www.omferas.com
شبكة فرسان الثقافة

من هنا يبدأ العمل للمستقبل/د. محمد السعيد ادريس

0

لسنوات قصيرة، وربما للآن، كان استخدام مصطلح “الصراع العربي – الإسرائيلي” يثير حفيظة، بل ورفض قطاع واسع من شيوخ وشباب التيار القومي العربي الواعين بجوهر وحقيقة الصراع المركزي للأمة مع المشروع الصهيوني العالمي الحليف للمشروع الاستعماري الغربي، وكانوا يفضلون ويطالبون ويصرون على فرض المصطلح البديل الأكثر دقة والأكثر تعبيراً عن حقيقة هذا الصراع وهو “الصراع العربي – الصهيوني” باعتباره المصطلح الأشمل في رؤيته للصراع مع الكيان الصهيوني وأبعاده . الآن، لم يعد الأمر على هذا النحو على المستوى الرسمي العربي، ففي ظل معادلات الحكم العربي وأنماط علاقات وتحالفات والتزامات معظم نظم الحكم العربية، لم يختف مصطلح الصراع العربي – الصهيوني فقط، بل اختفى أيضاً مصطلح الصراع العربي –

من هنا يبدأ العمل للمستقبل
د. محمد السعيد ادريس
 
لسنوات قصيرة، وربما للآن، كان استخدام مصطلح “الصراع العربي – الإسرائيلي” يثير حفيظة، بل ورفض قطاع واسع من شيوخ وشباب التيار القومي العربي الواعين بجوهر وحقيقة الصراع المركزي للأمة مع المشروع الصهيوني العالمي الحليف للمشروع الاستعماري الغربي، وكانوا يفضلون ويطالبون ويصرون على فرض المصطلح البديل الأكثر دقة والأكثر تعبيراً عن حقيقة هذا الصراع وهو “الصراع العربي – الصهيوني” باعتباره المصطلح الأشمل في رؤيته للصراع مع الكيان الصهيوني وأبعاده . الآن، لم يعد الأمر على هذا النحو على المستوى الرسمي العربي، ففي ظل معادلات الحكم العربي وأنماط علاقات وتحالفات والتزامات معظم نظم الحكم العربية، لم يختف مصطلح الصراع العربي – الصهيوني فقط، بل اختفى أيضاً مصطلح الصراع العربي – “الإسرائيلي”، ليس فقط من مجمل الأدبيات السياسية والإعلامية العربية الرسمية، بل إنه اختفى ومنذ سنوات من دائرة الفعل العربية، إذ لم يعد يوجد نظام حكم عربي واحد يخوض أي صراع ضد “إسرائيل”، ولا يوجد نظام حكم عربي واحد لديه أي نية للتورط في مثل هذا الصراع، بل هناك هرولات عربية نحو الكيان الصهيوني وسعي دؤوب لحصر الصراع في الدائرة الفلسطينية الضيقة، وجعله صراعاً بل ونزاعاً قد يحولونه، إلى مجرد “خلاف”، فلسطيني – “إسرائيلي” .
هذا الحرص الرسمي العربي على التبرؤ من نية الصراع مع “إسرائيل” لا ينافسه ولا يتفوق عليه غير حرص السلطة الفلسطينية ومن يعمل تحت لوائها من فصائل وقيادات فلسطينية، فالسلطة ومنذ توقيع اتفاق أوسلو تورطت في إغراق الشعب الفلسطيني والأمة كلها في “وهم السلام” .
السلطة الفلسطينية لم تتستر على “وهم السلام” على مدى 16 عاماً فقط منذ توقيعها اتفاق أوسلو عام، 1993 وهو الوهم الذي قاد العرب إلى الغرق في مستنقع الاسترخاء بعيداً عن دائرة الصراع وجعلهم غير قادرين، بمرور الوقت على الخروج منه، بل حولت أجهزتها الأمنية المدعومة أمريكياً وعربياً، وربما “إسرائيلياً” إلى أجهزة وظيفتها حماية “إسرائيل” تحت ذريعة حماية عملية السلام، بدلاً من أن تكون مهمتها حماية الشعب الفلسطيني . وأصبحت خطوط التماس بين الضفة الغربية والخط الأخضر العازل بين الضفة والكيان خطوط أمن وحماية للكيان تماماً كما سبق أن تحولت حدود، كان يسمى ب”دول المواجهة العربية” إلى حدد أمن وحماية للكيان الصهيوني .
وكما أصبحت منظمات المقاومة الفلسطينية منظمات “إرهابية” وفقاً للتعريف الأمريكي أصبحت هذه المنظمات متهمة وملاحقة عربياً كما هي ملاحقة غربياً بتهمة “الإرهاب” التي استطاع “الإسرائيليون” إلصاقها بمنظمات المقاومة الفلسطينية خاصة والعربية عامة بعد تفجيرات 11 سبتمبر ،2001 على نحو ما استطاعوا أن يجعلوا من أنفسهم، في عيون الغرب، خط الدفاع الأول ضد الإرهاب في الشرق الأوسط لحماية أمن الدول الغربية .
هذا السقوط العربي لا ينافسه إلا الإصرار العربي على التمسك بعملية السلام رغم الاعتراف “الإسرائيلي” الصريح بأنها ليست أكثر من “وهم”، ورغم إعلان أكثر من مسؤول عربي أن هذه العملية “ماتت” أو “وصلت إلى طريق مسدود”، لكن هذا الإعلان أو الاعتراف العربي كان أكثر ميلاً إلى الركون لخيار “الانتظار” من دون أي تحديد لأي شيء يكون هذا الانتظار، قد يكون الانتظار لحدوث دورة جديدة من العدوان “الإسرائيلي” لإماتة ما بقي من عوامل صمود الشعب الفلسطيني، أو لمبادرة أمريكية جديدة، يمكن معها اعطاء دفعة جديدة من الأمل لعملية السلام تلك، لكسب مزيد من الوقت، أو انتظار لحدوث مواجهة فلسطينية – فلسطينية جديدة يمكن أن تكون طوق نجاة للحكومات العربية كي تواصل مشوار التبرؤ من مسؤولية التردي الحادث في القضية الفلسطينية.
خلاصة هذا كله أن الصراع من دون أن يحل مكانه السلام، وأن القضية الفلسطينية أصبحت عبئاً ثقيلاً لم يعد أي نظام حكم عربي قادر على تحمل مسؤوليته، ليس هذا فقط بل الأسوأ منه أن العرب عندما توقفوا عن الصراع مع “إسرائيل” تحولوا إلى الصراع مع أنفسهم، وإلى الصراع ضد الفلسطينيين، والمحصلة أن المشروع الصهيوني يتقدم، رغم كل أزماته الداخلية، ليس بفضل نجاحات “إسرائيلية” مباشرة، ولكن بفضل تحول القدرات العربية، وقدرات فلسطينية إلى الاقتتال الداخلي عندما انحرفت عن مجرى الصراع الحقيقي وتحولت إلى عبء ثقيل ليس على القضية الفلسطينية وحدها بل وعلى مستقبل الأمة كلها، ومن هنا بالتحديد، ومن مواجهة هذا الخلل، يبدأ المشوار العربي الحقيقي لبناء المستقبل.
مجموعة الطليعة
http://groups.google.com/group/altaleaa
 

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.