www.omferas.com
شبكة فرسان الثقافة

بعض إسقاطات على كتاب القصيدة والجسد/د. ريمه الخاني

0

images

إنه كتاب طبعه اتحاد الكتاب العرب في عام 1988

للناقد حنا عبود، والذي تشي كتاياته بقوة عن مذهبه الفكري.


كنت قرات للناقد كتابا أحدث وهو : من تاريخ الرواية، ويتسم ناقدنا بعمق النظرة النقدية ، حتى لينسف كل مالوف، ويضع نظرته فوق كل اعتبار، ورغم أنه يملك النظرة الفاحصة التي تجعل كل قارئ يراجع نظرته للأدب من جديد ليعرف موقعه، نجد بعض مىخذ على نظرته ، وكما قلنا ونقول: لايوجد عمل كامل.

ورغم هذا نرى بوضوح سعة اطلاعه وقراءاته.
في هذا الكتاب يطالعنا جسد امرأة على الغلاف برسم تشكيلي تكعيبي، يجعلك تتوقع مافيه، ولكن عبر قراءة متانية يبدأ فيها بنظرته للنقد الفاحصة حيث يقول:

لايعتبر النقد نقدا إلا إذا حدد موقفه من الشعر.

ويقول بأسبقية الشعر كنمط ادبي من بين الانماط الأخرى، وهو أقرب للطبيعة البشرية، وهذا صحيح، ويواجه نقاد الرواية بتقليدية عملهم، حيث يلخصون الرواية، بطريقة مملة، ويقدمون أحداثها، والهدف ، وبرأيه الخاص، هذا عمل ميسور للمتهافتين على النقد، إنه وهم الكتابة!!.

ويتهم النقد بتفرع مذاهبه ويصنفها:نقد:كلاسيكي رومانسي، تاريخي بيوغرافي قيمي نظري مقارن حكمي تشريعي وصفي ويضيف في الدرجة الثانية والشائعة في عصرنا:

التحليلي النفسي، الماركسي النمطي اليونغي الأسطوري الوجوودي البنيوي الانطباعي والذي يملأ الصحف والمجلات.

وكان النقد عملية قسرية يجري إسقاطها على النص ….[1]

********
حقيقة نعتبر هذا الحديث على عمقه يميل لعالم الفلسفة الذي لاطائل منها، فالنقد سيبقى كما هو إن لم نخرجه من عنق زجاجته، ويكاد  لايوجد وحاليا نقد وحيد الجانب، بمعنى قد يكون انطباعيا تحليليا نفسيا، وقديكون بنيويا قيميا، الخ…

إن ما يرفع من قيمة النقد، وضع الناقد بصمته النقدية ليس على سبيل السلب بل الإيجاب، وليس مدحا بقدر إصلاحا لعثرات النص، بطرح البديل والاقتراحات ، التي تزيد النقد قيمة، وترفع من مستوى الناقد الذي يقدم نفسه كقيمة ادبية فكرية، وعليه، فالناقد الكاتب يحمل مقدرة أعمق من الناقد الذي لايكتب، لأنه مارس الكتابة وعالج متاعبها، والعكس صحيح.

من جهة أخرى، عن الشعر يتحدث قائلا:

لانرى فرقا مابين المادي والمعنوي!![2]

عجبا، ماهذا التقريب العجيب!

ويكمل: إن أدق المعنويات تخرج من الجسد مثلما تصب في الجسد، وإن الثوب المستعار في القصيدة سرعان ماينكشف إذا كانت لايدخل ضمن المشترك العام….(هي من خصوصية الحالة الشعرية).

وإن أي حصار معنوي تجد له انعكاسات في الطبيعة البشرية..ومن السخرية الحديث عن حرية نفسية في جسد مقموع…وغن بداية أي مشروع شعري تستدعي نوعا من التوتر ، قد نسميه توترا نفسيا ولكن لانعرف التوتر النفسي إلا بتجليات جسدية…[3]

هنا نتوقف قليلا عند ماتقدم ، إن كانت الحالة الجسدية هي الأصل، فليست بالضرورة سامية المعنى على الأغلب، فالجنس كما قدم له الناقد والجوع الخ..بداية كل حالة شعرية، ولكن لو كانت هي المنطلق الأغلب للشعر فهو لن يرتفع لرقي المشاعر، التي تبدأ بمنطلقها من المشاعر الإنسانية على الأغلب، ومفهوم الجسد مادي ومفهوم المشاعر معنوي، فهل يعني بذلك تعاضد كلا الأمرين؟.

لنعطي مثالا بسيطا:

عندما نصف المراة في قصائد الغزل : هناك فرق مابين أن نصف حنانها محبتها وخصالها،وانها أساس الحياة،  ومابين صفاتها الجسدية، التي توضح الشبق الجنسي ، فهل هذا امر راق في البث الشعري؟ ام أمر فاضح الأولى به أن يتدثر بين السطور؟.

يا ساحرَ اللَّفَتــــــــــــاتِ يا حُلْوَ اللَّمَى

أحْبَبْتَ قتلي ما عسى أن أَصْنَعـــــــــا

وطلبتَ روحي يا جميـــــــــــــلُ تَدلُّلاً

فوَهَبْتُها ووددتُ أن لا تَرجِعــــــــــــا

كم ذا أُمَنّي مُقلتَيَّ بـطيفِـــــــــــــــــــهِ

ويبيتُ طَرْفي ساهراً مُتطلِّعــــــــــــا

أبيات للشاعر عبد القادر الأسود.[4]

هي قصيدة عاطفية مزجت مابين المعنى والجسد فغلب الجسد وطغا شبقه :

بنصف دقيقة ….!

بنصف دقيقة أغرقت طيني

ببحر هواك وانقلبت سفيني

وسار القلب في شفتيك يسعى

وغادرني على لهف حنيني

وأسكر سوسني في الفجر بوح

هديل من عبيرك في غصوني

بنيف دقيقة صادرت قلبي

وصادرت الرموش على جفوني

وعرشك صار في نبضات روحي

وكرسيّ الغرام غزا عيوني

وأورق رمل صحرائي نخيلا

الشاعر عبد الرحيم محمود، قصيدة مليئة بالشبق الجنسي، هل هذا مايقصده ناقدنا؟ ،وإلا؟ فلو تركنا للجسد الحديث عموما لطغا على لغة القصيدة.. ..والشعر في الأصل لغة المشاعر…لا لغة الجسد.
فأي قصيدة  أرقى وأجمل؟؟؟

ولعل هذايذكرني بكتاب شبيه ، يركز على الشبق الشعري: خطاب الجسد في شعر الحداثة لعبد الناصر هلال.[5]

يتحدث فيه عن هذه القضية في الشعر…

27-1-2017

يتبع

في الفصل الذي يتعلق بالمشاركة التي قدمها المؤلف إلى ندوة “النقد والإبداع في الإبداع في الأدب العربي” في الدار البيضاء 1985

يقدم وجهة نظر وليس نظرية علمية واضحة المعالم، وذلك لأننا تعودنا على بسط أفكاره عبر كتبه ، ( مثل من تاريخ الرواية الخالية من المصادر والمراجع!!)،بلا ذكر للمصدر أو الموجع !!.

وهذا يضعف الفكرة، حتى لو كان هناك أمثلة لها، لكن النظرية الأصل غير موثقة، فكلمة العلماء لاتُعتمد ولا تؤخذ على محمل الجد بلا ذكر للمصدر وهذا من أصول الدراسات،ودراسات المؤلف تخلو منها، ماذا يعني قال العلماء والعلم الجديد؟.[6]

بكل الأحوال من واجبنا ذكر الفكرة العلمية التي قدمها بلا نقاش إضافي ، لأننا لانملك موثوقية الفكرة، فقد عزى الإبداع لغدة التايموس المسؤولة عنه والتي تتلاشى مابين الثانية عشرة والرابعة عشرة من العمر، وتتفرق في الجسد ويكتسب مناعة من تدخله،  لذا تتسم بعض الأجهزة بالنشاط سلبا ام إيجابا،إضافة إلا أهمية التغذية الراجعة في عملية الإبداع !.

هلا قدم وجهة نظره من خلال طبيب معروف؟..هل هو أمر صعب؟؟،عجبا.

إن وجهة النظر تختلف عن الفكرة العلمية،والفلسفة تختلف عن النظرية العلمية،  وشتان مابينهما، فوجهة النظر خاصة بصاحبها، اما الفكرة العلمية ، فلن تكتسب موثوقيتها ، إلا بذكر المصدر والمرجع، لذا فهو لم يكن مقنعا في تحليله.

في الصفحة 79 يواجهنا الناقد بسؤال:

لماذا اختار الفراهيدي الأوتاد والفواصل والعروض والضرب من بيت السكن (الخيمة)، بينما استعار الصدر والعجز من الجمل ، لإيضاح أوزانه العروضية؟.

هل نقول كان حسب بيئة المتعارف عليها حينئذ، وحيث نشأ الشعر؟.

ويقول أيضا:

في شعر عصور الانحدار ، وعلى الأخص في شعر الألغاز وشعر الحرف، نلاحظ بروز الصنعة اللفظية

وهذا يؤيد الزعم الذي يقول إن النزوع إلى الشكل قديم قدم الإنسان ذاته.

وهذا أيضا مايستفيد منه أصحاب نظرية اللعب في الفن…الخ..

ألا نرى هنا انه يفتح أبوابا عميقة  المفهوم، بحيث من لم يقرأ عن شعر الألغاز فلن يتفهم مبتغاه؟ وإذن هل كان الخطاب موجها لنخبة خاصة وشريحة معينة؟، لايعد هذا عيبا بقدر انه بابا بحثيا، يطالب الناقد بهامش بسيط للتعريف به؟. وهذا يؤيد سؤالنا منذ البداية: أين الهوامش الضرورية في الكتاب؟؟.

يطرح الناقد حنا فكرة غريبة في الصفحة 87 بعنوان : انبجاس الأسطورة، وأن تنامي العقل ذبول للأسطورة؟.

ونقول هنا:  أليس اعمال الخيال العلمي أسطورة علمية؟؟.

وقد ارتدى الناقد لبوس نيتشة في مادته، في القرن التاسع عشر، ويربط الامر بان الكغيان العقلي لت يترك للشعر سوى زاوية صغيرة، وفعلا ، قل رواده ومتابعوه عموما ، ويثبت ذلك فراغ المراكز الثقافية من الجمهور الشعبي ن ونقول الشعبي وليس الأدباء.

وحيث يعلن موت الأسطورة، فهو انزياح عن حقيقة بحث الإنسان عن الخيال، في جل الأعمال الخيالية العلمية، وهذا نوع أسطوري جديد.

والملفت في الأمر جولاته الفلسفية حول كل مادة يطرحها، بسفسطائية غريبة، ربما هو فعلا يبحث عن شريحة قريبة منه حصرا، تنفهم أسلوبه في التاويل والتفسير.

ويحضرني سؤال هامشي:

مادام موضوع البحث يمت بصلة للجسد، فلماذا لم يجر تعريب المصطلحات العلمية مثل: غدة التايموس والأقرب للعربية السعترية، السيبرنيتي(ص64) أو الأقرب للعربية نظريات التحكم الذاتي، الديمغرافيا أو الأقرب للعربية : علم السكان، وطبعا من مهام مجمع اللغة العربية إنقاذنا وتوحيد المصطلحات المعربة.

إضافة إلى أن اصطناع مصطلحات مغرقة بالغموض،ولها مرادف أقرب أمر ليس من القوة البحثية ، ففي الصفحة 132 فرق مابين اللسان الهضمي والنطقي ،اي مابين الذوق واللذيذ ومابين التذوق الشعري والذوق الأدبي ، أليس هذا ببساطة الواقع والمجاز؟؟؟

كما ورد في البداية صفحة 13: الجزيرة الكبرى وهي الهرب من الموت أو حب الموت والجزيرة الصغرى وهي النزوعات مثل الحرية وغيرها، لماذا لانقول المحسوس والمجرد؟؟؟!!!.

أم هو نوع من الفردانية المصطلحية؟.

لو أجبنا على تساؤل الأخ أسامة الحموي في استفهامه عن عدم ذكرالمؤلف لله ودوره في الإلهام لجاء الرد من خلال الصفحة 136 حيث اورد قصة قابيل وهابيل من مرجع توراتي وليس من القرآن وهو الأهم!.

وماورد يبين أن الثقافة الهضمية (المادية الاستهلاكية) لم توجد الشعر بل كانت سببا له، وهضمية الاثم جاءت من هضم الإنسان لحق أخيه، وتبقى وجهة نظر غارقة في عالم الفلسفة.

ومن جانب آخر يقدم لمصطلح الثقافة الهضمية التي لم توجد الشعر والأدب برأيه لكنها كانت سببا، وفي الصفحة 148 يتضح لنا أنها مايدخل على الإنسان من مفاهيم من البيئة من حوله،فلماذا لانقل البيئة والتربية وهما عنصران محوريان في عملية الإفراز الإبداعي ، بصرف النظر عن الموهبة التي هي منحة ربانية؟.ولعله يخرج استفهاما علميا كمجال جدل واستفزاز بحثي :هل الطعام في البيئة الهضمية يؤثر على الجينات فيؤثر بالتالي على السلوك كآكل الحيوان الضاري وتأثر الإنسان سلوكا به؟..

في الصفحة 152-153

نجد أن المؤلف يكمل سيرورته الفلسفية الخالية من التحليل المنطقي، فهو يقول: المواهب الموسيقية تسبق الأدبية ، وعندما تنمو تغلق الطريق على المواهب الأدبية، يخفق هنا في التحليل المنطقي ويغرق الموضوع فلسفيا سفسطائيا، باختصار المواهب الشعورية كالموسيقا والأدب، تحتاج للبث، وعندما تجد تفريغا موسيقيا لها تتعطل أدبيا، هذا بالطبع منفصل عن عالم الموسيقا كمثيرات شعورية مستفزة للإبداع الأدبي عن طريق السماع.[7]

ورد في الصفحة 216 سؤال مهم وهو : من أي معين ينبجس الإبداع؟

ويجيب على سؤاله قائلا: من كل قديم، وحين تطفو موضة التراث يصبح جزءا من القديم هو الملهم، وفي الوقت نفسه يظل التيار الكلاسيكي مستمر الفعالية.

وهذا يثبت ماتقدم وعرضناه ، من انه لايوجد تيار منفرد، بقدر تمازجه مع غيره.

ويبين لاحقا من أن التراث الديني أمر مهم جدا وملهم في عالم الإبداع الأدبي.ص 226

وهو هنا لايقصد الثقافة الدينية بقدر المعرفة وأهميتها للإستلهام، بينما يحتل التراث اللغوي الدرجة الأهم في خروج الإبداع الأدبي الأول.

كنا ذكرنا سابقا انها بعض إسقاطات، وتجاوزنا عن أمور ماكانت تحليلا بقدر رأي متفرد أو فلسفة ابتعدت عن محور الدراسة بقدر ما.[8]

تمت

 

 

 

[1] انظر الصفحة: 7-8-كك

[2] الصفحة 10

[3] الصفحة 11

[4] القصيدة كاملة:

https://omferas.com/vb/t61278/

 

[5] https://books.google.com/books?id=X0RQYCog2EsC&pg=PT245&lpg=PT245&dq=%D8%A7%D9%84%D9%82%D8%B5%D9%8A%D8%AF%D8%A9+%D9%88%D8%A7%D9%84%D8%AC%D8%B3%D8%AF&source=bl&ots=fz4crzWKnn&sig=IA8sdNCqXr5i7J7NAvET-zSbpIg&hl=ar&sa=X&ved=0ahUKEwj49uTr4eHRAhWhIJoKHcknASMQ6AEIMzAE#v=onepage&q=%D8%A7%D9%84%D9%82%D8%B5%D9%8A%D8%AF%D8%A9%20%D9%88%D8%A7%D9%84%D8%AC%D8%B3%D8%AF&f=false

 

[6] الصفحة 30

[7] طبعا نحن تجاوزنا ماتلا ذلك من تجاوزات فكرية تجاوزت القرآن فقال ان حواء أكلت التفاحة ، الخ من أمور هامشية لالزوم لذكرها لأنها لن تضيف مهما للدراسة بقدر ما ستبتعد عن محوره الأساس.

[8] خاصة عندما يقدم الفكرة مثل نبوغ فكرة الإبداع الأولية بكلمة فتيشية ، وهل هي فصيحة؟ مهما كانت معبرة، وغيرها من الأفكار التي ناقضت مايجب ألا تناقضه.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.