www.omferas.com
شبكة فرسان الثقافة

خطآن فلسطينيان، وخطيئة/د. فايز أبو شمالة

0

خطآن جسيمان يقع فيها الفلسطينيون بقصد أو بدون قصد، والنتيجة هي مهانة الفلسطيني ذاته، وتفكيره، وانتمائه السياسي، وتبغيضه بالوطن، ومن ثم تحقيره لكل ما يتصل بفلسطين، ولا فرق هنا إن كان الفلسطيني في غزة، أو الضفة الغربية، فالخطأ الذي تقع فيه حكومة غزة في اعتقال بعض رموز حركة فتح، وكوادرها، واستدعائهم للتحقيق، واحتجازهم ساعات النهار،

خطآن فلسطينيان، وخطيئة
د. فايز أبو شمالة
خطآن جسيمان يقع فيها الفلسطينيون بقصد أو بدون قصد، والنتيجة هي مهانة الفلسطيني ذاته، وتفكيره، وانتمائه السياسي، وتبغيضه بالوطن، ومن ثم تحقيره لكل ما يتصل بفلسطين، ولا فرق هنا إن كان الفلسطيني في غزة، أو الضفة الغربية، فالخطأ الذي تقع فيه حكومة غزة في اعتقال بعض رموز حركة فتح، وكوادرها، واستدعائهم للتحقيق، واحتجازهم ساعات النهار، لا يقل في بشاعته عن خطأ اعتقال الأجهزة الأمنية في رام الله لعناصر حركة حماس، وقياداتها، ورجالها، واقتراف جرم التحقيق المهين معهم، والتعذيب لانتزاع الاعتراف. إن الفلسطينيين في منطقتي النفوذ الجغرافي يقع عليهما الخطأ ذاته الذي يتقاسمه الطرفان المسيطران في رام الله، وغزة، وبغض النظر عن ممارس الفعل، والذي يقوم بردة الفعل، وبدون تدقيق وبحث عن الظالم والمظلوم، فإن الخطأ واحد، وكما لا يمكن تبرئة حكومة رام الله من اعتقال مقاومي، وقيادي حماس المحررين لتوّهم من السجون الإسرائيلية، كذلك لا يمكن إعفاء حركة حماس من السؤال عن أسباب اعتقال بعض قيادي فتح ولاسيما المحررين الذين سبق وأن قاوموا المحتلين، وحققت معهم المخابرات الإسرائيلية، وعلى سبيل المثال لا الحصر، ما هي مبررات حجز عضو المجلس التشريعي السابق، والقيادي من حركة فتح الأخ أحمد نصر لعدة أيام؟.
وإذا كان مستحيلاً تفهم أسباب اعتقال فلسطيني تحت الاحتلال الإسرائيلي لفلسطيني آخر تحت الحصار الإسرائيلي، أو العكس، وإذا كان هذا العمل القذر الذي اختص فيه الجيش الإسرائيلي، صار بفعل الأحقاد المتراكمة بين التنظيمات عملاً فلسطينياً محضاً مقترناً بالاتهامات، والاعتقالات المتبادلة، والتفرد في القرار. فإن وحشيته ما زالت تقع في دائرة الخطأً الذي يمكن تصويبه، وتداركه، ولكن الخطيئة التي زاغ معها عقل الشعب الفلسطيني، هي تلك المصيبة التي لا يمكن تداركها، تلك الحالة من المهانة، والانحطاط التي وصلت إليها قيادة الأجهزة الأمنية في سلطة رام الله حين قامت بالإنابة عن الجيش الإسرائيلي في مطاردة، ومحاصرة، وتصفية المقاومين!
قبل سنوات، زمن الثورة الفلسطينية، والمقاومة المسلحة، كانت القيادة السياسية الفلسطينية الممتدة حتى الراهن، كانت تلوم على الدولة العربية عدم السماح لها باستخدام أراضيها للمقاومة، وكانت تصف قيادات تلك الدولة بالخائنة، والمفرطة بالقضية، والمرتبطة مع العدو الإسرائيلي، والعميلة مع للمخابرات الأمريكية، وكان الإعلام الفلسطيني يكيل التهم، ويهاجم بلا هوادة، وينتقد التقاعس العربي عن دعم المقاومة، وكان الشعب الفلسطيني يلتف حول قيادته التاريخية التي أخذت شرعيتها الفلسطينية من تمسكها بالمقاومة أولاً، وإصرارها على الكفاح المسلح طريقاً لتحرير فلسطين، لتأخذ مع أزيز الرصاص شرعيتها العربية والدولية ثانياً.
اليوم، وبعد نجاح أجهزة أمن سلطة رام الله في ملاحقة رجال المقاومة، ومحاصرتهم، وتصفيتهم، وفرض منع التجول ـ على طريقة الجيش الإسرائيلي في سنوات السبعينات ـ للحيلولة دون احتشاد الجماهير لتأبين شهداء المقاومة، ما هو مصدر الشرعية للقيادة الفلسطينية الراهنة؟ وماذا تبقى ليستر عورتها؟ وبماذا يمكن أن نصفها؟.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.