www.omferas.com
شبكة فرسان الثقافة

هيــكل سليمـان المـزعــوم فـي عـلم الآثـار (الحلقة الثامنة)/مصطفى إنشاصي

0

هيــكل سليمـان المـزعــوم فـي عـلم الآثـار (الحلقة الثامنة)

5 ـ الصخرة التي أقام عليها داود المذبح
صاغ كتبة التوراة حول هذه الصخرة أساطير

لا تكاد تنتهي حتى قالت بعض نصوص التلمود

{(توسفتا: يوما/84، 8): “إن الله تعالى خلق الأرض ابتداءً من هذه الصخرة”،

 

وقال أحد أحبارهم وهو إليعازر البابلي: “إن الصخرة هي أصل خلق الأرض، وإن صهيون هي صُرة العالم، وهو كامل الجمال والبهاء” (التلمود البابلي: يوما/54). وقد جاء في كتاب (الزوهر) وهو من كتب التصوف اليهودي المشهورة: “إن يعقوب نام على الصخرة وهو منطلق من بيت أبيه (إسحاق)، بينما المعروف أنه نام في (بيت إيل) قرب نابلس. ولكن هذا التحريف يهدف إلى نقل قدسية (بيت إيل) المجاورة لنابلس، والتي ظل اليهود السامريون على وفاءهم لها كقبلة ليعقوب، إلى أورشليم”. والحق أننا لا ندري إلى أية صخرة يعني اليهود، فالتلمود يذكر أن الصخرة التي يقدسونها ترتفع عن مستوى سطح الأرض ثلاثة أصابع (التلمود: يوما/85-3، 4، توسفتا 83/6)، وموسى بن ميمون في كتابه “طقوس يوم الغفران”. بينما الصخرة الموجودة حالياً ترتفع عن مستوى سطح الأرض نحو متر كامل، ومحيطها يناهز العشرة أمتار، وتحتها فجوة هي بقية مغارة قديمة عمقها أكثر من متر ونصف، تبدو الصخرة فوقها معلقة وكأنها معلقة بين السماء والأرض، وبين الصخرة وقاع المغارة دعامة من الخشب حتى لا تنهار. ومن الذين شكوا في أن تكون الصخرة الشريفة هي الصخرة المعنية في التلمود، الباحث الألماني (شيك) في أوائل هذا القرن، فهو يقول: “أن الصخرة الحالية ربما كانت على أكثر تقدير إحدى ركائز المذبح الخاص بالقرابين فقط. ولم تكن في يوم ما داخلة ضمن قدس الأقداس”}[i].
والصخرة المشرفة التي يدعي اليهود اليوم أنها مقامة مكان المذبح الذي أقامه داود مكان بيدر أرونا اليبوسي هي خلاف الصخرة التي يتحدث عنها اليهود ووردت في أسفارهم، فقد “ورد اسم صخرة اليهود تحت اسم (إيبن هاشيتا)، أي حجر الأساس، وقد كانت تتوسط هيكلهم الذي هُدم أكثر من مرة. ويبلغ طولها من الشمال إلى الجنوب 17.70 متراً (56 قدماً تقريباً)، وعرضها من الشرق للغرب 13.50 متراً (42 قدماً)، وارتفاعها عن الأرض بين متر إلى مترين، وتبلغ مساحتها حوالي 2100 متر مربع”[ii].
6 ـ قرار لجنة شو عام 1930م
تلك النتائج التي أكدها علماء الآثار عن عدم صحة ما ذكرته التوراة من خرافات وأساطير عن (هيكل) سليمان، في خط زمني موازِ لها أيضاً أثبتت تحقيقات قانونية تاريخية بريطانية أيضاً عدم صحتها، ونفي أي حق لليهود في السور الغربي للمسجد الأقصى الذي يزعمون أنه (حائط المبكى). ذلك بعد أن طور المغتصبون الصهاينة عام 1928 أعمالهم عند حائط البراق من “مجرد الزيارة إلى نصب المقاعد والطاولات أمام (حائط المبكى)، وجلب الكراسي والمصابيح والحصر وتابوت العهد وكتب التوراة، ثم إقامة الحاجز الفاصل بين الرجال والنساء، وكان الهدف من وراء ذلك أن يقيموا علناً وبكل وضوح كنيساً يهودياً في المكان الذي يقدسه المسلمون، وقد أضافوا إلى تصرفاتهم العملية تلك دعاية واسعة في الصحف والنشرات وتصريحات زعمائهم ترمي إلى جعل الحائط الغربي موقعاً عظيم الشأن، ورمزاً أ, عوضاً عن (الهيكل)”[iii].
على إثر خلاف نشب بين المسلمين والمغتصبين اليهود، بسبب محاولة المغتصبين اليهود نصب خيمة والصلاة عند حائط البراق “السور الغربي للمسجد الأقصى”، بطريقة استفزت مشاعر المسلمين، اندلعت اشتباكات بين الطرفين تحولت إلى ثورة سميت بثورة البراق. فأرسلت بريطانيا المحتلة لفلسطين لجنة تحقيق دولية للتحقيق حول أسباب ثورة البراق عام 1929م، عُرفت باسك لجنة “شو” نسبة إلى رئيسها السير (والتر شو)، جاءت نتائج تقرير اللجنة الذي قدمته إلى عصبة الأمم مُثبتاً للحق الإسلامي في حائط البراق الذي يسميه اليهود (حائط المبكى)، فقد جاء فيه: “فاللجنة تصرح في هذا المقام استناداً على التحقيق الذي أجرته بأن حق ملكية الحائط وحق التصرف به وما جاوره من الأماكن المبحوث عنها في هذا التقرير عائد للمسلمين، ذلك إن الحائط نفسه هو ملك المسلمين لكونه جزءً لا يتجزأ من الحرم الشريف”[iv]. كما أن “الرصيف الكائن عند الحائط وأمام المحلة المعروفة بحارة المغاربة المقابلة للحائط، وأن أدوات العبادة أو غيرها التي يحق لليهود وضعها بالقرب من الحائط إما بالاستناد لأحكام هذا القرار أو الاتفاق بين الطرفين، ولا يجوز في حال من الأحوال أن تعتبر أو أن تكون من شأنها إنشاء حق عيني لليهود في الحائط أو في الرصيف المجاور له”[v].

[i]حسن ظاظا ، مرجع سابق، ص66-68.
[ii] أحمد عبد ربه بصبوص، مرجع سابق، ص260.
[iii] بيان نويهض الحوت، القيادات والمؤسسات السياسية في فلسطين 1917-1948، سلسلة الدراسات الفلسطينية، رقم57، بيروت، مؤسسة الدراسات الفلسطينية، 1981، ص219.
[iv] إبراهيم العابد، دليل القضية الفلسطينية أسئلة وأجوبة، مركز الأبحاث، منظمة التحرير الفلسطينية، بيروت، شباط (فبراير) 1969، (بلا رقم طبعة)، ص33.
[v] القدس .. التهويد والواقع الحياتي والسياسي للشعب الفلسطيني، إعداد وحدة الدراسات والبحوث، مؤسسة القدس، سلسلة أبحاث القدس (1)، بيروت، فبراير/2002م، (بلا رقم طبعة)، ص13.

[ii] أحمد عبد ربه بصبوص، مرجع سابق، ص260.

[iii] بيان نويهض الحوت، القيادات والمؤسسات السياسية في فلسطين 1917-1948، سلسلة الدراسات الفلسطينية، رقم57، بيروت، مؤسسة الدراسات الفلسطينية، 1981، ص219.

[iv] إبراهيم العابد، دليل القضية الفلسطينية أسئلة وأجوبة، مركز الأبحاث، منظمة التحرير الفلسطينية، بيروت، شباط (فبراير) 1969، (بلا رقم طبعة)، ص33.

[v] القدس .. التهويد والواقع الحياتي والسياسي للشعب الفلسطيني، إعداد وحدة الدراسات والبحوث، مؤسسة القدس، سلسلة أبحاث القدس (1)، بيروت، فبراير/2002م، (بلا رقم طبعة)، ص13

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.