* * *
أنا كُلُّكُمْ ياسادةً
أنا بَعْضُكُمْ
إنِّي وَفي أَدْنى احْتِمالاتي
أنا نِصْفُ البَلَد ْ
أنا إِنْ وُئِدْتُ
فكلّكُُم وَأْدَى
وَقَدْ وُئِدَ البلدْ
**********************
( الأخطل الحمصي )