www.omferas.com
شبكة فرسان الثقافة

زادٌ لرمضان … أيها الإنسان/ بقلم: شامل سفر

0

في إنتاجها البكر الذي تُلاقي فيه سـوقَ الأعمالِ التربـوية بمصافحةٍ نوعية أولى

تُرسـي لينا المعلم الدعائم الحاملة لفكرٍ واعدٍ بالمزيد

مؤسسٍ لمشروع تربوي متكاملٍ وملتزم، يُعيد جيلَ الأطفالِ والناشئة إلى ذلك العالم المهجور منذ زمنٍ بعيد ..

عالم القيم الرئيسية من الحق والخير والجمال .


لم تكتب المؤلفة للأطفال ، بل كاتبتهم ، تفاعلت معهم ، وتبادلت معهم حديثاً لطيفاً طيبَ الأثر ، مدروسَ الجوانب، لا يطغى فيه النصحُ المباشر ، وإنما يتهادى إلى الضمائر الغضّة جدولاً رقراقاً من كلام أم شابة مع أطفالها ؛ تقدّم له بديلاً (عملياً) حلواً ؛ يستعيد محلّه الحقيقي .. ذاك المحل الذي طالما استعمرته شاشاتُ البلاهةِ المتلفزة وألعاب التفاهة التفاعلية، واستهلكته ، وزرعته بالإدمان .
من حيث التوقيت ، أبت لينا إلا أن تستثمر موسم الخير العميم ـ رمضان ـ بزرعٍ طيب .. في أرضٍ طيبة .. سقته بماءِ حبها الصافي والطيب هو الآخر … إنهم الأطفال ؛ الذين يحلو لأهل الشام تشبيهَ مدى نقائهم وطهرهم بنقطةٍ من نقاط المصحف الشريف .. فلكم أن تتوقعوا كيف تعاملت المؤلفةُ الكريمة مع كتاب ربها تبارك وتعالى .
ولئن كان الإنجازُ في الإيجاز ـ لا مراء في ذلك ـ فإن مدى التكثيف النوعي في مجلة (زاد رمضان لأحباب الرحمن) التي صدرت منذ سويعات عن دار السلام ودار اليمامة للطباعة والتوزيع والنشر ، من إعداد الآنسة لينا المعلم، يدل على مهارة تربوية نادرة تتقن فن الحفاظ على التوازن بين الاستيفاء من جهة ، وعدم الإخلال من جهةٍ أخرى .. بطريقةٍ وأسلوب ، أشهدُ أني لم أرَ مثلهما منذ زمنٍ ليس بالقصير.
برنامجٌ من ثلاثين مرحلة ؛ معدٌّ لكي يتم إنجاز كل منها في يومٍ واحد .. برنامجٌ من ثلاثين ورقة من دفاتر حياتنا، مخصصٌ للأطفال في شهر رمضان المبارك ؛ يعلّم الطفل أولاً أن كل علمٍ ليس في القرطاس ضاع .. أي أننا نتعامل مع الورق ثانيةً ، في زمن الحروف المضيئة على الشاشات والتي تمر سراعاً ؛ لا يملك الناظرون ببراءة من فلذات أكبادنا أن يلحقوا بها ، فضلاً عن أن يتمكنوا من التروّي في فهمها .. ثلاثون صفحةً مصممةً بحرفيةٍ وجمالٍ بالغين ، في زمنٍ كثرت فيه الأعمال المرتجلة والمعدّة بسرعة للاستهلاك التجاري الفارغ من أي معنى .
أفق المؤلفة لا يقف عند حدود وعي الطفل ، بل يتجاوزه إلى ما هو أكثر أهميةً بما لا يُقاس .. إنها تربيةٌ على التربية ..تربيةُ مَن يُفترض بهم أن يكونوا مربين ومربيات ، من الآباء الغارقين في جريمة قتل الوقت بمداعبة حبات النرد في غيوم دخان النرجيلة داخل الخيم الـ (الرمضانية!) ، ومن الأمهات الغارقات في مطابخ الإسراف والولائم الـ (رمضانية!) أيضاً ، ممن لا يجمعهم في الغالب الأعم إلا التحلّقُ حول الشاشة لتلقّي دروس وعظ المسلسلات الـ (رمضانية!) هي الأخرى.
هنيئاً لك لينا المعلم ، برسالتك التي وجهتها للآباء والأمهات ـ قبل الأطفال ـ قائلةً لهم: … (أيها السادة والسيدات .. للتذكير فقط .. رمضان شهر عبادة وتربية) …… ولقد كنتِ أطربتِ لو أسمعتِ حياً .. ولكن لا حياةَ لمن تنادي .. إلا القليل ممن لا تزال عقولهم وضمائرهم .. على قيد الحياة .

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.