www.omferas.com
شبكة فرسان الثقافة

أطفئ الناس ولاتدخلها…. /د. ريمه الخاني

1

جميل أنني لاأكتب في السياسة

ولاأفهم دهاليزها المظلمة

ولا أتقن قراءة مابين سطورها الكاذبة

وهذا يجعلني بعيدا عن لوثات جل أخبارها الملفقة، ليبقى عقلي بعيدا نوعا ما عن المؤثرات غير المنطقية لكن الدماء العربية مازالت تجري في عروقنا..

مازالت تلك الآية ترن في أذني:

بسم الله الرحمن الرحيم

﴿وَأَنفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ ۛ وَأَحْسِنُوا ۛ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ﴾  البقرة(195)

مازالت الدماء تتدفق بغزارة من عروق ابنائنا شرقا وغربا، فهل يتحمل الأمر مزيدا من الدماء لامور تحتاج حلا أكثر ذكاء…

موتنا غاية الخصم وهدفه، ونحن نلقي بأنفسنا تحت قدميه  ضحايا مبادئنا، عندما تيجتاح الشعور الوطني عقولنا، ولايعجبنا الخبر  نبكي شهدائنا في كل مرة، وكان لاحل سواه ، كما حدث مؤخرا، عندما افتتحت سفارة أمريكا في القدس، ليمد التاريخ لسانه لنا قائلا:

-يداك أوكتا ، وفوك نفخ..

وقد ضرب هذا المثَلُ لِمَن كان سبب هلاكه مِنْه.

وأَوْكَتا: من الإِيكاء،  وهو  شَدُّ رأس السقاء بحبل ونحوه، ومنه حديث اللُّقَطة،  وفيه: ((اعرف وِكاءَها))، وهو الخيط الذي تشدُّ به الصُّرَّة.

ونَفَخ: من النفخ،  وهو إخراج الهواء من الفم.

وأصل المثل – فيما يَذكرون -: أنَّ قومًا كانوا في جزيرة من جزائر البحر في الدَّهر الأول, وكان دُونَها خليجٌ من البحر، فأتى قومٌ يريدون أن يَعبروا إليهم, فلم يَجدوا معْبرًا، فجعلوا ينفخون أسقيتهم، ثم يَعْبرون عليها.

وكان معهم رجلٌ عَمدَ إلى سِقائه، فأقَلَّ النفخ فيه، وأضْعَفَ الإيكاء والربْطَ له، فلما توسَّط الماء جعلَتِ الرِّيح تخرج حتى لم يَبق في السِّقاء شيء، وأوشك على الغرق،  وغَشِيه الموت.

فنادَى رجلاً مِن أصحابه: أن يا فلان، إني قد هلكت.

فقال: ما ذنبي؟ “يداك أَوْكَتا وفوك نفَخ”،  فذهب قولُه مثلاً.

وهذه أرجح القصص، ولقد تمثل بهذا المثَلِ الشعراءُ في شِعرهم، ومِن ذلك قول الكُمَيت:

صَهٍ لِجَوَابِ مَا قُلْتُمْ وَأَوْكَتْ

أَكُفُّكُمُ عَلَى مَا تَنْفُخُونَا

إِذَا كَانَتْ جُلُودُكُمُ لِئَامًا

فَأَيَّ ثِيَابِ مَجْدٍ تَلْبَسُونَا[1]

لنقلب بين القنوات الفضائية، لنرَ مدى سذاجتنا وحمقنا، ونحن نرمي بفلذات أكبادنا للنار… ونتشدق بإنجازاتنا العقيمة، وحل مجرب  ولم يؤتِ ثماره، فلم نكرره؟، هل من الظلم أن نقول : إنها عملية انتحار جماعي؟، وإذن؟.

وصل الخصم لغايته، بالحنكة والخديعة والإصرار على الوصول بطرق ملتوية دوما، وبعناد الباطل وهيمنته على المصالح فهي ليست طرقنا بحال، وربما  عجزنا إلا من الصراخ والعويل،  ليسمعنا من يتعجب من حلولنا القديمة.

السؤال المضحك المبكي:هل انصاع الخصم لمعاناتنا واحترم دمنا؟ .

دمائنا تجري أنهارا، ومازلنا نتابع ببلاهة جديد أخبار الدماء….

لكل زمان دولة ورجال، ونحن زمن الفكرة والحنكة والدروب القصبرة…أقلام تزيد النار نارا، تظهر مدى عدم تطور فكرنا الذي تعود جلد الذات وتمثيل دور االضحية، عندما نتفهم ماذا يقدم لنا عبر الشاشات من إملاءات غريبة من الطبيعي أن يكون لنا فيها رأي، لندرك مدى السوء الذي وصلنا له، وقد أعجبتني محاضرة الدكتورة سهاد كروي من العراق في مؤتمر اللغة العربية السابع، حيث طرحت فكرة العنف الإعلامي، والذي لا يعكس من الحقيقة شيئا يذكر، ولا من رأي الشارع الحقيقي فمن يستحق هذا المنبر منحى ومبعد، لأنه سيقوّم الحقائق بلا غاية تجارية، تعبئ جيوب المقامرين.

عذرا فقد بلغ السيل الزبى، وآن لنا أن نفكر بعقلنا لا بمؤخرتنا وأعضائنا التناسلية…

شبابنا يموتون كل يوم على محراب شيئ اسمه حرب…مستقبلنا الكبير ينحر على أعتاب المصالح الضمنية…

هلا كنا أكثر ذكاء؟.

كلهم يراهن على جيوبنا، ونحن نراهن على دمنا، والدنيا خراب..ومازال بعض الإعلاميين لايدرسون إلى أين تذهب كلمتهم، ولايدركون كم خسرنا،  وكم من الدماء تسفك بلا طائل، على جميع الجبهات، أعجزنا عن إيجاد حل  مدروس فريد؟؟.

هنا التحدي وهنا العمل.

17-5-2018

[1] من مقال للأستاذ: ماجد علي مقبل باشا يداك أوكتا وفوك نفخ

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.