www.omferas.com
شبكة فرسان الثقافة

منذ متى… بقلم آرا سوفاليان

0

في كل صباح يوقظني المنبه قبل ساعة من الموعد المحدد لمغادرة المنزل يتم خلالها إعداد القهوة وشربها والتجوّل في المواقع الالكترونية والتزود بزوادة تكفيني كل النهار بحيث لا يفاجئني أحد بخبر لا أعرفه

 

منذ متى… بقلم آرا  سوفاليان

 

في كل صباح يوقظني المنبه قبل ساعة من الموعد المحدد لمغادرة المنزل يتم خلالها إعداد القهوة وشربها والتجوّل في المواقع الالكترونية والتزود بزوادة تكفيني كل النهار بحيث لا يفاجئني أحد بخبر لا أعرفه.

البارحة قرأت خبر عادي جداً من حيث المحتوى وغريب جداً من حيث الإسناد فلقد كان الخبر يتحدث في شأن عربي محض والإسناد من حيث المصدر يعود لإسرائيل وصحافة إسرائيل… أما الخبر والإسناد فهو كما يأتي:

(ذكرت صحيفة إسرائيلية, نقلاً عن ما أسمتهم مسؤولين إسرائيليين, أن “الرئيس المصري حسني مبارك الذي يعاني من مرض السرطان تزداد حالته الصحية سوءاً”، الأمر الذي نفته مصر مؤكدة أن “صحة مبارك جيدة”.

ونسبت صحيفة (يديعوت أحرونوت) إلى مسؤولين إسرائيليين قولهم إنّ “صناع القرار في المستويين السياسي والأمني في إسرائيل اطلعوا في الأيام الأخيرة على معلومات تبين منها أنّ مرض السرطان الذي يعانيه مبارك ازداد سوءاً وأنّ حالته الصحية تتدهور من يوم إلى آخر”.

ولمّحت وسائل إعلام إسرائيلية إلى أنّ “تأجيل اللقاء بين مبارك ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أكثر من مرة يأتي على خلفية تراجع الحالة الصحية للرئيس المصري”).

وكالعادة وعند ارتفاع نسبة الأدرينالين في دمي بعد الغضب وجدت نفسي أكتب تعليق قاس توقعت أن لا ينشر ولكنه نُشر وهو الآتي:

آرا  سوفاليان

!!!!

منذ متى كنا نعتمد على وكالات الأنباء الإسرائيلية لتأكيد أو نفي خبر عربي!!!!

وعندما عدت إلى المقالة وجدت تعليق آخر كتبه شخص آخر ارتفعت نسبة الأدرينالين في دمه بعد الغضب أكثر مني ووجد نفسه هو الآخر يكتب تعليق قاس توقع أيضاً أن لا ينشر ولكنه نُشر وهو الآتي:

صحفي عربي 

إلى آرا  سوفاليان 

منذ أن كنا صغارا في الكتاتيب،،، وإلى يومنا هذا لن تسمع أخباراً عربية أكثر صراحة من الأنباء الإسرائيلية عن العرب، فالعرب يخفون ما تخفيه إسرائيل،،، وتخونهم كلما خدم ذلك مصلحتها،،، لا تكابر يا عزيزي باتت الحقيقة تخدش النظر ونحن ننقب عنها وعوراتنا معاصرة ومكشوفة.

صحيح وعلى الرغم من طيّ الألقاب فهذا الرجل استكثر عليَّ لقب الأستاذ فقال إلى آرا  سوفاليان وهذه العقوبة استحقها بجدارة لأني كنت أكابر بالفعل… ولكن: ما هي وجهة نظري؟؟؟

أنا أعرف الحقيقة وأعرف أكثر أنني ربما أعرَف الناس بمعرفة الحقيقة، ففي عدوان الخامس من حزيران كنا ثلاثة على سطح بنايتنا في دمشق ساحة التحرير الأول هو عقيد طيار متقاعد كان يقطن وأسرته على السطح والثاني هو والدي والثالث هو أنا وكنت في الصف السادس الابتدائي ونجحت إلى السابع وكنا نرقب معركة جوية في سماء دمشق، وكان على حافة السطح راديو ترانزيستور ياباني في بيت أنيق من الجلد يعمل على البطارية ويتنقل بين إذاعتين، لندن وإسرائيل، وسألت… وماذا بالنسبة لإذاعة دمشق؟

وجاءني جواب مزدوج… لا تقترب من الراديو… اتركه بسلام.

لأكتشف بنفسي أن في إذاعة دمشق بيان واحد يتكرر بعد كل اشتباك جوي أو بري أو بحري ويتلخص بما يلي:

لقنّا العدو درساً لن ينساه، سنضرب بيد من حديد، النصر لنا، خسائرنا لا شيء،!!!

دوماً خسائرنا لا شيء، أما اليد التي من حديد فنراها ملفوفة بالضمادة، وبالنتيجة فلقد هجر العرب صوت العرب وهنا دمشق وهنا بغداد وتحولوا الى هنا لندن وهنا إسرائيل!!! وبالأحرى صوت إسرائيل من أورشليم القدس بعد العام 1967

وفي الحقيقة فلقد كانت خسائرنا كل شيء … كل شيء وليست لا شيء… وها قد مضى ثلاث وأربعون عاماً والوزر شديد والمعاناة أشد والحكومات الإسرائيلية تماطل وتسوف وتكذب وتلعب بنا وبالأمم المتحدة وبحكومات العالم المتقدمة منها والنامية وتلك التي في طور ما قبل النمو!!!

أما إذاعة إسرائيل فلقد كانت تخدر الناس بكوكب الشرق وأغنيات كوكب الشرق، اليوم وغداً وكل يوم من السادسة والنصف مساءٍ وحتى السابعة والنصف، وقبل كل أغنية نشرة أخبار دسمة وعملية غسيل دماغ لكل المستمعين ومثل ذلك بعد كل أغنية، أما الأغاني فهي الآتية: أغداً ألقاك؟ أنت عمري، فكروني، هذه ليلتي، أنت الحب، الحب كده، سيرة الحب، يا ظالمني، يا مسهرني، ويا تقبشني، ثم (القلب يعشق كل جميل) والضرب على الوتر الديني لتصبح إذاعة إسرائيل معبودة الجماهير… ألم يكن بالإمكان العمل بنصيحة أبو النوّاس (وداوني بالتي كانت هي الداء) كيف أسمح لإذاعة العدو بأن تستقطب كل الأمة وأتركها تلعب بالأوراق الرابحة وتمرر أهدافها… وما هو رأسمال اللعبة؟؟؟ بضعة أغاني لكوكب الشرق؟؟؟ وهل هذا يعتبر مكلفاً أو يؤدي إلى نفقات فادحة لا نقدر عليها؟؟؟

لو أن الأمر بيدي وكنت مدير إذاعة دمشق في تلك الفترة… كنت سأتصيد إسرائيل بشكل مسبق وأضع أغنيتين لكوكب الشرق بدلاً من الواحدة وأجمل مما تضعه إذاعة إسرائيل، أما الخبر فأضعه بمنتهى الصدق والأمانة… ولو أن ذلك قد حدث لكانت الإذاعة الوحيدة المقبولة هي إذاعة دمشق بسبب المصداقية.

وفجأة… توقفت إذاعة إسرائيل عن البث… وجاءت التحليلات كما يلي: لقد يَئِسَ العدو وملَّ من اللعبة وآثر الانسحاب… أما التحليل الآخر فهو الآتي: تم تخدير العرب وهم الآن في غيبوبة  وتحققت أهداف العدو وبنجاح تام بحيث لم يعد من المفيد الاستمرار وتكبد التكاليف من أجل أمرٍ تحقق وتم إنجازه بنجاح.

وفي النهاية… فإن تعليق الأخ الذي اختار  أسم صحفي عربي في مقدمة تعليقه والذي اتهمني بالمكابرة فهو محٌق في اتهامه فأنا أكابر والمكابرة مسألة مكتسبة اكتسبتها منذ أمد بعيد وهي كإناء الماء أملأه كلما نقص… ملأته من مركب الأمل  وقبله سفن الحرية وسفينة مرمرة منهم،ورجب طيب أردوغان وكلمة الحق، والشيخ رائد صلاح وهيلاريون كبوتشي مطران القدس في المنفى  الذي آثر الصلاة بين جموع المسلمين الناشطين بإمامة الشيخ رائد صلاح وعلى سطح المركب يرفع يديه إلى إله المسلمين والمسيحيين ليرفع عنا هذه الغمّة التي طالت، وقبله الهدية المرسلة من شواطئ لبنان إلى الطراد الحربي الإسرائيلي الذي توقف عن العربدة وأعاد الحسابات، وقبله من وقف لأول مرة في مواجهة أجهزة التصوير في قناة المنار ليقول” بالنسبة لي فإن كلمة إسرائيل غير موجودة في قاموسي على الإطلاق”.

أشكرك أيها الصحفي العربي وأدعوك وادعوا الجميع للمكابرة ضمن هذا المفهوم، لطالما أن هذه المكابرة تحقق النتيجة التي وصل اليها كل المكابرين الذين وردوا في هذه المقالة وأنا آخرهم.

آرا  سوفاليان

Ara Souvalian

arasouvalian@gmail.com  

 

 

 

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.