www.omferas.com
شبكة فرسان الثقافة

خنساء نابلس وأفلام هوليود/محمد سيف الدولة

0

إنقاذ الجندى رايان” هو فيلم أمريكي شهير تدور أحداثه فى الحرب العالمية الثانية

حيث فقدت ام امريكية، ثلاثة من ابنائها فى الحرب فقررت القيادة العسكرية الامريكية

أن ترسل مجموعة من الجنود لإنقاذ ابنها المتبقى “ريان” من أتون المعارك الجارية وإعادته الى والدته سالما.

حصد هذا الفيلم خمس جوائز أوسكار، وتفاعل معه حين تم عرضه، جمهور طويل عريض يقدر بمئات الملايين من المشاهدين على مستوى العالم. تأثروا به وذرفوا الدموع على وقائعه التى لا تعدو ان تكون قصصا من وحى الخيال.

أما الملاحم الانسانية والبطولية الحقيقية التى تفوق هذا الخيال والقادمة من ارض فلسطين الحبيبة، فانها لا تجد من يتوقف عندها وينشرها ويخلد ذكرى ابطالها، ويبرز قضيتهم للراي العام العالمى.

***

ومن أروعها قصة خنساء نابلس، السيدة الفاضلة “فاطمة أبو ليل” أو أم مهيوب التى وافتها المنية بمخيم بلاطة شرق نابلس شمال الضفةالمحتلة منذ ايام قليلة.

يطلقون عليها الخنساء أسوة بالشاعرة الصحابية تماضر بنت عمرو السلمية” التى فقدت اربعة من ابنائها فى معركة القادسية عام 16 هـ ـ 638 م .

فالسيدة “أم مهيوب” هي والدة لخمسة شهداء هم “مهيوب وخالد ومحمد وحسني وسمير”. بالإضافة لابنها حسين الأسير الحالى فى سجون الاحتلال والمحكوم عليه “بخمسة” مؤبدات. أما أبناؤها الأربعة الآخرين فجميعهم أسرى محررين. وكان زوجها المناضل “مصطفى أبو ليل أول أسير في مخيم بلاطة عام 1967.

***

وهي ليست الخنساء الوحيدة فى فلسطين، فمثلها كثيرات، فهناك السيدة فاطمة الشيخ خليل “ام رضوان” التى قدمت هى ايضا خمسة شهداء هم شرف وأشرف ومحمود ومحمد واحمد خليل الشيخ خليل.

***

وكذلك السيدة مريم محمد يوسف محيسن او “ام نضال فرحات” 1949 ـ 2013 الملقبة بخنساء فلسطين التى كانت نائبة فى المجلس التشريعى وقدمت ثلاثة من ابنائها شهداء محمد ونضال ورواد وقضى ابنا رابع لها 11 سنة فى سجون الاحتلال، وكانت تخفى المطلوبين والمطاردين من شباب المقاومة فى منزلها، الذي قامت القوات الصهيونية بقصفه أربع مرات، كما قامت باغتيال القائد عماد عقل فيه.

وغيرهن الكثير.

***

ان التعرف على حكايات ام ميهوب وام رضوان وام نضال من قريب، يصيب المرء بالحيرة والذهول، صحيح اننا نرى مشاهد اهل الشهيد بشكل شبه يومى فى فلسطين، لكن ظواهر مثل امهات “لشهداء بالجملة” هى ظواهر انسانية فذة، نقف امامها عاجزين عن الاستيعاب؛ ما طبيعة هؤلاء القوم؟ ومن أين جاءهم كل هذا الايمان وكل هذه القدرة الفولاذية على التضحية والعطاء وعلى الصبر وتحمل الألم والفراق وطلب المزيد منه؟

انها ظواهر لا يجب أن نسمح لها بأن تمر مرور الكرام، بل علينا أن نحولها الى ايقونات مقدسة لقضيتنا ونضالنا ومعاناتنا امام العالم كله. فهل نفعل؟

*****

 

القاهرة فى 31 يوليو 2018

 

 

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.