www.omferas.com
شبكة فرسان الثقافة

رجاءً أطفئ موبايلك… بقلم آرا سوفاليان

0

الدماثة مسألة مطلوبة وخاصة إذا بدرت عن جهة رفيعة المستوى لأنها بلا أدنى شك تزيد من شأن هذه الجهة وتزيد من رفعة مستواها… ولأننا ضعاف في البروتوكول أو علم الدماثة فإن النتائج تكون على الدوام مؤسفة.

رجاءً أطفئ موبايلك… بقلم آرا  سوفاليان
الدماثة مسألة مطلوبة وخاصة إذا بدرت عن جهة رفيعة المستوى لأنها بلا أدنى شك تزيد من شأن هذه الجهة وتزيد من رفعة مستواها… ولأننا ضعاف في البروتوكول أو علم الدماثة فإن النتائج تكون على الدوام مؤسفة.
المكان: صالة مطعم مشهور جداً بفواتيره الخيالية في منطقة المالكي حيث لا يمكنك ركن سيارتك هناك كائن من كنت ويطلب منك الابتعاد وبدماثة ومن أشخاص يرتدون ملابس أنيقة.
التحضير: صالة مستطيلة الشكل تم وضع مائدة في وسطها على شكل مستطيل مفتوح تتسع لعشرون مدعو هم نخبة الجراحين العاملين في زرع الأسنان في سوريا وبعضهم له مكانة عالمية على مستوى الجراحة ومعظمهم نال رتبة أستاذ دكتور ومنهم من نال شهادتي دكتوراه.  وفي مركز المستطيل هناك طاولة جميلة مغطاة بشرشف جميل اللون (كيوي) عليه شعار الشركة صاحبة الدعوة التي تروّج لزرعاتها الكورية… وعلى الطاولة جهاز إسقاط ضوئي متصل بجاز كومبيوتر محمول وفي مواجهة الكل شاشة عرض ناصعة البياض ستتلقف نتائج ملفات الباور بوينت التي أعدها المحاضر بعناية وبراعة فائقتين… وهي تتحدث بلا شك عن نتائج سريرية حصل عليها المحاضر من خلال ممارسته الطبية في عيادته مستخدماً نظام الزرع موضوع المحاضرة.
كانت المحاضرة رائعة لأن كل خطوة فيها مثبته ومدعمة بالنتائج حيث تم ملاحقة مراحل تطور الحالة تأزّم أو انفراج وكان الاستعراض والخطوات الراجعة على الباور بوينت مذهلة فلقد كان المحاضر متمكن من الحالات ويعرف مواقعها فيعود إليها بخفة ورشاقة مذهلتين والمخيلة حاضرة فلقد كان يعرف السؤال قبل أن يطرح عليه لأنه يتوقعه وهذا ذكاء بالفطرة.
ورنَّ موبايل أحد الحاضرين فوضع صاحب الموبايل يده على خصره وقبل أن يحاول استخراج الموبايل أشار المحاضر بيده إلى صاحب الموبايل وقال له : رجاءً أطفئ موبايلك!
وفعل المتلقي ذلك وفصل المخابرة … وتكهرب الجوّ وبشدة … لأن المتلقي كان على مستوى أكاديمي غير مسبوق ومكانة علمية هائلة فهو يحمل دكتوراه في علوم الأدوية والصيدلة وهذا غير مطلوب منه كطبيب أسنان بالإضافة إلى منصبه الرفيع واحترام زملائه له كجراح بارع وصديق للجميع كونه قد اختبر الحياة بدقة واحترافية… وصاحب مركز يباشر فيه اختصاصات صعبة ويستقبل أيضاً حالات لا يستقبلها الغير؟
المشكلة: المشكلة تكمن في أن المحاضر لا يعرف من هو المتلقي ولو أنه يعرف لكان على الأقل لم يفعل ما فعله وأمام هذا الحشد من الكبار.
ردة الفعل: كانت ردة الفعل من المحاضر قوية ومن المتلقي كانت بوزن جزء بسيط أو نثرة من ريشة طائر متموضعة على سطح القمر… فلقد ندت عنه إيماءة تجلت بهزة بسيطة من الرأس… وأطفأ الموبايل وكأن شيء لم يحدث وبالمطلق … وتكهرب الجوّ… وعاد المحاضر إلى طريقته الرشيقة.
بعد انتهاء المحاضرة تهامس البعض حول الموضوع وسألني أحدهم عن رأيي… فأجبت: ستجدونه على النيت وبصورة مؤكدة على الدينتال غيتس لأني استطيع هناك تنصيب أي شيء بعد بضعة ثواني دون أن أنتظر رحمة الغير.
رأيي بتجرد: المحاضر غريب وهو لا يعرف كل الحضور… وفي هذه الحالة فالحذر واجب… وهو بلا شك لا يعرف المكانة الأكاديمية والمنصب الذي يشغله المتلقي… أما مقولة أنت معذور لأنك لا تعرف فهي ضد البروتوكول وضد الدماثة.
لو: لو كنت أنا بدلاً من المحاضر فسأفعل ما يلي: أسمع رنة الموبايل فأتوقف عن السرد وأرسم على وجهي ابتسامة لن تكلفني شيء… وأنتظر.
رد الفعل المتوقع: سيعمد المتلقي إلى فصل المكالمة على الأقل وإعادة موبايله إلى مكانه وربما سيضعه على الصامت فأكون بذلك قد حصلت على كل سلة العنب وتعاطف الناطور… وبعد ذلك يمكنني أن أرى ملامح الرضى على وجوه المشاركين.
 وبعد ذلك: سأسير بالمحاضرة إلى نهايتها الجميلة دون أي توتر ودون أي كهربة للجوّ.
وفي النهاية لا أملك إلاّ أن أعتذر أنا من المتلقي بالنيابة عن المحاضر وأقول للمتلقي لا بأس أيها الكبير…فالمحاضر لم يطلب من الحضور إغلاق الموبايلات في بداية المحاضرة وإن كان قد فاتك ذلك فجلّ الذي لا ينسى… والمحاضر لا يعرفك بالتأكيد ولكن الحاضرين يعرفونك حق المعرفة… وكان موقفك الدمث متوقعاً وهو يبرر مكانتك التي أنت فيها الآن ووضعك حيث أنت الآن… موقفك الدمث كان متوقعاً ونشكرك عليه.
آرا  سوفاليان
Ara  Souvalian
arasouvalian@gmail.com

 

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.