www.omferas.com
شبكة فرسان الثقافة

القمم العربية لا تسمن ولا تغني من جوع/رشيد شاهين

0

كثر الحديث خلال الأيام القليلة الماضية عن اجتماع قادة امة – العربان- المزمع في الدوحة في الفترة من 30-31 من هذا الشهر، ولم يتوقف الساسة والكتاب ورجال الفكر والإعلام عن الحديث عن هذا اللقاء في محاولات للتحليل وقراءة ما الذي سيخرج عن القمة، وقد يكون مكان انعقادها – العاصمة القطرية- احد الأسباب التي كانت وراء كل هذه الجلبة والتشويق والتسويق بالإضافة إلى ما تقوم به فضائية الجزيرة – وهي المعروفة بسعة انتشارها- في هذا الإطار بسبب مكان الانعقاد.

 

 

القمم العربية لا تسمن ولا تغني من جوع

 

رشيد شاهين 

 

كثر الحديث خلال الأيام القليلة الماضية عن اجتماع قادة امة – العربان- المزمع في الدوحة في الفترة من 30-31 من هذا الشهر، ولم يتوقف الساسة والكتاب ورجال الفكر والإعلام عن الحديث عن هذا اللقاء في محاولات للتحليل وقراءة ما الذي سيخرج عن القمة، وقد يكون مكان انعقادها – العاصمة القطرية- احد الأسباب التي كانت وراء كل هذه الجلبة والتشويق والتسويق بالإضافة إلى ما تقوم به فضائية الجزيرة – وهي المعروفة بسعة انتشارها- في هذا الإطار بسبب مكان الانعقاد.

 

لا نعتقد بان كل هذا التطبيل والتزمير للقمة سوف يقدم كثيرا أو  يؤخر قليلا ما سوف ينتج عن هذا الاجتماع الذي وكما نعتقد لن يكون أكثر من اجتماع روتيني آخر لقادة هذه الأمة الذين ما انفكوا يجتمعوا منذ تأسيس الجامعة العربية قبل ما يزيد على ستة عقود – اجتمعت القمة 31 مرة في اجتماعات عادية وغير عادية-.

 

إذا ما ابتعدنا عن التمنيات التي يحملها كل مواطن عربي في هذا الوطن الممتد من الماء إلى الماء والتي هي في تقديرنا آمال وطموحات ورغبات متشابهة حتى لا نقول متطابقة بين أبناء هذه الشعوب وهي كذلك مشروعة ويجب تعميقها وتطويرها إلا أن شيئا منها لم يتحقق على مدار عمر الجامعة العربية، ونعتقد بان أي حديث عن أهداف قد تحققت وانجازات قد تم الوصول إليها وأمور قد تبدلت ضمن تلك الفترة يظل ضمن محاولات الابتعاد عن الواقع وتجميل لدور الجامعة العربية ليس إلا وهذا في اعتقادنا لن يقدم ولن يؤخر وهو ليس سوى – فستق أو جوز فارغ-.

 

الجامعة العربية التي كنا نتمنى أن يكون دورها أفضل وأكثر نشاطا وحيوية لم تقم بالكثير مما هو منوط بها، ولا نرغب هنا بمقارنة دورها مع دور الاتحاد الأوروبي برغم كل ما تم تلقيننا إياه عن العروبة والوطن في الصغر ومن أن هذه امة واحدة ولها آمال وآلام وطموحات واحدة، وبرغم ما نعرفه عن دول الاتحاد الأوروبي الذي يتشكل من أمم وعرقيات ودول مختلفة متناحرة ذات ثقافات متعددة ومختلفة ودارت بينها حروب طويلة دامية هذا بالإضافة إلى اللغة والدين وكل العوامل الأخرى التي تميز هذه الأمة عن غيرها من الأمم.

 

القمم العربية لم تستطع أن تتخذ من القرارات العملية الكثير وربما كانت قرارات القمة العربية التي عقدت في القاهرة بعد دخول القوات العراقية إلى الكويت هي القرارات الوحيدة الأكثر عملية والتي تم تطبيقها بشكل غير مسبوق لا بل إن موضوع تلك القمة والسرعة في الدعوة إليها وتلبية الدعوات وإصدار القرارات بالكيفية التي يعرفها الجميع أثارت الكثير من التساؤلات عدا عن كثير الدهشة واللغط التي أحدثتها تلك القمة وما كان لها من تداعيات منذ ذلك الوقت تلك التداعيات قد تستمر إلى فترة قد تطول إلى أعوام كثيرة قادمة.

 

من الواضح ان الكثير من الأحداث التي وقعت في المنطقة العربية خلال الأعوام التي تلت تلك القمة كانت تستدعي قادة الأمة إلى ضرورة الاجتماع في قمم أخرى وبرغم أن قمما عدة عقدت منذ قمة القاهرة عام 1990 إلا اننا رأينا بان كل تلك القمم لم يصدر عنها الكثير حيث عجزت مؤسسة القمة عن القيام بأي دور فاعل أو اتخاذ خطوات عملية أو قرارات حاسمة فيما يتعلق باحتلال العراق وما بعد الاحتلال، كما انها لم تفعل شيئا فيما يتعلق بالصراع العربي أو الفلسطيني الإسرائيلي والانتفاضة الفلسطينية وحصار الرئيس الراحل ياسر عرفات، وهي لم تفعل شيئا خلال الحرب على لبنان كما انها لم تفعل شيئا خلال الحرب على غزة وهي لم ولن تفعل شيئا فيما يتعلق بقضية الرئيس البشير برغم ما قد يقال في هذا الشأن.

 

المراهنة على قمة الدوحة وموضوعة المصالحات العربية والفلسطينية باعتقادنا مراهنات قد لا تكون مربحة خاصة وان من الواضح ان هنالك انقساما أو شرخا واضحا بين الدول العربية، ومن غير المفيد تصوير – تبويس اللحى والمصافحات- التي سوف تجري أمام الكاميرات على أنها أنهت الخلافات العربية العربية وان الأمور عادت إلى مجاريها، الوضع العربي اعقد من ذلك بكثير وليس من السهل أن تتم معالجته هكذا بمجرد اجتماع بين القادة، قد تتم معالجة قضية هنا أو قضية هناك لكن هذا لن يعني بحال من الأحوال أن الأمة صارت بخير، المطلوب ليس مصافحات بقدر ما هو اتخاذ قرارات جريئة وعملية وقابلة للتطبيق ولو بشكل تدريجي، ومطلوب أيضا إنهاء الارتباطات بأجندات غير عربية إقليمية ودولية، كما ان المطلوب هو أن يشب قادة الأمة عن طوق التبعية والتعامل مع مصالح الأمة بروح من الغيرة والمسؤولية وعلى أن هذه المصالح هي الأولوية التي يجب عدم التنازل عنها وإلا فان القمم العربية ستبقى بدون فائدة ولن تسمن أو تغني من جوع  وستظل الأمة تراوح مكانها وستبقى محط أطماع للآخر بغض النظر عمن يكون هذا الآخر.

 

27- 3- 2009

 

sadapril2003@hotmail.com

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.